وسائل نقل غير مألوفة تثير الفضول بالرباط.. هل تنعش السياحة؟

مريم التايدي-الرباط

كان أبو آدم يتجول برفقة ابنه الصغير بشارع محمد الخامس قلب العاصمة الرباط، عصر يوم ربيعي، قبل أن تثير اهتمامه دراجة من نوع خاص. اقترب الرجل الخمسيني منها وعلى وجهه علامات فرح طفولي لا تقل عن الفرحة الظاهرة في عيون آدم ذي الخمس سنوات.

وصف أبو آدم للجزيرة نت إعجابه بالدراجة الإيكولوجية، وقال إنها توفر جلسة تقليدية في قالب عصري، تسمح لراكبها بالفرجة وتسهل التجوال، أما آدم الصغير فاكتفى بالقول بلهجته العامية "البيكالا الكبيرة زوينة بزّاف" أي أن الدراجة الكبيرة جميلة جدا.

تاكسي أخضر
لم تكن الدراجة الكبيرة على حد وصف آدم، سوى واحدة من الدراجات الكهربائية ثلاثية العجلات البالغ عددها خمسون دراجة، أصبحت تؤثث العاصمة الرباط، وانطلق العمل بها منتصف يناير/كانون الثاني الماضي.

تجدها على طول مدار ضفة وادي أبي رقراق والمدينة العتيقة، والنقط السياحية والمآثر التاريخية، كتبت عليها عبارة "تاكسي أخضر" تحمل كل راغب في التجول، وزيارة المزارات السياحية والتاريخية، فهي تسهل عملية التنقل داخل المدينة العتيقة.

وسيلة نقل إيكولوجية تزيد من إشعاع المغرب كبلد يطمح لتطوير الطاقات البديلة والاشتغال بها، أريدَ لها أن تسهم في الترويج السياحي لعاصمة الأنوار.

‪تسهل هذه الدراجات التنقل بأرجاء المدينة وتتيح جولة سياحية للتعريف بالمعالم التاريخية‬ (الجزيرة)
‪تسهل هذه الدراجات التنقل بأرجاء المدينة وتتيح جولة سياحية للتعريف بالمعالم التاريخية‬ (الجزيرة)

بين الترحاب والانتقاد
"التاكسي الأخضر" مشروع إيكولوجي وسوسيو اقتصادي، انطلق وسط ترحيب داعمي النقل الأخضر وانتقادات بشأن كلفته (استثمار إجمالي بقيمة 2.5 مليون درهم (260 ألف دولار)).

تم تمويل المشروع من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بهدف خلق فرص عمل للشباب والإسهام في الإشعاع البيئي لمدينة صنفت ضمن المدن الخضراء.

يقول هشام زياتي، شاب ضمن الخمسين المستفيدين من حق العمل على الدراجات، إن الناس رحبوا بالفكرة وعبروا عن إعجابهم بها، وتفاعلوا معها.

وروى لنا حمزة الجوهري -خلال جولة حول مدار المدينة العتيقة- بعض الانتقادات التي يتعرضون إليها، وعن السخرية التي تطالهم من قبل البعض.

فسحة وتجوال
وفي جولة للمآثر التاريخية على متن الدراجة الإيكولوجية، لاحظنا كيف أصبح التاكسي الأخضر يجد له مكانا بين مختلف أنواع النقل بالعاصمة.

يوضح صلاح الدين عوام، واحد من سائقي التاكسي الأخضر، أن الشباب يتفرقون حسب الأماكن ويقفون في مجموعات صغيرة، منهم أمام البرلمان، وبقصبة الأوداية، وأمام ضريح محمد الخامس، في انتظار زبائن لوسيلة نقل ما تزال جديدة وغير مألوفة.

خضع صلاح الدين وحمزة وأنس وباقي الشباب الخمسين، سائقي التاكسيات الخضر لتدريب مكثف، في اللغات وتراث المدينة، وفي الاستقبال والتواصل مع الزبائن، مما يجعلهم يقدمون إلى جانب الفسحة والتجوال معلومات عن مدينة الرباط وتاريخها.

يطمح الشباب لتطوير شراكات مع الفنادق للعمل في تسهيل حركة التجول للسياح الأجانب داخل المدينة، وفي المقابل تعرف الدراجات إقبالا مماثلا من المغاربة سواء المقيمين بالرباط أو زوارها.

‪تم تمويل المشروع من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بهدف إيجاد فرص عمل جديدة للشباب‬ (الجزيرة)
‪تم تمويل المشروع من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بهدف إيجاد فرص عمل جديدة للشباب‬ (الجزيرة)

مواكبة التطور
تقول عبد السلام الرابحي رئيس تعاونية "الأنوار للنقل الإيكولوجي والسياحي" -في حديث للجزيرة نت- إن التاكسي الأخضر يطمح لمواكبة الطفرة التي تعرفها مدينة الرباط، ويهدف للإسهام في تألقها وإشعاعها السياحي.

وتوضح فاطمة الكداري رئيسة جمعية "نقطة انطلاق" الحاملة للمشروع والمساهمة في تأطير الشباب وتكوينهم أن هذا المشروع مدر للدخل، ويتيح لسكان المدينة استخدام وسائل نقل إيكولوجية وخلق فرص عمل لفائدة الشباب.

وتضيف أن مشروع النقل الإيكولوجي يجيب على التزامات المغرب في إطار المحافظة على البيئة.

أسطول أخضر يتمدد
أوضح رئيس الحكومة سعد الدين العثماني -في ندوة صحافية عقب أول اجتماع للجنة الإستراتيجية للتنمية المستدامة- أن المغرب سيشرع ابتداء من 2019 في تنفيذ إستراتيجية جديدة لتدبير النقل العمومي المستدام الذي يعتمد على التقليل ما أمكن من استعمال المواد البترولية في التنقلات اليومية.

وقال العثماني "حددنا نسبة 10% سنويا لشراء هذه السيارات الخضراء لفائدة الأفراد بالإدارات والنقل العمومي".

وتهدف الحكومة إلى رفع نسبة السيارات الإيكولوجية الهجينة أو الكهربائية التي تقتنيها الدولة بنسبة تصل إلى 30% سنة 2021، مع خفض نسبة استهلاك الوقود بالطن بنسبة ما يقارب ناقص 10% سنة 2020 وبنسبة ناقص 15% سنة 2021.

المصدر : الجزيرة