ماريوبول.. ما الذي تعنيه سيطرة روسيا عليها إستراتيجيا وعسكريا؟

قوات من الجيش الروسي داخل مدينة ماريوبول (وكالة الأنباء الأوروبية)

كل الأنظار تتجه إلى مدينة ماريوبول جنوب شرقي أوكرانيا، التي تتأرجح كصخرة في أعلى جبل، وتكاد أن تسقط سريعا بيد القوات الروسية والشيشانية والانفصالية الموالية لموسكو، بعد أن كان تركيز الأخيرة على استهدافها واضحا خلال أيام الحرب المستمرة على أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي.

وبالمقابل، تتمسك أوكرانيا بالمدينة، وترفض قواتها الاستسلام للروس، والاستجابة لدعوات إلقاء السلاح وتسليم النفس أو الخروج، رغم صعوبة أوضاع تلك القوات، و"استحالة" دعمها بالسلاح والمؤن، كما يؤكد مسؤولون، ما يدفع إلى التساؤل مجددا حول الأهمية الإستراتيجية لماريوبول، وما قد تعنيه سيطرة روسيا عليها من الناحية العسكرية أيضا.

أهمية إستراتيجية

ـ ماريوبول ثاني أهم مدن منطقة دونيتسك بإقليم دونباس، التي أعلنها الانفصاليون "جمهورية شعبية" عام 2014، وعاشر المدن الأوكرانية من حيث المساحة البالغة نحو 244 كيلومترا مربعا، التي كان يعيش فيها أكثر من نصف مليون نسمة قبل الحرب.

ـ بموقعها الجغرافي الذي يبعد نحو 55 كيلومترا فقط عن الحدود الروسية، لماريوبول أهمية إستراتيجية بالنسبة لموسكو التي تسعى منذ 2014، لخلق طريق بري يربط أراضيها بشبه جزيرة القرم المحتلة، الأمر الذي تحقق فعلا بعد أن سيطرت قواتها على شريط ساحلي في منطقتي زاباروجيا وخيرسون المجاورة في الغرب.

ـ تعد ماريوبول نافذة أوكرانيا الأبرز على بحر آزوف، وخسارتها تعني تحول البحر إلى بحيرة روسية، لا سيما بعد سيطرة روسيا على ميناء بيرديانسك الأوكراني في منطقة زابوريجيا المجاورة.

ـ ميناء ماريوبول يعد أكبر موانئ بحر آزوف، وكان معبرا رئيسا للصادرات الأوكرانية إلى دول العالم، بعد ميناء مدينة أوديسا على البحر الأسود.

ـ خسارة ماريوبول تعني خسارة 40% من صناعة التعدين في أوكرانيا لصالح روسيا، بحسب وزارة الاقتصاد الأوكرانية، فهي مصدر رئيس لاستخراج وتصدير الحديد والفولاذ، وفيها مصنع "آزوف ستال"، أحد أكبر مصانع التعدين في أوروبا والعالم.

ضربة للقيادة العسكرية

ـ وفق خبراء عسكريين، تفتح السيطرة على ماريوبول أمام روسيا آفاقا أوسع من الناحية العسكرية، توجه بموجبها ضربة قوية لأوكرانيا، وتزيد من التهديدات لها.

ـ مدينتا ماريوبول وكراماتوسك كانتا مراكز رئيسية لقيادة القوات الأوكرانية في عملياتها ضد القوات الانفصالية بمنطقة دونيتسك منذ 2014، وسقوطها يعني خسارة أبرز المواقع وأحصنها في المنطقة.

ـ "سيطرة روسيا على ماريوبول تعني فتح جبهة ثالثة قوية ضد المقاومة الأوكرانية في منطقة دونيتسك"، وفق المحلل العسكري فلاديسلاف فيتكو للجزيرة نت.

ـ فيتكو قال "أول هذه الجبهات هي جبهة الشرق الانفصالي، المفتوحة أصلا في المنطقة منذ سنوات، وثانيها من منطقة خاركيف في الشمال، التي تحاول القوات الروسية منذ أسابيع السيطرة على محاورها الجنوبية المتاخمة لدونيتسك ثم التقدم نحوها، أما ثالثها فمن ماريوبول في الجنوب، بتعزيزات تأتيها مباشرة من بحر آزوف أو شبه جزيرة القرم.

ـ وفق فيتكو أيضا، "السيطرة على ماريوبول قد يشجع القوات الروسية على التقدم أعمق في الأراضي الأوكرانية، وخاصة في منطقة زاباروجيا المجاورة غربا، وحتى في منطقة دنيبروبيتروفسك في الشمال الغربي.

ـ الخبير العسكري اعتبر أيضا أن "روسيا بحاجة عاجلة إلى تحقيق نصر ما، يسد ثغرة الخسائر الكبيرة في قواتها، والعجز عن التقدم على عدة جبهات، ولهذا فإن ماريوبول المهمة ستكون ذلك النصر الرمزي أمام الشعب والجنود، حتى وإن كان الثمن دمارها وانتهاء وجودها عمليا"، على حد قوله.

ـ يرى فيتكو أن "أوكرانيا ستستميت دفاعا عن ماريوبول ودونباس بشكل عام، لأن سقوطها سيعني بالضرورة انتقال رقعة الحرب إلى مساحات جديدة، إذا لم تكلف الجانب الروسي أكبر الخسائر".

المصدر : الجزيرة