توطين الفلسطينيين في الرؤية الإسرائيلية
ثمة انشغال واسع النطاق في إسرائيل، وتحديدا منذ أن تجددت اللقاءات بين رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس نهاية العام 2006، بماهية الاتفاق المنشود إسرائيليا على الحل الدائم.
وفي صلبه ثلاث مسائل جوهرية في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وهي الحدود والقدس واللاجئون.
بينما تتباين مواقف الأحزاب والمسؤولين والمحللين في إسرائيل بشأن مسألتي الحدود الدائمة ومستقبل مدينة القدس، فإنها تجمع على رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم الذي هجروا منه عنوة، تطبيقا لحق العودة، وذلك في موازاة الإجماع على أن الحل الأوحد لقضية هؤلاء اللاجئين يكمن في التوطين.
" حل قضية اللاجئين يتم بواسطة عودة قسم منهم إلى الدولة الفلسطينية، التي ستقر حدودها الدائمة على أساس خطوط سنة 1967 مع تعديلات متبادلة، وتعويض القسم الآخر وتوطينه في دول مختلفة بحسب قوانين كل دولة أوري سافير إعلان |
وشدد على أن حل قضية اللاجئين يتم بواسطة عودة قسم منهم إلى الدولة الفلسطينية، التي قال إن حدودها الدائمة ستقر على أساس خطوط سنة 1967 مع تعديلات متبادلة، وتعويض القسم الآخر وتوطينه في دول مختلفة بحسب قوانين كل دولة، مضيفا "وهو ما سيخولنا ممارسة حق النقض ضد دخول سكان فلسطينيين إلى إسرائيل".
أما على صعيد مواقف الأحزاب الإسرائيلية، فإن ما يسمى "المبادرة الإسرائيلية"، التي عرضها رئيس حزب الاتحاد الوطني المفدال وعضو الكنيست الحالي بيني ألون في أكتوبر/تشرين الأول 2007 باعتبارها خطة إسرائيلية للسلام وتأهيلا اللاجئين الفلسطينيين، هي أحدث ما تفتقت عنه الذهنية الإسرائيلية المؤسساتية من أفكار بشأن التوطين.
وتتمركز هذه المبادرة حول الدعوة إلى الابتعاد عن الحلول السياسية بذريعة البحث عن حلول إنسانية. وتبعا لذلك فقد ورد فيها تحت عنوان "حل إنساني لقضية اللاجئين" ما يلي:
-
من الضروري أن يكون حل قضية اللاجئين مكونا جوهريا في أي تسوية. وعلى إسرائيل بذل جهدها لحل قضية لاجئي 1948 نهائيا ومطالبة المجتمع الدولي بالمشاركة في ذلك.
-
يتوجب بدء الحل بتفكيك الأونروا التي تخلد قضية اللاجئين، ومواصلة خطة تعويض سخية لكل اللاجئين الفلسطينيين الذين سيمكنون من التحول إلى مواطنين في دول مستعدة لاستيعاب المهاجرين.
والواقع الجديد في الشرق الأوسط الذي سوف تحل فيه قضية اللاجئين سيكون في مصلحة العالم العربي أيضا.
وبالتالي سيكون هناك على سبيل المثال مشروع تأهيل سخي يمكن مليونا من اللاجئين المكتظين في طنجرة الضغط الغزاوية من أن يصبحوا هدية نفيسة للمجتمع الفلسطيني والعالم أجمع.
" الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل سوف تتمكن، إلى جانب دول النفط العربية، من التمويل المباشر للتأهيل الكامل والسخي لكل لاجئي عام 1948، بحيث يتم استيعابهم في دول يسرّها استيعاب المهاجرين بيني ألون |
من سيدفع؟
وجوابا على سؤال من سيدفع؟ أجابت المبادرة ضمنيا بأن مليارات الدولارات تنفق سنويا على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وهذه المبالغ هي دولارات أميركية تخصص لسباق التسلح الإقليمي.
ومبالغ طائلة تحول من أوروبا للحسابات البنكية التابعة للسلطة الفلسطينية. وهناك مبالغ هائلة من المال الإسرائيلي الذي ينفق على إقامة الجدار وتنفيذ الانفصال وتقوية أبو مازن.
