قتل الفلسطينيين لبناء دولة توراتية

وديع عواودة-حيفا
سلطت وثائق ضبطتها أجهزة الأمن الإسرائيلية الضوء على أن عصابات "تدفيع الثمن" تخطط لجرائم قتل بحق الفلسطينيين من أجل تقويض الاستقرار تمهيدا لبناء دولة توراتية.
ومن هذه الوثائق التي كشف عنها اليوم وثيقة اسمها "ملكوت الشر" تم ضبطها لدى موشيه أورباخ (24 عاما) وهو مستوطن ينتمي للمتدينين المتزمتين (الحريديم) من منطقة تل أبيب، واعتقل الأسبوع الماضي بتهمة حرق كنيسة الخبز والسمك في طبريا.
وتضع الوثيقة القاعدة المبدئية للمساس بالفلسطينيين ومقدساتهم، وتشمل دليلا للتهرب من التعقب والتحقيق.
كما عثر على وثيقة أخرى وضعها مستوطن يدعى مئير إيتنغر (23 عاما) من مستوطنة "جفعات رونين" شمال الضفة الغربية، وهو حفيد الحاخام العنصري المتطرف الراحل مائير كهانا.
وظهرت عصابات "تدفيع الثمن" عام 2008 ونفذت جرائمها لردع قوات الاحتلال عن إخلاء بؤر استيطانية، وفي عام 2013 انتقلت للمساس بالمساجد والكنائس على طرفي الخط الأخضر، والاعتداء على الفلسطينيين.
وتقدر أجهزة الأمن الإسرائيلية أن هناك "العشرات من غلاة المستوطنين يقفون خلف الجرائم بحق الفلسطينيين، ويهدفون إلى بناء دولة شريعة يهودية".
وترجح الشرطة الإسرائيلية أن الذين أحرقوا الأسرة الفلسطينية في دوما هم من أحرق كنيسة طبريا داخل أراضي 48 قبل نحو شهرين، وتقدر أنهم يقيمون في بؤر استيطانية معزولة.

زعزعة الحكم
ويستدل من الوثائق على أن المستوطنين المتشددين "فوضويون ومعادون للصهيونية ويبررون العمليات العدوانية وجرائم الحرق والقتل".
ويتطلع هؤلاء -بحسب الوثائق- "لزعزعة أركان نظام الحكم في إسرائيل ورعاية انقلاب يفضي لدولة دينية تقوم على الشرع اليهودي، ولذا فهم مستعدون للموت في سبيل هدفهم المنشود".
وفي مستوطنة "يتسهار" تنشط أكثر جماعات المستوطنين تطرفا، وما زالت تسوق وتمجد كتاب الفتاوى "عقيدة الملك" التي تبيح قتل الأغيار، استنادا إلى تفسيرات العهد القديم ومصادر التشريع اليهودي.
وكان الكتاب قد صدر عن حاخامين يقيمان في مستوطنة "يتسهار" هما يتسحاق شبيرا رئيس المدرسة اليهودية ويوسي إيليتسور، ويعج الكتاب بتبريرات قتل الأغيار.
ويقول الحاخامان في مقدمة الكتاب إن "فرائض نوح السبع تلزم بني البشر جميعا وتحظر الهرطقة، ولذا يحق قتل من ينتهك هذه الفرائض".
ويشير الباحث في شؤون المستوطنين حاييم ليفنسون للجزيرة نت إلى أن هؤلاء المتشددين يعملون بسرية كاملة ضمن خلايا صغيرة لا توجد بينها صلة تنظيمية.
ويؤكد أن هؤلاء نموا وترعرعوا على فتاوى وتصريحات خطيرة ضد الفلسطينيين حتى خرج المارد من القمقم وفقدت سلطات الأمن السيطرة عليه، كما ينعكس في تحريض دموي من قبلهم على الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين لاستنكاره جريمة دوما.

إرهابيون جدد
ويلفت ليفنسون إلى أن ناشطا قديما يقف على رأس كل خلية، مرجحا أن تهديدات أجهزة الأمن بمكافحتهم لن تردعهم في هذه المرحلة.
ويقول ليفنسون إن المستوطنين في الضفة الغربية البالغ عددهم نحو نصف مليون نسمة ينتمون لعشرات المدارس الدينية متفاوتة التطرف، لكن "حلم أرض إسرائيل الكاملة يجمعها".
ويشير لانقسامهم على جرائم المتشددين منهم خاصة بعد اتساع ظاهرة المستوطنين الشباب الذين يتميزون بتوجهات غيبية وتدفعهم الحداثة للعودة للماضي بحثا عن "فترة التوراة".
ويوضح أن أجهزة الأمن تعرف الكثير عنهم، لكنها تواجه صعوبة في توفير أدلة قضائية تدينهم، خاصة أنهم يمارسون الحق بالصمت خلال التحقيق معهم، مشددا على أنه "دون التعامل معهم كتنظيم إرهابي لا يمكن مكافحتهم".
وهذا ما يؤكده الحاخام المعادي للصهيونية إلياهو كاوفمان من أن القائمين على الرؤى المتطرفة منفصلون عن الحاخامات ويعتبرونهم "معتدلين"، ويرفضون أي وصاية خارجية عليهم.
ويوضح كاوفمان للجزيرة نت أن "هؤلاء الإرهابيين اليهود الجدد بخلاف إرهابيين سابقين يتطلعون للقيام بجرائم بشعة من شأنها أن تشعل برميل بارود كالمساس بالمسجد الأقصى".