أف بي آي.. الأمن أولا، الأمن أخيرا

شعار إف بي آي FBI الموسوعة

مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) هيئة تابعة لوزارة العدل الأميركية، تعمل كوكالة استخبارات داخلية، وتتمتع بسلطة قضائية على العديد من الجرائم الفدرالية؛ مما جعلها تحظى بمكانة حولتها إلى أسطورة أمنية عالمية.

التأسيس
تأسس "أف بي آي" يوم 26 يوليو/تموز عام 1908 تحت اسم "مكتب التحقيقات" في عهد الرئيس الأميركي ثيودور روزفلت على يد المدعي العام الأميركي آنذاك تشارلز بونابرت، وتغير اسمه رسميا عام 1935 فأصبح "مكتب التحقيقات الفدرالي" أو "مكتب التحقيقات الاتحادي".

وكان أول رئيس للمكتب بعد التأسيس هو ستانلي فينش خلال 1908-1912، وتغير اسمه عام 1935 أثناء إدارة إدغار هوفر الذي رأسه حوالي خمسين سنة ما بين 1924-1972.

الموقع
يقع مقر "أف بي آي" في مبنى "جي إدغار هوفر" بالعاصمة الأميركية واشنطن، ويتبع له 56 مكتب تحقيق مركزياً في أهم المدن الأميركية، وأكثر من 400 مكتب تحقيق محلي في مدن ومناطق أخرى بالبلاد.

ورغم تركيزه على القضايا الداخلية فإن المكتب لديه 60 مكتب تحقيق دوليا في قنصليات وسفارات أميركا عبر العالم، يمارس بواسطتها مهام التنسيق مع أجهزة الأمن الأجنبية.

الهيكلة
يبلغ عدد موظفي "أف بي آي" 35 ألفا و104 أشخاص وتبلغ ميزانيته 8.3 مليارات دولار، ويتكون من عدة فروع وظيفية، إضافة إلى المكتب الرئيسي أو مكتب المدير التنفيذي الذي يتحكم في كافة العمليات الإدارية المتعلقة بالوكالة.

ويدير كل فرع مساعد مدير تنفيذي، وينقسم كل فرع إلى مكاتب يتولى إدارتها ومراقبة سير أعمالها مساعدو المدير، كما تنقسم المكاتب بدورها إلى شُعب يديرها نواب مساعدي المدير، ثم تنقسم تلك الفروع إلى أقسام يتولى إدارتها رؤساء أقسام.

الاختصاصات
يعمل "أف بي آي" باعتباره وكالة استخبارات داخلية وقوة تنفيذية لتطبيق القانون في البلاد، ويتمتع بسلطة قضائية في أكثر من مئتي جريمة على المستوى الفدرالي.

وتتمثل أولويات عمله في حماية الولايات المتحدة من الهجمات الإرهابية، وعمليات الاختراق والتجسس الأجنبي، والجرائم والهجمات الإلكترونية، ويتولى مكافحة الفساد العمومي، وحماية الحريات المدنية، ومواجهة الجرائم المنظمة، وجرائم العنف، ودعم الشركاء في الداخل والخارج، وتطوير التكنولوجيا لإنجاح مهام المكتب.

وتبعا لذلك؛ تتضمن هيكلة المكتب عدة فروع وظيفية، أهمها: فرع الأمن القومي، وفرع التحقيقات الجنائية، وفرع التكنولوجيا والمعلومات، وفرع الموارد البشرية، في حين يمثل مكتب المدير التنفيذي أو المكتب الرئيسي مركز عمليات الوكالة، ويوفر الدعم المالي والفني والإداري لكافة مكاتبها وفروعها وعناصرها.

ويُطلَق على عملاء المكتب شعبيا لقب "جي مان" (رجال الحكومة)، وقد بدأت هذه التسمية في فترة "المجرمين الكبار" أمثال جون ديلينجر وماشين غان كيلي.

التاريخ
أنشئ "أف بي آي" عام 1908 بعد أن أصدر المدعي العام تشارلز بونابرت أمرا لمحققين فدراليين عُينوا حديثا آنذاك بإرسال تقاريرهم إلى مكتب المفتش العام بوزارة العدل حينئذ ستانلي فينش، والذي تحول اسمه عام 1909 إلى "مكتب التحقيقات" ولاحقا إلى "مكتب التحقيق الاتحادي".

