فلسطينيو الـ48

تطلق هذه التسمية على الفلسطينيين الذين بقوا في أراضيهم عند احتلال إسرائيل لفلسطين عام 1948، وخضعوا لحكم دولة الاحتلال وأُعطوا الجنسية الإسرائيلية أو الإقامة الدائمة. ويمثل "فلسطينيو الـ48" ما نسبته 21% من سكان إسرائيل وفقا لإحصائيات عام 2023. ويتوزعون في مناطق النقب والمثلث وشمال الأراضي المحتلة.

التسمية

يطلق عليهم لقب "فلسطينيو الداخل" أو "فلسطينيو الـ48″، وهي تسميات شائعة للفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية ويعيشون داخل إسرائيل بحدود الخط الأخضر، أي خط هدنة 1948م.

ويطلق عليهم الإعلام الإسرائيلي لقب "عرب إسرائيل" أو "الوسط العربي" كما يسميهم أحيانا بـ"أبناء الأقليات".

من هم عرب 48؟

بدأت القصة عام 1947 مع إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة موافقتها على قرار تقسيم فلسطين إلى دولة عربية ويهودية في نوفمبر/تشرين الثاني 1947، تلا ذلك إعلان بريطانيا انتهاء الانتداب على فلسطين في مايو/أيار 1948، وترافق مع إعلان المجلس اليهودي في تل أبيب قيام دولة يهودية في فلسطين من دون إعلان حدودها.

رفض الفلسطينيون قرار الأمم المتحدة وشكلوا جيش الإنقاذ وانضمت إليهم الجيوش العربية وبدأت الحرب في مايو/أيار 1984 وانتهت بهزيمة العرب وتشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين خارج قراهم ومدنهم وأراضيهم.

إلا أن بعض الفلسطينيين رفضوا الخروج وبقوا متمسكين بأرضهم، بالإضافة إلى قسم آخر عادوا إلى أراضيهم قبل صدور قانون المواطنة الإسرائيلي عام 1952، فسميت هاتان الفئتان لاحقا بـ"عرب 48″ أو "فلسطينيي الداخل".

عددهم

قُدر عدد سكان إسرائيل عند قيامها عام 1948م بـ806 آلاف بينهم ما يقارب 150 ألف فلسطيني بقوا في البلاد بعد تهجير ما يقارب 800 آخرين بعد النكبة.

ووفق الإحصائية الصادرة عن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية في أبريل/نيسان 2023، فإن عدد السكان العرب في إسرائيل يبلغ 2 مليون و48 ألفا، بينهم 400 ألف في الأراضي المحتلة.

ويمثل عرب 48 نسبة 21% من سكان إسرائيل البالغ عددهم 9 ملايين و727 ألف نسمة. ويمثل المسلمون ما يقارب 80% من عرب 48، ويمثل المسيحيون 11% تقريبا منهم، فيما تتراوح بقية النسبة بين الدروز والشركس.

ويعيش 60% من عرب 48 في شمال الأراضي المحتلة، أما البقية فموزعون بين النقب والمثلث. وقد حصل أغلبهم على الجنسية الإسرائيلية بعد عام 1952م، باستثناء عدة آلاف، خصوصا المقيمين في القدس الشرقية، إذ اكتفت إسرائيل بمنح معظمهم الإقامة الدائمة.

ومن أكثر أسماء العائلات العربية انتشارا في عرب 48 هي: إغبارية، محاميد، جبارين وخطيب.

ثلاث مراحل تاريخية

عاش فلسطينيو الداخل 3 مراحل خلال وجودهم تحت حكم إسرائيل:

  • المرحلة الأولى: وهي مرحلة الحكم العسكري، وبدأت بعد النكبة عام 1948 حتى عام 1966، ولم يسمح للعرب خلال تلك الفترة بالخروج من مدنهم وقراهم إلا بتصريح من الحاكم العسكري الإسرائيلي، باستثناء مناطق إقامة الدروز لتعاونهم مع الدولة الإسرائيلية. كما أُعلن خلال هذه الفترة عن تحويل القرى المهجّرة إلى مناطق عسكرية مغلقة وفقا للمادة 125 من قانون الطوارئ، الأمر الذي وقف حائلا دون عودة الفلسطينيين إلى بيوتهم وقراهم.
  • المرحلة الثانية: أُلغي الحكم العسكري عام 1966، وبدأت أوضاع عرب 48 تتحسن لا سيما على الصعيد الاقتصادي، إلا أنهم واجهوا العزلة من المجتمعات العربية ومن المجتمع اليهودي الذي رفض وجود عرب مسلمين داخل أراضي 48.
  • المرحلة الثالثة: بدأت بعد حرب 1967، إذ تغيرت أوضاع عرب 48 داخل الخط الأخضر جزئيا، لا سيما بعد فتح معابر الحدود بين إسرائيل والأردن، والتي تمر عبر طريق الضفة الغربية، وبدأت العزلة العربية نحوهم تتراجع مع توقيع مصر معاهدة سلام مع إسرائيل في نهاية سبعينيات القرن الـ20.

