جعفر محمد النميري
عرفت علاقة الرئيس السوداني الأسبق جعفر محمد النميري بقضية جنوب السودان لحظتين هامتين، كانت أولاهما التفاوض والاتفاق الذي جسدته اتفاقية أديس أبابا أوائل السبعينيات، وثانيتهما الاختلاف والمواجهات الدامية حينما جمد النميري تلك الاتفاقية.
قام النميري عام 1983 بتقسيم الجنوب الذي كان ولاية واحدة إلى ثلاث ولايات (أعالي النيل وبحر الغزال والاستوائية) تلبية لرغبة بعض الجنوبيين خاصة جوزيف لاغو الذي كان يخشى من سيطرة قبيلة الدينكا على مقاليد الأمور في الجنوب، وكان أبيل ألير نائب الرئيس النميري من قبيلة الدينكا، وكان مسيطرا على جميع أمور الجنوب. ويذكر أن اتفاقية أديس أبابا تنص على جعل الجنوب ولاية واحدة، ولهذا اعتبر البعض تصرف النميري بمثابة إلغاء لاتفاقية أديس أبابا.
” – ولد جعفر محمد النميري في أم درمان عام 1930 – حصل على الماجستير في العلوم العسكرية من الولايات المتحدة الأميركية – عمل ضابطا في الجيش السوداني قبل أن يصبح رئيس مجلس ثورة مايو 1969 – استمر في الحكم إلى أبريل/ نيسان 1985 – رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي الحاكم – لاجئ سياسي في مصر من 1985 إلى 2000 تاريخ عودته للسودان ” |
وتعقد الصراع أكثر بين الشمال والجنوب حينما بدأت بوادر الاكتشافات النفطية تظهر في جنوب السودان أوائل الثمانينيات. وفي منتصف العام 1983 اتهمت حكومة الرئيس جعفر النميري الرائد كاربينو كوانين قائد الكتيبة 105 بمنطقة بور جنوب السودان باختلاس أموال وحاولت التحقيق معه فأعلن تمرده، فشنت القوات الحكومية هجوما على الكتيبة لإخضاعها، ما أدى إلى هربها إلى أدغال الاستوائية لتصبح في ما بعد نواة الجيش الشعبي.
كلفت حكومة الخرطوم العقيد جون قرنق بتأديب تلك الكتيبة وقائدها، إلا أنه أعلن انضمامه إلى المتمردين مؤسسا الحركة الشعبية لتحرير السودان وجناحها العسكري الجيش الشعبي.
وقد كان في إعلان النميري تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية في سبتمبر/ أيلول 1983 مدعاة بالنسبة للجنوبيين للنفور أكثر من حكومة الخرطوم. ورفع المتمردون شعارات يسارية ووجدوا في الرئيس الإثيوبي مانغستو هيلا ماريام سندا قويا وقاعدة خلفية واشتدت محاربتهم للحكومة.
ومع أن عهد النميري الذي دام 16 سنة كان قد عرف أطول هدنة بين المتمردين والحكومة المركزية بالخرطوم دامت 11 عاما، فإنه عرف أيضا ظهور الحركة الشعبية وجناحها العسكري الجيش الشعبي لتحرير السودان، كما عرف بروز جون قرنق أبرز زعماء المتمردين وشهدت الحرب الأهلية في عهده فصولا دامية.