الحضور والغياب العربي


undefined

إعداد: شفيق شقير

قد يكون للقراءات الإستراتيجية لجولة بوش من بطرسبرغ إلى الشرق الأوسط مروراً بإيفيان أثر كبير في تحديد معنى الحضور والغياب العربي في قمة شرم الشيخ. فهناك تأويل يعطي لزيارة بوش عنوان إعادة ترتيب علاقاتها الدولية بعد الانتصار في العراق، وعلى هذا الأساس كانت مشاركته في احتفالات بطرسبرغ إلى جانب عدد من الزعماء الأوروبيين، وعلى نفس القاعدة كانت مشاركته في قمة الثماني الكبرى، وفي السياق نفسه كانت شرم الشيخ والدعوات التي وجهت، فالدول المعنية بالقمة يدرجها المراقبون تحت قائمة الموالين الذين سيناط بهم دور رئيسي سواء في تنفيذ خارطة الطريق أو في مقاومة ما تسميه أميركا الإرهاب.


واشنطن لم تنس مواقف سوريا من العراق، وعلى سوريا أن تبادر بتقديم شيء حقيقي تستطيع الإستراتيجية الأميركية الجديدة في المنطقة أن تفهمه، وبهذا التحليل فإن سوريا رهن الاختبار.

وبالطبع هناك من لم يدع ولكنه ليس مستبعداً، قطر على سبيل المثال، أما سوريا ولبنان فيندرجان على لائحة أخرى هي لائحة الدول التي لم تصبح جاهزة لترتيب العلاقة معها، وهما غير جاهزين لأن يكونا جزءا من أي تسوية وخاصة ما تسمى بخارطة الطريق، وبعبارة أخرى هما من لائحة الدول المستبعدة.

فواشنطن وفق هذه الرؤية لم تنس بعد مواقف سوريا من العراق، وشرط نسيانها أن تبادر سوريا بتقديم شيء حقيقي تستطيع الإستراتيجية الأميركية الجديدة في المنطقة أن تفهمه، وبهذا التحليل فإن سوريا ستكون رهن الاختبار، وعلى سوريا أن تبادر إلى التخلي عن دعم المنظمات الفلسطينية مع الإشارة إلى أن هذه المنظمات بادرت طوعا إلى تجميد نشاطاتها في دمشق. وعليها أيضاً أن تتخلى عن دعمها لحزب الله اللبناني، ويبدو أن هذه النقطة ما زالت قابلة للتفاعل أكثر بين الطرفين السوري والأميركي، فالأميركيون لم يوقفوا سيل انتقاداتهم لحزب الله والجهات الداعمة له (سوريا وإيران)، فيما يظهر من تصريحات بعض السياسيين اللبنانيين أن سوريا ستصل لتسوية جديدة مع الأميركيين كما هو العهد بها من دون أن تلغي دور حزب الله كمعادل إقليمي في الصراع العربي الإسرائيلي، وتحديداً على الجبهة اللبنانية والسورية. فضلاً عن مطالب أميركا المتكررة بسحب الجيش السوري من لبنان، ونشر الجيش اللبناني على الحدود واتهام سوريا بعرقلة هذا المسعى.

وهناك قراءة تتحدث عن توجه أميركي لعزل سوريا دبلوماسياً وفصل الحياة السياسية اللبنانية عن التأثير السوري المباشر. وقد يكون عدم توجيه الدعوة للبنان وسوريا مقدمة في هذا الاتجاه، خاصة وأن العرب المقربين من أميركا لم يبذلوا حتى الآن أي جهد يذكر لتحسين صورة الدبلوماسية السورية، وسيؤكد هذا التوجه الأميركي أو ينفيه موقف الإدارة الأميركية من قانون محاسبة سوريا المطروح على الكونغرس الأميركي منذ مدة غير قصيرة، ويتضمن فرض عقوبات على سوريا إذا لم تستجب للمطالب الأميركية التي سبق ذكرها.


سياسة الاستبعاد الأميركية لها ما بعدها، وتشير إلى تحفظ أميركي على الدول المستبعدة من دعوة شرم الشيخ

والبعض يهون من عدم دعوة سوريا ولبنان لأنهما لا يملكان أي شيء يقدمانه لصالح خطة الطريق -وهي الموضوع الرئيسي للقمة- بسبب تحفظهما عليها أو على الأقل عدم دعمهما لها، وأن حضور سوريا ولبنان سيكون معرقلاً لخارطة الطريق ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن أي نجاح على المحور الإسرائيلي الفلسطيني سيتبعه خارطة جديدة على المسار السوري واللبناني، ويبدو أن الأوروبيين قد أبدوا منذ اللحظة الأولى استعدادهم لإطلاق خارطة طريق على هذا المسار.

وبهذا فسياسة الاستبعاد الأميركية لها ما بعدها، وتشير على العموم إلى تحفظ أميركي على الدول المستبعدة، وأكثر ما يُخشى منه أن تحتاج المنطقة إلى خارطة طريق للمسار الأميركي السوري قبل الحديث عن خارطة طريق تجمع الطرفين اللبناني السوري مع الإسرائيلي.
ــــــــــــــــ
* الجزيرة نت

المصدر : غير معروف