"سفرني".. ليس شرطا أن تكون غنيا ليجوب طفلك العالم

Nagwan Lithy - برنامج سفرني يقاوم العنصرية، وجميع أشكال الإقصاء (الجزيرة) - "سفرني".. ليس شرطا أن تكون غنيا ليجوب طفلك العالم
برنامج سفرني يقاوم العنصرية وجميع أشكال الإقصاء (الجزيرة)

 صفاء علي

في عالم مثالي سيكون بإمكان الأطفال التنقل بسهولة مع ذويهم حول العالم، لكن بالنسبة للبعض فإن القيود المفروضة على الميزانية والوقت، ناهيك عن تحديات السفر مع الصغار، تجعل الأمر مستحيلا.

لكن ولحسن الحظ، لا يمثل السفر العالمي الطريقة الوحيدة لتعريف الأطفال بثقافات جديدة وتعزيز التعاطف الثقافي، فمن أسهل الطرق لتشجيع التعاطف والتفاهم الثقافي لطفلك هو الانفتاح على الثقافات الأخرى.

السفر عن طريق الكتب
يعتبر السفر عن طريق الكتب، وهو أبسط الطرق لتوسيع رؤية العالملدى الأطفال والكبار، على حد سواء، ومساعدة الطفل في الحصول على معلومات ومفردات جديدة حول مناطق مختلفة من العالم.

وفي يوتيوب أيضا، قد تتوافر بعض مقاطع الفيديو على شكل رسوم متحركة تُعرّف الأطفال على اللغة الإسبانية وتشجع ثنائية اللغة من خلال أغاني الأطفال المألوفة. 

رحلة تخيلية إلى بلد جديد
كل تلك الخطوات أجرتها ورش سفرني Safarni، حيث تأخذ الأطفال في رحلة تخيلية إلى بلد جديد، ليتعرفوا إلى اللغة المحلية والطعام والألعاب والرقصات والأغاني، وتعطيهم الفرصة لمقابلة أشخاص من هذا البلد، والتفاعل معهم من خلال اللعب والرقص والمشاركة، وتفتح هذه الرحلات أبوابا جديدة في عقول الأطفال وتشجع على احترام جميع البشر والثقافات.

وقامت مؤسسة سفرني بتنظيم أكثر من 60 يوم سفر لزيارة بلدان من جميع أنحاء العالم، عن طريق تصميم "مغامرات السفر المحاكية" للأطفال الذين يعانون من تعرض ضئيل للتنوع، لاحتضان الثقافات والتواصل معها، وتشترك مجتمعات المهاجرين في تصميم المحتوى المتعدد الثقافات وتخصيصه وتسهيله، حيث يمكن للأطفال اللعب والرقص والأكل والتفاعل مع السكان المحليين من جميع أنحاء العالم.


‪(دستور سفرني قائم على تكوين الصداقات واحترام الآخر‬  (الجزيرة
‪(دستور سفرني قائم على تكوين الصداقات واحترام الآخر‬  (الجزيرة

كيف بدأت الفكرة؟
في عام 2008 كانت رافائيل عياش، مؤسسة "سفرني"، تعمل في مدريد بإسبانيا وتدرس اللغة العربية، بدأت في تكوين صداقات من العالم العربي، لاحظت أنها أصبحت أكثر حساسية وإدراكا للعنصرية الدائمة ضد العرب في أوروبا، وفي الوقت ذاته، بدأت أيضا تلاحظ العديد من التحيزات التي تمارسها المجتمعات العربية ضد الأوروبيين.

فوجئت أيضا بأشخاص متمسكين بمخاوفهم من "الآخر"، وعادة لم تستند مخاوفهم على مواجهات فعلية مع أشخاص من المجتمع، ولكن بناءً على تصورات خارجية لما "سمعوه".

من هذه الفكرة ولدت سفرني بهدف المساهمة في عالم يعرف الناس بعضهم بعضا، ويرتبطون على المستوى الإنساني، وفلسفتها هي أن أقوى عامل لتوحيد الناس هو التعاطف، وهذا يأتي من غمر نفسك في واقع شخص آخر، في حين أن البعض منا لديه خيار التواصل مع "الآخر" من خلال السفر.

هذا بالنسبة لجزء كبير من العالم، هذا ليس خيارا، وبالتالي تهدف Safarni إلى توفير أنشطتها للأطفال الذين لا يستطيعون السفر ولا تتاح لهم سوى فرص ضئيلة للتواصل مع التنوع.

البداية من أرض اللواء
أرض اللواء هي إحدى المناطق الشعبية بالقاهرة، وتضم عددا كبيرا من المهاجرين تبلغ نسبتهم حوالي 75 ألف نسمة، بحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، التي تعمل من خلال دعمها لتنفيذ ورش سفرني، على تقوية الترابط المجتمعي في منطقة حساسة لا يزال فيها المهاجرون والمصريون يتعلمون كيف يتعايشون معا.

وتضمنت ورش العمل 180 طفلا وآباءهم من المهاجرين وسكان المنطقة، لإجراء تجارب سفر، تعلم الأطفال وآباءهم كيفية التعامل مع الآخر الذي يعيش في محيطه، وتقبله وتقبل ثقافته ولونه ودينه وحضارته.

وتعمل سفرني بدعم من المتطوعين من مختلف الثقافات، وتستكشف أكثر من 30 دولة وثقافة من جميع أنحاء العالم، وشارك بها أكثر من 1000 طفل من مختلف المجتمعات بجميع أنحاء مصر.

‪(اكتشاف الآخر من خلال محاكاة حضارته والاحتكاك المباشر به‬ (الجزيرة
‪(اكتشاف الآخر من خلال محاكاة حضارته والاحتكاك المباشر به‬ (الجزيرة

دستور سفرني
في أول يوم تدريب الأطفال يُتفق على القواعد العامة المفروض اتباعها خلال الورشة، وتُسمى بـ"دستور سفرني"، وتقوم بالأساس على فكرة احترام الآخر.

ثم يأتي يوم "الجغرافيا" ليُعطي الأطفال مشروعات أكثر عن هجرة البشر في جميع أنحاء العالم، وخلقهم ثقافات مختلفة، بعدها يتم تنظيم رحلات داخلية ومحلية تحت مُسمى التنوع في المدينة، لزيارة المطاعم وأماكن تجمع البشر من بلدان أخرى، للتعرف إليهم، بعد الانتهاء من التنوع في موسم المدينة، يحمل الطفل لقب "سفير الاكتشاف".

مقاومة العنصرية
برنامج سفرني يقاوم العنصرية، وجميع أشكال الاستبعاد من خلال تعليم الأطفال النظر للإنسانية ولعالمنا بشكل مختلف من سن صغيرة.

وفي نشاط لون البشرة، ينضم أطفال سفرني إلى مبادرة Angélica Dass ومشروع Humanae لتمثيل وإعادة تعريف لون البشرة باعتباره "لوحة فسيفساء عالمية هائلة".

وكذلك تصميم برامج تسلط الضوء على التنوع البشري من خلال مشاركة مواضيع مشتركة، وفي الوقت نفسه تتميز بتقاليد متنوعة.

وتعمل سفرني مع مبادرات وجمعيات أهلية حول القاهرة وبعض محافظات مصر مثل الإسكندرية والإسماعيلية والأقصر منذ 2012.

المصدر : الجزيرة