إسرائيل تحاول عرقلتها.. 3 ملفات في الجنائية الدولية بشأن اغتيال شيرين أبو عاقلة
3 ملفات قضائية يُنتظر أن يتم إيداعها لدى المحكمة الجنائية الدولية رسميا بعد تجهيزها، من أجل التحقيق في اغتيال شيرين أبو عاقلة، وقد رفعتها كل من شبكة الجزيرة ونقابة الصحفيين الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية.
رام الله- "لن نعيد شيرين إلى الحياة ولكننا نسعى إلى العدل"، بهذه الكلمات لخص مدير مكتب الجزيرة في فلسطين، وليد العمري، مساعي التحقيق في جريمة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، بعد 100 يوم على استشهادها.
ووصلت شبكة الجزيرة في إعدادها للملف الذي تسعى لتقديمه للمحكمة الجنائية الدولية إلى مراحل متقدمة آخرها سماع طاقم محاميها البريطانيين المكلفين بمتابعة القضية لـ6 من الشهود بعد أن عرقلت إسرائيل سفر اثنين منهم.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالمحكمة الجنائية الدولية.. إمكانات وآليات يمكنها تطبيقها في قضية اغتيال شيرين أبو عاقلة
اغتيال شيرين أبو عاقلة والمحكمة الجنائية الدولية.. كي لا نبالغ في التوقعات
قضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية تتهم إسرائيل باستهداف الصحفيين الفلسطينيين
وكانت الشبكة قررت في نهاية مايو/أيار الماضي، إحالة ملف اغتيال مراسلتها شيرين أبو عاقلة إلى المحكمة الجنائية الدولية، وشكلت تحالفا قانونيا لمتابعة الجريمة في الهيئات القضائية الدولية.
وتترافق جهود الجزيرة مع تعاونها لتوفير وثائق خاصة بالجريمة لأية جهة دولية قضائية تسعى للتحقيق في هذا الملف.
وأوضح وليد العمري للجزيرة نت، أن "الملف الذي يقوم محامو الجزيرة بإعداده يختص فقط باغتيال شيرين أبو عاقلة، ولكن ذلك لا يمنع أي تعاون مع جهات أخرى قامت برفع ملفات للتحقيق في الانتهاكات بحق الصحفيين الفلسطينيين".
جهات نقابية ورسمية
ومن هذه الجهات، نقابة الصحفيين الفلسطينيين التي قدمت بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين طلبا للمحكمة الجنائية بالتحقيق في اغتيال شيرين أبو عاقلة ضمن مجموعة من ملفات استهداف الصحفيين الفلسطينيين.
وبجانب ذلك، رفعت السلطة الفلسطينية -عبر وزارة خارجيتها- شكوى بهذا الخصوص لدى النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية، لتضاف جريمة اغتيال شيرين إلى ملف واسع عن "القتل العمد" يسعى من خلال الفلسطينيون لملاحقة إسرائيل جنائيا.
وقال العمري إن إسرائيل تعمل على عرقلة هذه الجهود وترفض إجراء تحقيق جنائي، والذي سيعني -في حال تم- الكشف عن هوية الجندي الإسرائيلي مطلق الرصاصة، والضابط المسؤول عنه، ورئيس الوحدة المسؤول عنهما، وصولا إلى وزير الجيش، وهو ما يرفضه الاحتلال حتى الآن بالمطلق، ويحاول الاستعانة بالولايات المتحدة على ذلك.
وتابع العمري "كان من المفترض بالولايات المتحدة التحرك للتحقيق بشأن مقتل مواطنتها ولكنها حتى الآن لا تقوم بالجهد المطلوب منها".
العائلة تدرس التوجه للقضاء الأميركي
إلى جانب الجهود التي تقوم بها شبكة الجزيرة، تعمل أكثر من جهة حتى الآن على إعداد ملفات لرفعها إلى الجنائية الدولية ومحاكم أخرى، على رأسها عائلة الشهيدة.
وقال شقيقها طوني أبو عاقلة "تعاونّا مع نقابة الصحفيين الفلسطينيين لرفع القضية للمحكمة الجنائية الدولية، والآن نحن ندرس كافة الخيارات الممكنة لرفع قضايا فردية من طرفنا كعائلة أمام المحاكم الأميركية".
وتابع أبو عاقلة للجزيرة نت "سنتعاون من أي جهة تحقّق العدالة لشيرين، ولن نتهاون في متابعة هذه القضية".
8 تحقيقات و8 شهود
وتعتمد شبكة الجزيرة في إعداد الملف على 8 شهود بينهم صحفيون ومواطنون كانوا في موقع اغتيال شيرين. وتستند إلى عدد من التحقيقات الصحفية من بينها تحقيق قامت به الجزيرة نفسها، وتحقيق النائب العام الفلسطيني، وبعض المؤشرات عن نوع الرصاصة ومصدرها.
ومن التحقيقات، تحقيقات أجرتها كل من وكالة "أسوشيتد برس" (Associated Press) الأميركية، وشبكة "سي إن إن" (CNN)، وصحيفة "واشنطن بوست" (Washington Post)، وهآرتس العبرية، و"نيويورك تايمز" (New York Times)، والتي أثبتت جميعها أن الرصاصة التي قتلت شيرين مصدرها الجنود الإسرائيليون.
