شعار قسم مدونات

عباس وحماس والخيارات المحتملة

مدونات - إسماعيل هنية وعباس

خيبة أمل كبرى تجتاح قطاع غزة بعد سماع خطاب الرئيس محمود عباس في الدورة الثالثة والعشرين من أعمال المجلس الوطني، لا سيما في محور العقوبات التي فرضها على قطاع غزة قبل عام ونيّف، بعد سيل من التصريحات المبشّرة بقرب انتهاء أزمة عدم صرف رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، والتي خرجت من أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح منهم نائب رئيس الحركة محمود العالول، وعباس زكي، واشتراطات بعض الفصائل المشاركة في أعمال المجلس الوطني بأن المشاركة مرهونة بإنهاء الإجراءات العقابية على قطاع غزة.

 

يبقى التحدي الأكبر أمام أعضاء المجلس الوطني يتمثل في مدى قدرته على اتخاذ قرار ملزم للسلطة الفلسطينية بإنهاء تلك الإجراءات الظالمة على شعبنا، إلا أن التجارب مع مؤسسات منظمة التحرير مؤلمة، فحتى تاريخه لم تنفذ توصيات المجلس المركزي عامي 2015-2017م.

 

كرر الرئيس عباس مطالبه لحركة حماس باستلام كل شيء فوق الأرض وتحت الأرض وحل كافة المليشيات المسلحة بما يضمن سلاح واحد وسلطة واحدة، وهذه وصفة سحرية لإفشال المصالحة قبل أن تبدأ، كون حركة حماس في حال قررت التخلي عن سلاحها، تستطيع الذهاب فوراً للرباعية الدولية والاعتراف بشروطها، حينها سيعترف العالم بحماس وترفع عن قوائم الإرهاب وتتدفق الأموال والمساعدات، ويفرش البساط الأحمر للسيد إسماعيل هنية ولباقي قيادات الحركة.

 

تمر القضية الفلسطينية في أسوأ مراحلها، وعلى ما يبدو أن مرحلة الرئيس عباس الراهنة لن تنجز المصالحة الفلسطينية، وانعكاس ذلك دفع قطاع غزة تدريجياً باتجاه الانفصال

وقدم الرئيس عباس تعازيه لشهداء مسيرات العودة الكبرى، وأعلن أنها مقاومة سلمية لطالما اتهمه البعض بأنه (جاسوس) عندما كان يتبناها، أي بمعنى آخر أن حماس جاءت لمربعه، إلا أنه لم يبرر للحاضرين عدم ممارسته للمقاومة السلمية على الأرض في الضفة المحتلة من خلال نقل فعاليات مسيرات العودة للضفة الغربية.

 

على الصعيد السياسي أكد الرئيس عباس رفضه لصفقة القرن، إلا أنه تبنى خطاباً سياسياً أكثر نعومة هذه المرة مع الإدارة الأمريكية، حيث انتقل من مربع القطيعة الكاملة مع الإدارة الأمريكية إلى القبول بمشاركة الإدارة الأمريكية أوساط دولية أخرى في إدارة عملية السلام.

 

ما بين خطاب الرئيس عباس وقبله خطاب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الذي أعلن بوضوح أن حركته لن تقف عند حدود رفض انعقاد المجلس الوطني دون توافق؛ بل ستضطر لاتخاذ مواقف واضحة للحفاظ على القضية الفلسطينية. وهذا يدفعنا لطرح تساؤل ما هي خيارات حماس للرد على مخرجات جلسة المجلس الوطني الفلسطيني..؟ ما يحدد طبيعة تلك الخيارات هي مخرجات جلسة المجلس الوطني الذي قاطعته كل من حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والتيار الاصلاحي لحركة فتح وبعض المستقلين، وانطلقوا في مقاطعتهم للجلسة من ثلاثة محددات هي: مكان عقد الجلسة تحت حراب الاحتلال، وآليات عقد الجلسة التي تجاوزت الاتفاقيات الموقعة (اتفاقيات القاهرة وإعلان بيروت/2017م)، والبيئة السياسية التي رافقت الجلسة والمتمثلة في العقوبات الظالمة على غزة.

تهديدات هنية مرتبطة بماهية قرارات ومخرجات جلسة المجلس الوطني، إن اتخذ قرارات تمس في بنية النظام السياسي الفلسطيني على سبيل المثال: منح المجلس المركزي كافة صلاحيات المجلس التشريعي، أي إلغاء شرعية حماس البرلمانية، فستعتبر حماس ذلك انقلاباً دستورياً، وحينها قد تذهب لتنفيذ تهديداتها، ومن المحتمل أن تكون خيارات حماس للرد على ما سبق:

 

undefined

 
الهجوم الديمقراطي
حشد موقف شعبي وفصائلي للاحتكام للعبة الديمقراطية، والذهاب لانتخابات في كافة المؤسسات الفلسطينية، ويكون هدف حماس من الانتخابات إحداث توازن في بنية النظام السياسي من خلال تحالفات سياسية وانتخابية من خلالها تكسر هيمنة الرئيس محمود عباس على المؤسساتية السياسية.
 
خيار سحب شرعية الرئيس عباس وحكومة التوافق

قد تذهب حماس إلى الإعلان بأن الشرعية التوافقية التي منحتها حماس للرئيس عباس عام 2009م لم تعد قائمة، وكذلك حكومة التوافق، وأن تذهب باتجاه عقد جلسة للمجلس التشريعي بالتعاون الكتلة البرلمانية للتيار الاصلاحي الديمقراطي في حركة فتح لانتخاب شخصية مستقلة لرئاسة المجلس التشريعي وتشكيل حكومة لإدارة قطاع غزة.

 

خيار إنشاء جسم بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية

رغم أنه خيار ضعيف إلا أن الحركة قد تضرب وحدانية التمثيل للمنظمة وتضعف موقف الرئيس عباس سياسياً في المحافل الدولية ولكن النتيجة هي الانفصال الكامل.

 

الخلاصة: تمر القضية الفلسطينية في أسوأ مراحلها، وعلى ما يبدو أن مرحلة الرئيس عباس الراهنة لن تنجز المصالحة الفلسطينية، وانعكاس ذلك دفع قطاع غزة تدريجياً باتجاه الانفصال، وبقصد وبدون قصد يساهم الجميع بنسب متفاوتة في تمرير صفقة القرن.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.