رمزي بن الشيبة.. منسق "غزوتيْ نيويورك وواشنطن"

FILE - This undated handout photo, made available on Sept. 21, 2001, shows Ramzi Binalshibh in an unkown location. U.S. prosecutors are asking a military judge to reconsider his decision to try one of the men accused of plotting the Sept. 11 attack apart from the other four. Prosecutors have asked Army Col. James Pohl to hear arguments on their emergency motion involving Binalshibh first thing Monday, Aug. 11, 2014, at a pretrial hearing at the Guantanamo Bay naval base in Cuba. (AP Photo/File)

رمزي بن الشيبة يمني قيادي في تنظيم القاعدة؛ عُرف بصلته الوثيقة بأسامة بن لادن، وتصفه الولايات المتحدة بأنه كان "منسق" هجمات 11 سبتمبر 2001 التي استهدفت أراضيها، وتعتقله بسبب ذلك منذ 2002 في سجن غوانتانامو بعد أن سلمته إليها السلطات الباكستانية، حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى الإعدام.

المولد والنشأة
وُلد رمزي محمد عبد الله بن الشيبة يوم 1 مايو/أيار 1972 في حضرموت باليمن لأسرة متدينة، توفي والده حينما كان سنته الرابعة عشرة فعاش في العاصمة صنعاء برعاية أمه مع أسرته ذات الأبناء الستة.

الدراسة والتكوين
التحق رمزي بالمدرسة وحين أكمل المرحلة الثانوية تلقى دورات في اللغة الإنجليزية والكمبيوتر، ثم سافر عام 1995 إلى ميونخ بألمانيا لاستكمال دراسته الجامعية في مجال الاقتصاد، وهناك تعلم اللغة الألمانية قبل التحاقه بالجامعة.

التوجه الفكري
يعتبر رمزي أحد القيادات الشبابية في تنظيم القاعدة المصنف في طليعة فصائل "السلفية الجهادية"، وينظر إليه على أنه كان أحد المقربين من زعيم التنظيم الراحل أسامة بن لادن.

الوظائف والمسؤوليات
عمل رمزي في أحد البنوك التجارية الخاصة في صنعاء قبل سفره إلى ألمانيا، وحين وصل إليها عمل في إحدى شركات الكمبيوتر بمدينة هامبورغ.

التجربة القتالية
تقول وثائق السلطات الأميركية إن رمزي بن الشيبة عُرف "باهتمامه بالدين" وهو في عمر الثانية عشرة، وحين اندلعت الحرب الأهلية بين شطريْ اليمن (الشمال والجنوب) عام 1990 خاضها مدة شهرين في صفوف القوات المؤيدة لرئيس البلاد آنذاك علي عبد الله صالح.

وتضيف هذه الوثائق أنه قدم طلبا للحصول على تأشيرة دخول للأراضي الأميركية، وحين رُفض طلبه سافر إلى ألمانيا عام 1995 حيث طلب اللجوء السياسي فيها مقيما بهامبورغ باسم "عمر اليمني"، وأثناء انتظاره صدور الموافقة على طلب اللجوء زار البوسنة والهرسك في 1996.

وبعد رفض السلطات الألمانية طلبه عاد رمزي إلى اليمن في نوفمبر/تشرين الثاني 1997 ليقدم إلى السفارة الألمانية بصنعاء طلب الحصول على تأشيرة طالب يدرس بها في ألمانيا، وعندما عاد إليها قدم طلبا جديدا للجوء السياسي لكنه رُفض في 31 يناير/كانون الثاني 1998.

وأثناء ذلك ربطته في هامبورغ علاقة صداقة قوية مع المصري محمد عطا الذي كان على صلة بتنظيم القاعدة، وظلا يقيمان في مكان واحد حتى سبتمبر/أيلول 1999.

وفي أواخر ذلك العام راودته فكرة الذهاب إلى الشيشان لخوض "الجهاد" ضد الروس، ثم قرر هو وزملاؤه عطا وزياد الجراح ومروان الشحي السفر قبل ذلك إلى أفغانستان -مرورا بباكستان– لتلقي تدريبات عسكرية في معسكرات "القاعدة" ثم الذهاب إلى الشيشان، فدخلوا قندهار بأفغانستان أواخر عام 1999.

في قندهار التقى رمزي أسامة بن لادن ومجموعة كبيرة من قيادات القاعدة الرفيعة المستوى مثل قائدها العسكري أبو حفص المصري، وسرعان ما توثقت صلته ببن لادن خلال عدة لقاءات معه.

وتوج علاقته بالتنظيم بمبايعته زعيمه بن لادن الذي طلب منه هو وزملائه مطلع عام 2000 العودة إلى هامبورغ بألمانيا مرورا بباكستان، حيث تلقوا إرشادات بشأن الإقامة بأميركا من خالد شيخ محمد الذي يصف نفسه بأنه رئيس اللجنة العسكرية في تنظيم القاعدة والعقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر.

عين بن لادن المصري محمد عطا على قيادة المجموعة التي ستُعرف لاحقا بـ"خلية هامبورغ"، وفي ألمانيا جاءتهم التعليمات بضرورة التجهز لـ"مهمة سرية جدا"، وطُلب منهم الالتحاق بمدارس الطيران لتعلم قيادة الطائرات، لكنهم قرروا أخذ دوراتها في أميركا لسهول الحصول عليها ماديا وزمنيا.

