عاديات الشمس.. الدوحة تحتفي بأعمال بيكاسو الهند

احدى الصور المتواجدة للفنان الهندي في المعرض.
صورة للفنان الهندي مقبول فدا حسين موجودة في معرضه بالدوحة (الجزيرة نت)

محمد السيد-الجزيرة نت

من وحي الغموض والألوان الحيوية وتعدد وجوه شخوص لوحاته، وصور بيئة الهند وطبيعتها، يحتفي المتحف العربي للفن الحديث في الدوحة بالفنان الهندي مقبول فدا حسين من خلال إقامة معرض لمجموعة من أبرز أعماله بعنوان "عاديات الشمس"، الذي يستمر حتى نهاية يوليو/تموز القادم.
 
الاحتفاء بتجربة حسين الذي أطلق عليه لقب "بيكاسو الهند"، يأتي من كونه أيقونة فريدة من نوعها في تاريخ الفن العالمي لارتباط لوحاته بتاريخ الثقافات وفلسفة الديانات في الهند، فضلا عن غزارته في الإنتاج لتتجاوز لوحاته المكتملة 40 ألف لوحة أنجزها خلال مسيرته الفنية التي امتدت لما يقارب 75 عاما.
الفنان الهندي عبر عن حياة بلاده خلال لوحاته(الجزيرة نت)
الفنان الهندي عبر عن حياة بلاده خلال لوحاته(الجزيرة نت)
معرض "عاديات الشمس" الذي افتتحته رئيسة مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع الشيخة موزا بنت ناصر، أشرف على تنسيقه الشاعر والناقد الفني رانجيت هوسكوت، وضم أكثر من مئة عمل للفنان مقبول فدا حسين، تنوعت بين اللوحات الفنية والرسومات وأعمال النسيج والأفلام، وهي أعمال مستعارة من مجموعات مؤسسة قطر ومتاحف قطر ومجموعات فنية خاصة من منطقة الخليج وغيرها من أماكن العالم.
 
ويري رانجيت هوسكوت أن معرض "مقبول فدا حسين: عاديات الشمس" هو أضخم المعارض المخصصة لأعمال الفنان الهندي حتى الآن، حيث يقدم المعرض مجموعة من الأعمال المرموقة التي أبدعها على مدار ستة عقود.

الشيخة موزا افتتحت معرض الفنان الهندي مقبول فدا(الجزيرة نت)
الشيخة موزا افتتحت معرض الفنان الهندي مقبول فدا(الجزيرة نت)

ويضيف هوسكوت أن المعرض يستكشف ثلاثة موضوعات رئيسية كانت حاضرة دائما في أعمال حسين، وهي فكرة الوطن بوصفه مكانا تتدفق منه ذكريات الطفولة، وتصاغ معانيه في الحاضر ويتبلور مفهومه من خلال استكشاف الحياة، ومغامرة الإنسان مع الإبداع عبر المجتمعات وعلى مر العصور وباختلاف التخصصات، والنهج التعددي في التعامل مع السنن الكونية للوجود، وهو النهج الذي تعبّر عنه رمزية أديان العالم وفلسفاته.

يعد حسين واحدا من أبرز الشخصيات المؤثرة في فن الحداثة بالهند، حيث كان أحد مؤسسي "مجموعة الفنانين التقدميين" في بومباي عام 1947، كما اضطلع بدور رائد بإحداث ثورة في عالم الفن بوطنه الأم من خلال ابتعاده عن أشكال الفن السائدة المتمثلة في الرسم الأكاديمي وعن التعلق بفن المنمنمات الهندية التقليدية.

البيئة الهندية كانت حاضرة في لوحات مقبول(الجزيرة نت)
البيئة الهندية كانت حاضرة في لوحات مقبول(الجزيرة نت)

الفنان الهندي الشهير الذي عاش سنواته الأخيرة في الدوحة، تأثر بالأحداث التي عاصرها طوال حياته التي امتدت لخمسة وتسعين عاما، منها الحرب العالمية الأولى والثانية والحرب الباردة، كما كان شاهدا على الصراعات التي دارت رحاها في الجزائر وفيتنام وجنوب آسيا وحروب غرب آسيا، وجميعها كانت مصادر إلهام له وظهرت غالبيتها على لوحاته.

لوحات حسين الفنية المنتشرة في أرجاء المعرض تعدّ رمزا للحيوية وتجديد الذات على المستوى الشخصي، في ظل تنويعه في استخدام وسائطه الفنية، متنقلا بين الرسم بالزيت والألوان المائية والطباعة الحجرية وطباعة الشاشة الحريرية والنحت والعمارة وتصميم التراكيب، وذلك بجانب تفرده في صناعة الأفلام والشعر والكتابة، حيث كان يجيد اللغات الأردية والهندية والإنجليزية.

لوحة العشاء الأخير في الصحراء الحمراء تعبّر عن تأثر مقبول بالحياة العربية (الجزيرة نت)
لوحة العشاء الأخير في الصحراء الحمراء تعبّر عن تأثر مقبول بالحياة العربية (الجزيرة نت)

ومثلما عبرت لوحاته ورسوماته في المعرض، اكتنف الغموض جميع جوانب حياة الفنان الهندي الذي هجر بلده خوفا من الموت على يد بعض الهندوس المتشددين، بداية من تاريخ مولده الذي اعتقد خطأ لمدة طويلة أنه ولد في عام 1915، بينما كان ميلاده الحقيقي قبل هذ التاريخ بعامين، وعند وفاته في الثامنة والتسعين من عمره، كان حسين -أيقونة الفن الهندي- قد عاش قرنا من أعنف القرون التي سجلها تاريخ البشرية وأكثرها إثارة في الوقت ذاته.

وبالتوازي مع معرض "مقبول فدا حسين: عاديات الشمس"، نظم المتحف العربي للفن الحديث عضو مؤسسة قطر، معرضا ثانيا بعنوان "مجموعة رقص ميديا: تبقى عوالم أخرى" ضمن فعاليات العام الثقافي قطر-الهند 2019، ويتضمن 13 عملا فنيا متنوعا، على أن يستمر المعرضان إلى نهاية يوليو/تموز المقبل.

المصدر : الجزيرة