آسية بلحاج.. مهاجرة جزائرية تناضل من أجل حقوق المحجبات بإيطاليا

هاجرت بلحاج إلى إيطاليا قبل 16 عاما ومارست العمل الدعوي نحو 6 سنوات، وترشحت للانتخابات الإقليمية المحلية بإيطاليا، ولها كتاب باللغة الإيطالية بعنوان "ما وراء الحجاب..  من امرأة أجنبية إلى مواطنة".

آسيا بلحاج.. مهاجرة جزائرية تناضل من أجل المحجبات بإيطاليا
آسية بلحاج: كنت أول مسلمة محجبة تخوض الانتخابات الإقليمية في فينيتو بإيطاليا، وهذا جلب لي الكثير من الانتقادات والهجمات (مواقع التواصل)

آسية بلحاج مهاجرة جزائرية في إيطاليا دفع بها نضالها لصالح المسلمات لمواجهة العنصريين، وانتهى بها المطاف بتنظيم أول وأكبر مسابقة جمال للمحجبات في أوروبا بشعار "ملكة بالحجاب.. كوني القدوة".

وتروي بلحاج في مقابلة مع الأناضول، مسيرتها في النضال لصالح المسلمات في بلد أوروبي تغلب عليه الديانة المسيحية الكاثوليكية، بعد أن انتقلت من بجاية في منطقة القبائل وسط الجزائر، إلى إيطاليا قبل نحو 16 عاما بعد زواجها من جزائري يقيم في إيطاليا.

صدمة الانتقال وبداية النضال

ووفق بلحاج، فقد أصيبت بنوع من "الصدمة" بعد أن انتقلت للعيش في إيطاليا، وواجهت الكثير من التحديات على غرار اللغة والثقافة والدين المختلف.

وتقول "حاولت تعلم اللغة الإيطالية والتعرف على ثقافة المجتمع الذي أعيش فيه، وشيئا فشيئا وجدت أن لديه صعوبة في تقبل المرأة المحجبة، وكنت أعتقد أن المجتمع الأوروبي منفتح ولن أجد مشكلة مع الحجاب".

وأضافت "لكنني صدمت كون المجتمع الذي أعيش فيه يجهل الكثير عن الإسلام والمرأة المحجبة وذلك بسبب الإعلام الذي يهاجم الإسلام وخاصة المحجبات".

ومن هنا بدأ مشوار النضال لصالح الإسلام والمرأة المسلمة في إيطاليا، تضيف بلحاج، وكان أساسه "الغيرة على ديني وعلى هويتي ومساعدة المجتمع الذي أعيش فيه لتغيير الأفكار التي رسخها الإعلام".

وتشرح أنها بدأت العمل الدعوي لنحو 6 سنوات في مسجد بيلونو بإقليم فينيتو شمال شرقي إيطاليا، وخلالها كان الاحتكاك باسم المسجد مع جمعيات محلية، خصوصا بعد تعلم اللغة التي هي مفتاح أي عالم وثقافة وهوية، وهي سلاح للوصول إلى ثقافة أي بلد أو مجتمع.

وخلال احتكاكها بجمعيات المجتمع المدني الإيطالية تقول بلحاج وحتى مع الكنيسة، كان "الإسلام دوما في صلب النقاش لتقديم صورة أوضح عن الدين".

آسيا بلحاج.. مهاجرة جزائرية تناضل من أجل المحجبات بإيطاليا
آسية بلحاج تسعى لترسيخ المعنى الحقيقي للحجاب بعيدا عن الصورة النمطية للمسلمة المحجبة (مواقع التواصل)

خوض الانتخابات

وبخصوص النضال السياسي، وخوضها معترك الانتخابات الإقليمية في إيطاليا كأول محجبة تدخل هذا السباق، توضح بلحاج أن الفكرة جاءت من منطلق أنها "من الذين يؤمنون بأن التغيير لا يأتي من الانتقاد والصراخ بل بالعمل في الميدان".

وتضيف أنها كانت في البداية ترفض دخول غمار السياسة، لكن بعد النشاط والعمل الدعوي والاحتكاك بجمعيات إيطالية، كان القرار بخوض الانتخابات والترشح لعضوية المجلس الإقليمي لفينيتو في 2020.

ووفق بلحاج، فإن ترشحها للانتخابات فرضته هي بأفكارها ونقاشاتها ولم يطلب منها ذلك، رغم فشلها في الحصول على مقعد ضمن قائمة حرة حملت تسمية "فينيتو الذي نريده".

وتقول في هذا الإطار "كنت أول مسلمة محجبة تخوض الانتخابات الإقليمية في فينيتو، وهذا الأمر جلب لي الكثير من الانتقادات وهجمات وتهديدات من عنصريين ومتطرفين عبر صفحتي على فيسبوك، وصلت حتى التهديد بالقتل إن لم أغادر إيطاليا".

وتكمل "حاولت أن أتعامل مع الموضوع بحكمة ولجأت إلى القضاء لكنه لم ينصفني وذلك لم يثن عزيمتي عن مواصلة العمل والنشاط الدعوي".

كتاب عن الحجاب بالإيطالية

"الحاجة أم الاختراع"، هو شعار بلحاج الذي دفعها لإصدار كتاب عن الحجاب والمرأة المسلمة باللغة الإيطالية في 2019، بعنوان "ما وراء الحجاب.. من امرأة أجنبية إلى مواطنة".

ووفق الناشطة، فإن "الهدف من الكتاب كان تقديم فرصة للمرأة المسلمة لتتكلم هي بذاتها عن نفسها، لأنه وللأسف في كل مرة يثار ملف الحجاب والمرأة المسلمة تمنح الفرصة للغير للتحدث وليس للمحجبات".

وبحسب بلحاج، فإن هذا الأمر ساهم في إحداث مشكلة كبيرة في توصيل فكرة المرأة المسلمة والحجاب بصفة عامة.

وعن الكتاب تقول بلحاج، إنه "حاول تقديم شرح ودعوة للتوجه إلى ما وراء الحجاب، لأن المحجبة عادة ما يتم التطرق إلى حجابها وفقط، ومن هنا كانت المحاولة لكسر الصورة النمطية عنها لأن المسلمة هي إنسانة وعاملة وناشطة وباحثة وحتى سياسية".

وتضيف "هو كتاب إنساني يخاطب العقول والقلوب لنزع الصورة النمطية الغالبة التي يريد الشارع والإعلام والغربي تقديمها عن المرأة المسلمة والمحجبة".

ووفق قولها فإن "الكتاب تطرق أيضا لقضايا الاندماج الذي لا يعني الانسلاخ والانحلال لتصبح المرأة المسلمة المحجبة من المجتمع الذي تعيش فيه، بل تفرض نفسها فيه دون أن تنسلخ عن دينها وهويتها".

وتابعت "هذا مجمل ما تطرقت إليه في كتابي الذي أصدرته بالإيطالية وترجمته مؤخرا إلى العربية في الجزائر مع دار نشر بولاية بسكرة (جنوب شرق)".

مسابقة "ملكة الحجاب"

وقبل أسابيع أطلقت الناشطة الحقوقية بلحاج مسابقة للمحجبات في إيطاليا تحت شعار "ملكة بالحجاب.. كوني القدوة"، كان لها زخم كبير على المنصات الاجتماعية وحتى الإعلام الإيطالي.

وتشير إلى أن هذه المبادرة جاءت لدعم الفتيات المسلمات أمام التحديات التي يواجهنها في المجتمع الإيطالي والأوروبي بصفة عامة.

وتشرح أن "الحجاب طالته حملات لنزعه واعتباره معوقا للنجاح والاندماج في المجتمع الغربي بصفة عامة، وجاءت المسابقة لتشجيع وترسيخ المعنى الحقيقي للحجاب بعيداً عن الصورة النمطية التي رافقت وما زالت ترافق المسلمة المحجبة".

وأضافت أن المسابقة خصصت للفتيات المحجبات المقيمات في إيطاليا للمشاركة والحصول على لقب "ملكة بالحجاب لعام 2022″، وشارك فيها أكثر من 100 فتاة، الغالبية الساحقة منهن مولودات في إيطاليا من أصول مصرية ومغربية وجزائرية وباكستانية وغيرها.

وجرى اعتماد معاير مدروسة محددة من طرف لجنة تحكيم، منها معيار الالتزام حتى تكون الفتاة قدوة يحتذى بها وترسخ فكرة الحجاب بمفهومه الحقيقي.

وتم تتويج الفائزات في حفل ضخم نظم في منطقة تتشينيزالو بالسامو بميلانو في الرابع من يونيو/ حزيران الجاري، وتم منح جوائز لصاحبات المراتب العشر الأولى، والجائزة الكبرى كانت عبارة عن عمرة كاملة التكاليف من نصيب المتوجة بلقب "ملكة بالحجاب".

وحسب بلحاج، فقد كانت هناك فائزتان في المسابقة من أصول مصرية، الأولى لفئة 15/ 18 سنة، والثانية 19/ 25 سنة.

هجمات جديدة

وتعتقد بلحاج أن مسابقة الحجاب لاقت رواجا كبيرا على الصحف والمواقع الإيطالية واستضافتها قنوات تلفزيونية على غرار القناة الخامسة لمجموعة "ميدياسات"، المملوكة لرجل الأعمال، رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو بيرلسكوني، وهو ما تسبب لها بهجمات جديدة من متطرفين.

وكشفت عن أنها فقدت حسابها على فيسبوك، والمرجح في ذلك، حسب ما قالت، هو مسابقة "ملكة الحجاب"، حيث تم نشر صور مخلة عليها، وحظر اسمها على الموقع.

وتشير أنها لجأت إلى القضاء الإيطالي بشأن حسابها على فيسبوك، معتبرة أن القضية "لا تعتبر قرصنة لكن الأمر أكبر من ذلك بكثير"، دون تفاصيل.

ويبلغ عدد الجالية المسلمة في إيطاليا قرابة 1.7 مليون شخص، أي ما يعادل 3.1% من إجمالي سكان البلاد، وفق بيانات رسمية صدرت عام 2017.

المصدر : وكالة الأناضول