وتضيف المبادرة أن الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل سوف تتمكن إلى جانب دول النفط العربية من التمويل المباشر للتأهيل الكامل والسخي لكل لاجئي عام 1948، بحيث يتم استيعابهم في دول يسرّها استيعاب المهاجرين، مع أموال تمكنهم من العيش الكريم وبداية جديدة مليئة بالأمل.
دعم أكاديمي للمواقف السياسية
ويسهم في دفع هذه الرؤية قدما جيش من الأكاديميين والمستشرقين ورجال الأعمال.
وعلى سبيل المثال كتب المستشرق البروفيسور يوسف غينات نائب رئيس كلية نتانيا الأكاديمية في صحيفة معاريف يوم 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2007، أنه في الوقت الذي لا تبدو فيه مشكلة الحرم القدسي صعبة للحل في نظره إذا ما اتبع الطرفان المسار الصحيح، فإن مشكلة اللاجئين تبقى الموضوع الأكثر صعوبة، مضيفا أن دراسة الجانب الثقافي وأنماط السلوك العربية توجد حلا للمشكلة.
وزعم أن ما لا يقل عن 70% من سكان المخيمات حاليا غير مستعدين استعدادا عمليا لمغادرة بيوتهم أو قطع صلاتهم مع ذريتهم الذين تزوجوا من أبناء المدن والقرى المجاورة للمخيمات، والعودة إلى مساكنهم الأصلية قبل عام 1948.
" ما لا يقل عن 70% من سكان المخيمات حاليا غير مستعدين استعدادا عمليا لمغادرة بيوتهم أو قطع صلاتهم مع ذريتهم الذين تزوجوا من أبناء المدن والقرى المجاورة للمخيمات، والعودة إلى مساكنهم الأصلية قبل عام 1948 البروفيسور يوسف غينات |
واستشهد باستطلاع أجراه قبل عامين الباحث الفلسطيني خليل الشقاقي، وهو نفسه لاجئ، في جميع مخيمات اللاجئين، بما فيها تلك التي لم يكن في وسع غينات نفسه الوصول إليها في سوريا ولبنان.
وتوصل إلى نتيجة مماثلة، وهي أن نحو 75% من سكان المخيمات غير مستعدين لمغادرة بيوتهم مرة أخرى والعودة إلى الأماكن التي اضطر أجدادهم إلى مغادرتها إثر نكبة 1948.وآية ذلك أن اليهودي المصري رئيس الغرفة التجارية والصناعية الإسرائيلية المصرية ألبرت بابوشدو انبرى حديثا لجعل هذه القضية تتصدر جدول الأعمال المتعلق بمسألة اللاجئين.
" 700 ألف فلسطيني اضطروا إلى مغادرة بيوتهم عام 1948، وهذا أمر لا خلاف عليه، لكننا ننسى ونقلل من أهمية حادثة تاريخية أخرى لا تقل رعبا في تلك المرحلة، حيث اضطر مليون ونصف يهودي من مواطني الدول العربية إلى مغادرة بيوتهم " ألبرت بابوشدو |
وأنا واحد من هؤلاء اللاجئين، وقد أحببت بيتي في مصر لا أقل مما أحب اللاجئ الفلسطيني بيته في يافا.
وأكدت النظرية الثانية أن تبادلا سكانيا بين لاجئين عرب ولاجئين يهود في الشرق الأوسط قد حصل فعلا ويمكن الاستفادة منه في أي وقت.
وأقرت النظرية الثالثة بأنه في أعقاب تبادل السكان المذكور يمكن تبني الادعاء في الوقت الراهن بشأن الموازنة أو التعويض في الأملاك بين اللاجئين العرب واليهود. ولأهميتها قال الباحث نفسه إن هذه النظريات التي صيغت في أواسط السبعينيات، كسبت مفعولا مضاعفا عقب اتفاق السلام مع مصر، وبدء النقاش حول اللاجئين الفلسطينيين. وعلى أساسها، وهذا ما اعتقده أعضاء إدارة المنظمة، في وسع إسرائيل أن تدعي من جهة الحقوق الشرعية لليهود في أرض إسرائيل (أقدمية الكيان اليهودي)، وأن ترفض من جهة أخرى المطلب الفلسطيني بحق العودة (تبادل السكان تم حقا)، وكذلك أن ترفض من جهة ثالثة المطلب بالتعويض عن الأملاك الفلسطينية التي صادرها القيم العام لدولة إسرائيل (موازنة الأملاك).
_______________
متخصص في الشأن الإسرائيلي