أولى حروب القرن

مجزرة الأسرى في قلعة جانغي

لماذا وكيف قتل الأسرى السجناء من حركة طالبان وتنظيم القاعدة في قلعة جانغي؟ ما هي خطوات عمل منظمة الصليب الأحمر تجاه المجزرة والتحقيقات التي تجريها؟ ما هو الدور الأميركي والأفغاني في المجزرة؟
مقدم الحلقة محمد كريشان
ضيوف الحلقة كمال سماري – الناطق باسم منظمة العفو الدولية
مطيع الله تائب – كاتب وصحفي أفغاني
د. عامر الزمالي – مستشار منظمة الصليب الأحمر الدولي
ديفيد أيسبي – خبير في قضايا الأمن والدفاع
تاريخ الحلقة 29/11/2001

– قتل الأسرى في قلعة جانغي
– خطوات عمل منظمة الصليب الأحمر تجاه المجزرة
– الدور الأميركي والأفغاني في المجزرة

undefined
undefined
undefined
undefined
undefined

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، أهلاً بكم إلى حلقة جديدة من برنامج (أولى حروب القرن) ونخصصها هذه المرة لملابسات مقتل السجناء العرب والأجانب في قلعة جانجي بمزار الشريف هؤلاء الذين قتلوا عن بكرة أبيهم بحجة.. بحجة أنهم تمردوا وقتلوا عشرين من حراسهم تساؤلات شتى تثور حول مصداقية هذه الرواية، فكثير من الجهات أخذت تسمي ما حدث (مجزرة مدبرة) وتقول أن المتطوعين العرب والأجانب قتلوا في إطار عملية تصفية للأسرى ليس إلا، ولا يمكن تناسي ما نصح به وزير الدفاع الأميركي (دونالد رامسفيلد) عن التخلص من الأسرى والتساؤل الأساسي يكمن في المعايير التي تتعامل بها واشنطن وحلفاؤها، وإلى أي مدى تحولت الحرب من هدفها المعلن، أي محاربة الإرهاب إلى عمليات انتقام عمياء.

ضيوفنا في هذه الحلقة من (أولى حروب القرن) هم: من واشنطن السيد ديفيد أيسبي، وهو خبير بقضايا الأمن والدفاع، وكتب كثيراً عن الشأن الأفغاني، في الاستديو الخبير الأفغاني مطيع الله تائب من موقع إسلام أون لاين على شبكة الإنترنت، وعبر الأقمار الاصطناعية من لندن الدكتور عامر الزمالي (مستشار منتظمة الصليب الأحمر الدولية)، وكمال السماري (من منظمة العفو الدولية).

أهلاً بكم جميعاً، إذاً لنتابع في البداية هذا التقرير لحسن إبراهيم.

قتل الأسرى في قلعة جانجي.

تقرير/ حسن إبراهيم: هذا ما تبقى من أسرى القلعة أشلاء تبعثرت في أرجاء القلعة السجن أو ربما القلعة المحرقة، صور تثير الاشمئزاز نعم، لكنها تعطي درساً في أخلاقيات الحرب التي تشنها الولايات المتحدة ضد الإرهاب، صور الجثث المتناثرة وحدها تنبئ أن ما حدث كان مجزرة، وهذا ما أعتقده معظم مراقبي الشأن الأفغاني، لا يوجد مبرر واحد لما حدث ولا منطق يفسره، فالمتطوعون الذين استسلموا في قندوز -ومعظمهم من المتطوعين العرب- ركنوا إلى أن الأوزبك بقيادة عبد الرشيد دستم قد يكونون أقل رغبة في قتلهم من جنود تحالف الشمال ومعظمهم من الطاجيك أتباع أسد بانشير أحمد شاه مسعود، الذي اغتيل على يد صحفيين جزائريين، وبالتالي فإن الطاجيك يتحرقون للفتك بالعربي، لكن يبدو أنهم كانوا المستجير من الرمضاء بالنار، فقد سجنهم الأوزبك في قلعة قرب مزار الشريف، ثم أتت الأنباء عن قتلهم بعد أن تمردوا، أتت الأنباء من طرف واحد بالطبع، هو الطرف المنتصر حيث أن الطرف الآخر قد أبيد عن بكرة أبيه فلم تتح فرصة للعالم أن يرى أو يسمع قصة مضادة، المنطق يقول إنه لو تمرد سجناء على حراسهم، ثم استولوا على أسلحتهم فإن ما في حوزة السجناء من سلاح يساوي فقط ما استولوا عليه من حراسهم، وحتى لو صح أنهم وجدوا مخازن سلاح داخل القلعة وتمكنوا من قتل عشرين من الحراس، فكيف تمكنوا إذاً من القتال لمدة ثلاثة أيام بالذخيرة، التي لا شك أنها كانت محدودة، وإن كانت كتائب وقوات التحالف الشمالي تحاصر القلعة، فما الحاجة إذاً إلى القصف بالطائرات الأميركية لمساجين في قلعة محاصرة؟!

ألا يستدعي منطق العقل تسمية الأشياء بمسمياتها؟!

قال المراقبون للشأن الأفغاني إنه القتل بدم بارد، وقال بعض المحللين إن السجناء العرب راحوا ضحية تعطش بعض قادة التحالف الشمالي إلى الدماء العربية ورغبتهم في الانتقام، وقد يذكر البعض تصريحات وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد التي دعت التحالف الشمالي إلى عدم أخذ أسرى.

قصفت الطائرات الأميركية تمرد السجناء بقنابلها الضخمة التي ما كان لها أن تحيد عن هدفها، ولنتصور معاً أطنان من المواد المتفجرة ألقيت على قلعة حشر فيها مئات الأسرى، وهكذا حوصر السجناء ما بين السماء التي أمطرتهم حمماً أميركية وما بين الأرض التي اكتظت بدبابات ورشاشات وخناجر التحالف الشمالي. إحصائيات التحالف الشمالي قدرت عدد القتلى من الأجانب الباكستانيين والشيشان والعرب ولم تكن مصادفة على الإطلاق أن عدد القتلى يتطابق مع عدد الأسرى.

محمد كريشان: تقرير حسن إبراهيم، وقد تضمن –كما تابعنا- مشاهد مؤثرة للغاية. سيد مطيع الله تائب، ما هو تقييمك لما جرى؟

مطيع الله تائب: بسم الله الرحمن الرحيم. ما جرى، ولا شك أنه بعيد عن كل أخلاقيات الحرب، وكان يعني برأيي، حتى الآن كما سمعنا فقط من طرف واحد رواية واحدة، حتى في حالة أنهم تمردوا، التمرد هذا يعني أخمد بطريقة دموية جداً، وممكن.. كان هناك بالإمكان تجنب حدوث هذه المجزرة بطرق أخرى أو حتى يتجنبوا عدد قتلى أكبر بهذه الصورة، لكن ما رأيناه الآن في التقرير ومن الصورة خلال الأيام الأربعة الماضية، تنبئ أن الحادثة كانت حادثة كبيرة جداً، ولابد أن نقف عندها وقفة، لأن هناك.. مازال هناك أسرى بأيدي الجبهة المتحدة في الشمال وفي أماكن أخرى، لعدم حدوث مجازر جديدة –إذا صح التعبير- إذا كان هناك توجه للتخلص منهم، فأنا شخصياً وقفت يعني دهشت من هول ما تم في قلعة جانجي من استخدام طائرات وقصف شديد على هؤلاء الأسرى الذين قد رووا بعض الشهود أن بعضهم كانوا مكبلي الأيدي من الخلف، وهم موتى.. وقد قتلوا فما زال هناك كثير من الشكوك..

