الدراما الجزائرية هذا العام الأفضل منذ 10 سنوات

احترام عقل المشاهِد واستخدام تقنيات فنية عالية كانا وراء نجاح مسلسل "مشاعر" (مواقع التواصل)

فاطمة حمدي-الجزائر

“الريمونتادا” (العودة مجددا) هكذا يصف المتابعون وضع الدراما الجزائرية هذا العام، بعد أن خلت الساحة الفنية من الأعمال التي ترضي طموح المشاهِد منذ سنوات طويلة، حين اكتفت الشاشات باسم إخراجي أو اثنين انفردا بالجماهيرية المحلية.

بين أعمال دون نص وأخرى دون إمكانيات إنتاجية، تراوح المشاهِد الجزائري ليفر نحو الدراما السورية أو المصرية وبعدها التركية ثم الشراكات اللبنانية السورية، في ظل فراغ الساحة المحلية التي يعتبر إنتاجها أقل بكثير من الطلب.

إعلان

ظل الجزائريون يرتحلون بين القنوات بحثا عن أعمال تغطي شحّ الإنتاج المحلي الذي كان في وقت سابق المسيطر في عهد الكبار، من أمثال المخرج الراحل جمال فزاز.

وقد فرضت العزلة على الدراما الجزائرية منذ سنوات العشرية السوداء رغم محاولات عدد من أهل الاختصاص لكسرها، فاكتفت الساحة بعدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من الأعمال التي لعبت دور المغناطيس في جذب المشاهد الجزائري أمام إغراءات الإنتاجات العربية الضخمة.

عاد الجزائري في رمضان 1440هـ/2019، ليتصالح مع الدراما المحلية عبر عدد من الأعمال التي حققت نسب مشاهدة بالملايين منذ الأيام الأولى للشهر، تشير خولة (25 عاما) “لم أتابع أي عمل عربي، لعدد المسلسلات الجزائرية الجيدة هذه السنة”.

إعلان

ويعتبر متابعون أن النجاح الذي حققه المسلسل المشترك الجزائري السوري لكاتبته أحلام مستغانمي “ذاكرة الجسد”، أولى الأعمال الفنية التي فتحت الباب أمام الشراكات المشرقية المغاربية، فيرى المهتم بالشأن الثقافي الإعلامي سيف الله مشاط “أن التجربة أخذت وقتا طويلا كي تتكرر، ولكن الأهم أنها عادت من خلال “ورد أسود”.

وبعد عدد من محاولات التجارب الإنتاجية والفنية المشتركة خلال السنوات السابقة، خاصة بين الجزائر وتونس في مجال الكوميديا، وجد المشاهد الجزائري نفسه هذا العام أمام عملين جزائريين مشتركين بين الدراما السورية والتونسية اعتبرا الأكثر شعبية.

ويرى الإعلامي التونسي سيف الله مشاط في تصريحه للجزيرة نت أنه “مثّل الإنتاج المشترك التونسي الجزائري في كوميديا “نسيبتي العزيزة” تجربة فريدة جسدت إمكانية انفتاح السوق المغاربية على بعضها وتشكيل هوية مشتركة”.

وأضاف مشاط أن “نجاح التجارب الكوميدية المشتركة السابقة شجع أعمالا أخرى على البروز خلال هذا العام على غرار مسلسل “مشاعر”، حيث يمكنها خلق قطب درامي مغاربي متناغم له قدرة تسويقية أكبر، ومع الوقت يمكن لهذه المشاريع أن تفكك الهيمنة المشرقية على السوق العربية”.

إعلان

واعتبر مشاط أن “تكرار هذه الأعمال سيكسر حاجز اللهجة الذي مثّل عائقا موضوعيا أمام الإبداع المغاربي بشكل عام في العقود الماضية وأمام المشاهد العربي أيضا”، في حين أكد منتج مسلسل “مشاعر” التونسي محاولة الشركة لدبلجة العمل للسورية.

ووعد المنتج التونسي أن يسوّق للمسلسل في كبرى القنوات العربية بعد الانتهاء من دبلجته للسورية “باعتبارها اللهجة الأكثر قربا للمشاهِد العربي”، حسب تعبيره.

إعلان

من جهته، اعتبر مسؤول التركيب زين الدين حمدي أن سر نجاح مسلسل “مشاعر” هو العمل عليه بتقنيات فنية عالية، إذ “احترم عقل المشاهد الذي أصبح يتنبّه لأبسط الهفوات التي كان يعتقد أنها حكر على أصحاب الاختصاص”.

واعتبر المتحدث أن الإضافة التقنية التركية في مسلسل مشاعر على اعتبار أن مخرجه محمد غوك أحد الأسماء الإخراجية الشابة في تركيا بات جليا، قائلا “لا يمكن أن ننكر أن الدراما التركية وجدت لنفسها مكانا عالميا”.

وعلى صعيد آخر، استطاع المسلسل الجزائري “أولاد الحلال” الذي يقوم ببطولته عبد القادر جريو ويوسف سحيري وسهيلة معلم الوصول لأكثر من أربعة ملايين مشاهدة للحلقة الواحدة، حيث كسر العمل قاعدة جماهيرية “دراما الطبقة البورجوازية” في الجزائر كما يحبذ أن يصفها البعض.

ويرى جريو في تصريحه للجزيرة نت أن “السوق المحلية كافية للتركيز عليها قبل نقل طموح الخروج نحو الأعمال التي تستهدف المشاهد العربي أو الدولي، إذ لم نفهم بعد أن لدينا بنية جماهيرية لو استثمرنا فيها لخرجنا بالدراما من عزلتها دون شراكات”.

وأكد أن “المسلسلات المشتركة في كثير من الأحيان تفقد العمل هويته، فلا تشبه قصصها يوميات الواقع الجزائري”، مضيفا “نجحت الدراما السورية والمصرية ووصلتا للمشاهد العربي من خلال التفاصيل ولم يسوق المصري لنفسه صورة لا تشبه واقعه”.

وبين مسؤولية أن تعكس الدراما الواقع والهوية وما يعتقده البعض بأن العمل الفني لا يجب أن يطابق الواقع، يبقى المشاهِد الرابح الأكبر من التنوع الذي أخرج الدراما الجزائرية لجمهورها المحلي والعربي بعد “سنوات الانغلاق والتخبط”، كما وصفها البعض.

المصدر : الجزيرة

إعلان