واشنطن بوست: في عالم يمور بالأزمات.. تونس تمضي قدما بديمقراطيتها

Tunisia's new President Kais Saied at the Palace of Carthage- - TUNIS, TUNISIA - OCTOBER 23: Newly-elected Tunisian President Kais Saied walks past the honour guards as he is welcomed with a military ceremony at the Palace of Carthage in Tunis, Tunisia on October 23, 2019 after taking oath at the parliament. Independent candidate Kais Saied was on Monday declared the winner of Tunisia's presidential election.
الكاتب: قيس سعيد لن يتمكن وحده من معالجة القضايا التي كانت سببا في وصوله إلى السلطة (الأناضول)

أشادت صحيفة واشنطن بوست الأميركية بالتجربة الديمقراطية في تونس، وقالت إن هذه الدولة الصغيرة الواقعة في شمال أفريقيا تظل قصة النجاح "المتفردة" التي تمخضت عن ثورات الربيع العربي سنة 2011.

وذكرت الصحيفة في مقال لمراسلها للشؤون الخارجية إيشان ثارور، أنه على الرغم من أن العالم -برأي الخبراء- يعيش في عصر "تراجع الديمقراطية"، فإن تونس هي الدولة الوحيدة من بين دول الربيع العربي 2011 التي أطاحت بدكتاتورها واستطاعت صون عملية الانتقال الديمقراطي التي أعقبت ذلك.

ففي غضون شهر واحد، نظمت تونس ثلاثة انتخابات كان آخرها تلك التي جرت قبل أسابيع قليلة وأوصلت قيس سعيد -أستاذ القانون المتقاعد الذي أصبح سياسيا مستقلا من خارج المؤسسات الحزبية- إلى سدة الحكم بعد اكتساحه الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

واعتبر ثارور أن فوز سعيد بمثابة "رسالة واضحة تعبر عن استياء الناخبين" من الأوضاع، ونقل عن زميله بواشنطن بوست الصحفي سودارسان راغافان الذي كتب الشهر الماضي أن تونس "أبرزت مكانتها الفريدة في العالم العربي الذي يحكمه الملوك والطغاة والأسر ذات النفوذ".

واشنطن بوست: التحدي الرئيسي يتمثل في إثبات أن الديمقراطية تقود إلى الازدهار، وأن الحرية مهمة بقدر أهمية توفير فرص اقتصادية ووظائف للمواطنين

وأضاف راغافان أن ملايين التونسيين توجهوا إلى مراكز الاقتراع للاختيار بين اثنين من المرشحين من خارج المؤسسة السياسية، في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية في البلاد.

وقال إن الشعب التونسي أظهر في تلك الانتخابات "إزدراءه للمؤسسة السياسية لعجزها عن حل أزمة البطالة المرتفعة وغلاء الأسعار وانعدام الفرص التي أشعلت الثورة".

تحديات
بيد أن إيشان ثارور يرى أن قيس سعيد لن يتمكن وحده من الشروع في معالجة القضايا التي كانت سببا في وصوله إلى السلطة، مشيرا إلى أن تشكيل الحكومة الجديدة قد يستغرق بعض الوقت.

وأسفرت نتائج الانتخابات التشريعية في تونس عن حصول حركة النهضة -التي يصفها مقال واشنطن بوست بأنها حزب إسلامي معتدل- على أكثرية مقاعد البرلمان (52 مقعدا من إجمالي 217 مقعدا)، لكنها لا تزال تستعد لخوض مفاوضات تبدو صعبة من أجل تشكيل الحكومة.

وبدا الناطق الرسمي لحركة النهضة زياد العذاري، واثقا من قدرة حزبه على تجاوز الصعاب وتشكيل الحكومة. وتقول واشنطن بوست إن اسم العذاري برز كمرشح محتمل لتولي منصب رئيس الوزراء.

ويشير محللون إلى أن ثمة عوامل "فريدة" هي التي تجعل من تونس مختلفة عن بقية الدول التي اجتاحتها ثورات الربيع العربي عام 2011، من بينها صغر حجمها النسبي.

ولعل أول تلك العوامل -برأي إتش أي. هليير كبير الباحثين في معهد رويال يونايتد سيرفيس للدراسات ومقره لندن- أن تونس تتمتع باستقلالية القرار في تسيير عمليتها السياسية دون تدخل خارجي مكثف.

وثاني العوامل أن السلطة السياسية مقسمة في تونس بحيث لا يستطيع أحد أن يأمل الخروج فائزا من لعبة لا غالب فيها ولا مغلوب. واعتبر هليير أن التونسيين بهذا المعنى هم من خرج رابحا مرة أخرى.

ورغم كل ما تقدم، فإن تونس -بحسب واشنطن بوست- تواجه جملة من المشاكل الهيكلية متمثلة في: الاقتصاد المتردي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ونقص الوظائف، والتطلع الشعبي لخدمات اجتماعية أوسع.

وفي السياق، ينسب ثارور لزياد العذاري القول إن الشعب التونسي لا يزال يترقب العائد الاقتصادي لثورته، وهو متبرم من أداء الحكومة فيما يتعلق بجهود تحسين أحوال حياته اليومية.

ويختم ثارور مقاله بعبارة العذاري التي أشار فيها إلى أن التحدي الرئيسي يتمثل في إثبات أن الديمقراطية تقود إلى الازدهار، وأن الحرية مهمة بقدر أهمية توفير فرص اقتصادية ووظائف أكثر للمواطنين.

المصدر : واشنطن بوست