محمد كريشان [مقاطعاً]: يعني على الأقل يتم الاعتبار بما جرى، على الأقل بالنسبة للبقية هو ما جرى.. الحقيقة لا توجد رواية واحدة لما جرى، يعني في عملية استعراض سريعة البعض تحدث عن أن أحدهم فجر نفسه وفي الفوضى التي عمت استولى المسلحون أو الأسرى –بالأحرى- على الأسلحة وبدأت الاشتباكات، رواية أخرى تتحدث عن شجار بين الأسرى ومعظمهم من أنصار القاعدة وبين صحفيين أجانب أمطروهم بأسئلة مزعجة، ثم بدأت الاشتباكات، البعض تحدث عن شجار وقع بين محقق أميركي أراد استفزاز أحدث العناصر، رواية أخرى تتحدث بأن الأسرى دخلوا وخبؤوا أسلحتهم تحت المعاطف –حسب رواية بعض الأميركيين- ولكن صحفي في مجلة التايم قالوا بأن.. قال بأنهم كانوا عزلاً واستولوا لاحقاً على أسلحة الحراس، إذاً هناك –الحقيقة- التباس وربما هذا ما دفع منظمة العفو الدولية أن تطالب بفتح تحقيق، السماري كمال السماوي ما هو الهدف من هذا التحقيق الذي دعوتم إليه.. سيد.. سيد، يبدو أن هناك خطأ في موضوع الصوت، في انتظار اتضاح الصورة، نعود مرة أخرى مع السيد مطيع الله تائب، موضوع التحقيق أنت أشرت بأن البعض كانت.. كانت أيديهم موثوقة من الخلف مما يدل على أنهم في الحقيقة لم يستولوا لا على أسلحة ولم يتمردوا، برأيك إذا ما جرى هل هو مقصود أم نتيجة وضع هكذا انطلق بشكل فجائي؟

مطيع الله تائب: نحن الآن أمام رواية واحدة من الصعب الآن الحكم على هذه الرواية أن هذه الرواية خطأ، وأن ما تم هو مذبحة بدم بارد، ورواية الكثير التي قد قرأتها علينا جزء منها يشير إلى حدوث تمرد أو نوع من التمرد أو جزء من الأسرى قاموا بالتمرد، والجزء الباقي ممكن لم يوافقوهم، فممكن تم قتلهم، نحن الآن بانتظار تحقيقات اليوم حتى الأمم المتحدة، لجنة حقوق الإنسان و(ماري روبنسون) بنفسها طالبت بالتحقيق في هذا المجال، فبانتظار نتائج هذه التحقيقات والاستماع إلى آراء أخرى، ولا شك أن هناك.. لا شك أن هناك جهات قد تدلي بآراء جديدة لتوضيح الصورة، ولكن هذا لا يجنب من قاموا بهذه الأعمال المسائلة على الأقل في البحث عن طرق أخرى أكثر سلمية للحل هذه الأزمة وإخماد هذا التمرد.

محمد كريشان: نعم، سيد كمال السماري نعود مرة أخرى إلى لندن، سيد كمال السماري لماذا طالبتم في منظمة العفو الدولية بفتح تحقيق وأبديتم بعض التشكك في الروايات التي ذكرت من قبل تحالف الشمال؟

كمال السماري: نحن.. نحن أمام تباين روايات مثلما أشرتم، ونحن طالبنا بفتح تحقيق للوصول للحقيقة، أي لحقيقة ما جرى وهذه المسؤولية تقع أولاً وبالذات على قيادة التحالف الشمالي والحكومة البريطانية والحكومة الأميركية بالنظر لمشاركة قواتها الخاصة في هذه العملية، منذ البداية أي منذ استسلام هؤلاء من قندوز، حيث قيل لنا وتردد آنذاك –إن القوات الخاصة الأميركية تقوم بالتحقيق في أسماء الذين سلموا أنفسهم، وبين اللحظة اللي تمت فيها التسليم وبعد الساعات التي أعلن فيها عن روايات مختلفة، نحن نريد أن يتم الآن بسرعة وبطريقة موضوعية التحقيق فيما جرى، ونحن بالطبع من ناحيتنا نحقق في هذه القضية، وسنعلن عن التحقيقات.. عن نتائج تحقيقاتنا، علماً أنه ترددت اليوم في الأنباء أن قائداً في حلف التحالف الشمالي قال إنه يرحب بمساهمة منظمة العفو الدولية في هذا التحقيق، وكان ردنا أولاً أن يأتي الجواب يعني مكتوباً، ثانياً أن منظمة العفو الدولية، لا يمكن لها أن تحل محل القوات التحالف والإدارة الأميركية والحكومة البريطانية في فتح تحقيق، ولكنها مستعدة لأن توجه مبعوثاً لمعاينة هذا التحقيق، ولأداء.. ولإعطاء الخبرات التي تملكه منظمة العفو الدولية، ولن هذا أمر سابق لأوانه، قد يكون الموضوع يعني فيه بعض التشكيك كذلك.

محمد كريشان: نعم، دكتور عامر الزمالي من الصليب الأحمر الدولي، والصليب الأحمر دخل إلى قلعة جانجي وساهم في إجلاء الجرحى، هذا إذا كان هناك جرحى أصلاً يعني وإنما حاول أن يجمع أشلاء جثث وتابعنا عملية الإجلاء هذه، دكتور زمالي كيف تابعتم في منظمة الصليب الأحمر الدولي هذه المجزرة، بغض النظر الآن إن كانت مدبرة أم نتيجة تمرد –كما ذكر-؟

د. عامر الزمالي: طبعاً نحن تابعنا الموضوع منذ بدايته، لا سيما وأن مندوبين من مندوبينا كانا يوم الأحد الماضي بصدد إجراء محادثات أولية مع المسؤولين عن الأسرى، وأثناء ذلك تناهى إلى سمعهم إطلاق نار وصخب وضوضاء فبطبيعة الحال شعرا بأن الظروف الأمنية داخل القلعة لم تكن متوفرة إطلاقاً، فنجوا بنفسيهما خارج القلعة، تاركين حتى سيارة الصليب الأحمر، ثم حاولا العودة بعد ذلك، ولم يفلحا في الإبان، لكن المحادثات لم تنته مع المسؤولين عن الأسرى سواء بين اللجنة الدولية وهؤلاء المسؤولين أو التنسيق مع الهلال الأحمر الأفغاني، حتى استطاع المندوبون.. مندوبو اللجنة الدولية أن يتمكن.. حتى استطاعوا أن يحصلوا على موافقة على سحب الجثث، وفعلاً بدأ ذلك ظهر أمس وتواصل اليوم، وحسب علمي، قبيل مجيئي إلى هذا الحديث سجلنا تقريباً 118 جثة وبطبيعة الحال اللجنة تعمل كل ما فيه وسعها على الأقل لمعرفة هؤلاء، فحتى الآن يجري تصوير الجثث، وبطبيعة الحال لنا بنك معلومات، المهم أن هنالك العملية لا تزال متواصلة، هذا الرقم الذي أشرت إليه هو رقم أولي ليس إلا، هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى فمجمل القول في هذه القضية أننا نحرص قبل كل شيء على إنقاذ الحد الأدنى من مفهوم الإنسانية، حتى بطبيعة الحال في أعسر الظروف، وليس هنالك ظروف أعسر من الموت بالنسبة للموتى، هؤلاء -على الأقل –تحفظ قيمتهم الإنسانية بدفنهم وفق الحدود الدنيا من واجبات الدفن.

محمد كريشان: دكتور زمالي منظمة الصليب الأحمر الدولية أعلنت أيضاً –عندما دخلت مزار الشريف- بأن هناك زهاء 600 جثة كانت هناك والآن يضاف هذا العدد من الأسرى الذي قتلوا في ظروف مازالت غامضة وإن كانت ترجع وقوع مذبحة، بالنسبة للصليب الأحمر، هل لديكم نية القيام بتحقيق معين وإعلان نتائجه، هل لديكم نية التنسيق مع منظمة العفو الدولية أو غيرها؟

ما هي الخطوات التي تنوون القيام بها بشكل عملي؟

خطوات عمل منظمة الصليب الأحمر تجاه المجزرة.

