بعد مقتل السائحتين.. هل تعوي "الذئاب المنفردة" بربوع المغرب؟

كومبو لويزا فيسترغر يسبرسن، طالبة دنماركية (24 عاما)، وصديقتها النروجية مارين أولاند (28 عاما). وكانتا توجهتا معا لقضاء عطلة لمدة شهر في المغرب. وقد قتلتا هناك
الدانماركية لويزا فيسترغر يسبرسن وصديقتها النرويجية مارين أولاند (مواقع التواصل)

رغم ما حققه المغرب من إنجازات كبيرة في محاربة الإرهاب منذ حادث تفجير مقهي أركانة بمراكش وسط البلاد في أبريل/نيسان 2011، الذي أسفر عن 17 قتيلا ونحو 20 جريحا، وإعلان الرباط منذ ذلك الوقت تفكيك العديد من الشبكات الإرهابية، بعضها مرتبط بتنظيم الدولة، لم يحل دون ظهور ما بات يسمى بـ الذئاب المنفردة.

وكانت السلطات المغربية أعلنت العثور على جثتي سائحتين أجنبيتين تحملان آثار عنف بالعنق باستعمال السلاح الأبيض.

والسائحتان هما نرويجية ودانماركية، وتم العثور على جثتيهما قرب جبل توبقال أعلى قمة في المملكة، في إقليم الحوز وسط البلاد.

ويقصد بالذئاب المنفردة الأشخاص الذين ينفذون هجمات إرهابية ويتبعون منهج تنظيم الدولة، ولكنهم لا يعملون بشكل منظم ضمن التنظيم.

وبعد نحو ثماني سنوات استطاع المغرب خلالها الحفاظ على صفحة بيضاء والتغلب على الجماعات الإرهابية حتى باتت دول غربية تطلب خدماته في مكافحة الإرهاب، مثل بلجيكا وفرنسا وإسبانيا، عادت الذئاب المنفردة، لتشكل هاجسا جديدا ومخاوف من تنفيذ مزيد من الهجمات.

موجة غضب
أثار مقتل السائحتين في 17 ديسمبر/كانون الأول 2018 موجة غضب في الشارع المغربي ولدى الجمعيات والأحزاب، وتم تنظيم عدد من الوقفات بالعديد من المدن المغربية رفضا للحادث.

ففي حي العزوزية الشعبي الواقع على بعد 15 كيلومترا من مدينة مراكش والذي يقطن فيه عبد الرحيم خيالي، أحد الموقوفين المشتبه في قتلهم السائحتين، أعرب عدد من السكان عن رفضهم لما أقدم عليه ابن حيهم.

محمد أحد أبناء الحي، قال للأناضول إنه فوجئ بما أقدم عليه عبد الرحيم، في حين قال آخر إن الحي لا يعرف جرائم، وإن الحادث وقع في منطقة بعيدة عن الحي.

ووصفت فاطمة خيالي عمة عبد الرحيم، ما وقع بالفاجعة. وقالت إن الأسرة ترفض وتستنكر بشدة ما أقدم عليه عبد الرحيم والموقوفون الآخرون، معتبرة أن الجريمة التي اقترفوها لا تمت للإسلام بصلة.

وقالت لا أحد يقبل بهذه الجريمة، التي أعرب المجتمع بأسره عن رفضه لها وتنديده بها.

فرضية الذئاب المنفردة
وفي 24 ديسمبر/كانون الأول وصف وزير الداخلية المغربي، عبد الوافي لفتيت، الواقفين وراء مقتل السائحتين الأجنبيتين بـالذئاب المنفردة التي تتحرك في الظل.

وقال لفتيت، خلال رده على أسئلة أعضاء مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، إن الأفراد الواقفين وراء الحادث تشبعوا بأفكار فردية متطرفة.

ولفت إلى أن عدد الموقوفين المشتبه بضلوعهم في قتل السائحتين ارتفع إلى 17 شخصا، مشيرا إلى أن توقيف هؤلاء الأشخاص ساهم في إحباط مخطط إرهابي، لم يتحدث عن تفاصيله.

واعتبر وزير الداخلية المغربي أن طبيعة هذه الجريمة تؤكد نجاح السلطات الأمنية في تضييق الخناق على المجموعات الإرهابية، مما حد من قدراتها الإجرامية، ودفعها إلى البحث عن وسائل أخرى لتنفيذ أهدافها الخبيثة.

وقال عبد الحكيم أبو اللوز، الباحث المغربي في الشأن الديني والسلفية، "إن هناك ترجيحا لفرضية الذئاب المنفردة لهذه العملية الإرهابية، بالإضافة إلى احتمال أن تكون العملية نُفذت بدافع إجرامي". وأضاف أبو اللوز أن ملفات الأشخاص الذين نفذوا العملية تبين أنهم متشبعون بالسلفية الجهادية التقليدية.

فكر داعش
في المقابل، اعتبر إدريس القصوري الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية أن هذا الحادث منعزل، إلا أنه على مستوى الفكر هناك ارتباط واتصال مع "داعش" (تنظيم الدولة) لأن أدوات التنفيذ "داعشية"، على حد قوله.

ولفت القصوري إلى أن هذه الجريمة لا تندرج تحت ما يسمى الذئاب المنفردة، لأن عدد الموقوفين وصل إلى 17 شخصا، ولكن الأمر يرتبط بجماعة تحمل فكرا عنيفا، ومتأثرة بتنظيم الدولة، وشروط التأثر واضحة.

وأضاف أنه على المستوى المعرفي لأعضاء هذه الجماعة يتضح أن هناك تبنيا للفكر الجهادي، وعلى المستوى الاجتماعي أفراد الجماعة يعيشون في الهامش وبمناطق فقيرة، وعلى المستوى التعليمي يتميز أعضاء الجماعة بالجهل والأمية، وهو ما يوضح إمكانية تبني فكر تنظيم الدولة والانتقام من الآخر.

ولفت الباحث المغربي إلى أن المقاربة الأمنية بالمغرب ركزت على المدن وعلى المناطق الحساسة، وكان هناك نوع من الإهمال للمناطق النائية والأرياف.

وأوضح أن هذه الجماعة لم تتواصل في ما بينها "تفاديا لرصد أجهزة الأمن، وعملت بصمت إلى غاية تنفيذ عمليتها".

وقال أبوبكر سبيك عميد الشرطة الإقليمي، الناطق الرسمي باسم مصالح الأمن، في تصريحات إعلامية إن العودة المفترضة للمقاتلين المغاربة في صفوف تنظيم الدولة من ساحات القتال في سوريا العراق يشكل تحديا بالنسبة للمصالح الأمنية، مشيرا إلى أن هناك ألفا و692 مقاتلا مغربيا ينتمون إلى هذا التنظيم، تم اعتراض 242 عائدا منهم.

المصدر : وكالة الأناضول