سافر رمزي إلى اليمن في أغسطس/آب 2000 محاولا الحصول على تأشيرة دخول لأميركا وحين رُفض طلبه قدم طلبا آخر لتأشيرة بريطانيا فحصل عليها، وعندما وصل زملاؤه إلى الأراضي الأميركي وتعذر عليه هو دخولها، قرر أن يكون "منسقا" للعملية التي يخطط تنظيمه لتنفيذها بأميركا، فزار لهذا الغرض ماليزيا وباكستان وأفغانستان وحوّل أموالا للمجموعة المكلفة بالعملية.

وفي أواخر يناير/كانون الثاني 2001 وصل رمزي إلى أفغانستان مرورا بإيران، وفي قندهار التقى بن لادن ليبلغه بإكمال زملائه تدريبهم على الطيران بأميركا، وجاهزيتهم لتسلم التعليمات الموالية، فأفصح له بن لادن عن "أهداف" العملية المزمعة، وأنها ستستهدف البنتاغون والكونغرس ومركز التجارة العالمي، وأن مهمة رمزي هي أن يكون "حلقة الوصل" بين المجموعة والتنظيم.

وفي أوائل يونيو/حزيران 2001 عاد رمزي إلى ألمانيا فانتظر فيها حتى يوم 8 يوليو/تموز 2001 حيث سافر إلى مدينة روس بإسبانيا، لمقابلة قائد المجموعة محمد عطا هناك لوضع اللمسات الأخيرة على العملية المزمعة ثم رجع إلى ألمانيا، حسبما تؤكده وثائق ويكيليكس.

وفي أوائل سبتمبر/أيلول 2001 غادر رمزي ألمانيا مجددا إلى إسبانيا ثم إلى كراتشي الباكستانية حيث اختفى فيها مع خالد شيخ محمد، وراقبا من هناك ما أسمياها "عملية الثلاثاء المقدسة".

وحين وقعت هجمات 11 سبتمبر؛ كان من المفترض أن يكون ابن الشيبة الخاطف رقم 20 للطائرات التي نُفذت بها الهجمات، لكن فشله أربع مرات في الحصول على تأشيرة دخول لأميركا منعه من ذلك، ويقال إن السلطات الأميركية تعرفت على اسمه قبل العملية بأسبوع إثر اعتقالها في أغسطس/آب 2001 المغربي زكريا موسوي الذي كان يتعلم الطيران بولاية أوكلاهوما.

ويوم 11 سبتمبر/أيلول 2002 وفي الذكرى السنوية الأولى لهجمات 11 سبتمبر؛ دهمت السلطات الباكستانية -بناء على معلومات قدمها مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي- منزلا بكراتشي كان يختفي فيه رمزي ومجموعة من عناصر القاعدة، وخاضت اشتباكا مسلحا معهم استمر أربع ساعات فقُـتل فيه يمنيان واعتقِل رمزي ومعه ثمانية يمنيين وسعودي ومصري.

سلمته إسلام آباد إلى واشنطن التي نقلته خارج باكستان، وتقول تقارير حقوقية إن المخابرات الأميركية أخضعته للتحقيق القاسي في سجون سرية تابعة لها ببلدان مثل ألمانيا ورومانيا و الأردن والمغرب، وفق برنامج مكافحة "الإرهاب" المعروف باسم "غريستون".

وبعد أربع سنوات من اعتقاله سلمته إلى وزارة الدفاع التي أرسلته إلى سجن غوانتانامو، حيث وُضع في جناح يدعى "كامب سيفن" (وهو الجزء السري من السجن) في عزلة عن بقية معتقلي القاعدة، وأعطي تصنيف "مرتفع" من حيث القيمة الاستخباراتية والخطر الذي يشكله أثناء الاحتجاز وإذا ما أطلق سراحه، ضمن 14 معتقلا صنفوا بأنهم ذوو قيمة عالية.

ولم يعرض رمزي على المحاكمة إلا في عام 2009 حين عُقدت له محكمة عسكرية وجهت إليه تهما في مقدمتها تنسيق هجمات 11 سبتمبر وارتكاب جرائم حرب، وقد يواجه بسببها حكما بالإعدام، لكن رمزي طالب بوقف محاكمته قائلا إنها "غير دستورية".

وفي 17 ديسمبر/كانون الثاني 2013 طرد قاضي محكمة جرائم الحرب العسكرية في معتقل غوانتانامو رمزي مرتين من جلسة استماع تمهيدية، وذلك لتحدثه مباشرة إلى القاضي العسكري -من دون إذن- شاكيا من تعسف وقسوة حراس السجن، وهي الشكوى التي عاد لتكرارها يوم 25 فبراير/شباط 2016.

وقد طالب محامو الدفاع عنه بتزويدهم بالسجلات الطبية لمعرفة ما إن كانت سنوات احتجازه في سجون "سي آي أي" السرية قد جعلته غير مستقر عقليا، خاصة أنه يعالج من مرض انفصام الشخصية بمزيج قوي من الأدوية المضادة للذُّهان، ويقولون إن المحققين عذبوا رمزي وبالتالي فإن المعلومات التي استخلصوها منه لا يمكن الأخذ بها.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية