التذبذبات المناخية تخفض حرارة مياه البحر الأحمر

Said سعيد - لانخفاض درجة حرارة البحر الأحمر تأثير إيجابي على الحياة البحرية فيه - ويكيميديا - التذبذات المناخية تخفض حرارة مياه البحر الأحمر
البحر الأحمر يعيش فيه أكبر تجمع للمرجان في العالم (ويكيميديا)

هشام بومجوط

كشفت دراسة علمية أنجزها فريق من الباحثين بمعهد علوم الأرض والمحيطات بجامعة الملك عبد الله بالسعودية ونشرت في دورية "جيوفيزيكال ريسيرش ليترز" الأميركية في 19 مارس/آذار 2019؛ عن أن درجة حرارة المياه السطحية للبحر الأحمر تتجه نحو الانخفاض وليس الارتفاع، خلافا لباقي البحار والمحيطات التي عرفت ارتفاعا في متوسط درجة حرارتها.

دورة مدتها 70 عاما
استخدم الباحثون في عملهم الحاسوب "شاهين 2" العملاق، المصنف ضمن الحواسيب العشرة الأكبر في العالم، والأول في منطقة الشرق الأوسط، لتحليل بيانات صور الأقمار الصناعية خلال المئة سنة الماضية، وأيضا بيانات من وكالة ناسا الأميركية، ومكتب الأرصاد الجوية البريطاني، وأيضا خرائط محرك بحث "نوا" (NOAA National Oceanic and Atmospheric Administration).

وتوصلوا إلى تحديد بداية انخفاض درجة حرارة مياه البحر الأحمر، التي ستكون خلال السنوات العشر القادمة، وتستمر على ذلك نحو أربعين سنة، وبعدها تبدأ درجة الحرارة في الارتفاع مرة أخرى.

يقول إبراهيم حتيت (عضو من فريق البحث) في تصريحه للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني؛ إن دراستنا كشفت عن أن درجة حرارة مياه البحر الأحمر تتبع دورة مدتها سبعون عاما تتغير فيها درجة الحرارة من البرودة إلى السخونة أو العكس، ونحن الآن على مشارف الدورة التي ستعرف فيها مياه البحر الأحمر انتقالا من السخونة إلى البرودة.

ويضيف "هذه الدراسة تتماشى مع إحدى الدراسات التي نشرت عام 2000، والتي أفادت بأن دورة حرارة مياه البحر مدتها سبعون عاما، وهي تتأرجح بين 0.20 و0.30 درجة في عشر سنوات، نحن على عتبة الدورة التي تنخفض فيها درجة الحرارة بداية من العشرية القادمة".

خصوصية البحر الأحمر الذي يعيش فيه أكبر تجمع للمرجان في العالم، جعلته محل بحوث وتجارب علمية كثيرة في جامعة الملك عبد الله، لكن -وكما أكد إبراهيم حتيت- "لم يكن الهدف من الدراسة البحث عن حلول لمواجهة التغيرات المناخية، وإنما استشراف مستقبل البحر الأحمر في ظل المخاوف المرتقبة من تأثير التغيرات المناخية… وبددت دراستنا كل المخاوف السابقة حول تأثير هذه الظاهرة على الحياة البحرية في البحر الأحمر، وهذا هو الجيد فيها، على الأقل خلال الأربعين سنة القادمة".

تأثير إيجابي على المدى البعيد
وقال خالد بلعبدي (مهندس بالوكالة الجزائرية للتغيرات المناخية) إن هذه الدراسة تضع أمام الباحثين المهتمين بالتغيرات المناخية والحياة البحرية بيانات ونتائج ملهمة ومفيدة من أجل مواجهة آثار التغيرات المناخية.

وأضاف "ملف التغيرات المناخية وعلاقته بالحياة البحرية أصبح معقدا جدا، ويتطلب الكثير من الدعم والبحوث العلمية، وعليه فإنه من الجيد أن يتمكن فريق باحثين من استشراف المستقبل وحساب قيمة التغيرات المرتقبة على المديين القريب والبعيد".

وأوضح بلعبدي أن مياه البحر الأحمر أكثر ملوحة من مياه البحر الأبيض المتوسط، وهذه الكثافة في الملوحة مقلقة جدا في ظل تسارع ظاهرة التغيرات المناخية.

وقال "بما أن درجة ملوحة البحر الأحمر مرتفعة نسبيا مقارنة بالبحر المتوسط والكثير من بحار العالم، وهي ترتفع كلما ارتفعت درجة الحرارة؛ فإن ذلك يعتبر مؤشرا مقلقا ويستدعي الكثير من الاهتمام، لأن الحياة البحرية فيه في خطر، خاصة المرجان الذي يعتبر من أكبر المناطق الحيوانية في العالم… لذا أتوقع أن يكون لانخفاض درجة الحرارة تأثير إيجابي على المدى البعيد".

المصدر : الجزيرة