ميديابارت: على ترامب أن يدرك أن الكلمة تؤذي وقد تقتل

U.S. President Donald Trump shouts an answer to a reporter’s question on the tarmac after arriving aboard Air Force One during a refueling stop on his way to Japan at Joint Base Elmendorf, Alaska, U.S. May 24, 2019. REUTERS/Jonathan Ernst TPX IMAGES OF THE DAY
ترامب استخدم بشكل عنصري ضمني استعارة تقليدية مهينة تحط من قدر الإنسان إلى مستوى الحيوان (رويترز)
توقف موقع ميديابارت الفرنسي عند ما سماها التغريدات الترامبية، خاصة التغريدة الأخيرة التي هاجم فيها الرئيس الأميركي دونالد ترامب النائب الأميركي من أصل أفريقي إيليا كامينغز "بشكل وحشي"، حيث يرى الموقع أنه تخطى الحدود في انتقاد خصم سياسي.

وأورد الموقع تغريدة لترامب تقول إن النائب الديمقراطي عن ولاية ميريلاند "انتقد بوحشية ضباط شرطة الحدود بشأن ظروف احتجاز القاصرين المهاجرين، في حين أن مدينته بالتيمور أسوأ بكثير وأكثر خطورة"، مضيفا أنه "لا يوجد إنسان يريد أن يعيش هناك".

ويضيف ترامب في تغريدته أن "مقاطعة كامينغز تعيش فوضى مثيرة للاشمئزاز، وتنتشر فيها الفئران والقوارض الأخرى، لو قضى مزيدا من الوقت في بالتيمور فقد يساعده على تنظيف هذا المكان الخطير والوسخ للغاية".

وفي تعليقة على التغريدة، قال الموقع إن الكلمة تؤذي وقد تقتل في بعض الأحيان، بل إن الكتابة يمكن أن تقوم بإبادة جماعية، سواء كان ذلك بصورة علنية أو مشفرة.

واشار الموقع إلى أن ترامب استخدم بشكل عنصري ضمني استعارة تقليدية مهينة تحط من قدر الإنسان إلى مستوى الحيوان، وذلك بإيراده مفردة "الفئران" تلك القوارض الضارة بامتياز في اللاوعي الجماعي.

الصمت أو البكاء

أما من يتلقى هذا السهم الرقمي من جعبة ترامب الإلكترونية التي لا تعرف الحدود فهو قطاع كامل من السكان الأميركيين مثل له الموقع بمدير الحوارات على "سي أن أن" فيكتور بلاكويل من مواليد بالتيمور، المدينة الأكثر اكتظاظا بالسكان في ميريلاند التي استهدفتها كراهية الرئيس، بحسب ميديابارت.

وقال الموقع إن هذا الصحفي فقد كلماته أمام هجوم ترامب المفاجئ والقاتل الذي عزله رمزيا بسبب لون جلده، وأحدث جرحا عميقا في أعماق قلبه مع قطاع كبير من الشعب الأميركي ليس أمامه إلا الصمت أو البكاء.

لكن دونالد ترامب -كما يقول الموقع- لا علاقة له بالنفوس الجميلة التي هي بالنسبة له نفوس ميتة، خاصة أنه يتمتع -عن طريق رسائله البغيضة التي تطفح بالفجور والتمييز العنصري- بكم هائل من الصداقات والمشاركة على شبكة الإنترنت التي طغت في عصرنا الرقمي على الرأي والحشود البشرية، حيث تمارس الجماهير سلطتها.

ودونالد ترامب -حسب الموقع- يؤمن فقط بقانون الأقوى، الأقوى اقتصاديا ثم بيولوجيا، ويعتمد في نجاحه السياسي على ما يمكن إيجازه في عبارة "انعدام الأمن الثقافي"، وهو ما تمكن ترجمته إلى خوف من فقدان "تفوق العرق الأبيض" المتمثل في طبقة من الشعب الأميركي لم تتمكن من ركوب الدرجة الأولى من قطار العولمة.

ويحاول ترامب أن ينتقم لتلك الطبقة التي بقيت على جانب الطريق، والتي أسقطها الحزب الديمقراطي من حساباته، ليعدها بالعودة إلى المجد الغابر، تماما كما تحدث هورثي إلى المجريين، وموسوليني إلى الإيطاليين، وسالازار إلى البرتغاليين، وميتاكساس إلى الإغريق، وهتلر إلى الألمان، وفرانكو إلى الإسبان، ودوريو إلى الفرنسيين، وموسلي إلى الإنجليز.

وأشارت الصحيفة إلى الطبقة الجديدة من اليمينيين المتطرفين في أوروبا وغيرها الذين يجاريهم ترامب، بدءا بالفرنسي جان ماري لوبان ومرورا بالمجري أوربان والإسرائيلي نتنياهو وليس انتهاء بالهندي مودي والبريطاني جونسون، محورة شعار ترامب الشهير "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" إلى "اجعل أميركا بيضاء مرة أخرى".

رزانة جبانة وخبيثة

ورأى الموقع أن مثل هذا الهجوم الشبيه بالحملة التي شنها الشمال على الجنوب أدى إلى هزيمة مسبقة للقيم الإنسانية، كالاحترام والتأني والمبادئ والشرف، لتصبح غير مؤهلة، لأن الوقت لم يعد لصالح الذكاء، ولكن لخيال المؤامرة والإثارة والرفض الانتقامي، ولكل ما هو سيئ.

وقال الموقع إن ترامب يدرك أنه مدفوع بهذه الريح السيئة التي يثيرها من خلال اللعب على جميع الأدوات المؤسسية الموضوعة تحت تصرفه خلف شاشة تويتر، ومحركه السياسي للتمتع الشخصي هو الهجوم والقذف والاستفزاز والغارة الإلكترونية، مما يكشف عن رزانة جبانة وخبيثة.

ويرى الموقع أن رهان ترامب -كجميع أيقوناته من الفاشيين الجدد- هو اللعب على الحد من نفوذ الديمقراطيين والتعبئة الديماغوجية التي تجعل منه المخلص الأعلى، خاصة أن الحصول على 30% من المؤيدين الذين لا يتزعزعون يسمح بالاستيلاء على السلطة والاحتفاظ بها.

وخلص الموقع إلى أن الهجمات العنصرية تساعد ترامب على تماسك مسانديه وإخافة معارضيه، خاصة أن الحرب يكسبها المتحمسون لا الخائفون، وقد نسي العالم أن الأوغاد السياسيين يجرؤون على كل شيء من أجل الفوز، وهم سعداء ومرتاحون لأن يظهروا أمام من يتحداهم أشداء أكثر.

وانتهى الموقع إلى أن هذه مأساة الديمقراطية بأكملها التي يتم اللعب بها أمام أعيننا، متسائلا: هل ينبغي أن ننجر إلى منافسة تقليدية من أجل كفاح فعال للقضاء على الفاشية الجديدة في القرن الحادي والعشرين مع ما يصاحبها من العنصرية والتمييز الجنسي؟

المصدر : ميديابارت