عَلى قَبْرِ الحَبيبِ

مَقِيلٌ أَقَمْنَا بَعْدَهُ لِسَرابِ
وَعُمرانُ عَيشٍ مُؤذِنٌ بِخرابِ

إعلان

ودُنياكَ مِثلُ الحُلْمِ في ساعةِ الكَرَى
تُضَيِّعُها فِي غَفْلَةٍ وَرِغابِ

إعلان

وَما الصَّحْوُ إِلاّ فِي القُبورِ، وَدُونَهُ
رَحِيلٌ طَوِيلٌ مُفْعَمٌ بِغِيابِ

وَقَدْ يُرتَجَى أَوْبٌ إِذا غابَ صاحِبٌ
وما فِي غِيابِ المَوْتِ أَيُّ إِيابِ

وَقافِلَةُ الأَحياءِ يَحدُو رِكابَها
مَمَاتٌ – لَعَمْرِي – آخِذٌ بِرِقابِ

إعلان

كَما دُفِعَ المَولُودُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ
سَيُدفَعُ نَعْشُ المَرْءِ نَحْوَ تُرابِ

وَبَيْنَ ابْتِداءِ العَيْشِ وَالمَوْتِ لَحظةٌ
سَتَخْبُو كما يَخْبُو ضِياءُ شِهابِ

إعلان

فَدَعْ لَعِبًا قَبْلَ المَماتِ فَإِنَّما
خُلِقْنا لِجِدِّ العَيْشِ لا لِلِعابِ

إعلان

**** ****

بَكَيْتُكَ يا (غازِي) وَدَمْعِي مِنَ اللَّظَى
عَلَى القَلْبِ يَكْوِي مُقلَتِي وَإِهابِي

كَأَنِّي عَلى قَبْرِ الحَبيبِ حَمامَةٌ
تَنُوحُ عَلى إِلْفٍ بِدَمْعِ سَحابِ

إعلان

ونادَيْتُ يا (غازِي) وَصَوْتِي مُضَيَّعٌ
وَما رَدَّ غَيْرُ المَوْتِ رَجْعَ جَوابِي

وَقَدْ كُنْتُ جَلْدًا قَبْلَ مَوْتِكَ صابِرًا
وَلَكِنَّ مَوْتَكَ لَيْسَ أَيَّ مُصابِ

إعلان

لَقَدْ كُنْتَ قَلْبِي فِي الطَّرِيقِ، وَها أَنا
وَحِيدٌ بِلا قَلْبٍ يَرُدُّ شَبابِي

إعلان

وَشاخَتْ دُمُوعي فِي العُيونِ لِفَقْدِكُمْ
وَشَكَّلَتِ المَأْساةُ لَوْنَ خِضابِي

تَبَدَّلَتِ الأَحوالُ بَعْدَكَ وَامَّحَى
سُرورِي، وَغاصَتْ فِي الرِّمالِ رِكابِي

إعلان

أُنادِي وَلَوْ عِشْتَ الحَياةَ سَمِعْتَنِي
وَلَكِنَّ سَهْمَ المَوْتِ لَيْسَ يُحابِي

إعلان

فما فاتَ مِنْ عُمْرِ الحَياةَ قَدِ انْتَهى
وما جاءَ مَرهُونٌ بِفَصْلِ خِطابِ

مَضَيْنَا عَلَى دَرْبِ القَصِيدِ وَقَصْدُنا
مَقالَةُ حَقٍّ لا مَقالُ كِذابِ

إعلان

وَكُنّا عَرَفْنا أَنَّ أَشْعارَنا الّتي
صَدَحْنا بِها تُفْضِي لأَلْفِ عِقابِ

إعلان

وَكَمْ نَبَحَتْنا فِي الطِّريقِ كِلابُهُمْ
وَما ضَرَّنا – وَاللهِ – نَبْحُ كِلابِ

جَعَلْنا رِضاءَ اللهِ غايَةَ شِعْرِنا
لِيَرْجِحَ يَوْمَ الحَشْرِ كَفُّ حِسابِ

إعلان

(وَغَازِي) إِذا شِئْتُمْ أُحَدِّثُكُمْ بِهِ
حَدِيثَ خَبيرٍ فِي هَواهُ مُصابِ

إعلان

لَقَدْ كانَ مِثْلَ الغَيْمِ ظِلاًّ مُمدَّدًا
عَلَى الرُّوحِ يَسْقِي عِشْقَها بِرُضابِ

وكانَ أَلِيفًا صادِقًا مُتواضِعًا
كَدَوْحَةِ خَيْرٍ ضُمِّخَتْ بِمَلابِ

إعلان

وَكُنَّا إِذا نَمْشِي يَكونُ سَماءَنا
تَجُودُ بِغَيْثٍ مُمْرِعٍ وعُجابِ

إعلان

وَكُنَّا إِذا طالَ الطَّرِيقُ يَمُدُّنا
بِعَزْمٍ أَبِيٍّ مُخْلِصٍ ووِثابِ

وَما فَتَرَتْ مِنْهُ العَزِيمَةُ مَرَّةً
لَقَدْ كَانَ وَقْدَ النّارِ تَحْتَ ثِيابِ

وَكانَ كَحَدِّ السَّيْفِ فِي الحَقِّ مُصْلتًا
إِذا أُغْمِدَتْ بَعْضُ الظُّبا بِقِرابِ

إِذا السَّيْفُ لَمْ يَضْرِبْ وَلَمْ يَقْرَبِ الرَّدَى
فَفِي حَمْلِهِ جُبْنٌ يُشابُ بِعابِ

فَرُحْماكَ يا رَبِّي (بِغازِي) فَإِنَّنِي
أَتَيْتُكَ أَدْعُو شِعْرَهُ لِثوابِ

وَوَسِّعْ عَليهِ فِي القُبورِ وَرَضِّهِ
وَجَنِّبْهُ يا رَبَّاهُ أَيَّ عَذابِ

وَبابُكَ يَا ربّاهُ أَوْسَعُ مَوْطِئًا
وَقَدْ وَقَفَ العَبْدُ الفَقِيرُ بِبابِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في رثاء رفيق الدّرب الشاعر غازي الجمل

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.



إعلان