المصلحة أولا وأخيرا.. لماذا يتزوج الشباب المصري الأجنبيات على شواطئ سيناء؟

تساعدخصوصية دهب على انتشار الزواج بين المصريين والاجنبيات
خصوصية دهب تساعد في انتشار الزواج بين المصريين والأجنبيات (الجزيرة)

باسم مجدي-جنوب سيناء

يعرف زوار مدينة دهب السياحية مطعم البيتزا الشهير الذي يتميز بتقديم المأكولات الإيطالية في ممشى المدينة السياحي الواقع على خليج العقبة جنوب سيناء.

ويجسد هذا المطعم قصة الحب بين صاحبه المصري رامز وزوجته الإيطالية التي يحكيها لزواره ويعلق صور المطعم منذ أسسه قبل 25 عاما.

ويحكي رامز للجزيرة نت أنه كان من الأوائل الذين بدأوا مشروعا تجاريا في مدينة دهب، مؤكدا أنه جاء هنا منذ كانت المدينة صحراء.

بالقرب من المطعم يحدثنا حسام -أحد العاملين في أحد فنادق المدينة- أن دهب عامرة بقصص زواج المصريين والأجنبيات خاصة الروسيات وحتى الإسرائيليات، وتجد هذه القصص في كثير من فنادق وكافيهات (مقاهي) المدينة، موضحا أن صاحب الفندق الذي يعمل به مصريٌّ متزوج من إنجليزية تعيش الآن في لندن مع أبنائه.

وتعتبر مدينة دهب رخيصة مقارنة ببقية المدن السياحية، وتقوم على السياحة غير المنظمة التي يغذيها المسافرون ذوو حقائب الظهر أو ما يعرف بـ"باك باكرز" (مصطلح يطلق على المسافرين أصحاب الميزانية المنخفضة).

كما تتميز بخصوصية الاحتكاك المباشر بالشباب المصري بحكم انتشار المخيمات البدوية، بعكس المدن الكبرى مثل شرم الشيخ حيث تكون العلاقة أكثر رسمية.

‪مخيمات رأس شيطان حيث تنتشر السياحة الإسرائيلية‬ (الجزيرة)
‪مخيمات رأس شيطان حيث تنتشر السياحة الإسرائيلية‬ (الجزيرة)

زواج مصلحة
يرى محمود -صاحب مطعم صغير في وسط المدينة- أن زواج المصريين من أجنبيات أغلبه قائم على المصلحة، فالأجنبية تريد البقاء بمصر والحياة في دهب وزواجها من مصري يمنحها حق الإقامة الدائمة، بينما المصري يطمح في السفر معها للخارج والحصول على الجنسية الأجنبية.

ويوضح محمود -في حديثه للجزيرة نت- أن بعض المصريين يشاركون الأجنبيات في بدء مشروع تجاري بالمدينة، فتكون العلاقة "بيزنس" بالأساس وهو ما يراه السبب الرئيس لعدم استمرار هذه الزيجات طويلا، أو قد تستمر دون علاقة سعيدة.

وتوضح دراسة للباحث مصطفى عبد الله ضمن كتاب "الجيندر والجنس في الثقافات المسلمة" أن شبابا يلجؤون للزواج العرفي من أجنبيات في دهب، حيث صارت عقود الزواج العرفي المصدر الرئيس للدخل للمحامين في المدينة الذين يملكون عقودا جاهزة تحمل أسماء الشهود.

ويقول عبد الله -في حديثه للجزيرة نت- إن كلا من الشاب المصري والفتاة الأجنبية ينظر للعلاقة بمنظور مختلف، فالشاب مجبر على الزواج من الفتاة الأجنبية -ولو زواجا عرفيا- حتى يتجنب المشاكل مع السلطات الأمنية، كما أنه بحاجة لإشباع رغبته الجنسية والعاطفية، فضلا عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تدفعه للعلاقة مع أجنبية يمكن أن تنفق عليه.

أما الأجنبية -وفقا للباحث- فهي لا ترغب في الزواج الشرعي عادة، لأنها لا تريد ارتباطا بشاب أقل منها اجتماعيا وغير متعلم غالبا وليس لديه المال، كما قد يجعلها الزواج تفقد بعض المزايا التي تحصل عليها في وطنها -مثل معاش زوجها لو كانت أرملة- كما أن الأجنبية تكون أكثر حرية حيث تأتي لمصر وقتما تشاء وتجد الشاب الذي تريده.

ويلفت الباحث النظر إلى نتائج مثل هذا الزواج، حيث تعود الأجنبية لبلدها وقد تنجب أولادا لا يعرف الأب عنهم شيئا، ويوثق الباحث -في دراسته- عددا من الحالات، ويتكلم عن شباب بكوا أمامه لعدم قدرتهم على رؤية أولادهم في أوروبا.