د. عامر الزمالي: نحن بشكل عملي –كما تلاحظ أستاذ محمد أننا حريصون على القيام بالعمل الإنساني، ربما تاركين لغيرنا القيام بما يمكن القيام به من منطلقاته ووفق وصول عمله، لكننا –بطبيعة الحال- الآن الأولوية هي البحث عن الجثث وجمع الجثث ودفن الجثث، حتى لا تبقى في العراء، وحتى بطبيعة الحال نتمكن من جمع المعلومات، اهتمامنا بهذا الموضوع لا يعفينا من الاهتمام بالأحياء فقد زرنا الأسرى في كابول 100 أسير، وزرنا الأسرى الأحياء في مزار الشريف 250 أسير أما فيما.. هذا كما ذكرت الأحياء، أما ما يتم الآن من ناحية عملية فهو محاولة التسجيل وجمع الجثث ودفنها في مقبرة اتفق عليها خارج بطبيعة الحال مزار الشريف تقريباً حوالي عشرين كيلو متر.

الدور الأمريكي والأفغاني في المجزرة.

محمد كريشان: نعم، قبل أن نذهب إلى واشنطن فقط نذكر بأن ناطقة باسم وزارة الدفع الأميركية –البنتاجون- (فيكتوريا كلارك)وصفت ما جرى بالقول بأنه مجزرة، هذا أمر غير موثوق، المعلومات التي تحدثت عن ذلك معلومات غير موثوقة –حسب تعبيرها- الناطق الأميركي باسم التحالف الغربي في إسلام آباد قال بأن الذين قتلوا.. قتلوا خلال معركة حقيقية –حسب وصفه- قال بأن القول بأنها مذبحة هذا لا ينطبق على الواقع، إذاً هناك اتجاه أميركي بشكل عام إلى نفي صفة المذبحة على ما جرى، ونريد أن نسأل السيد ديفيد أيسبي، وهو خبير بقضايا الأمن والدفاع وكتب كثيراً عن الشأن الأفغاني، كيف يصف ما جرى، هل يشاطر وجهة النظر الأميركية هذه؟

ديفيد أيسبي: بالتأكيد كانت مأساة بشعة، هذا هو الوصف الدقيق، بالتأكيد سوف يعتمد على تحري الحقائق، ولكن ما حدث في أفغانستان منذ عام 1979 كان مأساة كبيرة، وأعتقد إننا عندما نأخذ.. نستثني هذه الحادثة من الأحداث البشعة التي قتلت أكثر من مليون أفغاني منذ عام 1978 سيكون خطأ وسيستخدم لأغراض سياسية.

محمد كريشان: ولكن سيد أيسبون.. أيسبي عفواً هل تعتقد بأن ما جرى كان نتيجة ضوء أخضر قدمه –إلى حد ما- وزير الدفاع الأميركي أو لنقول غطاء سياسي لما جرى؟

د. يفيد أيسبي: لا أعتقد ذلك، ومع الأسف، فإن هذه الأحداث تحدث في مزار الشريف، وفي منطقة مزار الشريف من قبل عندما تحالف أجانب مع طالبان وقاموا بإعدام اثنين من جنود التحالف الشمالي الذين كانوا يتفاوضون حول الاستسلام في مرحلة مبكرة، ومع الأسف يبدو أنه كان هناك دورة من الانتقام.. عمليات الانتقام ومذابح الشيعة والمسلمين من قبل المتشددين الباكستانيين، لذلك فإنني اشك في.. أن الرغبة في الانتقام، رغم أنها مؤسفة كانت حقيقية في مزار الشريف أيضاً.

محمد كريشان: ولكن إذا أخذنا ما ذكرته الناطقة باسم مكتب الشؤون الأسيوية في منظمة العفو الدولية، تقول: غياب المحاسبة في السابق عما جرى في أفغانستان هو الذي ولد هذا الوضع، لكن لا يجب أن نسمح بذلك الآن، وتضيف بأن انتهاكات طالبان لا يمكن أن تبرر انتهاكات مماثلة يرتكبها تحالف الشمال مدعوماً بالولايات المتحدة وبريطانيا هل ما جرى يمكن تبريره بما جرى سابقاً من انتهاكات؟

ديفيد أيسبي: كلا، بالتأكيد لا يمكن تبرير ذلك ولا يمكن أيضاً أن نبرر أفعال طالبان ولكن يجب أن نتذكر بأن هذه مشكلة في أفغانستان ومع الأفغان فالقضية المباشرة الآن هي إعادة سيادة القانون في أفغانستان ونوع من القانون الذين يمكن.. يرغب فيه الشعب الأفغاني، وعندها سيتولى.. سيتعين على الأفغان أن يتعاملوا ليس فقط مع هذه الحادثة بالذات، ولكن مع الأسف –مع عشرات السنين من الأحداث المشابهة، أي أنها مشكلة أفغانية والأمر متروك للأفغان لحله، وليس للبيض في الطبقة المتوسطة في الغرب بأن يشعروا بشيء.. بالرضا عن أنفسهم، هذه قضية أفغانية.

محمد كريشان: نعم، على كل حاولنا في بداية هذه الحلقة أن نأخذ مقاربة أولية من ضيوفنا هناك في الأستديو ومن لندن ومن واشنطن.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: ضيفنا في الاستديو السيد مطيع الله تائب يعني لا أريد أن أتعسف في تفسير كلام ضيفنا في واشنطن، ولكن يمكن القول أنه حاول أن يبرر –نوعاً ما- ما جرى، واعتبره بدون غطاء سياسي، بل واعتبره في سياق الاقتتال الأفغاني.. الأفغاني المستمر منذ سنوات هل يمكن أن تقبل كأفغاني مثل هذه الرواية؟

مطيع الله تائب: لا شك أن سيد ديفيد حاول تبرير هذا.. ما جرى بأنه قتال أفغاني أو جزء من طبيعة الصراع في أفغانستان الصراع الدائر في أفغانستان منذ عشرين سنة وأن الأميركان لا دخل لهم، وأن التحالف الغربي لم يكن له أي دخل فيما جرى، وأنا شخصياً أقول لا نستثني دور الأميركان ودور القوات البريطانية فيما حدث، وأنا أرى أن هناك توجهاً أميركياً في أن يجعلوا مما يحدث في أفغانستان حالياً، حتى بما فيهم هذه المجزرة وبما حدث في قلعة جانجي بالتبرير لوجودهم بأن أميركان عليهم أن يعيدوا الأمن في أفغانستان أن هناك ضرورة للوجود الأميركي في أفغانستان الوجود الغربي في أفغانستان لإعادة الأمن لإعادة الوقوف دون حدوث مجازر جديدة في أفغانستان، فهذا أيضاً يأتي في هذا السياق، الأميركان يريدون أن يظهروا بمظهر الذين يصنعون السلام الآن، بعد أن كسبوا المعركة، ويلقوا.. ويلقوا بكل.. بكل ما يعني..

محمد كريشان: مسؤوليات.

مطيع الله تائب: مسؤوليات فيما يحدث من بشاعة الحرب على الأفغان أنفسهم وبالتالي هذا له انعكاسات في داخل الأمة الإسلامية اللي متعاطفة مع أفغانستان واللي منتشرة، يعي دول الجوار لأنه فيه باكستانيين قتلوا، فيه شيشان، فيه أوزبك، هذا له آثار جانبية، والأميركان يستفيدوا من آثار هذه المجزرة ويريدون تبريره بأنه قتال أفغاني وخروج بأنفسهم..

محمد كريشان [مقاطعاً]: ولكن هل تحالف الشمال أعطى هذه الذريعة بشكل جيد، عندما اقتحم القلعة، وطلب المساعدة الأميركية وجاءت الطائرات الأميركية وقصفتا، يعني ربما أيضاً الأفغان هنا ربما يتحملون مسؤولية لا تقل فداحة عن مسؤولية الأميركيين في هذه الحال تحديداً؟

مطيع الله تائب: لا شك أن الآن قد ننتظر نتائج ما حدث ونتائج التحقيقات ما قد..

محمد كريشان: هل طلبوا أم لم يطلبوا؟ ربما لم يطلبوا..

مطيع الله تائب: هل طلبوا، لم يطلبوا، وما الذي حدث، وما الذي.. أفغانستان مازال مفتوح لكل الاحتمالات هناك، الأشخاص ولاءاتهم مختلفة، ما زالت.. وأنا لا أظن أن هناك يعني توجهاً.. توجهاً رسمياً من حكومة الرئيس رباني للقيام بمثل هذا والدليل أنه ما زال عندهم أسرى آخرين في قندوز، في مزار الشريف في كابول، ولكن ما جرى هناك قد ننتظر نتائج التحقيقات ولكن لا للتبرير الأميركي، لا للأميركان والغربيين أن يتملصوا من مسؤولية هذه الحادثة.

محمد كريشان: في انتظار التحقيق، ولو أن الدكتور عامر الزمالي في لندن قال بأن المنظمة الآن تعمل على الأرض وليس ربما من صلاحياتها أن تقوم بعمليات تحقيق كالتي ربما سيشرع فيها.. ستشرع فيها منظمة العفو الدولية قريباً، على كل في هذه الحالة، ربما اتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 آب أغسطس عام 49 اتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة الأسرى دكتور زمالي في المادة الثانية عشر فيما يتعلق بمسؤولية معاملة الأسرى يقول الفصل في الباب الثاني الحماية العامة لأسرى لأسرى يقول بالضبط: يقع أسرى الحرب تحت سلطة الدولة المعادية لا تحت سلطة الأفراد أو الوحدات العسكرية التي أسرتهم، وبخلاف المسؤوليات الفردية التي قد توجد، تكون الدولة الحاجزة مسؤولة عن المعاملة التي يلقاها الأسرى، في هذه الحالة كيف يمكن أن تفسر هذه المادة، وأنت خبير قانوني وتتابع هذه المسائل بشكل دقيق، هل يمكن لمنظمة الصليب الأحمر الدولي أن تتهم في هذه الحالة –وبناء على هذا البند تحديداً- الولايات المتحدة أو بريطانيا على أساس أنها هي ما يمكن وصفها بالدولة المعادية –بين قوسين- أو أنكم ربما تتهمون تحالف الشمال، كيف تنظرون إلى المسؤولية.. مسؤولية ما جرى على الأقل؟

د. عامر الزمالي: طبعاً هذا السؤال في غاية الأهمية، وبطبيعة الحال لقد يحتاج إلى مائدة مستديرة بذاتها، وسأكتفي فقط من الإشارة بالإيماء حول هذا الموضوع فهناك محوصل سؤالك أو أسئلتك ضمن هذا السؤال الكبير، أحوصل ذلك نقطتين، النقطة الأولى هي نقطة المسؤولية وبالتحديد مسؤولية الطرف الحاجز عن حياة الأسرى ومعاملتهم وكل ما توجبه أحكام أسرى الحرب هذا من جهة.

النقطة الثانية: هي طبيعة الحال –الإخلال بالواجبات المترتبة على المسؤولية، فمن الناحية القانونية، الطرف الحاجز مسؤول مسؤولية شاملة جامعة عن معاملة الأسرى الذين بحوزتهم، فطالما أنهم ليسوا في وضع مقاتلين ولهم صفة أسير الحرب، فهؤلاء محميون بموجب القانون الإنساني، ولا غبار على ذلك من الناحية القانونية، أما فيما يخص الآن الجزاء نوعاً ما المترتب عن الإخلال بإهمال المعاملة أو النيل من كرامة الأسرى أو من شخصهم أو من شرفهم إلى غير ذلك. فهذه الناحية هي متروكة أولاً لسلطات الدولة الحاجرة نفسها للتحقيق والتتبع وإيقاف من قام بالنيل من كرامة الأسرى ومن حياتهم ومتروكة أيضاً للقضاء، إن كان محلياً أو وطنياً أو دولياً بطبيعة الحال في حالات معينة، هنا اللجنة الدولة للصليب الأحمر في الحقيقة ليست في وضع خصم أو حكم ولا قاضيٍ، هذا يجب أن نؤكده بوضوح لماذا؟ لأن اللجنة الدولية يدور عملها في إطار المعاملة الإنسانية للأسرى، فهي من حقها أن تزور الأسرى وأن تتطلع على شؤونهم وأن تسجلهم أن تنقل رسائل إلى عائلاتهم، إذا أرادوا ذلك، وأن تقدم لهم كل المساعدة وأن تحرص على حمايتهم القانونية، في حالة قلعة جانجي، اللجنة الدولية لم تستطيع –للأسف الشديد- زيارة الأسرى، هذا هو لب القضية، ربما..

محمد كريشان [مقاطعاً]: سعيتم إلى.. عفواً سعيتم إلى ذلك ولم تتمكنوا..

د. عامر الزمالي: لو استطاعت اللجة الدولية لما حدث ما حدث..

محمد كريشان: يعني عفواً، هل سعيتم إلى ذلك ومنعتم من الزيارة؟

د. عامر الزمالي: الحقيقية نحن سعينا وقلت لكم إننا في.. كنا في بداية، وكنا على عين المكان يوم الأحد الماضي في بداية الحديث والتشاور مع المسؤولين عن الأسرى وللأسف الشديد الأحداث اتخذت مساراً آخر، فتوقف عملنا وفارق الأسرى الحياة دون أن نتمكن من التحدث إليهم وفق معاييرنا ومقاييسنا.

محمد كريشان: نعم، سيد كمال السماري، ما قاله الآن الدكتور زمالي، مع ما نقل عن بعض المسؤولين في منظمة العفو الدولية من تساؤلات حول مدى مصداقية حتى حدوث تمرد أصلاً، هل تشكون في رواية التمرد، هل لديكم تساؤلات حول وجود.. أصلاً وجود تمرد، يعني بعض الجمعيات، حتى بعض الجمعيات الإسلامية في باكستان وحتى بعض الأطراف الإسلامية في لندن شككت في وجود هذه الرواية تحدثت عن مؤامرة لجمع المساجين العرب والشيشان والباكستانيين في مكان وتصفيتهم بدم بارد، لا أكثر ولا أقل، هل لديكم بعض التساؤلات حول مصداقية مثل هذا الحديث؟ كمال السماري: في واقع الأمر من السابق لأوانه لدينا تساؤلات بالطبع.. من السابق لأوانه أنت قوم منظمة العفو الدولية الآن وهي في بداية التحقيق أن تصدر أحكام قاطعة أو أن تقوم بالتشكيك في هذه الرواية أو تلك، الذي أثار حيرتنا هو تباين الروايات بشأن هذه القضية وعدم اعتراف الأطراف المسؤولة على ذلك بأن انتهاكات ارتكبت، فالمسؤولية كل المسؤولية الآن ولا ينبغي أن تتنصل من ذلك الإدارة الأميركية أو الحكومة البريطانية أو.. أطراف القيادة في.. في التحالف من إجراء تحقيق، وبالتالي.. وإعطاء الفرصة لخبراء..، والاحتفاظ الآن –بمعناها- الشهادات، وببعض البصمات التي تمكن فيما بعد من الوقوف على ما جرى، أما تفنيد الروايات التي قالت بأن بعض السجناء كانوا مكبلي الأيدي، وبالتالي قد تم قتلهم، أو أن العملية كانت عملية تمرَّد، وإن كان الأمر كذلك فما هو مصير الـ 300 سجناء الآخرين، ولماذا لم تسمح.. يسمح لوفد الصليب الأحمر الدولي من القيام بمهامه مثلما هو موجود؟ يعني هذه أسئلة يريد.. تريد الآن بعض الأطراف أن تلوِّح بأن نحن في حالة حرب وحالة حرب وكأن هناك استثناء وقانون الغاب غير صحيح، للحرب قواعدها وقوانينها، وبالتالي ينبغي احترامها، والزميل معنا هنا في.. في.. في.. في الاستديو هو معنا سيد العارفين في هذا الموضوع، ولكن هناك –يعني- حدود يمكن أن تقوم بها.. يقوم بها الصليب الأحمر الدولي، ولكن مثلما قال منظمات هي ليست من صلاحياتها التحقيق في مثل هذه.. منظمة العفو الدولي، ولكن بالأولاً ومنظمات الأخرى، ولكن بالأساس الحكومات، بل كذلك القانون الدولي يسمح بأن تكون.. الحكومات الأخرى تقوم بالتحقيق بمثل هذا الموضوع إن.. تنصَّلت هذه الأطراف من مسؤولياتها، وهناك اتفاقيات جنيف أخرى البروتوكول الأول الإضافي هو كذلك صريح بخصوص قواعد الحرب..، ومعاملة أسرى الحرب، ومعاملة السجناء.

محمد كريشان: نعم، سيد إيسبي في.. في واشنطن، ألا تشعرون في هناك بضرورة فتح تحقيق، أم تعتقدون بأن الرواية الأميركية هي الرواية الصحيحة، وبالتالي على العالم أن يقبلها كما هي؟

ديفيد أيسبي: ليس لي علم، لا أدري فعلاً لم أكن هناك، ولكن مرة أخرى –كما قلت- آمل أن يتمكن الشعب الأفغاني عندما يكون له حكومته ويتم سيادة القانون هناك أن يتمكنوا من التعامل مع هذه المأساة البشعة والتي حدثت في كل أنحاء بلاده، وبالتأكيد سيكون عليه تحمل هذا العبء، مثل ما تحملته حكومات في جنوب أفريقيا وفي أميركا اللاتينية، سيكون قضية بالغة البشاعة، وخاصة.. بالتأكيد فإنه في.. هذه الأوقات، فإن العديد يبحثون عن متهمين الكثير من المعارضين لتدخل الولايات المتحدة، والقاعدة وطالبان يستخدمون ذلك كمثال على الاستعمارية.. روح الاستعمارية الأميركية، ولكن واقع الأمر إنها حرب دائرة في أفغانستان، وسيتعين على الأفغان أن يتخذوا قرار في كيفية التعامل معها، وبالتأكيد هناك بعض النوايا السياسية للآخرين، وماري روبرسون من الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية، أو المنظمات الأخرى لهم أيضاً برامجهم ونواياهم السياسية، ولديهم رؤى حول ما من ينبغي أن تكون.. يكون له السلطة في أفغانستان، ومن الذي يجب أن يستبعد، وهي قضايا ربما أتفق معها أو أعارضها، ولكنني أعتقد بأن الأفغان هم الذين يجب أن يتخذوا هذا القرار، ليس منظمة العفو الدولية، أو الأمم المتحدة.

محمد كريشان: ولكن سيد إيسبي، عندما تتحدث وكأن واشنطن لا ضلع لها بالمرة، الطائرات الأميركية قذفت الأسرى بصواريخ جو أرض، وبعضهم وجدت الجثث متفحمة وأيديهم مكبَّلة إلى الخلف، تتحدث وكأن الموضوع أفغاني أفغاني، أتعفي الإدارة الأميركية من أية مسؤولية؟ هل يمكن أن.. أن.. أن نعتبر ذلك من.. من كلامك؟

ديفيد أيسبي: بالتأكيد أن.. أنا آسف جداً رغم.. القصف في الشهور الماضية كما رأينا قتل عدداً من.. الأفغان.. من الأصدقاء الأفغان الذين لم يكون أيديهم مكبَّلة، وهذه كانت مأساة حقيقية، وهي.. وكلنا نشعر بالأسف بشأنها، ونأمل في المساعدات الإنسانية سوف تعوِّض هذا الشعب بشكل ما عن هذه المأساة.

محمد كريشان: سيد إيسبي، عفواً يعني ربما.. لم يصلك السؤال بالشكل المناسب، الطيران الأميركي –عفواً- الطيران الأميركي قصف القلعة بالقنابل، ما هي مسؤولية واشنطن في تحمل مسؤولية ما جرى؟

ديفيد أيسبي: لو كانت هناك مقاومة مسلحة، فأنت مقاتل، ولا يجب أن تجازف بأن تأخذ أناساً أسرى، فالجنود الأميركيون مدربين، وكذلك البريطانيون وهو جزء من تدريبهم، وإذا استأنفت القتال وأنت أسير فأنت مقاتل مرَّة أخرى، وأود أن أشير إلى أمثلة تاريخية أخرى على هذه الحالة، أفعال الأسرى اليابانيين، ومعسكر الأسرى في استراليا أثناء الحرب العالمية الثانية، وأسرى كوريا الشمالية في.. في الساحل الكوري أثناء الحرب الكورية، حدث ذلك من قبل وفقاً لاتفاقية جنيف فهم مقاتلون شرعيون، والولايات المتحدة ليست ملزمة بأن تتحرى حول أفعالها في كوسوفو وفي عمليات القصف السابقة طالما أنها لبَّت الخطوط التي أدلت أو نصت عليها معاهدة جنيف.

محمد كريشان: نعم، إذاً سيد إيسبي متمسك بموضوع بأن الأسرى تحولوا إلى مقاتلين طالما أنهم عادوا مرة أخرى إلى حمل السلاح حسب الرواية الأميركية.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: سيد مطيع الله تائب، نعود مرة أخرى لاتفاقات جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب الفصل.. المادة التاسعة عشر تتحدث عن ظروف إجلاء الأسرى وظروف المكان اللي يجب أن يذهبوا إليه، يقول الفصل: يتم إجلاء أسرى الحرب بأسرع ما يمكن بعد أسرهم، وينقلون إلى معسكرات تقع في منطقة تبعد بقدر كافٍ عن منطقة القتال حتى يكونوا في مأمنٍ من الخطر، هل تعتقد بأن هذا الشرط توفَّر، لأنه القلعة –أولاً- ليست بعيدة عن ساحات الحرب، وحتى بعض التقارير أشارت إلى وجود مخزن للأسلحة في هذه القلعة؟ وهو أيضاً أمر يزيد من.. من حجم التساؤلات عن أي مدى ما جرى هو تمرُّد أو فخ وقع فيه الأسرى أو عملية توريط لهم، كيف تنظر إلى هذه القصة بالتحديد؟

مطيع الله تائب: لاشك إن ظروف الحرب في أفغانستان قد لا تنطبق عليها كل هذه..

محمد كريشان: الفصول الجيدة.

مطيع الله تائب: الفصول اللي موجودة في هذا الكتاب أو في هذا الكتيب، والقلعة تقع خارج مدينة مزار الشريف في حدود 10 كيلو مترات ضمن شرق المدينة، وكما سمعت من بعض الروايات من قادة الجبهة المتحدة بالتحالف في شمال أفغانستان أن هؤلاء الأسرى بالذات لم يكونوا ممن تم استسلامهم عبر التنسيق والمفاوضات، بل هم كانوا تحركوا.. من عند أنفسهم من قندوز نحو مزار الشريف فأوقفوا قرب المطار، ثم جيء بهم، ثم استسلموا، إنهم هم استسلموا وجيء بهم في قلعة (جانجي).

محمد كريشان: نعم، هي قلعة قديمة منذ القرن التاسع عشر.

مطيع الله تائب: هي قلعة قديمة منذ تقريباً..

محمد كريشان: وكانت مقر لدستم، دستم معروف بأنه شخص شديد البأس، وحتى لا نصفه بأوصاف أخرى، هل أن تكون هذه القلعة مقر لدستم، ودستم على ما عرف به من.. من قسوة في التعامل لعب دوراً أيضاً في وقوع هذه..؟

مطيع الله تائب: …يعني يكون يعني قبل الأوان أن نحكم على.. على الروايات، أنا شخصياً لا أحكم على.. على ما حدث، لأن الروايات متضاربة، ولاسيما من أن الطرف الآخر لم نسمع، أكيد هناك أشخاص حسب ما سمعت أن هناك بعض.. السجناء تمكنوا من الفرار، بالأمس سمعت دستم في الـ B.B.C كان يقول هذا الكلام: أن هناك بعضهم تمكن من الفرار، ودخلوا ممكن في باب أحياء المدينة.