التمييز العنصري

يعاني سكان عرب 48 من سياسات تمييز واضحة تمارسها الحكومة الإسرائيلية ضدهم في مجالات مختلفة منها:

 القضاء

إذ يمارس القضاة تمييزا عنصريا بين المتهمين العرب واليهود في القضايا المتشابهة. فقد ذكر القاضي اليهودي في محكمة الأحداث في الناصرة يوفال شدمي أن تعامل القضاء الإسرائيلي والنيابة الإسرائيلية يتغير على أساس قومي، وتختلف المعاملة بين متهم إسرائيلي وآخر من عرب 48 حتى وإن تشابهت التهمة.

الاقتصاد

على الرغم من وجود قانون يحمي حقوق العمل للمواطنين العرب في إسرائيل، إلا أن التمييز بينهم كبير في القطاعين العام والخاص. فلا يحظى السكان العرب بفرص العمل ذاتها كما يطالهم التمييز في الأجور والرواتب والترقيات والمميزات وظروف العمل. وتعاني نسبة عالية من سكان عرب 48 من البطالة التي تتزايد بسبب غياب الفرص والتمييز المستمر.

وأدى انهيار الزراعة الفلسطينية إلى فقد الفلسطينيين مصدرا أساسيا لدخلهم، وذلك بسبب سياسات مصادرة الأراضي والتمييز في تخصيص المياه وتحديد المحاصيل.

كما يفتقر سكان عرب 48 إلى البنية التحتية الصناعية، وذلك بسبب التمييز في استثمارات الحكومة والتأخر في المصادقة على الخطط، والتمييز في التخطيط الحكومي، وتخصيص مناطق صناعية كبيرة وواسعة للمدن الإسرائيلية، ومنع كثير من الخطط الصناعية العربية.

التعليم

يعاني عرب 48 من سياسات التمييز التي انتهجها الاحتلال في التعليم. فخلال فترة الحكم العسكري التي امتدت من 1948 إلى 1966 كان الحاكم العسكري المتحكم الفعلي في تعيين المعلمين العرب، وله سلطة وأثر على جهاز التعليم كاملا.

بعد انتهاء الحكم العسكري بقيت الرقابة الإسرائيلية والتدخل في نظام التعليم والتضييق عليه مستمرا من خلال مراقبة جهاز التعليم العربي والتدخل في أموره كلها.

ومن ذلك القيام بفصل المدارس العبرية الدرزية عن جهاز التعليم العربي، وتخصيص جهاز خاص به ودائرة خاصة به تسمى دائرة المعارف للدروز. وفصل المدارس البدوية وإقامة دائرة معارف لها سميت بدائرة المعارف للبدو تماشيا مع سياسة الحكومة الرسمية بتقسيم المواطنين العرب والتعامل معهم كطوائف وليس كأقلية واحدة.

ويوجد فجوة في التعليم والمخرجات بين جهازي التعليم العربي والعبري. سببها جودة التعليم والفرص المتاحة والميزانيات المخصصة لكل منهم. فعلى سبيل المثال بلغت ميزانية التعليم في إسرائيل عام 2005 حوالي 25.9 مليار شيكل خُصص منها 4% فقط للأقليات و96% للتعليم العبري. وانعكس ذلك على تطوير التعليم والمرافق التعليمية وجودة المخرجات وفرص التحسين.

إضافة إلى وجود سياسة إسرائيلية بتهويد التعليم من خلال المناهج التعليمية، إذ يتم تعريب المناهج العبرية بكل ما فيها من قصص وادعاءات إسرائيلية تركز على تأسيس دولة الاحتلال وأهدافها ومرتكزاتها الدينية وجغرافيتها وتاريخها. من دون ذكر للقضية الفلسطينية أو وجود الفلسطينيين أو أصلهم، وذلك بهدف منع عرب 48 من تشكيل هويتهم المستقلة.

 القوانين

سنت الدولة الإسرائيلية مجموعة من القوانين التي ضيقت من خلالها الخناق على فلسطينيي الداخل وسلبت فيها حقوقهم.

وقد بدأ الاحتلال الإسرائيلي بسن هذه القوانين منذ نكسة عام 1967م، إذ منع الفلسطينيين المتزوجين من الخارج أو الداخل من الالتحاق بعائلاتهم، فنتج عن هذا القرار تفريق شمل أكثر من 120 ألف عائلة فلسطينية، وقد منحت اتفاقية أوسلو الفلسطينيين حق لم الشمل، إلا أن إسرائيل أصدرت قانونا عام 2003 منعت به لم شمل العائلات بذريعة الدواعي الأمنية.

وتمنح الجنسية الإسرائيلية عرب 48 حق التمثيل في الكنيست الإسرائيلي، إلا أن الاحتلال سن قانونا يتيح لثلاث أرباع أعضاء الكنيست بفصل أي عضو في لا يدين بالولاء الكامل لإسرائيل.

