شعار قسم مدونات

"العقلية الترمبية" في أنظمتنا العربية

blogs- ترامب
أنظمة الاستبداد العربي هي آخر من يحق له الحديث عن "ظاهرة ترمب" العنصرية المعادية للحقوق والحريات، وهي آخر من يحق له إدانة التعميمات الترمبية العنصرية في توصيف المسلمين بالإرهاب، وهي آخر من يحق له الاعتراض على السياسية العنصرية في حظر سفر مواطني بعض الدول العربية والإسلامية إلى أمريكا.

فجميعنا يدرك أن "العقلية الترمبية" الاقصائية تعشعش في قلب نظام الاستبداد العربي، والواقع يشهد أن هذه العقلية التسلطية الإقصائية تجاوزت جرائم "ترمب" بمسافات هائلة، وكان لها السبق والريادة في انتهاك الحقوق والحريات والعقوبات الجماعية والتعميمات العنصرية والشيطنة لجميع المخالفين والاستعلاء المتبجح بالقوة، واحتقار الآخر والتعسف في ممارسة السلطة ، وحظر سفر مواطني بعض الدول العربية، وإعلان الحرب على جماعات كبيرة ومعتدلة وجمعيات خيرية، وإقحامها التعسفي لهذه الجماعات والجمعيات في قوائم الإرهاب. 

وقبل أن نلوم ترمب على مواقفه من رفض استقبال اللاجئين السوريين، علينا أن نسأل أنفسنا عن سبب اضطرار هؤلاء السوريين إلى الهجرة، ولماذا غابت الحرية والعدالة والحياة الكريمة في أوطاننا.

وإذا كانت "الظاهرة الترمبية" في الولايات المتحدة تسمح للشارع ومنظمات المجتمع المدني بالاحتجاج على سياساتها، وتتيح مجالاً للقضاء لفرملة بعض القرارات الترمبية العنصرية الفاشية؛ فإن فاشية التسلطية العربية بدون قيود أو حدود، وتمارس السلطة المطلقة التي تفضي في الغالب إلى المفسدة المطلقة وتبطش بكل من يعترض على سياساتها أو يوجه لها النصيحة والنقد البناء، وتعتبره عدواً يستحق السجن وتجرده وتجرد جميع أقاربه من جميع حقوق المواطنة. 

إن المعركة مع "الظاهرة الترمبية" يجب أن تبدأ في مجتمعاتنا التي ترزح تحت وطأة عقلية فاشية إقصائية تمارس القمع مع كل من يختلف معها، وتعتقد باحتكارها للخيرية على الطريقة الإبليسية "أنا خير منه" فهي الخير المحض وسواها الشر المطلق. ولهذا كله؛ فإن المعركة الحقيقية يجب أن تكون مع ثقافة الإستبداد والإقصاء والتسلط، وأن تكون من أجل حياة كريمة وترسيخ قواعد العدل والمساواة ودعائم دولة الحق والقانون وحينها لن يحتاج العربي والمسلم إلى الهجرة بحثاً عن النجاشي الذي لا يظلم عنده أحد!
 

وقبل أن نلوم ترمب على مواقفه من رفض استقبال اللاجئين السوريين، علينا أن نسأل أنفسنا عن سبب اضطرار هؤلاء السوريين إلى الهجرة، ولماذا غابت الحرية والعدالة والحياة الكريمة في أوطاننا، فاضطر هؤلاء كما اضطر غيرهم من أقطار عربية أخرى إلى السفر بحثاً عن الحرية والعدالة والحياة الكريمة؟! قبل أن نلوم ترمب على القررات العنصرية في حظر سفر بعض مواطني الدول الإسلامية إلى أمريكا، علينا أن ننتقد دولا عربية وإسلامية تمارس نفس السياسات والإجراءات التعسفية ضد دول عربية وإسلامية أخرى.

وخلاصة القول: لو أصلحنا وضعنا الداخلي فلن نتضرر مطلقاً من أي سياسات دولية أو إقليمية، بل سيكون موقفنا بعد الإصلاح في مناهضة هذه السياسات الظالمة أبلغ حجة وأقوم قيلاً. فلنبدأ إذاً بمعالجة "العقلية الترمبية" في نفوسنا عملاً بقوله تعالى "أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.