يضاف إلى ذلك، تحقيق أجرته مؤسسة بتسيلم الإسرائيلية (مؤسسة حقوقية تعمل على توثيق جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين)، وكذلك مؤسسة الحق الفلسطينية.
ويوضح مدير مؤسسة "الحق" شعوان جبارين، أن مؤسسته لا تزال في إطار جمع الأدلة وإثباتها لإكمال الملف القانوني ورفعه للمحكمة الجنائية الدولية أيضا.
وقال جبارين للجزيرة نت إن حجم قضية شيرين أبو عاقلة والزخم الدولي الذي حظيت به، يجعل مسؤولية العمل على هذا الملف أكبر. موضحا أن هناك تنسيقا مع أكثر من جهة، والملف الذي يتم إعداده سيكون مرجعا على المستوى المعلوماتي والتقني، بدون الإفصاح عن محتواه.
ووفق جبارين، ستتيح مؤسسة "الحق" الملف الذي تعمل عليه لكل جهة قضائية على استعداد لحمله، وأولها المحكمة الجنائية الدولية. وقال إن "جريمة بهذا الثقل تحتاج وقتا أطول في البحث والتحقيق إذا كان هناك جدية في التعامل معها، ولكن الاحتلال لا يظهر حتى الآن أية جدية إلا في محاولة طمس الملف".
وحول إمكانية تباطؤ أو "تلكؤ" المحكمة الجنائية كما حدث في ملفات سابقة رُفعت لها بشأن الجرائم الإسرائيلية، أجاب جبارين أن الاهتمام الكبير بقضية الصحفية الشهيدة، والضغط المستمر من قبل طواقم المحاميين المكلفين من كل الجهات، سيجبر المحكمة على العمل الجدي.
الملف الثالث لنقابة الصحفيين
التعاون الذي تحدث عنه شقيق الزميلة شيرين مع نقابة الصحفيين الفلسطينيين كان -وفقا لعضو الأمانة العامة لها عمر نزال- برفع شكوى للنائب العام للمحكمة الجنائية كخطوة أولى نحو إيداع الملف المتكامل في المحكمة، وهو ما تعمل النقابة على إعداده.
ولكن، إلى أين وصل الملف حاليا؟ يقول نزال "قبل أيام طلب فريق المحامين من السلطة الفلسطينية وإسرائيل فحص الأدلة العينية (الرصاصة) بالإضافة لتقرير النائب الفلسطيني، وكان هناك استجابة مباشرة من قبل الجانب الفلسطيني وحتى الآن لا رد من قبل إسرائيل".
وحول إمكانية عرقلة إتمام الملف في حال لم تستجب إسرائيل، قال نزال إن ذلك يضاف إلى الشكوى الرئيسية للمحكمة الجنائية، بطلب إجبار الطرف الممتنع عن تقديم المعلومات المطلوبة.
وقضية شيرين أبو عاقلة هي الثالثة التي تُرفع للمحكمة الجنائية الدولية من قبل نقابة الصحفيين. وتعنى الأولى بإيداع جريمتي الصحفيَين ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين اللذين قتلتهما إسرائيل خلال تغطيتهما مسيرات العودة على حدود غزة. ومعهما ملف صحفيين اثنين فقدا أعينهما بعد استهداف الجيش الإسرائيلي لهما، لدى المحكمة الدولية.
أما القضية الثانية فتركز على استهداف المؤسسات الإعلامية في غزة خلال العدوان الإسرائيلي في مايو/أيار 2021 بالقصف والتدمير.
ضغوط دولية للتحقيق
وإلى جانب التحقيقات الأميركية والفلسطينية، نشطت مؤسسات دولية حقوقية للضغط باتجاه التحقيق في جريمة اغتيال شيرين، ومن بينها منظمة "هيومن رايتس ووتش" (Human Rights Watch) التي دعت إلى محاسبة الاحتلال على هذه الجريمة، والتي تندرج ضمن "الانتهاكات الجسيمة" من قبل إسرائيل ضد الفلسطينيين.
ويقول عمر شاكر مدير المنظمة في إسرائيل وفلسطين إن كل التحقيقات المستقلة والجدية تدل على أن القوات الإسرائيلية هي التي أطلقت النار باتجاه شيرين أبو عاقلة.
وأضاف شاكر للجزيرة نت "قبل أسابيع سمعنا من وزير الخارجية الأميركي أن إسرائيل تجري تحقيقات، ولكن بدون وجود إثبات على ذلك، فالسلطات الإسرائيلية لديها تاريخ طويل من تبييض انتهاكاتها".
ووفق شاكر فإن جريمة قتل شيرين تؤكد على ضرورة المضي قدما في التحقيق بجرائم إسرائيل في فلسطين، وهذا يدخل ضمن الغرض الذي أنشئت من أجله المحكمة الجنائية الدولية.
وأشار شاكر إلى أن الاستخدام الروتيني للقوة المفرطة من قبل الجيش الإسرائيلي ونمطه من النيران العشوائية أدى إلى قتل وإصابة صحفيين في الماضي. مضيفا "يعيش الملايين من الفلسطينيين اليوم واقعا من العنف البنيوي والفصل العنصري، مع إفلات كامل لإسرائيل من العقاب على جرائمها".