كيف تفهم تغيرات أسواق النفط؟
تتعدد مكونات أسواق النفط العالمية والعوامل التي تؤثر على الإنتاج والعرض والأسعار، ولا تكون العوامل المؤثرة دائما ظاهرة للعيان أو قابلة للتفسير، ويتدخل في السوق النفطية المنتجون والمشترون والتجار والوسطاء وصناديق التحوط وصناديق التقاعد والمستثمرون الفرادى والقطاع المالي.
ويقصد بسوق العقود الآجلة للنفط العقود الورقية التي تتضمن وعدا بالشراء في أجل محدد بسعر ثابت لا يتأثر بتقلبات الأسواق، وأشهر الأسواق التي يتداول فيها بهذه العقود هي سوقا نيويورك ولندن، في حين يقصد بالسوق الفورية السوق التي يقوم فيها أشخاص ببيع نفط لأطراف أخرى بشكل فوري أو لأجل محدد.
وتتحكم في تحديد سعر النفط -وهو أهم سلعة إستراتيجية في العالم- معادلة العرض والطلب، وهو عامل رئيسي؛ فكلما زاد حجم الإمدادات التي تضخ في الأسواق انخفض السعر، والعكس صحيح.
ولكن العرض والطلب ليسا العاملين الوحيدين؛ فهناك عوامل أخرى مثل نشاط المضاربين من أصحاب الأموال الذي تؤثر عمليات البيع التي يقوم بها وفق العقود الآجلة على أداء أسعار النفط صعودا وهبوطا، كما تؤثر سياسات الحكومات والاضطرابات الجيوسياسية في العالم على الأسعار.
حرب الحصص
ومن العوامل الأخرى المؤثرة على أسعار النفط العالمية ما يعرف بحرب حصص السوق بين كبار المنتجين، ففي أوقات الهبوط الكبير لأسعار النفط -مثلا- يحرص كبار المنتجين على عدم خفض إمداداتهم حرصا على حصتهم في السوق في وجه المنافسين التقليديين وغير التقليديين (مثل النفط الصخري الأميركي في الفترة الأخيرة).
في حين أن المنطق يقول إن على كبار المنتجين خفض إنتاجهم لدفع أسعار النفط للصعود، غير أن الحسابات الاقتصادية والسياسية المرتبطة بالصراعات في العالم تكون لها اليد العليا على معادلة العرض والطلب المعروفة؛ فالدول المنتجة تحرص على مصالحها المتمثلة في حصتها بالسوق أكثر من حرصها على توازن السوق، وعلى أن يكون سعر برميل النفط عادلا للمنتجين والمستهلكين.
أسعار المستهلكين
ويحدد سعر برميل النفط المتداول في الأسواق السعر الذي يشتري به أصحاب المركبات المختلفة أنواع المشتقات النفطية من محطات الوقود، لكن الأمر يخضع أيضا لاعتبارات أخرى؛ منها سياسة الدعم الحكومي -إن وجدت- لأسعار الوقود، وحجم الضرائب المطبقة على هذه الأسعار، وعوامل أخرى.
ويشكل سعر النفط الخام العامل الأكثر تأثيرا في تحديد سعر المشتقات النفطية في الأسواق العالمية، وتحدد أسعار النفط ومشتقاته نتيجة تفاعلات سلوك الباعة والمشترين في الأسواق، الذين يمتلك كل طرف منهما رؤيته وتقديره لحجم الطلب والعرض في النفط ومشتقاته.
وتجري هذه التفاعلات بين طرفي العرض والطلب في الأسواق الفورية، وفي سوق العقود الآجلة أو العقود المستقبلية، وتتأثر الأسعار سريعا بالمتغيرات الجارية والمتوقعة لعوامل العرض والطلب.
وتعد منطقة الشرق الأوسط وغرب أفريقيا والأميركتين أكبر منتجي النفط في العالم، في المقابل فإن أكبر الأسواق المستهلكة للخام ومشتقاته هي الولايات المتحدة والصين والهند والاتحاد الأوروبي.
بنية الأسواق
يمثل النفط أهم مصدر للطاقة في العالم رغم الأهمية المتزايدة للمصادر الأخرى سنة بعد أخرى، لا سيما الطاقة المتجددة، ويشكل قطاع النقل في العالم أكبر مستهلك للمشتقات النفطية.
ويمر النفط عبر ثلاثة مستويات لينتقل من المنتجين إلى المستهلكين، وهي:
1- الإنتاج، ويتضمن أنشطة الاستكشاف والتنقيب والاستخراج ونقل النفط الخام.
2- التكرير، عملية صناعية يحول بواسطتها الخام إلى منتجات بترولية جاهزة للاستخدام من قبل المستهلكين.
3- التوزيع والتسويق، ويركز القائمون على هذا النشاط على نقل المشتقات النفطية إلى المستهلك النهائي.
وتجري هذه الأنشطة الثلاثة في سوق عالمي تربط بين الباعة والمشترين والوسطاء، والذين يستعينون بالنظام المالي العالمي لإتمام صفقاتهم.
وتتضمن بنية أسواق النفط جملة من العناصر المساهمة فيها، ومنها رؤوس الأموال وآلات الحفر والأنابيب والموانئ والناقلات البحرية وصهاريج الشحن ووحدات التخزين والمصافي وغيرها.
أصناف النفط
يتم تصنيف النفط وفق نسبة الكبريت فيه، فإذ كانت قليلة يسمى خاما خفيفا، ويكون سعره أعلى من الثقيل، وإذا كانت النسبة مرتفعة يسمى خاما ثقيلا، ويباع بثمن أقل لأن كلفة تكريره أعلى، وأشهر الخامات خام برنت الأوروبي القياسي، والخام الأميركي الخفيف، وهما المؤشران المرجعيان لأسعار النفط في العالم.
تفضل مصافي النفط في العالم النفط الخفيف لسهولة معالجته، في حين أن الخام الثقيل يتطلب كلفة أكبر لمعالجته صناعيا وتحويله إلى مشتقات النفط، ومن أكثر المشتقات النفطية تداولا في العالم البنزين والديزل ووقود الطائرات وزيت الوقود والإسفلت.
تعد منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أكثر التكتلات الدولية تأثيرا على سوق النفط، ولو أن حجم هذا التأثير تراجع كثيرا في السنوات الأخيرة، وذلك في ظل تناقص حصتها في السوق، وبروز منافسين جدد كالنفط الصخري الأميركي، ويمثل إنتاج أوبك حاليا أقل من ثلث الإنتاج العالمي، إذ يقل عن 33 مليون برميل يوميا.