بعد دمار وخراب.. قلب الموصل ينبض من جديد

A Christmas tree is seen on a street during New Year celebrations, one year after defeat of Islamic State in Mosul, Iraq December 31, 2018. REUTERS/Khalid al-Mousily
شجرة أعياد الميلاد في الموصل بعد عام من طرد عناصر تنظيم الدولة (رويترز)

أحمد الدباغ –الموصل

عاد السمّاك محمد أحمد ليزاول مهنته مجددا في شواء السمك (المسكوف) بالموصل القديمة في العراق، حيث بدأت الحياة تعود تدريجيا إلى المدينة بعد الحرب التي شهدتها مؤخرا على تنظيم الدولة الإسلامية.

أحمد الذي عمل في مجال البناء بعد الحرب، بات يعاني من آلام في ظهره، وقرر العودة لمهنته منذ قرابة الشهر، حيث يزاول عمله من محله وسط خرائب سوق السمك في منطقة الميدان في الموصل القديمة، ويؤكد أن قلب المدينة القديمة بدأ ينبض من جديد.

ورغم أن محل أحمد ما زال بحاجة إلى إعمار، فإنه يرى أن عودته إلى سوق السمك الرئيسي في الموصل سيشجع بقية زملائه على العودة. 

‪السمك المسكوف والمحلات التجارية ساهمت في عودة تدريجية للحياة بالمدينة‬ (الجزيرة)
‪السمك المسكوف والمحلات التجارية ساهمت في عودة تدريجية للحياة بالمدينة‬ (الجزيرة)


المدينة القديمة
تقع المدينة القديمة في قلب مدينة الموصل (400 كلم شمال بغداد) على ضفاف نهر دجلة، بمساحة تبلغ قرابة أربعة كيلومترات مربعة. وتضم المدينة القديمة غالبية الأسواق التجارية الرئيسية في محافظة نينوى، إلا أن الحرب أتت على جميع هذه الأسواق وأخرجتها عن الخدمة منذ قرابة العامين.

وبعد أكثر من عام مضى على استعادة القوات العراقية الموصل من سيطرة تنظيم الدولة، عادت بعض العوائل إلى مساكنها في المدينة القديمة، بعد أن تقطعت بها السبل، ولم يعد بمقدورها تحمل تكلفة الإيجارات العالية في بقية مناطق الموصل.

ويمكن رؤية ملامح الحركة التجارية في الموصل القديمة من خلال افتتاح بعض التجار لمحالهم مجددا بعد ترميمها، إذ يقول تاجر المبيدات رضوان أبو إسماعيل للجزيرة نت إنه أول من افتتح محله في سوق الجسر منذ قرابة ستة أشهر.

ورغم عودة الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء إلى القديمة، فإن أبو إسماعيل يرى أن التباطؤ في عودة التجار إلى المدينة القديمة، يعزى إلى أن غالبيتهم افتتحوا محال تجارية في مناطق أخرى.

‪دمار وخراب كبير في الموصل نتيجة الحرب‬ (رويترز)
‪دمار وخراب كبير في الموصل نتيجة الحرب‬ (رويترز)


إصرار على الحياة
قصة أخرى للحداد ذنون النعيمي الذي لا يقل صلادة عن الحديد الذي يعمل على تطويعه، يقول للجزيرة نت إنه كان أول حداد يفتتح محله في الموصل القديمة منذ قرابة العام، ورفع الأنقاض المحيطة به، ليشجع بقية التجار والأهالي على العودة.

النعيمي الذي كان يسكن الموصل القديمة، يؤكد أنه لا يستطيع الابتعاد عن هذه المنطقة التي ولد وترعرع فيها، ويرى أنها ستعود لسابق عهدها بعد أن أثمرت بعض الجهود الحكومية عن رفع الأنقاض وإيصال الخدمات الأساسية وتعبيد الطرق المؤدية إليها.

الحاج أبو بشار هو الآخر، يصر على التجوال يوميا في المدينة القديمة وأسواقها ليطلع على أعمال البناء والإعمار التي يقوم بها التجار في سوقي باب السراي والسرجخانة.

أبو بشار الذي يبلغ من العمر عتيا، يصف للجزيرة نت المدينة القديمة بأنها أصل الموصل وروحها العريقة التي يستطيع أي شخص إحساسها بمجرد دخوله إليها، بخلاف بقية الأسواق الحديثة في مناطق الموصل.

الصحفي ريحان الموصلي من جانبه، يعتقد أن عوامل عدة تدفع لعودة الحياة إلى الموصل القديمة، ففقر أهلها وضيق حيلتهم أجبرهم على العودة، التي ساهمت في افتتاح مشاريعهم الصغيرة مجددا.

ويرى الموصلي أن بعض الجهود الحكومية، على بساطتها، شجعت الناس على العودة لاستئناف حياتهم مجددا. وعن عودة المدينة القديمة إلى سابق عهدها قبل الحرب، أكد الموصلي للجزيرة نت أن عمليات الإعمار التي تتبناها بعض المنظمات ليست كافية، وأن المنطقة بحاجة لجهود أكبر، مشيرا إلى أن الحكومة المركزية لم تعر ذلك أي اهتمام.

من جهته، قال رئيس لجنة الإعمار والخدمات في مجلس محافظة نينوى عبد الرحمن الوكاع إن نسبة التدمير في المدينة القديمة بلغت 90%، وأن عدد الوحدات السكنية المدمرة يبلغ قرابة 12 ألف وحدة.

وأكد الوكاع للجزيرة نت أن ما تم إعماره في المدينة القديمة كان من خلال جهود الأهالي والحكومة المحلية والمنظمات، مؤكدا أن عودة الحياة التجارية بالكامل إلى المدينة القديمة يستلزم مزيدا من الوقت، في حين أن هناك صعوبات بالغة في عودة جميع السكان إليها بسبب حجم الدمار.

المصدر : الجزيرة