فنانون مصريون في ركب الأنظمة المناهضة للثورات
عبد الرحمن محمد-القاهرة
وفي يونيو/حزيران الماضي شارك وفدان من الفنانين المصريين في احتفالات نظمها الحشد الشعبي بالعراق، وكان أبرز المشاركين فيها محمود الجندي وأحمد بدير وفاروق الفيشاوي وأحمد ماهر، في حين استنكرها نقيب الممثلين المصريين أشرف زكي.
وقبل هذا وذاك، اصطف أغلب الفنانين المصريين الأكثر شهرة خلف نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مناصرة وتأييدا، رغم ما يصفه البعض بالكلفة الأخلاقية الكبيرة لدعم نظام يتهم بارتكاب مجازر وتعديات واسعة على حقوق الإنسان.
هذا الحضور اللافت للفنانين المصريين في دعم أنظمة وكيانات مناهضة للثورات ومتهمة بارتكاب فظائع وتجاوزات حقوقية كبيرة، أثار الكثير من اللغط الذي تحول إلى انتقاد واستياء في أوساط النشطاء والحقوقيين.
بيادق للعسكر
واعتبر الفنان المصري وجدي العربي أن أغلب الفنانين المصريين أدوات بيد النظام المصري "المنقلب على الثورة"، حيث يرى أن معظم المنتسبين لقطاعات الفن والإعلام والرياضة في مصر باتوا مسخّرين لخدمة النظام العسكري ودعم مواقفه، يستخدمهم أدوات "ناعمة" لإرضاء القوى الإقليمية والدولية.
ورأى في حديثه للجزيرة نت أن الزيارات والجولات التي يقوم به عدد منهم لدعم النظام المصري والأنظمة الدكتاتورية العربية بالمنطقة ساعدت في سقوط أقنعتهم وكشف مواقفهم، وكشفت طبيعة الأدوار المعارضة التي كان يؤديها بعضهم في السابق، حيث لم تكن معبرة بشكل حقيقي عنهم وإنما كانت في إطار التنفيس المسموح به.
وأشار إلى أن ذلك لا يمنع من وجود فنانين معارضين لتلك الأنظمة، إلا أن أغلبهم "أنصاف نجوم" على حد وصفه، ذاهبا إلى أن السبب الحقيقي وراء دعم الفنانين للأنظمة الدكتاتورية هو اعتقادهم أن ذلك يصبُّ في صالح الحفاظ على مصالحهم ومكاسبهم، وأن أي مسؤول "ديمقراطي" -وخاصة الإسلاميين منهم- سيضر بتلك المصالح.
لكن الناقد الفني المخرج السينمائي عز الدين دويدار له رأي آخر، حيث يعتبر الفنانين في مصر من أكثر الشرائح انحيازا للثورة، لكن الضريبة الباهظة المرتبطة بإعلان مواقفهم الداعمة للثورة تدفعهم لإخفائها، معتبرا أن الفئة المؤيدة للنظام منهم لا تمثل مجموعهم وإن كانت صاحبة الصوت الأعلى.
الصامتون أكثر
وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى وجود فنانين كُثر ونجوم كبار أعلنوا في أكثر من مناسبة رفض الانقلاب العسكري رغم صعوبة إبداء هذا الموقف وتداعياته عليهم، وذكر نماذج من هؤلاء، منهم: خالد الصاوي وعمرو واكد وخالد أبو النجا ومحمد شومان والمخرج علي بدرخان، لافتا إلى أن قائمة الرافضين بصمت أكبر بكثير.
وأضاف أن من يستعرض الفنانين المؤيدين للنظام العسكري سيجد أغلبهم في مراحل أفول وانحسار شعبية، وبالتالي ليس لديهم ما يخسرون، بينما يرى أن ما يتعرض له مؤيدو الثورة ورافضو حكم العسكر من حملات تشويه غير أخلاقية وتقديمهم تضحيات في سبيل ذلك، يُلجئ غالبيتهم للصمت وعدم التعبير عن انحيازاتهم.
في المقابل، يرى الحقوقي والقيادي في تحالف العدالة الاجتماعية أسعد هيكل أن زيارة الفنانين المصريين لسوريا هي زيارة طبيعية، نظرا للتقارب والتعاون الفني القديم والممتد منذ زمن بعيد بين مصر وسوريا، مشددا على أنها في صالح الشعب السوري وليست ضد مصالحه.
ورأى -في حديثه للجزيرة نت- أن هذه الزيارة سلطت الضوء على ما يعانيه الشعب السوري من "آثار تدميرية" للحرب ضد ما يصفها بالجماعات الإرهابية التي حاولت إسقاط سوريا وتقسيمها، وأدت لتشريد الملايين منهم -على حد قوله- كما أنها تلفت النظر إلى ضرورة عودة العلاقات الطبيعية بين مصر وسوريا، بحسب رأيه.
وأشار إلى أنها ليست الزيارة الأولى من وفود شعبية إلى سوريا ولن تكون الأخيرة، فمثل هذه الزيارات تفتح المجال أمام زيارات أخرى. وأشار إلى أنه كحقوقي شارك في زيارة مع أحد تلك الوفود لسوريا في مارس/آذار 2016 لمؤازرة شعبها، ودعا لعودة العلاقات بين مصر وسوريا إلى وضعها الطبيعي.