وسط تحركات دبلوماسية.. الآلاف يتظاهرون في الخرطوم للمطالبة بحكم مدني ديمقراطي

Anti-military protest in Sudan
المتظاهرون يتهمون السلطات باستهداف المحتجين بالرصاص الحي (الأناضول)

شهدت العاصمة السودانية الخرطوم اليوم الخميس، مظاهرات جديدة للمطالبة بـ"حكم مدني ديمقراطي كامل" في البلاد، بينما يجري مبعوثين أميركيين محادثات في الخرطوم بهدف دعم الانتقال الديمقراطي.

وتجمع المتظاهرون في أحياء بري والمنشية والرياض والطائف والجريف وسوبا والمجاهدين والمعمورة، قبيل التوجه إلى النقطة الرئيسية للمظاهرة في "الستين"، أكبر شوارع الخرطوم.

وفي وقت سابق الخميس، نشرت قوى "إعلان الحرية والتغيير" (الائتلاف الحاكم سابقا)، عبر حسابها على فيسبوك، صورا قالت إنها لوقفات احتجاجية نفذها عاملون في شركتي "بترو إنرجي" و"بابكو" ومصفاة "الجيلي" شمالي الخرطوم، رفضا للانتهاكات ضد المتظاهرين السلميين، ودعما للتحول المدني الديمقراطي.

كما نفذت مجموعة من القضاة وقفة احتجاجية، أمام مقر رئاسة الجهاز القضائي في الخرطوم، رفضا للانتهاكات بحق المتظاهرين السلميين، وللمطالبة بالحكم المدني الكامل، وفق مراسل الأناضول.

وكانت قوى سياسية وناشطون سودانيون دعوا إلى التظاهر اليوم الخميس، في جولة احتجاجات جديدة تحت شعار "الوفاء للشهداء"، غداة مقتل متظاهر بأم درمان أمس، بالتزامن مع وصول مبعوثَين أميركيين وإجرائهما محادثات في الخرطوم.

وقالت "تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم شرق" (تجمع لناشطين في الاحتجاجات) في بيان إن "استمرار العمل الثوري السلمي الجماهيري يشكل ضامنا حقيقيا لإسقاط الانقلاب وحلفائه".

وأضاف البيان "بناء على ذلك نعلن عن مليونية الوفاء للشهداء يوم (الخميس) 20 يناير (كانون الثاني الجاري) في شارع الستين بالخرطوم".

وتابع "ندعو كل الثوار للمشاركة الفاعلة وفاء لأرواح الشهداء، ولا نعرف وفاء للشهداء إلا باستكمال طريق الثورة وإقامة السلطة المدنية الكاملة".

وهذه أول دعوة للمظاهرات عقب أخرى وقعت الاثنين الماضي، وأسفرت عن سقوط 7 قتلى و167 إصابة بينها 52 بالرصاص الحي، وفق لجنة أطباء السودان (غير حكومية)، ما دفع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أول أمس الثلاثاء لإصدار قرار بتشكيل لجنة تقصي حقائق في تلك الأحداث.

جمعة الشهيد

ودعت "الحرية والتغيير" إلى إحياء ذكرى الشهداء عبر يوم "جمعة الشهيد" في 21 يناير/كانون الثاني الجاري (غدا الجمعة)، "ليكون يوما لتخليد ذكراهم عبر مواكب تسير من المساجد عقب صلاة الجمعة، وأن تتوجه المواكب إلى منازل الشهداء".

من جانبها، وجهت 3 منظمات طبية غير حكومية -وهي "لجنة أطباء السودان" و"نقابة أطباء السودان الشرعية" و"لجنة الاستشاريين والاختصاصيين"- نداء لأحرار العالم "للتضامن مع الشعب السوداني، ومخاطبة الحكومات للضغط وعزل السلطة الانقلابية بالسودان سياسيا واقتصاديا".

وقال بيان مشترك أصدرته المنظمات الثلاث "ندعوكم (أحرار العالم) لمخاطبة حكوماتكم وممثليكم بضرورة استخدام كافة وسائل الضغط والتأثير التي تمتلكها دولكم ضد السلطة الانقلابية ومحاصرتها سياسيا واقتصاديا (..) وكذلك الضغط على حلفائها وداعميها من دول العالم والإقليم".

وتأتي هذه الدعوات في وقت تشهد فيه الخرطوم لليوم الثاني على التوالي عصيانا مدنيا، دعت له قوى إعلان الحرية والتغيير وتجمع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة، وكيانات أخرى.

وأمس الأربعاء، أغلق محتجون بالحواجز والمتاريس شوارع عديدة في الخرطوم، كما أحرقوا الإطارات رفضا لمقتل متظاهرين الاثنين الماضي، وللمطالبة بالحكم المدني الكامل.

احتجاجات مستمرة

وندد محتجون في مدينة سنار جنوب شرق العاصمة الخرطوم، بما سموه الحكم العسكري في البلاد.

كما ندد المتظاهرون بمقتل 7 محتجين في مظاهرات الاثنين الماضي بالخرطوم، وطالبوا بمحاسبة الضالعين في الانتهاكات بحق المتظاهرين. وانطلقت المظاهرة في سنار عقب وصول جثمان أحد قتلى مظاهرات الخرطوم إلى بلدته بالمنطقة.

وأمس، قتلت قوات الأمن السودانية متظاهرا في ضاحية أم درمان شمال غرب العاصمة، واتهمت لجنة أطباء السودان (غير رسمية) ما سمتها "قوات السلطة الانقلابية" بقتله أثناء إزالة متاريس في مدينة أم درمان.

وقالت اللجنة -في بيان- "شعبنا يسير المواكب (المظاهرات) السلمية باستمرار ويستخدم كل أدوات المقاومة اللاعنفية من أجل دولة الحرية والديمقراطية، ما أدى إلى استشهاد 72 منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول".

تحركات دبلوماسية

جاءت تلك التطورات متزامنة مع لقاء المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي ديفيد ساترفيلد و"مولي في" مساعدة وزير الخارجية الأميركية، بعائلات ضحايا ومنظمات من المجتمع المدني.

كما التقيا بأعضاء في تجمع المهنيين السودانيين الذي كان من أبرز الهيئات التي قادت "الثورة" التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، كما اجتمعا مع ممثلين لقوى إعلان الحرية والتغيير.

ويُنتظر أن يجري الوفد الأميركي أيضا لقاءات مع قيادات المكون العسكري في السلطة، في محاولة لاحتواء الأزمة السياسية بالبلاد.

وأجرى الدبلوماسيان محادثات في وقت سابق بالسعودية مع مجموعة "أصدقاء السودان"، وهي مجموعة دول غربية وعربية تؤيد الانتقال إلى حكم مدني.

وأدان ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة -خلال مؤتمر صحفي أول أمس الثلاثاء- "استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين في السودان"، مضيفا "نحن مستمرون في مطالبة السلطات (المعنية في الخرطوم) بأن تسمح للناس أن يعبروا عن أنفسهم بحرية".

ومنذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يفور السودان باحتجاجات، ردا على إجراءات "استثنائية" اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وهو ما تعتبره قوى سياسية "انقلابا عسكريا"، في مقابل نفي الجيش لذلك.

المصدر : الجزيرة + وكالات