محمد كريشان: لو أنه من الصعب أن يفر شخص في الظروف التي تابعناها يعني..

مطيع الله تائب: أنا.. قلت لك كل.. كل هذه الروايات، ولكن جيء بهم في قلعة جانجي، ممكن كمكان بعيد عن المدينة أو لوجود جهات أجنبية أميركية وغربية لتحقق معهم، أنا –شخصياً- لا أدري إيش الظروف اللي جرت، لأن هناك أماكن أخرى، مثلاً ممكن المطار فيه خارج المدينة، الأماكن العسكرية اللي ممكن يحتفظوا بالسجناء، ولكن هم ممكن تحاشوا المجيء بهم إلى داخل المدينة وسجن المدينة في داخل مدينة مزار الشريف، قد لا تتصل بهم.. لا أدري الظروف التي جاء بهم، لكن أكيد هذه القلعة ليست سجن بالأساس، هي قلعة حربية قديمة استخدمت أثناء.. معارك أفغانستان كقلعة حربية تدار منها المعارك في مختلف الأوقات، وحتى في أيام طالبان كانت هذه قلعة.. قلعة حربية من.. تخزن فيه الأسلحة، وتتحرك منها القوات وتجتمع فيها، فاستخدمت هذه المرة كسجن، لكن أظن السجناء لم يبقوا فيها لفترة طويلة، لأن التمرُّد أو الحادثة بدأت بعد مجيئهم بساعات أو بأوقات محددة.

محمد كريشان: دكتور عامر الزمالي في.. في لندن، إذا ما عدنا لما صرح به ضيفنا في واشنطن وكرره حتى من قبله الناطق الأميركي باسم التحالف الغربي، عندما قال بأنه بمجرد ما يأخذ الأسير السلاح ويطلق رصاصة انتهى وضعه كأسير، أصبح مقاتلاً، وبالتالي عليه أن يتحمل مسؤولية هذا الخيار، هل تنظرون إلى مثل هذا الاحتمال بنوع من الجدية في الصليب الأحمر؟

د. عامر الزمالي: هذا الطرح طبعاً لا.. لا أشاطره إطلاقاً، ذلك أن الأسير طالما أنه يحمل صفة الأسير فهو ليس مقاتل، إما أن يكون مقاتل وإما أن يكون أسير، فلا يمكن أن نجعل شخصاً تحت غطائين في آن واحد في ظل القانون الدولي الإنساني، هذا لا يمكن إطلاقاً، الأسير هو الشخص الذي لم يعد قادراً على القتال، ووقع في قبضة العدو إما بتسليم نفسه، أو بإلقاء سلاحه، أو بقدرة العدو عليه بإصابته أو غير ذلك، هذا هو تقريباً.. التعريف الدولي المتعارف عليه، والذي كرَّسته المواثيق، مواثيق القانون الدولي الإنساني.

في هذه الحالة –بطبيعة الحال- أنت ذكرت أستاذ محمد المادة التاسعة عشر، فهنالك التزام واضح، وهو أن السلطة الحاجزة أيَّاً كانت عليها أن تضع الأسرى في أماكن بعيدة عن مناطق القتال، هذا لا لبس فيه، من جهة أخرى فبطبيعة الحال الأسير –كما قلت- لم يعد مقاتلاً، وإذا ما حدث اضطراب في معسكرات الأسرى، هذا بشكل عام مهما كان شكل معسكرات، فإن من حق الدولة الحاجزة أو الطرف الحاجز أن يثبت الأمن وأن يُعيد الهدوء إلى نصابه، وحتى إذا ما اضطر إذا استخدم السلاح فإنه يستخدمه في حدود الظروف التي تجيبها الحالة المعينة، لكن أن يقع الإجهاز على الأسرى بشكل شامل ودون حدود، فهذا بطبيعة الحال لا يوافق القانون الدولي الإنساني لا من قريبٍ ولا من بعيد، فهنالك مبدأ واضح إذا ما فرَّ الأسير، هنا نتحدث عن حالة أخرى، أي خرج من نطاق المكان الذي يوجد فيه كأسير من المعسكر أو المعتقل أو سمي.. سمي ما شئت، فهنا إذا فرَّ، وحمل السلاح، والتحق بالجبهة من حديد فهنا يصبح مقاتلاً، أما إذا كان مقيَّد الحرية بشكل أو بآخر فهو ليس مقاتلاً، وعلينا أن نؤكد ذلك بوضوح.

محمد كريشان: سيد كمال السماري، على افتراض أيضاً أن ما تم هو عملية تمرُّد، هل تعتقد بأن الرد لم يكن متناسباً مع ما جرى؟

كمال السماري: الرد في جميع الأحوال لم يكن متناسباً ألبته، فنتصور إحنا تلك معناه المئات من المسلحين –عفواً- من الجنود، من مدججين بالسلاح، والمعززين بالخبرات الأميركية كان بالإمكان لهم وهي في قلعة أن يحاصروا هؤلاء إن فعلاً وقع مثل هذا التمرُّد، ولا ينبغي، ولم يكن من المناسب ألبته أن يلجؤوا إلى تلك القنابل، والتي رأيناها، رأى بعض الصور منها على شاشة التليفزيون، الرد أولاً كان.. غير متناسباً ألبتة، بعدها ثانياً: لم يكن ضرورياً بالطريقة التي قدم بها، لم يتم استنفاد جميع الوسائل لمحاصرة وإلقاء عقاب أو تجريد هؤلاء السلاح من طريقة أو بأخرى، بأن هؤلاء الأسرى أصبحوا فجأة مقاتلين، لأنهم استولوا على أسلحة –إن صح الأمر- هذا أمر غير صحيح، هناك أخر تغيرات أخرى قيل بأن هؤلاء كانوا مصممين على الموت والشهادة، وكأن الموضوع، وأن موضوع قتلهم يعني موضوع –يعني- مفروغ منه، وأنا لا أشاطر ضيفنا في أميركا عندما يقول أن المشكلة الأفغانية هي من طرف الأفغان.

محمد كريشان: سيد.. سيد سماري، يعني سيد سماري أنا آسف على المقاطعة.

[موجز الأخبار]

محمد كريشان: نعود إلى لندن سيد كمال السماري، تفضل بإكمال مداخلتك.

كمال السماري: قلت: أنا لا أشاطر رأي ضيفنا في واشنطن بأن القضية هي قضية أفغانية أفغانية، عندما يتعلق الأمر بانتهاكات حقوق الإنسان فهي قضية تهم الجميع، وهو يعرف ذلك، والإدارة الأميركية عندما تأخذ مواقف حول هذا الموضوع، هي تأخذ مواقف بالنظر لشمولية قضايا حقوق الإنسان، فلا ينبغي الآن عندما تحدثوا على ما جرى من انتهاكات فظيعة ومقتل (…) شخص، أن يصبح الأمر.. يبقى أفغانياً أفغانياً.

ثانياً: منظمة العفو الدولية يا ضيفنا الكريم أستاذ ديفيد، مثلما تعرف، وكذلك المفوضية لحقوق الإنسان ليس لديها أجندة سياسية، الطرف الوحيد الذي ليس لديه أجندة سياسية في هذه القضية هي منظمة العفو الدولية، جميع الأطراف الأخرى –من ضمنها الإدارة الأميركية- لديها أجندة سياسية حول هذا الموضوع، فبالتالي ينبغي مواجهة الحقيقة صحيح معناه أن أهل مكة أدرى بشعابها، أي أن الأفغان أتمنى أن يستعيد الشعب الأفغاني عافيته، وأن يستعيد المواطن الأفغاني صوته وحريته، ولكن لا ينبغي كذلك، لأن ظروف الحرب وملابسات التحالفات تجعلنا نغض الطرف عن انتهاكات الحلفاء، لأن ذلك لا يخدم الشعب الأفغاني، ولا يخدم قضايا حرية الإنسان.

محمد كريشان: إذاً أن نذهب إلى ضيفنا في واشنطن السيد ديفيد أيسبي وهو (خبير بقضايا الأمن والدفاع)، وكتب كثيراً عن الشؤون الأفغانية، لنطرح عليه هذا التساؤل لكمال السماري، ونضيف أيضاً تساؤلاً آخر يتعلَّق بالمشاهد التي تابعناها وأوردتها وكالات الأنباء عن هذه المجزرة التي وقعت في مزار الشريف، هذه المرة كل الفظاعات وقع بثها والحديث عنها على عكس مثلاً ما جرى عندما قُصف مدينيون أفغان، في بدايات العمليات العسكرية كانت (الجزيرة) تقريباً هي التي تبث هذه الصور مما أثار حفيظة الولايات المتحدة، والسيد (رامسفيلد) تحديداً اعتبر (الجزيرة) مبالغة في هذه العملية الدعائية التي كانت تقوم بها حسب رأيه، الآن هذا الترويج للصور.. وأيضاً مشاهد كثيراً مؤلمة بشكل كبير، هل يدخل في إطار هذا الترويج الأميركي والذي أشار إليه كمال السماري من أن هذه الحرب هي أفغانية أفغانية، والفظاعات هي أفغانية أفغانية، مما يعني –ربما- تبريراً للوجود الأجنبي في أفغانستان لوضع حد لهذه.. الهمجية الأفغانية؟

ديفيد أيسبي: أولاً: بالتأكيد فإن موت الأفغانيين في القصف الأميركي لأفغانستان كان مأساة بشعة، وأنا متأثر كثيراً لما حدث هناك، فالعديد من الأفغان أصدقائي، وكل من ماتوا في القلعة كانوا أشخاص جاؤوا إلى أفغانستان فقط لقتل الأفغان، وفقط لقتل غيرهم من المسلمين، وكانوا هناك فقط للمشاركة في الحرب الأهلية ضد التحالف الأفغاني، حكومة تجري تحت قانون الشريعة، وهم ليسوا متفرجون، وبالتالي فإن اتفاقية جنيف تنص على أن المقاتل هو كل من يحمل سلاحاً، سواء كان نساء، ولو كان سجين سابق يحمل سلاح فهو مقاتل، ولست مطالباً بأن ترد بشكل متناسب مع.. في.. مع المقاتلين، فقد جعلوا من أنفسهم مقاتلين، وقتلوا أميركياً بوحشية، وتلقوا.. ردوا عليهم بضربات نارية، ومع.. إذا كان ما حدث.. أتفق معك في إنها مأساة، وأتمنى بأن يقوم الأفغان بالتحقيق في ذلك. كل إنسان وكل طرف لديه أجندة سياسية بما فيهم –بالتأكيد- الولايات المتحدة والجماعات الأفغانية المختلفة، وبالتأكيد أيضاً حتى المجموعات أو الجماعات الدولية، هذا واقع الأمر، ورغم ذلك فإننا نأمل بأنه ما حدث في الماضي فإن في المستقبل، لأن ذلك لن يقف في الطريق حجر عثرة عند تحديد..

محمد كريشان: سيد إيسبي، اسمح لي أن أعيد سؤال طرحته عليك في بداية الحلقة، ويتعلق بما قاله وزير الدفاع (دونالد رامسفيلد) من نوع ما محاولة مسبقة لتبرير قتل الأسرى، كان البعض يعتبره ضوء أخضر لقتل الأسرى، والصحفي (أليكس بيري) من مجلة التايم، يقول: وهنا أفتح قوس: الأميركيون والبريطانيون نسقوا ضرباتهم من مواقعهم داخل القلعة، ووجهوا القادة في الداخل أيضاً، إذاً هناك محاولة تبرير سياسي في البداية، ثم تنسيق عمليات ضد القلعة من قصف بالصواريخ، ثم ثالثاً: محاولة تبرير لما جرى على أنه لم يكن مذبحة وكان نتيجة تمرُّد، هل تعتقد بأن كل ما جرى في النهاية جرى بالتخطيط عن سبق إصرار وتعمد؟

ديفيد أيسبي: لا أعتقد ذلك بالتأكيد، مقتل الأميركي في البداية يثبت ذلك، لا يمكنك أن تبرر قتل الأسرى، توجد أي ظروف وفقاً للقانون الدولي يمكن تبرير ذلك عندها، يتم التبرير أفعالك فقط عندما تستخدم النيران الكثيفة ضد المقاتلين الذين يقاومون، إذا كانوا هؤلاء مختلطين مع السجناء، وهذا لا يتطلب منك، لا يستدعي منك أن توقف إطلاق النار، فإن المسؤولية تكون على المقاتلين أن يعزلوا أنفسهم عن غيرهم، وأنا بالتأكيد لا أعتقد بأنه كانت هناك مؤامرة، ولا أعتقد إن ما قاله وزير الدفاع (رامسفيلد) كان يعتبر كأمر الجنرال دستم، ولكل شخص يعرف الجنرال دستم يعرف إنه رجل قوي، وإنه يصدر قراراته بنفسه، ولا أعتقد بأنه سوف يقوم بأي فعل مثل هذا بناءً على طلب من شخصٍ آخر، وأنا أعتقد بأنه من المؤكد فإنه من الضروري إجراء تحقيق، ولكن مرة أخرى إن هذا جزء من مأساة أفغانستان، فنحن نتحدث عن أكثر من مليون قتيل، والدليل على.. يتحدثوا عن مائة وستين قتيل أجنبي، وماذا.. سأقول ماذا عن المليون ونصف أفغاني الذين قتلوا؟ هل سيتم التحقيق فيهم؟ وماذا ستفعلون حيالهم؟ وإذا قمنا باعتبارهم جزءاً من الاتفاق فأنا على استعداد لقبول ذلك الاقتراح.

محمد كريشان: على كل في انتظار التحقيق تبقى هناك عديد من التساؤلات المشروعة، سواء فيما يتعلق بالتقييم الآن في أفغانستان، فيما يتعلق بالدول التي ينتمي إليها هؤلاء الأسرى الذين ماتوا، وأيضاً دور الأمم المتحدة الذي بدى باهتاً وحتى متنصِّلاً من.. من مسؤوليته.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: سيد مطيع الله تائب ضيفنا في واشنطن، بطبيعة الحال مازال مصراً على طرحه، وهذا بطبيعة الحال من حقه على أن ما جرى هو شأن بالأساس أفغاني أفغاني، هل تعتقد بأن مثل هذا الطرح له أهداف معينة؟

مطيع الله تائب: لاشك كما أشرت من قبل، يعني أريد أركز على شيء أن كل ما جرى في أفغانستان حتى الآن جزء كبير منه.. من التدخل الأجنبي، يعني أن نُحيل كل شيء على الأفغان أنفسهم، هذا أيضاً ليس صحيح، وأن نجنِّب الأفغان كذلك من بعض مسؤولياتهم أو قادة الأحزاب طيلة السنوات الماضية، هذا أيضاً ليس صحيح، لكن طرح سيد ديفيد واضح بأنه محاولة لتبرير ما جرى وقد يجري مستقبلاً، ووضع كل المسؤولية على الأفغان أنفسهم، بالتالي تبرير للوجود الدولي وهو ما نراهم أيضاً في أطروحة سياسية والضغوط الدولية في مؤتمر بون، كذلك يعني هو.. الأحداث مرتبطة ببعض، لأن مثل هذه الأحداث تؤكد مرة أخرى، وتزيد من.. تضع الورقة الرابحة بأيدي الجهات التي تطالب بوجود القوات الدولية لضمان مجيء حكومات ترغب أميركا في مجيئها.

محمد كريشان: ولكن.. نعم.. ولكن ربما يكون محقاً نوعاً ما، مثلاً: تصريح للرئيس رباني في جريدة الحياة بتاريخ 27/11، يقول بأنه أجرى اتصالات حتى لا تتم معاملة الأسرى بشكل وحشي، ويقول أنه اتصل –حتى شخصياً- بعبد الرشيد دستم، يعني إذا كان بعد الاتصال.. اتصال الرئيس ربَّاني عبد الرشيد دستم قام بما قام به، ماذا لو لم يتصل به أصلاً؟

مطيع الله تائب: هو عبد الرشيد دستم حتى الآن لم يقبل بأنه قام.. يعني..

محمد كريشان: قام بما قام به يعني.

مطيع الله تائب: أيوه، هو.. يعني حتى الآن آخر مرة أنا سمعته اليوم، أنه يقول: ما تم هو كان تمرد وأن بقية الناس موجودين، وفتح المجال للتحقيق، وقال: تستطيع أن تسألوا كل الناس، يعني هو إلى الآن مصر على موقفه كذلك وغيره من القادة، وأن هناك أسرى آخرون يتم معاملتهم بالحسنى كما يقول.

محمد كريشان: كما يقول، وعلى كل كثرة التساؤلات يعني تجعل التحقيق –يعني- أمر تقريباً لا مفر منه.

مطيع الله تائب: لكن التوجه الأميركي أنا أؤكد عليه هو هذا التبرير الوجود الأميركي المستقبلي والغربي المستقبلي لترتيب.. لرسم الصياغة.. صيغة مستقبلية للحكم في أفغانستان، هذا هو هدف البعيد لمثل هذه الأعمال.

محمد كريشان: نعم، دكتور الزمالي في.. في لندن، لم نشر منذ بداية الحلقة إلى.. ربما ما يعتبره البعض تقصيراً من قبل الأمم المتحدة، السيد الأخضر الإبراهيمي قال –قبل أيام- بأن الأمم المتحدة ليست.. لا توجد هناك، ومن الناحية اللوجستية لا تستطيع أن تتكفل بموضوع الأسرى، ولم تقم بشيء، ولم تدعو إلى تحقيق مع أن ما انتهك هي قرارات واتفاقات دولية، هل هناك من ضمن التساؤلات التي لديكم أيضاً تساؤلات عن دور الأمم المتحدة في.. فيما جرى؟

د. عامر الزمالي: لأ، في الحقيقة نحن نهتم بعملنا نحن، وإن كانت هنالك تساؤلات، فهي تدور حول العمل الإنساني في مجمله، والأداء الإنساني، وما يمكن أن نقوم به نحن، وما يمكن أن يقوم به الآخرون، كُلٌ في إطار مهامه، والمنظومة القانونية التي تؤطر عمله، فبالتالي نحن لا نهتم في الحقيقة بمواقف أطراف أخرى أو منظمات أخرى وهي قمينة بأن ترد على ذلك بكل تأكيد.

محمد كريشان: لنسأل السيد كمال سماري ما إذا كانت لمنظمة العفو الدولية مثل هذه التساؤلات التي لا تبدو منظمة اللجنة الدولية للصليب الأحمر تراها من صلاحياتها إن صح التعبير؟

كمال السماري: في واقع الأمر يعني نحن نبدأ الأمور بوضوح يعني، هناك التحقيق الذي ينبغي أن يتم من قبل الأطراف المعنية، إن لم يتم هذا التحقيق فبالطبع هناك آليات للأمم المتحدة ينبغي أن تدخل حيز التنفيذ، من ضمنها السيد حسين كامل اللي هو (المقرر خاص بالنسبة لأفغانستان)، والذي قام في السنوات الماضية بتحقيق في مذابح شبيهة، فبالتالي الأمور مازالت.. صحيح أن هناك أصوات أخرى تطالب الآن بلجنة تحقيق دولية، ولكن الأمم المتحدة ليست لديها الخبرة الآن والخبرات الكافية التي قادرة أن تذهب غداً إلى مزار الشريف وتحقق على عين المكان فعلى هذا الأساس المسؤولية الأولى تقع على أطراف هؤلاء الأطراف موجودين على أرض الواقع، والمطلوب منهم هو في انتظار يتم تحقيق شامل وكامل أن يتم الاحتفاظ به بأجهزة، وبالبصمات، وبالشهادات كي نقف على الحقيقة فيما بعد.

محمد كريشان: نعم، سيد ديفيد إيسبي في.. في واشنطن، بعض الكتاب في الصحف، بعضهم علق بالقول: ماذا سيقال الآن (لميلوسوفيتش) وهو متهم بجرائم حرب؟ ماذا سيقال له مع أنه لم يصدر عنه ما يدعو ضمناً أو صريحاً إلى قتل أسرى أو مدنيين، ولم يقرر هو على الأقل أن يسلَّم أسير لمن سيقتلهم؟ ماذا يمكن أن يقال لـ (ميلوسوفيتش) في حين أن غيره مسؤول ولم.. وليس هناك ما يدعو إلى محاكمته أو اعتقاله؟

ديفيد أيسبي: أنا لا أعتقد أن لميلوسوفيتش له أي حق في أن يطلب تفسير من أي شخص، في التحليل النهائي هنا فلدينا (ميلوسوفيتش) هنا قد أودى بأرواح الكثيرين في دول عديدة، في كرواتيا، وفي البوسنة، وفي كوسوفو، وأيضاً في من أبناء بلاده، ولذلك فهنا فارق كبير بينه وبين ما حدث في أفغانستان وفارق آخر وهو التشريعات الدولية ومحكمة لاهاي والتي لم نشهدها، في أفغانستان شهدنا كثير من إراقة الدماء في أفغانستان، وبالتأكيد سيكون أمراً جيداً جداً إذا ما حُمِّل بعض الأفراد المسؤولية على ارتكاب مثل هذه الأعمال الوحشية، سواء من قبل الشيوعيين الأفغان، أو الطالبان، أو معارض طالبان منذ عام 1978، ورغم ذلك فإن أهم ما في الأمر هنا هو أن.. ضرورة إعادة صياغة القانون في أفغانستان حتى يمكن للأفغان أن يتعاملوا مع هذه القضايا، ولا يجب على الأجانب أن يتعاملوا مع هذه القضايا، لأن التدخل الأجنبي باستثناء أن يكون فترة محدودة، سيكون سيئاً، والقوات الأجنبية لا يجب أن تبقى في أفغانستان أطول مما ينبغي لهزيمة القاعدة وطالبان التي كانت تعتبر قوة احتلال أجنبية في أفغانستان، هذا هو ما نحتاج أن نفعله الآن، فنحن لسنا بحاجة إلى الاستعمار بشكل فرض مؤسسات بل بالأحرى أننا نريد أن نساعد الأفغان يفعلوا ذلك بأنفسهم.

محمد كريشان: نعم، سيد مطيع الله.

مطيع الله تائب: قال السيدان كمال وعامر والقضية تحتاج إلى تحقيقات أوسع لتظهر النتائج، ولا لأي تبرير والتنصل من المسؤوليات من أي جهة.

محمد كريشان[مقاطعاً]: بما فيهم مسؤولية الدول التي ينتمي إليها هؤلاء الأسرى، يعني الدول العربية وباكستان وغيرها..

مطيع الله تائب: بالطبع، أنا أريد أن أقول أنا أريد.. أريد أن أقول أن قصة هؤلاء تنتهي في قلعة جانجي، لا تبدأ من قلعة جانجي، هؤلاء لابد أن ننظر.. أن نرجع إلى الوراء، لماذا جاؤوا من باكستان؟ لماذا جاؤوا من هذه الدول العربية المختلفة؟ أكيد هناك أسباب، هناك مطاردات هناك إغلاق أبواب في وجوههم..

محمد كريشان: أُغلقت في وجوههم.

محمد كريشان: وانتهت.. وانتهت مغامرتهم بشكل.. بشكل درامي..

مطيع الله تائب: فلم يجدوا طريقاً إلا أن يأتوا إلى هناك فهذا.. كل هذه الدول مسؤولة..

محمد كريشان: على كل نشكر ضيوف هذه الحلقة من واشنطن ديفيد أيسبي (الخبير بقضايا الأمن وأفغانستان)، في الأستديو مطيع الله تائب، ومن لندن كمال السماري وعامر الزمالي، تحية طيبة، وإلى أن نلتقي في حلقة قادمة.. إلى اللقاء.