بالإضافة إلى القوانين التي تعاقب المؤسسات إذا أحيت ذكرى النكبة، وتقطع عنها التمويل. وقد تزايدت القوانين العنصرية بعد صعود اليمين الإسرائيلي المتطرف إلى الحكم وأدت إلى تضييق الخناق على المجتمع العربي في إسرائيل، والتأكيد على يهودية الدولة.

دفعت هذه القوانين إلى معاملة العرب وكأنهم "مواطنون من الدرجة الثانية"، والنظر إليهم بكونهم خطرا وعدوا داخليا يشكل تهديدا على الأمن القومي.

دور عرب 48 في الأحداث

يوم الأرض 1976

في مارس/آذار 1976 أقدمت سلطات الاحتلال على مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي التي تخضع لملكية فلسطينية خاصة في مناطق وجود عرب 48، فانتفض فلسطينيو الداخل وعم إضراب عام في المناطق ومظاهرات احتجاج ومواجهات أسفرت عن سقوط 6 شهداء وإصابة المئات. ويعد هذا اليوم أول مواجهة حقيقية بين الاحتلال وفلسطينيي الداخل بعد نكبة 1948.

الانتفاضة الأولى والثانية

شارك عرب 48 بالانتفاضة الأولى التي اندلعت يوم 8 ديسمبر/كانون الثاني 1987 ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكانت مشاركتهم من خلال المظاهرات والاحتجاجات وتقديم المساعدات المالية والعينية للمناطق الفلسطينية، كما تدخل النواب الفلسطينيون في الكنسيت الإسرائيلي لصالح الأسرى.

وقد بدأت الانتفاضة الثانية يوم 28 سبتمبر/أيلول 2000 بسبب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون المسجد الأقصى تحت حماية القوات الخاصة وبموافقة الحكومة الإسرائيلية، فاندلعت على إثر ذلك مواجهات بين المصلين والجنود الإسرائيليين أدت إلى مقتل 7 فلسطينيين وإصابة 250 آخرين بالإضافة إلى إصابة 13 جنديا إسرائيليا.

واستمرت المواجهات في مدينة القدس مع إصابات كثيرة، ثم امتدت إلى الضفة الغربية وقطاع غزة وشهدت الانتفاضة مشاركة مختلف المدن الفلسطينية وعرب الداخل.

وأدت الانتفاضة الثانية إلى مقتل 4412 فلسطينيا وإصابة 48 ألفا و322 جريحا بينما قُتل 1100 إسرائيلي، وجرح نحو 4500 آخرين.

وتعرضت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة لاجتياحات عسكرية وتدمير آلاف المنازل والبيوت، وتجريف آلاف الدونمات الزراعية.

أحداث حي الشيخ جراح

يقع حي الشيخ جراح في مدينة القدس وقد كان يعرف سابقا باسم قرية الشيخ جراح، احتلت القوات الإسرائيلية القرية عام 1967.

ويسكن في الحي ما يقارب 3 آلاف فلسطيني على مساحة تقدر بألف دونم، وهي آخر ما تبقى بعد مصادرة آلاف الدونمات من أراضي السكان وإقامة مستوطنات عليها.

وبعد 3 سنوات من احتلال القدس، صادق الكنيست على قانون يدّعي وجود أراض وعقارات لليهود في حي الشيخ جراح، ومنذ ذلك الحين ومحاولات الدولة الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين وتسكين اليهود في الحي مستمرة. وفي عام 2002 صدر أول قرار إخلاء رسمي بحق أسرتين فلسطينيتين.

تصاعدت الأزمة في مايو/أيار 2021 مع تهديد القوات الإسرائيلية عددا من العائلات بإخلاء منزلها لصالح جمعيات استيطانية. وقد بدأت قوات الاحتلال خلال تلك الفترة بهدم بعض المنازل وتضييق الخناق على سكان الحي وإغلاق مداخله ومخارجه والسماح لليهود بالدخول إليه لإحداث مواجهات بين الفلسطينيين واليهود على نحو مستمر.

انعكس أثر هذه الأزمة على مواجهات في مناطق وجود عرب 48 في الداخل الفلسطيني وغزة ومدن إسرائيل. وتحرك شباب عرب 48 بحراك شعبي منظم ومواجهات مع الاحتلال في القدس الشرقية والمناطق الأخرى المختلفة. واستمرت المواجهات ما يقارب 3 أسابيع، وقد استهدفت قوات الاحتلال خلال تلك الفترة منازل عرب 48 من خلال المستوطنين والحركات اليهودية المتطرفة.

ويتعرض فلسطينيو الداخل إلى اعتداءات وانتهاكات دائمة من قبل المستوطنين، من خلال قيامهم بإحراق ممتلكات الفلسطينيين والاعتداء عليهم وتخريب منازلهم وتجريف أراضيهم وكتابة شعارات تدعو إلى قتل العرب، وذلك بدعم من قوات الاحتلال. كما يتعرض الفلسطينيون في مناطق عرب 48 إلى تهديدات بالقتل والأسر، وعمليات دهس ومهاجمات تنفذها الجماعات المتطرفة والمستوطنون وجيش الاحتلال.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية