للقصة بقية 

قمة تونس.. هل عجّل ربيع الشعوب بخريف الجامعة العربية؟

ناقشت الحلقة مسيرة الجامعة العربية وما حققته بشأن أهدافها وتحديات واقعها ومستقبلها. وتساءلت: إلى متى سيظل الفشل مهيمنا على العمل العربي؟ وما الذي يمكن أن تفعله لإصلاح وضعها بقمتها القادمة؟

إلى أين تتجه الجامعة العربية بعد سبعة عقود من إنشائها وإثر سنوات الربيع العربي؟ وهل باتت مواقفها رهنا لسياسات بعض أعضائها ممن يمتلكون المال والنفوذ؟ وما الذي يُرجى من أنظمة متآمرة على بعضها مستعينة بالخارج على شعوبها ومستميتة على كراسي حكمها؟ وهل من سبيل لتصويب أخطاء الماضي وإصلاح أوضاع الجامعة؟

هذه الأسئلة وغيرها ناقشتها حلقة (2019/3/25) من برنامج "للقصة بقية" التي بثت في مقدمتها تقريرا رصدت فيه مسيرة الجامعة العربية منذ تأسيسها عام 1945ن وما حققته بشأن أهدافها التي أنشئت من أجلها ككيان يجمع العرب ويحميهم، وكيف تعاملت مع أبرز التحديات والأزمات التي حفت بعملها، وذلك في محاولة لاستشراف مستقبل العمل العربي المشترك في ظل انعقاد القمة العربية الـ30 في تونس نهاية مارس/آذار الجاري.

مخاوف الاستهداف
وتعليقا على هذا الموضوع؛ قال وزير الداخلية الأردني الأسبق سمير حباشنة –الذي يشارك في مبادرة لإصلاح العمل العربي المشترك- إن الأمة العربية هي الأمة الوحيدة –مع كوريا- التي لم يسمح لها الاستعمار بأن تشكّل دولتها الواحدة، وإن العرب أمام مفترق طرق حاسم تاريخيا لا بد معه من إيجاد طبعة عربية من الاتحاد الأوروبي، بحيث تصان سيادة كل دولة مع التوحد في الأمور الجامعة للعرب.

وأضاف أن العرب مهددون داخليا بالإرهاب والفقر والأزمات الاقتصادية، وخارجيا تستهدفهم ثلاثة مشاريع أجنبية، وهذه المشاريع -حسب قوله- هي: "المشروع الإسرائيلي ذو الصبغة التوسعية، والمشروع الفارسي القادم بغطاء شيعي، والمشروع التركي العثماني المتخذ غطاء سنيا"؛ مشيرا إلى أنه لن يفلت أحد من العرب من استهداف أي من هذه المشاريع الثلاثة لأن "الكل في مرمى الاستهداف".

وأكد حباشنة أن العرب –ممثلين في جامعتهم- يحتاجون إلى توفر إرادة حقيقية موحدة لكي تغلّب الأنظمة مصالح الشعوب فتعزلها عن السياسة وخلافاتها، فلكل دولة هواجسها الإقليمية وبالتالي فإن المخرج من ذلك هو ترميم الجامعة وإعادة النظر في ميثاقها بما يخدم تطويرها، موضحا أن "هناك بداية جديدة للربيع العربي ويمكن أن تتوسع طبعته الجديدة التي نراها في السودان والجزائر".

وطالب بتوظيف هذا الضغط الشعبي بإيجابية لإجراء الإصلاح، مقترحا أن يُضم له ضغط من المجتمع المدني ومن النخبة المثقفة والمفكرة، وعلى القادة أن يستجيبوا لهذه الضغوط لتعديل أحوال الأمة نحو الأفضل، كما اقترح تفعيل البرلمان العربي، مشددا على ضرورة التحرك وفق ما هو متاح لتحسين البيت العربي من داخله، ليس بالاستسلام للواقع ولكن بالتعامل معه من أجل تغييره.

عوامل الإصلاح
أما الأكاديمي والمحلل السياسي عبد الستار قاسم فرأى أن العرب ما زالوا "أمة مفعولاً بها" والسبب في ذلك هم "الحكام الذين وضعوا قيمة التشبث بالكرسي فوق كل القيم الأخرى والمشاريع التنموية المختلفة"، وتساءل: هل هؤلاء الذين سيجتمعون في قمة تونس سيناقشون القضايا الملحة للعرب أم سيأتون ومعهم خلافاتهم الميدانية من المحيط إلى الخليج ولا يخرجون بأي نتيجة كالعادة؟

وأوضح أن الخلل في الجامعة العربية "تركيبي" لأن ميثاقها يحرص على سيادة كل دولة، وهو يسبّب الشلل لعملها باشتراطه أن تكون القرارات بالإجماع وفي حالة عدم الإجماع لا تٌلزم القرارات من لم يوافق عليها، كما أن الأمين العام للجامعة لا صلاحيات له رغم أنه يُفترض أن يكون هو المنشّط لكل أعمال الجامعة، وهذا الأمين العام يخرج دائما من رحم النظام العربي الحاكم فيرتهن لسياساته ويعكس مصالحه.

ورأى قاسم أنه إذا أراد العرب التغيير فلا بد من إعادة كتابة ميثاق جامعتهم وألا تكون كتابته على أيدي الأنظمة بل يُعهد به لخبراء عرب يكتبونه بروح جديدة، كما يجب إنشاء محكمة عربية تتبع للجامعة، وتأسيس جهاز تنفيذي مستقل لتطبيق ما تقرره هذه المحكمة. لكنه استبعد أن تأتي القمة العربية القادمة بجديد مؤكدا أن الجمهور العربي لن يتابعها لأن الناس يئسوا من الأوضاع القائمة ومآسيها وأزماتها.

وأشار إلى أن من أكبر أسباب فشل الجامعة أنها خضعت دائما لمزاج الأنظمة؛ فقد هيمن عليها نظام عبد الناصر حتى وقعت هزيمة يونيو/حزيران 1967، وبعد الهزيمة ظهرت السعودية وأصبحت مهيمنة عليها بالمال والنفوذ، وصارت بيانات قممها الختامية تُعرض مسبقا على واشنطن لتوافق عليها قبل صدورها؛ فمن هي إذن الدولة العربية ذات السيادة ما دامت الأجندة الخارجية هي المتحكمة؟