ترمب وتغييرات البيت الأبيض

إعلان

لقد عرف ترمب بكثرة القرارات التي اتخذها وأثارت جدلا كبيرا على الصعيد العالمي، وذلك منذ وصوله إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. تغييرات شملت العديد من موظفي الإدارة الأميركية، وكان سبب ذلك هو عدم توافق الموظفين مع توجهات ترمب. لذلك أقدم على جلب من تتوفر فيهم -حسب زعم وكالات الأنباء الدولية- نفس توجهات ترمب، لتتوافق مع توجهات من اختارهم خلفا لمن استقالوا أقيلوا. إذا فلترمب توجهات يريد أن يحققها ويحتاج لمن يساعده في هذا الأمر لذلك أقدم على وضع يمنيين في مناصب من استقال، وهؤلاء من مؤيدي الحروب ومنهم من له باع في ده ذا المجال، مثل جون بولتون الذي كان من المؤيدين للحرب على العراق فترة رئاسة الرئيس الجمهوري بوش الابن. هذا الأخير يعتبر من المتشددين المتحمسين للحرب خاصة مع إيران وكوريا الشمالية.

 

مع إيران
إعلان

كل العالم يعلم أن ترمب قبل وصوله للبيت الأبيض لم يكن راضيا عن الاتفاق النووي الذي وقعه الغرب بقيادة إدارة أوباما والاتحاد الأوروبي، فقد هدد مرات عديدة بالخروج من الاتفاق النووي مع إيران، وكان مؤخرا يقول بعد أن مدد الأمر لستة أشهر أنه لن يعاود توقيعه مرة أخرى، بل سيتم نقضه والخروج منه في المرة القادمة. والعالم كله ينتظر انصرام هذه المهلة ليرى هل سيجدد ترمب الاتفاق أم يخرج منه. ومعنى الخروج منه وهو الأمر المحتمل جدا، أي وضع إيران في مواجهة محتملة مع أمريكا، لذلك سعى ترمي إلى وضع جون بولتون المتشدد المتعصب في توجهاته التي بالطبع توافق ما يريده رئيسه، وقد صرخ بولتون أنه سعيد باختيار ترمب له في منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي.
 
كما أن الكيان المحتل (إسرائيل) راضية تمام الرضى عن وجود بولتون في هذا المنصب لأنه يوافق على عدة أمور منها، قبوله بقرار ترمب بحق المدينة المقدسة عاصمة لدولة الاحتلال. فهو من جهة يرضى عنه ترمب، ومن أخرى يعتبر مصلحة استراتيجية للاحتلال، خاصة وأن الاحتلال يؤيد حربا ضد إيران لثنيها عن امتلاك أي سلاح نووي، إذا سيناريو الحرب وارد وبشكل كبير..

 

مع كوريا
    
جون بولتون (الجزيرة)

 

إعلان

بولتون ومعه وزير الخارجية الجديد هما ممن يعارضان سياسة كوريا الشمالية خاصة فيما يتعلق ببرنامجها للتسليح النووي، وهما ومن اختارهم ترمب لا يرحبون بإجراء مباحثات مباشرة مع كوريا الشمالية، ويريدون شن ضربة استباقية عيلها من غير أي محادثات، أما بخصوص ما تداولته وسائل الإعلام عن لقاء محتمل بين رئيس كوريا الشاب ورئيس أمريكا، بولتون يعترض على هذا الأمر، وربما قد يكون الأمر جس نبض كوريا الشمالية بالرغم من ابدائها الموافقة على اللقاء بوساطة صينية. لكن سيناريو المواجهة معها يبقى قائما خاصة في وجود الوافدين الجدد على الإدارة الأمريكية ولهم باع وتجارب في الحروب، بدءا من وزير الدفاع الذي يعرف في أمريكا (بالكلب المسعور) نهاية ببولتون ودوره في حرب العراق.

 

مع روسيا
إعلان

لقد شهدت العلاقات مؤخرا توترات عديدة بين الغرب وروسيا، خاصة بسبب الحادث الأخير المتعلق بالجاسوس سكريبال. لقد أدى هذا الحادث إلى بروز شرخ عميق في الأزمة مع بريطانيا أولا واتهام الأخيرة لروسيا بهذا الفعل خاصة أن العملية تمت بواسطة مواد ما يسمى بغاز الأعصاب القاتل، وقد اعتبرت بريطانيا في تصريحاتها أن هذا العمل يهدد أمنها القومي، خاصة أن هذا الغاز لم يستعمل منذ فترة الحرب العالمية الثانية.

  

 

إعلان

ولقد حظيت بريطانيا بمساندة أوروبية كبيرة نتج عنها مساندة معظم دول الاتحاد الأوروبي لبريطانيا ووقوفهم في صفها، ومما يدل على أن الأمر خطير هو طرد بريطانيا لعدد من الدبلوماسيين الروس من بريطانيا. وقامت عدة دول أوربية بنفس الأمر، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية طردت دبلوماسيين روسيا وأغلقت مكتبا دبلوماسيا مهما على أراضيها. وحذى الناتو حذو أوروبا وأمريكا وقام بنفس الأمر. هذه الأمور ليست عبثية أو مصادفة مع ما يجريه ترمب من تغييرات بل بالعكس، الأمر يدل ويؤشر على قرب مواجهة كبيرة لا يعلم أحد عواقبها، خاصة بوجود متشددين بإدارة ترمب، وإلا ما الذي يعنيه طرد الدبلوماسيين؟ وقد قامت روسيا بالرد بالمثل وطردت بريطانيين وأمريكيين وأغلقت هي الأخرى مقرا دبلوماسيا أمريكيا.

 

المهم في الموضوع أن تغييرات ترمب ترمي إلى عده أهداف، منها المواجه المباشرة مع إيران وحلفائها بالمنطقة، وأن هذه التغييرات التي قام بها ترمب لها أبعاد خارجية متعلقة بشكل كبير بما يجري بالشرق الأوسط. فهذا السعي الترمبي يبرز مدى سيطرة اليمنيين المتشددين على الإدارة الأميركية، والتي تتوافق توجهاتهم ورؤيتهم في سن أي عمل عسكري في أي منطقة بالعالم من أجل بقاء قوة واحدة وهي أمريكا وهذا رأي بولتون الوافد الجديد القديم.

إعلان

 

خلاصة القول ترمب يسعى للوفاء بجميع تعهدات فترته الانتخابية بجعل أمريكا أولا وأن كان ذلك بشن الحروب أو على حساب دول أخرى، فطبول حرب كارثية تقرع منذ وصوله للحكم لكن هل من سامع لفرع هذه الطبول. ودائما وأخيرا فإن المصلحة يبقى المستفيد منها جهات معينة تدير كل الصراعات من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها. والزمن كفيل ببيان الحقائق وكشفها..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.



إعلان