هل تخشى الموسيقى الكلاسيكية أو تكرهها؟ إليك تبسيط قد تحبه

الموسيقى الكلاسيكية
تعود أصول مصطلح الكلاسيكية إلى الكلمة اللاتينية (classisus) التي تعني دافعي الضرائب (بيكسابي)

سارة عابدين   

عندما نطرح سؤالا عن ماهية الموسيقى الكلاسيكية، تأتي الإجابة غالبا مرتبطة بكونها موسيقى غير مفهومة يصعب التفاعل معها، لكن الحقيقة أن الموسيقى الكلاسيكية تشمل العديد من الأساليب الموسيقية التي تمتد لأكثر من سبعمئة عام.

تعود أصول مصطلح الكلاسيكية إلى الكلمة اللاتينية (classisus) التي تعني دافعي الضرائب، وشقت طريقها عبر اللغات الفرنسية والألمانية والإنجليزية لتعني بعد ذلك (الرسمية) أو المرتبة بترتيب مناسب، واتسع مصطلح الكلاسيكية ليستعمل في كافة الفنون.

تتضمن الموسيقى الكلاسيكية أشكالا مختلفة مثل الأوبرا، السيمفونية، موسيقى الحجرة، السوناتة، الكونشرتو، الفوغا. وهي أشكال موسيقية تختلف عن الموسيقى الشعبية أو الموسيقى المحلية، وقد قسم المؤرخون الموسيقى الكلاسيكية إلى ست فترات لكل منها مميزاته وسماته.

فترة العصور الوسطى (ما قبل 1400)
سيطرت الأفكار الدينية على الموسيقى القروسطية، وكانت تستعمل وسيلة للصلاة في الكنائس أو مصاحبة النص الديني لتعطيه بعض الديناميكية. أشهر موسيقى في تلك الفترة تعرف بالأنشودة الغريغورية نسبة إلى البابا غريغوري الأكبر بابا روما في ذلك الوقت.

موسيقى عصر النهضة (1400: 1600)
تحررت الموسيقى في هذه الفترة بشكل ما من قيود القرون الوسطى الدينية، وشملت الموسيقى الدينية والعلمانية، بالإضافة إلى ظهور أشكال مبسطة من آلات النفخ الموسيقية. من أهم مؤلفي هذه الفترة الإيطالي أليجري باليسترين.

موسيقى عصر الباروك (1600: 1750)
عرفت الموسيقى الباروكية بزخارفها المتعددة وتعقيداتها، وشهدت تلك المرحلة تغيرا جذريا في الموسيقى، حيث تم التخلص من مصاحبة الصوت البشري للموسيقى، وقدمت أشكال جديدة من الموسيقى مثل الفوغا والكونشيرتو والسوناتا والأوبرا على يد كل من فيفالدي وباخ.

موسيقى العصر الكلاسيكي (1750: 1820)
بدأت السيمفونية في الظهور نهاية عصر الباروك وبداية العصر الكلاسيكي، وتطورت السوناتات المكتوبة لآلة موسيقية منفردة خاصة البيانو، بالإضافة لتحرك الإيقاع ليصبح أكثر ديناميكية ومرونة وتعبيرا عن حالات مزاجية متعددة بداخل المقطوعة الواحدة، بين الثورية والهدوء أو التدفق والرقة. من أهم مؤلفي الموسيقى هذا العصر هايدن وموتسارت وبيتهوفن.

موسيقى العصر الرومانسي (1820: 1900)
اعتمدت هذه الفترة على التطورات التي أنتجها العصر الكلاسيكي وازدادت رغبة الموسيقيين في تأليف موسيقى عاطفية تعتمد على المشاعر الفردية، أو تستحضر مناظر طبيعية متخيلة، بالإضافة إلى تطور ديناميكية الموسيقى نفسها لتناسب رغبات الموسيقيين ومتطلباتهم الأكثر تطرفا وصعوبة. من أهم موسيقييه فيردي، شتراوس، فاغنر، تشايكوفسكي.

