العلاقة بين الدراما والتاريخ بندوة في القاهرة

وزير الثقافة المصري جابر عصفور يفتتح ندوة الدراما والتاريخ (الجزيرة)

بدر محمد بدر-القاهرة

طالب نقاد وباحثون وفنانون بوضع ضوابط واضحة للعلاقة بين الدراما الفنية والأحداث التاريخية، يلتزم بها كتاب الدراما حتى لا يحدث تشويه أو تشويش على وقائع التاريخ في ذهن المشاهد، بينما طالب آخرون بعدم تقييد الفنان المبدع.

جاء ذلك في ندوة أمس الاثنين التي نظمتها لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة وعقدت بدار الأوبرا بالقاهرة، وحضرها عدد كبير من الباحثين والأدباء وكتاب الدراما والفنانين والجمهور. 

إعلان

وفي بداية الندوة قال وزير الثقافة جابر عصفور إن العلاقة بين الفن بوجه عام والتاريخ تحتاج إلى وضع حدود فاصلة، يعرف من خلالها كاتب السيناريو ماذا يأخذ وماذا يدع، ومتى يخترع شخصيات ومتى يتوقف، فهذا يفيد الدراما والتاريخ.

وأضاف الوزير أنه ضد سن أي تشريعات تمنع عرض أي عمل درامي دون الرجوع إلى الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، فـ"لا قانون ولا حتى توصيات أقيد بها المبدع، لأن المبدع حر وعلينا أن نواجه الخطأ الصادر من المبدع بالنقد والتصويب، ويكون السجال قائما فينحسر الرديء ويبقى الجيد".

‪العلاقة بين "الدراما والتاريخ" تثير الجدل بندوة في القاهرة‬ (الجزيرة)

لا وصاية
وقال أمين المجلس الأعلى للثقافة محمد عفيفي إن الغرض من هذه الندوة ليس فرض وصاية أو رقابة على الدراما بقدر ما تسعى إلى إثراء الأعمال الدرامية التاريخية وعودة الدراما المصرية لتكون لها الريادة في المنطقة.

إعلان

وأضاف عفيفي أن هذا الموضوع شائك لأنه يتلامس مع الإبداع، والإشكالية أن الدراما التاريخية في مجتمعنا أصبحت هي مصدر المعرفة التاريخية، وهناك أعمال درامية ردت الاعتبار لمن وقع عليهم ظلم في فترة من الفترات.

من جهته انتقد رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية أيمن فؤاد وجود أحداث مغلوطة ومشوهة تنقلها الفضائيات إلى الجمهور العريض الذي لا يقرأ، وبهذا يتم تزوير التاريخ والتشهير بالشخصيات التاريخية.

وطالب فؤاد اتحاد الإذاعة والتلفزيون بضرورة عرض هذه النوعية من المسلسلات التاريخية على الجمعية -حسب القانون- حتى يمكن تلافي الأخطاء والتشويه والتزوير.

وأكد الباحث أشرف محمد أن الجدال ينشأ بين المؤرخ وصناع العمل الفني نتيجة عدم التوفيق بين التاريخ بضوابطه كعلم، والدراما بمقتضياتها كفن، وحين يكون العمل الفني غير مشفوع بقدر كاف من الأمانة والمصداقية فإن النظرة إليه تكون نظرة توجس وشك.

واقترح أشرف لفض هذا الاشتباك التوافق على عدد من الضوابط منها اعتماد الموضوعية والصدق في التعامل مع الحدث، والقراءات المتعددة للحدث الواحد، من زاوية شعبية ودينية وسياسية واجتماعية، إضافة إلى تجنّب تفسير التاريخ وفق الأهواء، وكذا توظيف السينما في التوثيق التاريخي باعتبار العمل الفني وثيقة مستحدثة ومساعدة في الوقت نفسه على تفسير التاريخ، ولفت أيضا إلى أهمية التوقيت الذي يصنع فيه العمل الفني، وهذا يدعو إلى الالتفات إلى توجهات منتجيه، وبالتالي دلالات ظهوره في فترة معينة دون غيرها.

‪مصطفى أبو طاحون: على الدراما أن تخرج من عباءة السلطة‬ (الجزيرة)
إعلان

حرية لا فوضى
بدوره قال الناقد الأدبي مصطفى أبو طاحون إنه مع حرية المبدع، ولكنه أيضا ضد فوضى التزييف والتزوير وتغييب الذاكرة، مطالبا بخروج الدراما من عباءة السلطة لأنها حتى الآن مرتبطة بها أشد الارتباط.

وأضاف أبو طاحون -في تصريح خاص للجزيرة نت- أن السلطات المستبدة جنت على الدراما التاريخية فغيرت التاريخ وغيبت الذاكرة، منبها إلى أننا "أمام كتاب لهم توجهاتهم السياسية والحزبية، وضيوف تم انتقاؤهم لهم نفس التوجهات، ولذا لا أتصور أنه يمكن لمثل هذه الندوات تصحيح المسار، ومن ثم فإن صدى هذه المناقشات على واقع الدراما في مصر لن يكون قويا أو مؤثرا بحال من الأحوال".

المصدر : الجزيرة

إعلان