خدم في قوات النخبة الإسرائيلية "لواء غولاني".. إيغال عمير قاتل إسحاق رابين باسم الشريعة اليهودية

إيغال شلومو عمير مستوطن إسرائيلي، عُرف بمعاداته لاتفاقيات السلام الموقّعة بين الفلسطينيين وإسرائيل، عمل على إنشاء بؤرة استيطانية في أراضي الضفة الغربية، ذاع صيته بعد اغتياله رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، حُكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة، وبضع سنوات أخرى.
المولد والنشأة
ولد إيغال عمير في 23 مايو/أيار 1970، في مدينة (هرتسيليا) الواقعة على شاطيء البحر الأبيض المتوسط، شمال فلسطين المحتلة، لأسرة يهودية من أصل يمني، عمل والده في مهنة ذبح الدواجن حسب الشريعة اليهودية، إضافة إلى عمله مدرّسًا في كنيس محلي، أما والدته فعملت مدرّسة في روضة أطفال.
يبدو عمير -كما تصفه صحيفة نيويورك تايمز- "شابًا مهذبًا يتكلّم بلطف لا يوحي شكله بالتأثّر بأفكار العنف"، وتضيف أنه صاحب حسّ فكاهي، مهتم بدراسة التوراة على امتداد حياته، بينما يصفه صديقه شلومو هاليفي بأنه متعصّب لِما أسماه "الثالوث المقدّس: شعب، وتوراة، وأرض إسرائيل".
اتخذ عمير من باروخ غولدشتاين -وهو مستوطن من (كريات أربع) بالقرب من مدينة الخليل- مثله الأعلى، لا سيما بعد تنفيذ غولدشتاين مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف، التي قتل فيها 29 مصلّيًا فلسطينيًا عام 1994، كما أنه لا يخفي تأثّره بنعوم ليفنات، المستوطن المعروف في الأوساط اليمينية الإسرائيلية.

الدراسة والتكوين
بدأ عمير حياته الدراسية في مدرسة "الحريدية ويلفسون"، التي تلقّى فيها تعليمه الأساسي في مدينة هرتسيليا، ثم انتقل إلى مدرسة أخرى تدعى "يشيفيا" (المجتمع الجديد) بالقرب من تل أبيب، عُرف عنه تحدّيه للمعلّمين في المراحل الأساسية واستهزاؤه بهم، وكان مهتمًا بدراسة التعليم الديني والشريعة اليهودية في مدرسة (كيرم).
ثم انتقل إلى التعليم الجامعي عام 1993 والتحق بجامعة "بار إيلان"، وتخصّص في مجال القانون وعلوم الحاسوب، وتعلّم الشريعة اليهودية في معهد دراسات التوراة المتقدّمة. حيث أقيمت هذه الجامعة لتدعم العلوم اليهودية الدينية والعلوم أخرى.
أثناء دراسته الجامعية شارك في مسيرات مناهضة لاتفاق أوسلو، الذي وقّعته سلطات الاحتلال مع منظمة التحرير الفلسطينية في سبتمبر/أيلول 1993، وأسهم في بناء بؤرة استيطانية في مناطق الضفة الغربية، وقاد مسيرات للمستوطنين في مدينة الخليل.
بعد إنهائه الخدمة العسكرية في وحدة النخبة "لواء غولاني"، ترشّح لتدريس اليهودية في ريغا عاصمة لاتفيا الواقعة على ساحل بحر البلطيق، في إطار نشاط ديني يقوم به مكتب ارتباط إسرائيل "ناتيف" لفائدة اليهود في أماكن إقامتهم في دول الاتحاد السوفياتي، ومكث هناك متطوعًا لمدة ثلاثة أشهر، قبل أن يرجع إلى دولة الاحتلال.
وفي عام 1992 شارك في الانتخابات الإسرائيلية، وانتخب حزب "موليديت"، الذي يدعو إلى طرد الفلسطينيين من بلادهم بشكل كامل، وضمّ أراضي الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال.

ثلاث محاولات لاغتيال رابين
حاول عمير عام 1995 اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ثلاث مرات، كانت الأولى في متحف "ياد فاشيم" للمحرقة في القدس، والثانية في فندق (نوف القدس)، والثالثة في حفل تدشين جسر علوي في (كفر شمر ياهو)، بالقرب من تل أبيب.
باءت كل تلك المحاولات بالإخفاق، حتى جاء يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1995 وبعد مظاهرة في ساحة ملوك إسرائيل في تل أبيب شارك فيها رابين -وكان الهدف منها دعم اتفاق (أوسلو)- أطلق عمير الرصاص على رابين فأرداه قتيلًا، وجرح حارس الأمن يورام روبين، فاعتقله حرس رئيس الوزراء.
المحكمة وظروف السجن
وبعد إيداعه في السجن عرض على القضاء الإسرائيلي للمحاكمة، وأكد ثلاثة أطباء نفسيين أن عمير يفهم معنى أفعاله ويستطيع أن يحاكم ويقضي العقوبة، وبالمقابل رفض محامي الدفاع هذه النتيجة، واصفًا الأطباء بعدم الشجاعة في القول بأن عمير لا يتحمّل مسؤولية أعماله، وأنه مجنون.
استمرّ عرضه على المحاكم الإسرائيلية من تاريخ 23 يناير/كانون الثاني إلى 27 مارس/آذار 1996. وفي أثناء محاكمته كان سيوّغ إقدامه على قتل رابين بأن الأخير خالف التعاليم الدينية اليهودية، ومنح الفلسطينيين الحق في إقامة دولتهم على أرض اليهود، حسب ادّعائه، وأنَّه لم يكن يقصد من إطلاق الرصاص القتل؛ بل كان يريد شلّ رابين فقط، وبالمحصّلة النهائية لم تُعر المحكمة قول عمير أيّ أهمية، وقضت عليه بالسجن المؤبد، والسجن 6 سنوات إضافية.
مكث عمير في سجن انفرادي ليس فيه نزلاء غيره، كما تنقّل بين سجون إيشيل في بئر السبع وأيالون في الرملة، وريمونيم بالقرب من نتانيا. وأثناء قضائه فترة الحكم خاض العديد من الإضرابات عن الطعام لتحسين ظروف اعتقاله، ونتيجة لذلك حصل على بعض الامتيازات؛ مثل: مشاهدة التلفاز، والاستماع للمذياع، والحق في الاجتماع مع النزلاء الآخرين.

زواجه من لاريسا تريمبوفلر
في يناير/كانون الثاني 2004 أعلنت لاريسا تريمبوفلر -وهي يهودية من أصل روسي وتحمل شهادة الدكتوراة في الفلسفة- أنها كانت مخطوبة لعمير وأرادت الزواج منه أثناء وجوده في السجن، دون أن تنجح في الحصول على موافقة المحكمة المدنية الإسرائيلية على الاعتراف بهذا الزواج.
وفي أغسطس/آب 2004، تزوج عمير وتريمبوفلر زواجًا بالوكالة خلسة، بموجب القانون اليهودي، وفي يوليو/تموز 2005، تم التّصديق على زواجهما من قبل محكمة حاخامية إسرائيلية، إلا أن هذا الزواج لم يُعترف به -أيضًا- من قِبل وزارة العدل الإسرائيلية.
ثم سُمح لعمير بزيارة زوجية استمرت 10 ساعات، بعد اعتراف المحكمة المدنية بزواجه وحقه في الالتقاء بزوجته داخل السجن، وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول 2007 أنجبت له ابنه الأول ينون إيليا شالو.
مطالبات دينية ومحاولات لإطلاق سراحه
قدّم إيغال عمير طلبًا للسماح له بالمشاركة في صلاة جماعية، فوافقت له محكمة بتاح تكفا في أغسطس/آب 2010 بالالتقاء مع سجين آخر للصلاة ثلاث مرات في الأسبوع، وكذلك دراسة التوراة بشكل جماعي مرة كل أسبوعين.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2007 بدأت عائلته وعدد من المنظمات الإسرائيلية اليمينية بتنظيم حملات توزيع بيانات لوسائل الإعلام، وملصقات وأفلام قصيرة الهدف منها السعي لإطلاق سراحه.