موسيقى العصر الحديث (ما بعد 1900 حتى الآن)
تأثرت موسيقى القرن العشرين بالتقدم التكنولوجي والأحداث السياسية والثورة الصناعية والحربين العالميتين، وظهرت أساليب جديدة ومختلفة كليا عن الكلاسيكية. بدأ المزج بين أنواع مختلفة من الموسيقى المحلية والشعبية، واتسمت الموسيقى أكثر بالفردية والرغبة في التخلص من القيود الكلاسيكية، وتنوعت أشكال الموسيقى واستخداماتها بشكل يصعب حصره، لكن يمكن اعتبار الروسي سيرجي رحمانينوف من أهم مؤلفي الموسيقى الكلاسيكية لهذا القرن.

كيف نتفاعل مع الموسيقى الكلاسيكية؟
يمكن أن نعتقد بداية أنه لا توجد علاقة بيننا وبين الموسيقى الكلاسيكية، لكن مع ملاحظة الأمر سنجد أننا ربما استمعنا إلى مقطوعات كلاسيكية داخل مطعم، أو أثناء التسوق بالمتاجر الكبرى، أو موسيقى تصويرية لأحد الأفلام، أو حتى في أحد الإعلانات التلفزيونية.

الاستماع لإذاعات البرامج الموسيقية تساعد على التعرف عن قرب على المقطوعات ومؤلفيها، من هنا يمكن أن يكون كل لشخص تفضيلاته أو قائمته الخاصة، بعد الاطلاع على أشهر الموسيقيين الكلاسيكيين مثل بيتهوفن وموتسارت وفيفالدي وباخ وهايدن. لكن قبل ذلك يبقى من الأفضل القراءة عن كل نوع موسيقي وتاريخه، وسياقاته المختلفة، ومعرفة آراء الآخرين في كل مقطوعة عن طريق مواقع مراجعات الموسيقى، الأمر الذي يكون علاقة ومعرفة بالمقطوعة ومؤلفها.

بعد التعرف على مجموعة صغيرة من المقطوعات، من الأفضل تكرار سماعها أكثر من مرة، أو تشغيلها خلفية للأحداث اليومية، مما يبسط أمر الموسيقى الكلاسيكية ويجعلها أكثر بساطة وتداولا ويكسر حاجز الرهبة.

ربط الحالة المزاجية بأنواع مختلفة من الموسيقى الكلاسيكية يساعد على اندماجنا داخل الموسيقى، هناك الموسيقى الثورية العالية، أو المحفزة الخاصة بآلات النفخ، أو الهادئة العاطفية، بعد فترة من الاستماع في أنماط مزاجية مختلفة ستتوطد العلاقة بين المستمع والموسيقى الكلاسيكية.

بعد التعرف على الموسيقى وكسر حاجز الرهبة، وبناء تفضيلات شخصية، يمكن للمستمع تجربة حضور حفل موسيقي لأوركسترا سيمفوني أو أوبرا أو أي نوع موسيقي يفضله، ليتحول الاستماع العادي إلى تجربة لا تنسى، خاصة مع الأجواء الكلاسيكية التي تحيط بالمستمع بالكامل.

أشهر المقطوعات الكلاسيكية
الكاهن زادوك-هاندل: لعبت هذه القطعة الموسيقية دورا كبيرا في التاريخ البريطاني، ولقد تمت تأديتها في حفل تتويج كل ملوك بريطانيا منذ كتابتها عام 1727.

الكواكب-جوستاف هولست: هي أوركسترا في سبعة أقسام، كل حركة مستوحاة من أحد الكواكب وخصائصها كما حددها علم الفلك، في البداية المريخ كوكب الحرب، الزهرة كوكب السلام، عطارد المبعوث المجنح، المشتري كوكب البهجة، زحل كوكب العمر الطويل، أورانوس الكوكب الساحر، نبتون الكوكب الروحاني.

السيمفونية الخامسة لبيتهوفن: تحتوي على الأربع حركات الأشهر في تاريخ الموسيقى، بالإضافة إلى أنها تمثل مرحلة تحول في موسيقى بيتهوفن التي كانت من قبل أقصر بكثير وأكثر هدوءا وأقل شدة. السيمفونية تمثل بداية موسيقى العصر الرومانسي.

رحمانينوف-كونشيرتو البيانو 2: تعتبر تلك المقطوعة شديدة الصعوبة، ومثالية لإظهار براعة العازف، وتبدأ بدخول البيانو فقط، ثم تتدفق أصوات الآلات الأخرى في الأوركسترا، وهي تمثل بقوة موسيقى العصر الرومانسي المليئة بالمشاعر المتباينة.

المصدر : الجزيرة