ماذا لو عاد الأميركيون الذين قال لهم ترامب "عودوا إلى بلادكم"؟

U.S. President Donald Trump speaks at a campaign rally in Greenville, North Carolina, U.S., July 17, 2019. REUTERS/Jonathan Drake
دونالد ترامب يخاطب حشدا من مؤيديه بولاية نورث كارولينا (رويترز)

تناولت ميليسا تانديوي ميامبو (باحثة في جامعة ويتواترسراند بجنوب أفريقيا) تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي طلب فيها من أربع نائبات ديمقراطيات من ذوي البشرة الملونة العودة إلى بلادهن، وقالت إنها أدينت في بعض الأماكن واحتفي بها في أماكن أخرى.

وبحكم دراستها ما تعرف بالهجرة التراثية (حركة الأشخاص الذين ولدوا أو تربوا في الولايات المتحدة، ويغادرون إلى البلدان التي جاء منها آباؤهم وأجدادهم) تساءلت ميامبو: ماذا يحدث عندما يأخذ بعض الأميركيين كلام ترامب على محمل الجد ويرحلون فعلا؟

ورأت ميامبو في مقالها بصحيفة فايننشال تايمز أن الأمر يستحق الدراسة بشأن إذا كانت أميركا تستفيد أو تخسر إذا رحلوا. وأشارت إلى بعض الحالات التي التقتها ودرستها عن كثب، والتي ولد فيها الأبناء في أميركا وتخرجوا فيها بعد أن هاجر آباؤهم إليها ثم انتقلوا إلى بلدهم الأصلي، رغم نجاحهم الواضح في أميركا، وكان قرار انتقالهم بحثا عن إرثهم.

الناس يصبحون مهاجرين تراثيين عندما يوجد من يشعرهم بأنهم لا ينتمون إلى البلد الذي نشؤوا فيه، وبعض الإرهابيين المحتملين هم نسخة متطرفة يعبرون عن غضبهم من الإقصاء بطريقة عنيفة ومميتة

وتقول الباحثة إن العامل الذي دفع هؤلاء الأشخاص للخروج من أميركا وجذبهم إلى بلدهم الأصلي ينبغي أن يقلق جميع الأميركيين لأنه يؤثر على الكثير من مهاجري التراث الذين تدرس حالتهم.

وأشارت إلى الصعوبات الكبيرة التي واجهت المهاجرين بعد أحداث سبتمبر/أيلول 2001، وكيف أنه رغم تغلبهم على هذه التجارب السلبية اختار البعض الهجرة العكسية لبلدهم الأصلي، وكحال كثيرين منهم كان دافعهم لذلك هو البحث عن ذاك الشعور المراوغ، ألا وهو الانتماء.

وذكرت الباحثة أن الأمر قد يبدو تافها لأولئك الذين لم يشعروا بالإقصاء مطلقا، لكنه يختلف لدى أولئك الذين عانوا عذابات نفسية من عدم الانتماء، ويصفونها بأنها مؤلمة ومحزنة جدا لدرجة أن بعضهم اختار الهجرة العكسية.

ويعتقد بعض الباحثين أن الولايات المتحدة تدفع ثمنا اقتصاديا عندما تفقد أولئك الذين يأتون إلى الولايات المتحدة لفترة ثم يعودون إلى بلدانهم الأصلية. ومثال هؤلاء المهاجرين من أصول هندية الذين غادروا وادي السليكون إلى الهند، والذين ساعدوا في زرع بذرة نجاح صناعة تكنولوجيا المعلومات في مدينة بنغالور الشهيرة.

وبحسب الكاتبة، فالهجرة التراثية قد تؤدي أيضا إلى الإضرار بالولايات المتحدة بطريقة أخرى، إذ تحذر وزارة الأمن الداخلي الأميركية من أن هذه العملية يمكن أن تتسبب في ظهور إرهابيين محتملين قد يعودون بعد ذلك إلى الغرب لتنفيذ هجمات عنيفة.

وتضيف الباحثة أن الناس يصبحون مهاجرين تراثيين عندما يوجد من يشعرهم بأنهم لا ينتمون إلى البلد الذي نشؤوا فيه، وبعض الإرهابيين المحتملين هم نسخة متطرفة يعبرون عن غضبهم من الإقصاء بطريقة عنيفة ومميتة.

وختمت ميامبو مقالها بأنه عندما يخبر ترامب أشخاصا بأن يعودوا إلى بلدانهم، ثم يعقب ذلك بحملة يحشد فيها أتباعه الذين يتغنون بعبارة "أعيدوها من حيث أتت"، فإنه يخلق بذلك بيئة معادية؛ وهذا من شأنه بالتأكيد أن يعزز "مشاعر الاغتراب" لدى الكثير من الأميركيين، والبعض منهم قد يرحل بالفعل، وقد يأسف جميع الأميركيين على ذلك.

المصدر : فايننشال تايمز