‪جانب من شاطئ مدينة دهب‬ (الجزيرة)
‪جانب من شاطئ مدينة دهب‬ (الجزيرة)

توثيق
ويلجأ شباب آخرون لتوثيق زواجهم رسميا لتمكين الزوجة من الإقامة الشرعية في مصر، ووفقا للصحافة المصرية يتم توثيق نحو عشر حالات زواج يوميا لشباب مصريين بأجنبيات -أغلبهن من جنسيات روسية- ويكون عمر الزوج أقل من الثلاثين بينما يتراوح عمر الزوجة حول الخمسين عاما.

ووفقا لقانون 68 لعام 1947 وتعديله بالقانون 103 لعام 1976 الخاص بتوثيق زواج المصريين من أجانب، ينبغي ألا يزيد فارق السن بين الزوجين على 25 عاما وفي حال تجاوز فارق السن 25 عاما، يتم تقديم شهادات استثمار ذات عائد دوري بالبنك الأهلي المصري بمبلغ خمسين ألف جنيه (الدولار نحو 18 جنيها).

 الزواج من إسرائيليات

في عام 1990 وثقت السجلات المصرية أول حالة زواج رسمية بين مصري وإسرائيلية بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وحتى نوفمبر/تشرين ثاني 1996 وصل عدد الزيجات إلى 17 زيجة فقط.

في كتابها "الزواج المحرم" رصدت الكاتبة الصحفية هالة فؤاد ظاهرة زواج المصريين من إسرائيليات، واصفة إياه بالقنبلة الموقوتة لأن الأبناء يتجنسون بجنسية الأم وفقا للقانون الإسرائيلي، وبالتالي يحمل الأبناء الجنسيتين المصرية والإسرائيلية.

وأوضحت الكاتبة افتقاد السلطات المصرية لوجود إحصائيات عن أعداد الشباب الذي سافر لإسرائيل وتزوج من إسرائيليات.

وكانت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري قد ألزمت وزيري الداخلية والخارجية بسحب الجنسية المصرية من الشباب المصري المتزوج من إسرائيليات في مايو/أيار 2009، وفي يونيو/حزيران 2010 أيدت المحكمة الإدارية العليا هذا الحكم مع إلزام وزارة الداخلية بعرض طلب الإسقاط لكل حالة على حدة، واستثناء المصريين المتزوجات من فلسطينيات من عرب 48.

إسقاط لتاريخ
ويرى أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة عين شمس أحمد حماد أن زواج المصريين من يهوديات إسرائيليات يعني "إسقاطا لتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وإسقاطا للدم الثائر بينهم"، مشيرا إلى أن هؤلاء الشباب هم من "أسقطوا الجنسية عن أنفسهم بزواجهم من سيدات إسرائيليات"، بحسب وصفه في تصريحات صحفية.

ويرصد كتاب "الزواج المحرم" اختلاف قصص الزواج من حالة لأخرى، منها ما يتم في سيناء عندما تغري الفتاة الإسرائيلية شابا مصريا ممن يعملون بالقرى والفنادق لتنتهي الحكاية بالزواج والسفر إلى إسرائيل، وحكايات أخرى تبدأ وتنتهي في إسرائيل، يقوم بها الشباب المصريون الذين يعملون في إسرائيل وتتم أغلبها بهدف الحصول على الإقامة الشرعية.

‪مطاعم في مدينة دهب‬ (الجزيرة)
‪مطاعم في مدينة دهب‬ (الجزيرة)

ونقل الكتاب عن دراسة للباحثة نجوى عبد الحميد أن أسباب إقبال أصحاب القرى السياحية في سيناء على الزواج من إسرائيليات تتلخص في مساعدتهم على جلب سياح إسرائيليين إلى قراهم، أو رغبة الفتاة الإسرائيلية في مشاركة أحد الأثرياء المصريين في تأسيس قرية سياحية، أو سعي الفتاة الإسرائيلية للهرب من التجنيد في الجيش الإسرائيلي لأن القانون العسكري الإسرائيلي يمنع المتزوجات من العرب من الخدمة في الجيش.

وتذكر الباحثة هالة فؤاد حكاية الإسرائيلية "فيرد شمعو" التي جاءت لسيناء بهدف فتح مركز صيفي للعلاج، ونجحت في الزواج من شاب مصري يدعى علي، وبعد حصولها على الإقامة في مصر طلبت الطلاق فورا، بعد أن حققت هدفها بامتلاك مشروع على أرض مصرية.

يوضح محمود -صاحب المطعم في دهب- أن قصص الزواج من إسرائيليات تحدث من حين لآخر وذكر مثالا بمخيم سياحي شهير في منطقة "رأس شيطان" تزوج صاحبه من إسرائيلية لتساعده في جلب السياح للمخيم.

ويؤكد محمود أنه عادة ما يتجنب المصريون المتزوجون من إسرائيليات الحديث في الأمر، خوفا من فقدانهم الجنسية المصرية أو تعرضهن وزوجاتهن لمشكلات أمنية.

المصدر : الجزيرة