قبرص تواجه سنوات عجافاً

إثر الاتفاق الذي تمكنت قبرص من إبرامه فجر اليوم مع شركائها في الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، يرجح محللون أن القبارصة سيواجهون سنوات من الصعوبات الاقتصادية، خاصة أن الاتفاق يتضمن شروطا توصف بالقاسية، فيما يبدو مستقبل الجزيرة المتوسطية والعضو في منطقة اليورو غامضا بشكل كبير.

إعلان
وقال خبراء في الاقتصاد إن الأزمة ستبدأ فورا بنقص محتمل في السلع الغذائية والأدوية في الأسابيع القادمة، بينما تعاني الأعمال التجارية من نقص السيولة في المصارف القبرصية التي استهدفتها خطة الإنقاذ.

ثم ستواجه الدولة الصغيرة عامين من الركود مع ارتفاع نسبة البطالة، وآمالا ضئيلة بانتعاش طويل الأمد، بينما يبتعد الروس وغيرهم من المستثمرين الأجانب عن القطاع المالي القبرصي المدمر.

وإزاء ذلك، قالت خبيرة الاقتصاد المتخصصة في الشؤون القبرصية فيونا مولن إنه بينما حالت الخطة دون خروج قبرص من منطقة اليورو، يتساءل كثير من القبارصة عما إن كان الخروج أفضل بأي حال؟

إعلان

وأوضحت مولن أن القبارصة يشعرون بأن دولا كثيرة خدعتهم في هذه المسألة، متوقعة أن يكون لذلك تداعيات على المدى البعيد.

بموجب صفقة الإنقاذ ستتم تصفية بنك لايكي ثاني أكبر البنوك القبرصية  (الفرنسية)

أزمة بنوك
وبموجب صفقة الإنقاذ -التي تمت مناقشتها من قبل وزراء مالية منطقة اليورو وبحضور الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس- ستتم تصفية "بنك لايكي" ثاني أكبر البنوك القبرصية الدائنة، ويبدو أن المستثمرين فيه سيخسرون كافة المبالغ غير المؤمنة والتي تفوق مائة ألف يورو (130 ألف دولار).

وفي حين سينجو بنك قبرص -وهو أكبر البنوك القبرصية الدائنة- قالت الحكومة إنه ستتم فرض ضريبة بنحو 30% على كافة الودائع التي تتجاوز مائة ألف يورو (130 ألف دولار) على الأرجح.

وقالت مولن -وهي من الشركاء في مؤسسة ستراتا إينسايت لاستشارات مخاطر سياسة الطاقة- إن الرقابة على الرساميل تشمل قيودا صارمة على السحوبات من أجهزة الصرف الآلي ستستمر على الأرجح لعدة أسابيع.

وأضافت أن هذا يعني أنه سيكون من الصعب على الشركات دفع الرواتب وشراء السلع ونحوه، معتبرة أن تأثير ذلك "لم يتم التفكير فيه جيدا".

وقالت إن الشركات الكبيرة تضم شركات استيراد المواد الغذائية وبائعي المواد الغذائية ومستوردي الأدوية، وستتأثر على المدى القصير سلع كالمواد الغذائية، والقبارصة بدؤوا بالفعل تخزين المواد الغذائية في الأيام القليلة الماضية. 

إعلان
 أفكسنتيس أفكسنتيو: قبرص تعرضت لضربة كبيرة، حيث سيتراجع مستوى المعيشة بسرعة، رغم أن الاقتصاد قد يعود للانتعاش خلال سنتين أو ثلاث

مستقبل كئيب
ويبدو المستقبل البعيد المدى لقبرص أكثر كآبة، حيث من المرجح أن يتعرض اقتصادها لأكبر ضربة له منذ الاجتياح التركي لشمال الجزيرة، بحسب ما حذرت منه المحللة مولن.

وردا على سؤال عن التأثير المحتمل على النمو، قدرت مولن أن الاقتصاد القبرصي سيتراجع بنسبة 15%في السنة الأولى، وبنسبة 5% في السنة التالية. 

إعلان

وعن معدل البطالة في البلاد، أفادت مولن بأن البطالة المرتفعة حاليا والتي تبلغ 15% يرجح أن ترتفع لمستوى 17.5% مع تصفية بنك لايكي، كما يتوقع أن ترتفع إلى 20% في غضون ثلاثة اشهر وإلى 26% خلال عام.

ومن جهته، قال الحاكم السابق لمصرف قبرص المركزي أفكسنتيس أفكسنتيو إن تأثير خطة الإنقاذ سيستمر فترة تصل إلى عشرة أعوام.

وأضاف -في حديث للإذاعة العامة- إن قبرص تعرضت لضربة كبيرة، حيث سيتراجع مستوى المعيشة بسرعة، رغم أن الاقتصاد قد يعود للانتعاش خلال سنتين أو ثلاث، مضيفا أن مستوى المعيشة بحاجة إلى عشر سنوات ليعود إلى مستواه السابق.

كما انتقد الخبير الاقتصادي في مؤسسة "في تي بي كابيتال" اللندنية نيل ماكينون خطة إنقاذ قبرص، معتبرا أنها ستؤدي لتحجيم النظام المالي للبلاد، وهو ما سيتسبب في خسارة الكثير من الوظائف وفرض قيود على القطاع المصرفي.

وأثار ماكينون شكوكا حيال موقف قبرص من اليورو رغم صفقة الإنقاذ، ولم يستبعد خروجا مستقبليا لقبرص من اليورو، مؤكدا أن الآفاق الاقتصادية لا تبدو جيدة إجمالا، ليس فقط بالنسبة لقبرص وإنما لأوروبا بشكل عام.

المصدر : الفرنسية

إعلان