فقد كانت وزارة العدل الأميركية -التي أنشئت عام 1801 لتطبيق القانون الفدرالي وتنسيق السياسة القضائية- مضطرة لاستئجار محققين خصوصيين أو من وكالات فدرالية أخرى عند الحاجة، للتحقيق في جرائم فدرالية لأنه لم يكن لديها محققون يعملون لها بشكل دائم.

وفي مطلع القرن العشرين أصبح من حق المدعي العام استئجار محققين دائمين، وأحدث مكتب المفتش العام الذي كان يتكون في معظمه من محاسبين لمراجعة التعاملات المالية للمحاكم الفدرالية.

وفي مارس/آذار 1909 تطور المكتب وتجاوز عدد عناصره الثلاثين وأطلق عليه اسم "مكتب التحقيق الاتحادي"، واستخدمته الحكومة الفدرالية أداة للتحقق من المجرمين الذين هربوا من القضاء وعبروا حدود الولايات المتحدة.

قام "أف بي آي" نهاية عام 2011 برفع "طابع السرية" عن حوالي ثلاثة آلاف من ملفاته، من أبرزها تلك التي تضمنت معلومات عن مديره السابق إدغار هوفر، وتفاصيل سرية عن فنانين عالميين رُبطت أسماؤهم بشبكات المافيا.

وتضمنت الملفات أيضا معلومات عن صراع النشطاء لتمكين الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية من حقوقهم المدنية، وأخرى خاصة بمواجهة المد الشيوعي خلال الحرب الباردة، وتقارير خاصة عن آل كنيدي وعلاقاتهم الشخصية، وفي مقدمتها تلك المتعلقة بالممثلة والمغنية مارلين مونرو.

وتطرقت تلك المعلومات الخاصة أيضا إلى ملفات زعيم المافيا الشهير في مدينة شيكاغو آل كابوني، ومؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، والداعية الأميركي المسلم مالكوم إكس، لكن لوحظ أن المكتب لم يلتزم بشفافية كاملة في الملفات التي رفع عنها طابع السرية، إذ عمد إلى إخفاء فقرات بلون أسود وإبقاء أسماء كثيرة طي الكتمان.

ومن بين أشهر الملفات التي أشرف عليها قضية التحقيق في اغتيال الرئيس الأميركي جون كنيدي عام 1963، ومساهمته في اعتقال عناصر من مجموعة "كوكلاكس" العنصرية التي تورطت في اغتيال ناشطين حقوقيين من السود الأميركيين في ديسمبر/كانون الأول 1964.

وفي صيف عام 2002 قام المكتب بالتحقيق مع 17 عضوا بمجلس الشيوخ الأميركي في إطار تحريات بشأن تسرب معلومات سرية ذات صلة بأحداث 11 سبتمبر 2001، كما تدخّل في ديسمبر/كانون الأول 2015 للتحقيق في دور الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جوزيف بلاتر في ما يتعلق بتهم موجهة إليه مرتبطة بفساد مالي.

وتمكن المكتب في مارس/آذار 2016 من فك شيفرة هاتف "آيفون" استخدمه أحد منفذي اعتداء سان برناردينو بولاية كاليفورنيا، في ظل مواجهة قضائية وإعلامية مع شركة "آبل" المنتجة لهذه الهواتف، والتي رفضت إرغامها على مساعدة المحققين في اختراق الهاتف، قائلة إن ذلك يشكل "سابقة خطيرة تهدد الحق في الخصوصية".

تـُوجه إلى بعض عناصر مكتب "أف بي آي" تهم باستخدام "مخبرين من القتلة المأجورين وزعماء المافيات"، وحمايتهم من الملاحقة القضائية في جرائم خطيرة من بينها القتل.

وقد أنتجـِت عدة أفلام في هوليوود مستوحاة من أعمال وأدوار "أف بي آي"، من أهمها: "رجال الحكومة" عام 1935، و"ميسيسيبي مورنينغ" عام 1989، و"صمت النعاج" عام 1991.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية