أولى حروب القرن

الجمعيات الخيرية الإسلامية وعلاقتها بالإرهاب

ما حقيقة الاتهامات الموجهة إلى الجمعيات الخيرية الإسلامية بتمويل عمليات إرهابية؟ ما سبب هذه الاتهامات؟ هل تذهب أموال هذه الجمعيات التي تجمعها من جيوب المحسنين لتمويل عمليات ضد الأبرياء؟
مقدم الحلقة محمد كريشان
ضيوف الحلقة – هاني البنا، رئيس هيئة الإغاثة الإسلامية بالمملكة المتحدة
– عبد الرحمن السميط، رئيس إدارة جمعية العون المباشر والأمين العام للجنة مسلمي إفريقيا
– عبد الحكيم وينترس، محاضر بجامعة كامبريدج
تاريخ الحلقة 18/10/2001

– دعم الإرهاب ودور الجمعيات الخيرية الإسلامية
– مدى إمكانية اختراق الجمعيات الخيرية لمصالح منظمات إرهابية
– دقة الاتهامات ومدى مصداقيتها على الجمعيات الخيرية الإسلامية
– تعميم الاتهامات واستغلالها في تصفية الحسابات السياسية

undefined
undefined
undefined
undefined

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (أولى حروب القرن).
نخصص هذه المرة لموضوع الجمعيات الخيرية الإسلامية وما يثار حولها الآن من شبهة تمويل ودعم الإرهاب وفق قائمة أعدتها لندن وواشنطن، وذكرت بالاسم عدد من الجمعيات ومن الشخصيات العاملة في هذا الحقل الإنساني، ثم هناك الآن حديث عن ضرورة مراقبة وتدقيق الحسابات لهذه الجمعيات سواءً في البلاد العربية أو الإسلامية بشكل عام، وذلك في إطار ما أصبح يسمى وبات يعرف "بتجفيف منابع دعم الإرهاب".

سنحاول إذاً البحث في هذه القضية، ضيوفنا هم في الاستديو الدكتور عبد الرحمن حمود السميط، وهو (رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر، وأمين عام لجنة مسلمي أفريقيا) أهلاً وسهلاً، في لندن معنا الدكتور هاني البنا، وهو (المدير العام للإغاثة الإسلامية في بريطانيا)، والدكتور عبد الحكيم وينترس وهو (محاضر بجامعة كامبريدج، ومسؤول سابق في إحدى منظمات الإغاثة في البلقان). سنحاول في هذه الحلقة.. التركيز على ثلاث محاور رئيسية: أولاً: هذا الاتهام أو هذه الشبهة بدعم الإرهاب، هل هي تنطبق على كل الجمعيات الخيرية الإسلامية؟ بمعنى هل كل الجمعيات الخيرية مشمولة ومعنية بهذا الاتهام؟ ووفق أية معايير يمكن أن نحكم على هذه الجمعية أو تلك؟

ثانياً: ما مدى صحة هذه الاتهامات؟ أو ما مدى دقتها على الأقل؟
والمحور الثالث: هل هناك خوف من خلط أو من تعميم أو حتى من تصفية حسابات أحياناً في بعض الدول العربية والإسلامية تحت هذه اليافطة وهي محاربة الإرهاب، وخاصة تمويل الجماعات الإرهابية من قبل جمعيات خيرية؟

نبدأ في الاستديو مع الدكتور عبد الرحمن حمود السميط، دكتور، عندما نتحدث عن جمعيات خيرية، بالطبع هناك قائمة أميركية أعدت، وهناك فيها ذكر لبعض الجمعيات دون جمعيات أخرى، ولكن عندما نتحدث عن هذه الشبهة أو هذا الاتهام، هل كل الجمعيات الخيرية يجب أن تشعر بنوع من الحرج؟ هل هناك جمعيات معنية أكثر من جمعيات أخرى؟

دعم الإرهاب ودور الجمعيات الخيرية الإسلامية

د. عبد الرحمن السميط: أنا أعتقد أي جمعية تنطلق من الإسلام كدافع لها لعمل الخير هي متهمة بطريقة أو بأخرى بأنها لها علاقة بأشياء أخرى غير العمل الخيري اللي تقوم فيه، لكن روح اعمل لك جمعية للمعاقين، ولا تذكر فيها قال الله وقال رسوله أنت ما متهم.

محمد كريشان: يعني برأيك أنه الصفة الإسلامية هي مجلب التهمة بشكل رئيسي؟

د. عبد الرحمن السميط: والله خلال العشرين سنة الماضية اللي اشتغلت فيها في العمل الخيري في المؤسسات الخيرية أشعر أن هذا هو.. الجهة المقصودة في الاتهامات.

محمد كريشان: دكتور سميط، أنت تشرف على جمعية بدأت عام 81 وتعمل أساساً في أفريقيا، ومن خلال متابعة هذه الجمعية ووفق ما ذكر.. ذكرتموه أنتم أيضاً في بعض الأحاديث الصحفية، لديكم حتى الآن 840 مدرسة أكثر من عدد مدارس وزارة التربية في الكويت، يلتحق بها نصف مليون طالب، بنيتم 2050 مسجد، أي أكثر من المساجد التي بنتها وزارة الأوقاف في الكويت هذا دائماً حسب تصريحاتكم، تكلفون أكثر من 9500 يتيم، وتقومون بتدريب أكثر من عشرة آلاف شخص على مختلف المهن، وخاصة النساء في القارة الأفريقية، يعني مثلاً أنتم تعملون أساساً في أفريقيا، هل تعتبرون أنفسكم معنيين بهذه الاتهامات؟ هل شعرتم بأنكم مستهدفين من ضمن الآخرين؟

د. عبد الرحمن السميط: والله لإن.. نعتقد إن الاتهامات ما قايمة على أسس في أغلب الأحيان، وإنما هي تصفية حسابات بدليل إن يتم تداول ها الأيام في بعض الأوساط اللي أعتقد إن لها علاقة بالصهيونية بست منظمات سعودية، ليعذرني إخواني في المملكة أن أذكرها رابطة العالم الإسلامي، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، مؤسسة الحرمين، الهيئة.. الهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية وغيرها من المؤسسات، هذه المؤسسات هي تاج على راسي كمسلم وتاج على راس 1200 مليون مسلم يعيشون في أنحاء العالم، كيف إنسان يتجرأ ويطرح اسم رابطة العالم الإسلامي أو الندوة العالمية للشباب الإسلامي ضمن قوائم الـ..

محمد كريشان: وعلى كل هناك مجموعة اتهامات محددة سنحاول استعراضها في المحور الثاني، حتى نرى إلى أي مدى هذه الاتهامات صحيحة أو على الأقل دقيقة أم لا؟ بالنسبة لضيفينا في لندن، الدكتور هاني البنا، والدكتور عبد الحكيم وينتر، بالنسبة للدكتور هاني البنا أطرح نفس السؤال: هل كل هل كل الجمعيات.. الجمعيات الخيرية معنية بهذا الاتهام بهذه القائمة التي ذكرتها لندن وذكرتها واشنطن، وإن وردت بعض الأسماء دون أسماء أخرى؟

د. هاني البنا: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. هو طبعاً يعني نحن نعيش في أوروبا وفي أميركا، وكلما جاءت هجمة على الإسلام في الشرق اختيرنا نحن كجمعيات خيرية إسلامية والمساجد لكي نكون نحن كبش الفداء، وهذه كما قال الدكتور عبد الرحمن السميط يعني.. نعتقد إنها حملة ضد.. يعني تجفيف العمل الخيري الإسلامي في العالم كله، لإن أصبح العمل الخيري الإسلامي، سواء كان في مجال التنمية أو كان في مجال الإغاثة، أو كان في مجال التأهيل يقدم بديل آخر عن البدائل الموجودة وبديل ناجح، فرأت.. رأى العالم كله يعني إنجازات هذه الجمعيات الخيرية الإسلامية في قضايا كثيرة جداً، كما تحدث دكتور عبد الرحمن سميط في أفريقيا، أو في قضية البوسنة، أو في قضية كوسفو، أو في قضية الشيشان أو حالياً في قضية أفغانستان أو في قضايا أخرى كثيرة جداً، فهناك من الناس من يريدون أن لا يكون هناك بديل آخر لجمعيات أخرى تعمل في العالم.

ونحن نؤمن تمام الإيمان أن الجمعيات الخيرية الإسلامية أصبحت توازي وتواكب النهج العالمي الذي تنهجه الجمعيات الأخرى العالمية، سواء كانت مسيحية أو جمعيات أخرى عالمية، وهنا تنافس شديد جداً بين هذه الجمعيات، ولكن وسائل الإعلام سواء كانت في الغرب أو في الشرق تخوض هذه.. الحملة، ومن المؤسف إن كلما يذكر في الشرق.. في الغرب خطأً أو.. أو. أو جوراً ينتقل إلى.. الشرق مباشرة ونجد أن الصحف العربية تهاجم وتولول وتتهم الجمعيات اتهامات باطلة، وهذا يعني غير.. شيء غير كريم.

العمل الخيري الإسلامي هو جزء من حياة الفرد المسلم، وحياة المجتمع المسلم، وحياة الدولة المسلمة عامة، ولا.. لا يستطيع فرد مسلم، الله -سبحانه وتعالى- خلقه على وجه هذه الأرض أن يعيش بدون عمل خيري يعمل من أجل خيرية الأمة وخيرية العالمين، وهكذا فضل الله -سبحانه وتعالى- هذه الأمة بالخيرية، فكل مسلم في قلبه وفي وجدانه أن يعمل الخير ولا يستطيع أحد في العالم أن يوقف هذه الخير من قلب المسلمين.

محمد كريشان: نعم، إذاً هناك اتفاق بين الدكتور البنا والدكتور سميط هنا في الأستوديو، لنرى الدكتور عبد الحكيم وينتر وهو محاضر بجامعة كامبريدج ومسؤول سابق في إحدى منظمات الإغاثة، وعمل أساساً في البلقان، إذاً لدينا أفريقيا، لدينا البلقان، لدينا بريطانيا، هل.. هل الكل.. هل الكل معني بهذه الاتهامات؟ هل تشعر دكتور وينتر بأنه عندما يتحدثون عن الجمعيات الخيرية وعلاقتها بالإرهاب، أنت أيضاً معني، هل لديك هذا الإحساس على الأقل؟

د. عبد الحكيم وينترس: أنا كنت أرأس جمعية إسلامية خيرية صغيرة أثناء حرب البوسنة والهرسك لمدة ثلاث سنوات فقط، وطبعاً كانت حساباتنا كلها خاضعة للتفتيش الحكومي المعهود، وما وقفوا على شيء، وكنت كذلك أتعامل مع الكثير من الجمعيات الإسلامية الأخرى، سواء كانت أوروبية أم أميركية أم.. أم من الشرق الأوسط، وما سمعت دليلاً قط.. أو ما رأيت دليلاً قط على أن هناك مخالفات قانونية أو على.. عن طرد هذه الجمعيات تستخدم كقنوات.. لتسرب الأموال لأهداف غير.. شرعية في القانون الدولي، ما رأيت حالة واحدة من هذا، ولكن لا أستطيع إلا أن أتكلم نيابة عن جمعيتي، ولعل تجارب الجمعيات الخيرية الإسلامية الأخرى تختلف.

محمد كريشان: نعم، إذاً الدكتور وينتر تحدثت عن ما يتعلق بك تحديداً، ولكن ربما الإشكالات موجودة في بعض المنظمات الأخرى.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: وهذا الموضوع أشير بشكل دقيق في كثير من الخطب الأميركية، وهناك قائمة أعدت تشير إلى شخصيات وإلى منظمات ومؤسسات اعتبرت من وجهة نظر واشنطن ولندن على أنها منظمات ترعى الإرهاب وتسعى لتمويله، وهناك قائمة أولى، ثم صدرت قائمة ثانية، وربما تصدر قوائم أخرى مع تقدم التحقيق كما تراه واشنطن وحلفاؤها في هذا التحالف الدولي ضد ما تعتبره واشنطن بالإرهاب.
من بين الجمعيات التي ذكرت في.. هناك جمعيات موجودة في بعض الدول الإسلامية أو في بعض الدول الأوروبية أو غيرها، ومن بينها منظمات تعمل الآن في أفغانستان، تيسير علوني رصد بعض هذه الجمعيات التي تعمل في أفغانستان والتي وردت أسماء.. ورد الاسم في القائمة، وأساساً منظمة تسمى "الرشيد تراست" ومنظمة أخرى تسمى "بالوفاء"، إذاً مع هذا التقرير لتيسير علوني.

تقرير/ تيسير علوني: القرار الذي أصدرته الولايات المتحدة مؤخراً بإدراج منظمات إسلامية عاملة في مجال الإغاثة الإنسانية ضمن قائمة المؤسسات التي تدعم الإرهاب وتجميد حساباتها وأرصدتها، كان له وقع الصاعقة على منظمتي "وفا" و"رشيد تراست"، اللتان يستغرب مسئولوهما هذه الاتهامات، ويشير مدير منظمة وفا إلى أن مؤسسته لم تستكمل بعد عامها الأول في أفغانستان، فمتي كانت تدعم الإرهاب؟ على حد قوله.

عبد الله المطرقي (منظمة وفا الخيرية): مشاريعنا واضحة ومعروفة لدى الجميع في أفغانستان وخارجها، وكذلك مصادر التمويل لنا، وليس لدينا ما نخفيه، ونحن مستعدون للسماح لأية جهة بالتحقيق في نشاطنا ومصاريفنا.

تيسير علوني: ويدعو مدير المنظمة المسلمين لدعمها، خصوصاً وأنها الوحيدة تقريباً التي تدير مشاريعها وتشرف عليها إشرافاً مباشراً من خلال طاقم من الموظفين يعملون ليلاً ونهاراً، ولكنها أصبحت شبه مشلولة في ظل هذه الاتهامات.

ردود فعل مسؤولي المنظمتين كانت متفاوتة، فمنهم من يدعو إلى الإعراض عن كل هذه الاتهامات ومواصلة العمل، ومنهم من يرى غير ذلك.

عبد الله المطرقي: ونحن نفكر الآن بجدية في رفع دعوى ضد الخارجية الأميركية، لأنه ليس لدينا أية أنشطة سياسية، ولا نعرف لماذا اختارونا دون غيرنا من المنظمات لإلقاء تهمة الإرهاب علينا، ونحمد الله تعالى على أننا المنظمة الوحيدة التي لا تزال تعمل على الساحة الأفغانية رغم كل هذه الظروف.

تيسير علوني: الأفغان لا يخفون ترحيبهم بمثله هذه المنظمات، فالجفاف الذي يجتاح البلاد منذ سنين ولد الحاجة إلى مزيد من آبار المياه التي دأبت المنظمة على حفرها، والفقر الذي يعاني منه معظم الناس جعلهم لا يذوقون اللحم إلا من العيد إلى العيد، وعبر مشاريع الأضاحي التي تديرها هذه المؤسسات. أما في مجال الخدمات الصحية فمستشفى الأطفال في كابول كانت قيد الترميم، وخصصت لهم منظمة (وفا) أجهزة ومعدات جديدة قبل الأحداث الأخيرة.

مواطن أفغاني: منظمة الوفا مؤسسة عربية تحفر الآبار ليستفيد منها الناس، وتساعد في تعبيد الطرق، وهي تقدم مساعدات أخرى كثيرة للأفغان.

تيسير علوني: ويبدو أن على الأفغان أن يدفعوا سلفاً ثمن أية تقديرات أو حسابات خاطئة للأميركيين وغيرهم، ولا يدري أحد ماذا يخبئ المستقبل القريب لهذا الشعب المنكوب؟

محمد كريشان: إذاً هذا التقرير الذي أعده تيسير علوني حول جمعيتين من بين الجمعيات التي ورد اسمها في القائمة الأميركية للجمعيات الخيرية التي تراها واشنطن تدعم الإرهاب. دكتور سميط، هنا في الأستديو صحيفة (U.S.A Today) صحيفة أميركية أعدت دراسة بناء على معطيات حكومية، إذاً وجهة.. وجهة النظر واضحة، قدرات فيها عائدات تنظيم القاعدة لأسامة بن لادن العائدات الشهرية بـ 10 مليون دولار، وحددت ما هي مصادر القاعدة، أستعرضها بشكل سريع، المساهمات المباشرة من مؤيديها في الشرق الأوسط، الجمعيات الخيرية الإسلامية التي تقدم ملايين الدولارات أحياناً بدون علم مسؤوليها، وهي منظمات مشروعة، لكن القاعدة اخترقتها، هناك بعض شركات.. الواجهة المشتبه بها بعض النشاطات الإجرامية كما تقول (U.S.A Today) وعمليات التحويل المصرفي وبعضها بنظام الحوالات.

كل الضيوف تقريباً أشاروا إلى البعد الإنساني والديني السامي للجمعيات الخيرية، ولكن إذا ما نظرنا إلى مثل هذا الاتهام، هل يمكن اعتبار أن ربما بعض الجمعيات الخيرية أهدافها نبيلة تعمل بشكل واضح، ولكنها قد تكون مخترقة؟ هل.. هل وارد، خاصة، وآسف على الاستطراد، يعني هناك ضابط سابق بمكتب التحقيقات الفيدرالي اسمه (رونالد دوركن) يقول: أنه سيكون من الصعب الكشف عن أدلة دقيقة تؤكد تمويل الإرهاب، لأنك قد تجد في دفتر الحسابات كذا إيجار، كذا بناء مدرسة، ولكن هذا المبلغ قد يكون حُوِّل بشكل أو بآخر لمنظمات تعتبرها واشنطن إرهابية، هل إمكانية الاختراق وإمكانية تزوير المعطيات أمر وارد؟

مدى إمكانية اختراق الجمعيات الخيرية لصالح منظمات إرهابية

د. عبد الرحمن السميط: أنا هناك لست ناطق باسم الجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي أجمع، ولكن أنا أتكلم عن منظمة أعمل فيها هي لجنة مسلمي أفريقيا وجمعية العون المباشر، والتي هي –عفواً- أعمل فيها من 21 سنة، عندنا ميزانيات مدققة، وهذه ميزانياتي من عام 86 سنوياً مكتب تدقيق حسابات خارجي يدقق فيها، قد تقول لي إن إحنا نعطي معطيات خاطئة، نعم، ممكن هذا، كل شهرين يذهب مدير القطاع من الكويت أو من المملكة العربية السعودية ويزور كل مكاتبنا، ويدقق على كل صغيرة وكبيرة.

محمد كريشان: مكاتبكم كلها في أفريقيا.

د. عبد الرحمن السميط: في إفريقيا، عندنا مكاتب في 32 دولة، ما فيه مشروع من مشاريعنا ما زرناه، ما فيه مشروع من مشاريعنا ما عندنا صور له في الكويت في المكتب الرئيسي، ما عندنا داعية من الدعاه أو معلم من المعلمين أو طبيب من الأطباء ما عندنا ملف له هناك، ما فيه واحد يعمل معانا ما قابل أحد من المكتب الرئيسي في الكويت، ما فيه فلس أحمر، مليم، هللة أنفقت إلا ونعرف من أول ما استلمناها من المتبرع إلى أن وصلت إلى هناك، الناس يظنوا إن إحنا ناخد الفلوس في شنط ونروح نقعد نوزعها، أنا ما أعتقد إن هذا صحيح، عندنا أنظمة في الكمبيوتر تتابع فيها فلوسك إلى أن تصرف، أنت كمتبرع مو بس أنا كمدير أو كمسؤول في المنظمة، عندنا نظام محاسبي راقي، جونا ناس من أميركا، جونا ناس من بريطانيا، جونا ناس من أوروبا واستغربوا كل الاستغراب هذه الدقة في.. الأموال. أنا بأقضي ما يزيد عن عشر أشهر سنوياً في إفريقيا في زيارات ميدانية، ونادراً ما أبقى بالعاصمة يومين أو ثلاث أيام، أروح أزور المشاريع واحد واحد وأقابل العاملين معنا واحد واحد، وأدقق على كل مركز من مراكزنا، وعلى كل مبنى من مبانينا، إذا هذه المدرسة ساحتها –نفرض- مائة متر واستهلكت 650 كيس أسمنت، بينما إحنا عاملين قبلها بسنة أو سنتين مدرسة بنفس الحجم، ولكن استهلكت 600 كيس أسمنت، هنا أبقى يوم ويومين لحد ما أحل هذا الإشكال، فما أعتقد حقيقة أن فيه مجال لأخذ أي أموال ذات معنى من ميزانيتنا وإرسالها بطريق خاطئ، سواء للإرهاب أو لغير الإرهاب، وأنا أعتقد إن هناك أنظمة للمؤسسات الخيرية الأخرى.

محمد كريشان [مقاطعاً]: يعني دكتور سميط، أنت يعني من حسن الحظ اسمكم غير مدرج على أي قائمة على الأقل لحد الآن.

د. عبد الرحمن السميط: حتى الآن.

محمد كريشان: على الأقل لحد الآن، ربما.. ربما كون عملكم موجود في إفريقيا، وأنا أتوجه هنا بالسؤال للدكتور عبد الحكيم وينتر باعتباره عمل في منطقة.. منطقة توتر وهي منطقة البلقان، الدكتور السميط عمل في إفريقيا، كونك عملت في البلقان، والآن تابعنا تقرير تيسير علوني عن منظمات تعمل في أفغانستان، إذا أردنا أن نحدد المعايير التي.. بناءً عليها يُتهم هذا الطرف أو ذاك، هل العمل في مناطق وبؤر توتر بها منظمات تسمى "جهادية"، تسمى "إرهابية"، تسمى "متطرفة"، حسب التسميات، هل لها علاقة بإدراج أو عدم إدراج هذه المنظمة أو تلك؟

د. عبد الحكيم وينترس: يبدو لي أن من يريد أن يسرب الأموال إلى من ينظر إلى نفسه على أنه مجاهد لا يحتاج إلى التورط بهذه الجهات أو الجمعيات الخيرية مطلقاً، يذهب لنفسه، قد يتوظف.. لدى إحدى الجمعيات وهم لا يعرفون ما.. ما هدفه، ويذهب وفي حقيبته بعض الأموال أو.. أو.. أو شيء آخر لإعانة هؤلاء الذين يعتقدون أنهم مجاهدين، ولكن لا.. لا يحتاجوا إلى أن يعطي الأموال.. أو يضع الأموال في حسابات هذه الجمعية حتى تكون تخضع للتفتيش في بلد ما، ثم تُخرج هذه الأموال وتعطى لهذه.. هذه الجهات، لا يحتاج إلى هذا، يذهب مباشرة.

محمد كريشان: نعم، هو ربما تأكيد لكلامك دكتور أحد الخبراء في هذا الموضوع الخبراء الأميركيين يقول: إن نشر أسماء من شأنه أن يريح لا محالة، ولكن لا توجد أسماء في العمليات النقدية، وهناك يشير بأنه يمكن استخدام الأموال نقداً وليس عبر تحويلات أو شيكات. دكتور، هاني، هل تعتقد بأن فعلاً إذا كانت هناك أية شبهات حول تمويل الإرهاب يمكن أن تتم بشكل مباشر وليس عبر الحسابات؟ بمعنى الحديث عن حسابات وتدقيق الحسابات تبدو عملية عبثية إذا أردنا؟

د. هاني البنا: أولاً: إحنا حالياً وكأننا نحن أقمنا الحجة على الجمعيات الخيرية الإسلامية أنها جمعيات إرهابية، وده خطأ في الأسلوب في التعامل مع.. بهذه التهمة، وكده تنسب لكل الجمعيات كلما قامت قائمة في العالم أو حتى لو.. إن لم تقم قائمة في العالم، نحن مثلاً على سبيل المثال..

محمد كريشان [مقاطعاً]: هي التهمة.. يعني عفواً.. عفواً، هي التهمة.. هي التهمة موجودة.. ولكن..

د. هاني البنا: هي تهمة وليست حقيقة.

محمد كريشان: هي تهمة موجودة، وطالما أن هناك نوع إلى حد ما من التناغم بين ضيوف هذه الحلقة في الدفاع عن هذه الجمعيات، يعني أنا سأحاول أن ألعب دور محامي الشيطان –إن صح التعبير- وأطرح كل الاتهامات التي تقال في هذه الجمعيات.

د. هاني البنا: توكلنا على الله.. أنا هأضرب لك بعض الأمثلة، دكتور عبد الرحمن تكلم عن أفريقيا، أخونا.. دكتور عبد الحكيم تكلم عن تجربته في البوسنة، إحنا لينا مكاتب في الشيشان، ولينا مكاتب في.. في كوسوفو، ولينا مكاتب في البوسنة منذ سنوات وبفضل الله -سبحانه وتعالى- كجمعية إسلامية اسمها "الإغاثة الإسلامية" تتمتع بالعمل في روسيا أو في أزمة الشيشان التي.. الجديدة اللي هي من نهاية عام 1999، الآن إن الحكومة الروسية تدعم تواجد الإغاثة الإسلامية هناك وتعطيها التصريحات لكي تعمل مع النازحين في داخل الشيشان ومع النازحين في إنجوشيا، ماذا يعني هذا؟

هذا يعني أن الجمعيات الخيرية الإسلامية أثبتت وجودها، وكذلك هناك الهلال الأحمر السعودي اللي كان موجود في جمهورية أنجوشيا، وكان عنده.. اللي موجود حالياً مش كان موجود، كان موجود حالياً في جمهورية إنجوشيا، وعنده معسكر كبير جداً، فنحن نعمل هناك، والدليل على.. على.. على نزاهة وصدق هذه الجمعيات أن دعم كثير يأتينا من برنامج الغذاء العالمي في موسكو ودعم كثير يأتينا من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة وبرنامج اليونيسيف، ونحن اسمنا إغاثة إسلامية، حينما ننزل على أرض الواقع.. أنا لن أريد أن أقول لك إن أنا بأدقق حساب، تدقيق الحسابات ده شيء وارد، شيء يعتبر أبجديات العمل الخيري الإسلامي أو أبجديات وظيفة المسلم نفسياً أن يراقب نفسه مالياً، نحن.. يأتينا في (برمنجهام) في بريطانيا أو في كل مكاتبنا، سواء كانت في أوروبا، أو في أميركا، أو في أفريقيا، أو في.. وسط آسيا إلى آخره يأتينا المدققين القانونيين، وخاصة في بريطانيا تنشر حساباتك لدى الجهات الرسمية ثم يأتيك مدققين، مراجعين حسابيين بدون أن يعطوك الحق أنك إيه.. تترك.. تترك لهم الحسابات، حتى كنا قدمنا حديثاً على عضوية الاتحاد الأوروبي لكي نكون عضو هناك في.. في الاتحاد الأوروبي فأرسلوا لنا مراجعين قانونيين حسابيين من السويد ومن بلجيكا عشان.. جلسوا معنا 3 أيام لكي يروا الحسابات من الألف إلى الياء، فحجة أن تأتي أموال لجمعية خيرية إسلامية وتخرج وتدخل وتخرج.. هذه يعني إيه.. شيء يعني يعتبر من بديهيات العمل المحاسبي، شيء يعني يعتبر يعني.. ركيك في المعنى بتاعه، أما إن أنا أتحدث..

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم ولكن يعني دكتور البنا، يعني طالما.. يعني طالما تتحدث عن بريطانيا، في بريطانيا حسب.. حسب الأرقام التي ذُكرت مؤخراً، بريطانيا جمَّدت 88.3 مليون جنيه إسترليني للاشتباه في ارتباطها بالإرهاب، ولندن قالت بأن هناك حوالي أربع بلايين.. أربع ملايير أو بلايين جنيه إسترليني تخرج كل عام من بريطانيا عبر مكاتب صرافة، وأن 65% من هذه المبالغ تأتي من مصادر غير شرعية، وبالتالي فإمكانية وجود ثغرات في النظام المالي الغربي، في النظام المالي البريطاني وغيره ربما يجعل هذا الخطر وارد، يعني ليس ربما بالشكل الدقيق الذي أشرت إليه، لو سمحت يعني.

د. هاني البنا: نعم، حينما نتحدث أن حجم العمل الخيري في أميركا عامة 621 بليون دولار، ده حجم كل المؤسسات الخيرية التي تعمل في أميركا، وبريطانيا وميزانية العون البريطانية التي ترأسها.. التي تتولاها اللي هي الوزيرة اللي هي (كلير شورتهارد…) 3 بليون دولار، 3 بليون.. 3 بليون دولار، فحجم العمل الخيري في بريطانيا بالبلايين، سواء كانت الجمعيات الخيرية إسلامية اللي هي حجمها بسيط جداً، .. بالمقارنة بـ الأوكس فام والجمعيات الخيرية الإسلامية الكثيرة، وهناك 180 ألف جمعية خيرية مسجلة في بريطانيا على الأقل، فإحنا لما نتحدث في هذا الأمر، هذه القوانين التي وضعتها الحكومة البريطانية، وهذه القوانين التي وضعتها الحكومة الأميركية والحكومات الأوروبية، إذا كانت الحكومات الأوروبية والحكومات الأميركية وضعت قوانين فيها بعض.. اللي هي التجاوزات أو بعض الأشياء الغير مكتملة فعلى الحكومات قبل أن تتهم، تعدل مثل هذه القوانين، وتفرق ما بين الجمعيات.. ذات الكفاءة العالية الجيدة، ونحن الآن نتمتع في بريطانيا بأشياء كثيرة جداً، منذ.. منذ يومين عملت الإغاثة الإسلامية بالتشارك مع الأوكس فام مع كريستن Aid، مع Action Aid ومع الكاثوليك Aid Catholic حملة ضغط على الحكومة البريطانية لكي توقف الحرب على شعب أفغانستان، وأصبحت الحملة دي تعتبر دلوقتي هي حديث المجتمع البريطاني منذ يوم الثلاثاء الماضي، يطلبنا البرلمان في آخر هذا الشهر، سواء كان عن طريق الوزارة أو كان عن طريق نواب البرلمان، والإغاثة الإسلامية جزء من هذه المنظومة..

محمد كريشان [مقاطعاً]: يعني عفواً.. عفواً دكتور، يعني عفواً.. يعني عفواً.. نعم، دكتور البنا يعني عفواً حتى نبقى دائماً في.. في.. في الإطار نفسه للموضوع، يعني مثلما أشرت في مثال بريطانيا، أريد أن أُعطي مثال بالنسبة للبوسنة للدكتور وينتر باعتباره عمل في هذا المجال ويمكن أن يفيد في الفترة الأخيرة في إطار هذا.. التدقيق.. الأميركي والدولي للجمعيات الخيرية، في البوسنة –مثلاً- صادرت القوات الدولية العاملة هناك مستندات وأجهزة كمبيوتر و 60.. 60 ألف دولار من مؤسسة تُدعى "مؤسسة مكة المكرمة السعودية" العاملة هناك، هل تعتقد يعني من خلال معرفتك بهذه المنطقة، هل هناك فعلاً منظمات في تلك المنطقة يمكن أن تكون لها صلة معينة بالإرهاب على الأقل وفق المعايير الأميركية؟

د. عبد الحكيم وينترس: أنا لا أستطيع أن أتكلم إلا.. على أساس تجاربي، وأنا عملت في.. في البوسنة مع كافة.. أو أكثر الجمعيات الإسلامية والخيرية هناك.. ثلاث.. خلال ثلاث سنوات، وما وجدت أي دليل قط على أن تبرعات المسلمين صُرِّفت إلى أهداف سياسية أو غير قانونية، هذه تجربتي ولا أستطيع أن أتكلم عن تخمينات أو ادِّعاءات سياسية مؤخرة لا.. لا علم لي بها..

محمد كريشان: المشكل.. نعم.

د. هاني البنا: ممكن أرد يا أستاذ كريشان على إننا..

محمد كريشان: نعم، نعم، تفضل.

د. هاني البنا: يعني أنا كنت في زيارة للبوسنة حديثاً في.. في الشهر الماضي، وحصل فعلاً اقتحام القوات الدولية الإيطالية لهذه (المكاتب)، ليس معني.. ليس معني أن تدخل قوات دولية إيطالية، أو أميركية، أو بريطانية إلى مكتب من مكاتب الإغاثة الإسلامية أن هذا المكتب مُتهم، ليس معنى أن تنشر جريدة بوسنوية أو عربية إلى آخره اتهام أن هذه المؤسسة متهمة، يعني.. المتهم بريء حتى تثبت إدانته، يعني كثير جداً في مثل هذه الأوقات، يعني إحنا مكتبنا في البوسنة منذ عام 1991، ومازال يعمل إلى الآن ويتوسع المكتب بفضل الله -سبحانه وتعالى- وأنا لا أعرف كثيراً عن مؤسسة مكة.. مكة المكرمة، لكن سمعت عن ناس دخل.. مجرد إنهم دخلوا بطريقة يعني.. يعني غير مرتبة وعملوا هوجة كبيرة جداً لكي يكون فيه هناك سبق إعلامي، وللأسف يا.. يا أستاذ كريشان أن الصحافة العربية أبرزت هذه الأشياء دون أن تتحقق، أنا كنت في البوسنة وكان معي أحد المسؤولين عن المنظمات الخيرية العربية الرائدة، في المنطقة العربية كلها، وكان يزور بعض الأماكن التي ساهمت فيه الجمعية بتاعته أخدوا صورته، أخدوا صورته ونشروها في أحد الجرائد العربية، وللأسف يُقال عنه يعني أن هذا الرجل يعني يزور ويعمل كذا.. كذا.. كذا، وتحتيه كان فيه شبهة إنه يعني إيه.. فيه خبر آخر عن هجوم على مؤسسة مكة المكرمة، والإجراءات التي ستأخذها حكومة المملكة العربية السعودية تجاه هذا الإجراء، فحتى إن يعني هذه الجريدة لم تتحقق من شخصية الزائر الضيف، ولم تتحقق من شخصية دخول القوات الإيطالية على مكتب مكة المكرمة أو غيرها، فلماذا نحن نتصارع في أن ننشر أشياء غير حقيقية عن مؤسسات تعتبر هي مؤسسات رائدة وتقوم بتخفيف المعاناة وتوصيل العون لمثل هذه.. هؤلاء المنكوبين، سواء كانوا في البوسنة أو كوسوفو أو في أي مكان في العالم؟

محمد كريشان: نعم، هو المشكل.. المشكل دكتور البنا قبل أن أعود إلى الدكتور سميط..

د. عبد الرحمن السميط: فيه تحسن..

دقة الاتهامات ومدى مصداقيتها على الجمعيات الخيرية الإسلامية

محمد كريشان: يعني فقط نقطة، يعني هو عندما تُثار اتهامات معينة، يعني مثلاً السعودي ياسين القاضي يعني أُدرج اسمه ضمن قائمة الشخصيات والمنظمات التي لها علاقة بالإرهاب، ورد اسمه في قائمة من 39 مؤسسة نُشرت يوم 12 أكتوبر، هذه الشخصية كانت لها مؤسسة خيرية تعمل في البوسنة اسمها "موفق الخيرية"، وأُغلقت قبل ست سنوات، هو يقول في مقابلة صحفية أنه يعني لم يتم تجميد أرصدته، ولم يتم إبلاغه بحدوث أي تجميد لها، ولم يُوجه له أي اتهام، ولم يُطلب منه أي تحقيق مع أي جهة معينة، يعني هذا فعلاً يطرح إشكال، يعني هل.. التهم تُطلق هكذا دون التحقيق، أم التحقيق برأيك تم من قبل، وهذا هو شبه.. شبه اتهام؟ يعني هل المطروح الآن التحري في كل اتهام أم هو الاتهام أصبح أمراً قائماً في النهاية؟

د. عبد الرحمن السميط: ربما إحنا ما اتهمنا من قبل أميركا ولا من قبل دول غربية، بس عندنا في الكويت مجموعة من الكُتَّاب المعادين للخط الإسلامي كتبوا عن عمل خيري بصورة عامة مو عنا إحنا بصورة خاصة، وألقوا بالتهم من ثاني يوم بعد.. بعد الغبار ما.. ما هبط بعد حادث نيويورك..

محمد كريشان: يعني هذا سنحاول التركيز عليه، خاصة في المحور الثالث، وهم إلى أي مدى ما.. ما يُشار إليه الآن يمكن أن يستغل في تصفية حسابات داخلية؟

د. عبد الرحمن السميط: لأ، بس أنا اللي عايز أصلح..

محمد كريشان: يعني مجرد إشارة يعني..

د. عبد الرحمن السميط: إلقاء التهم سهل، ولكن إثبات هذه التهم هذا هو الصعب.

محمد كريشان: ولكن..

د. عبد الرحمن السميط: أنا أريد من هؤلاء الذين يتهمون ياسين القاضي، أو يتهمون مؤسسة مكة، أو يتهمون أي مؤسسة من المؤسسات الإسلامية خليه يورونا الدليل، يقول لي: الدليل صعب إذاً لماذا تتهم؟

محمد كريشان: ولكن..

د. عبد الرحمن السميط: على أي أساس اتهمت..

محمد كريشان: ولكن يعني مثلاً في قطر.. البنك المركزي بلَّغ كل البنوك بضرورة التحري والتدقيق وهناك أيضاً في الإمارات بعض.. الشخصيات والجمعيات جُمِّدت حساباتها، في السعودية لم يتخذ بعد أي إجراء، والسعودية تقول: هذا قرار سيادي يعود إليَّ في ضوء تدقيق ستقوم به، يعني في النهاية هناك بعض الدول، بالنسبة لباكستان مثلاً جَمَّدت أرصدة حركة المجاهدين الكشميرية، ولو أن هذه حركة لها طابع آخر عسكري، وجمعية الرشيد الخيرية التي كنا نتابعها، إذاً القضية ليست اتهام أميركي وإنما دول شرعت الآن في اتخاذ إجراءات، برأيك هل هذه الإجراءات مستعجلة قليلاً يعني مُرتجلة، يعني غير قائمة على حسابات؟ أكيد أن هذه الدول ربما تشاطر الولايات المتحدة هذه الاتهامات.

د. عبد الرحمن السميط: والله أخي، أنا أتحدى أولئك الذين يلقون الاتهامات أو يتخذون مثل هذه القرارات، اللي تدمر سمعة هذه المنظمات، أن يطلعون لنا أدلة واضحة، أنا أقول ما قاله رئيس جمعية الحقوقيين البريطانية "إن كل ما قُدِّم من اتهامات لا يمكن أن يقف في المحكمة".

محمد كريشان: ولكن يعني صعب التدقيق يعني مثلاً على افتراض جدلاً ودعني أنا أوجه لك الاتهام ليس الولايات المتحدة.

د. عبد الرحمن السميط: أيه.. اتفضل.

محمد كريشان: يعني مثلاً لو أنت أردت أن تدفع أو أن تحول عشرة ملايين دولار أو عشرين مليون دولار لأسامة بن لادن نقداً ضمن مرابيح الشركة ويعني ستجد من الشطار المحاسبين من يجد تخريجة في الحسابات يعني، يعني إذا أردت أن تقوم بهذا العمل يمكن يعني هناك يعني الفساد المالي منتشر في الحكومات وفي الجمعيات يعني يمكن أن تجد من يجد لك الإخراج الجميل لهذا المبلغ يعني، ويكون وصل نقداً لأسامة بن لادن أو غيره يعني؟

د. عبد الرحمن السميط: الولايات المتحدة قبل حوالي 20 سنة، كنت أدرس وأشتغل في كندا، أذكر أن ثارت قضية كبيرة عن سوء استخدام الأموال في وزارة الدفاع، فيطلعون لك واحد مشتري مطرقة بمواصفات معينة بمائة دولار مشتري مسمارين بكلفة دولار المسمار على دولارين.. إذا كانت الولايات المتحدة تستطيع أن تجد هذه المبالغ، دولارين.. ثلاثة، ما تستطيع تجد 20 مليون، و5 مليون و2 مليون رايحه لأسامة بن لادن أم غير أسامة بن لادن؟!
الإمكانيات الهائلة اللي موجودة عند الولايات المتحدة..

محمد كريشان: كيف تصل؟ كيف يمكن لها أن تصل مثلاً..

د. عبد الرحمن السميط: إذن كيف تتهم يا أخي، تدمر سمعتي!! أنا كمؤسسة خيرية ثم تقول والله ما يستطيع أصل إلى دليل؟! إذاً لماذا اتهمتني.. على أي أساس؟!

محمد كريشان: هناك من رفع قضايا، السيد ياسين القاضي رفع قضية في بريطانيا وقضية في الولايات المتحدة هو يعتقد بأن سمعته تضررت وأن أُسيء لهذه السمعة وعليه أن يُحاسب.. عليه أن يُحاسب.

د. عبد الرحمن السميط: والله يحتاج قبلة على الرأس.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: دكتور سميط قبل قليل تحدث عن موضوع الكويت وما يجري فيه أحياناً ربما من جدل بين من يوصفون بالعلمانيين ومن يوصفون بالإسلاميين حول موضوع الجمعيات الخيرية تحديداً، وموضوع الكويت ربما من المواضيع الساخنة في الحديث عن الجمعيات الخيرية وأساساً في دول الخليج، مراسلنا سعيد العنزي.. سعد العنزي تابع الموضوع وكان وافانا بهذا التقرير.

سعد العنزي: الكويت -وهي إحدى أكبر الدول المقدمة للمعونات الخيرية في العالم الإسلامي- استبقت الأحداث وسط تزايد المطالبات ومراقبة أموال الخير كي لا تقع في أيدي من يسمون بالإرهابيين، بالبدء بإجراءات تقول أنها تهدف إلى حماية العمل الخيري، والنأي به عن الشبهات من خلال تعزيز الرقابة الحسابية عليه.

أحمد الفهد الصباح: بما أنَّا طلبنا، وقررنا أن ندخل من ضمن التحالف الدولي، فإذن علينا أن ننظم العمل الخيري حتى ندرأ به من الشبهات وحتى يكون واضح المعالم وحتى يؤدي الغرض المطلوب منه.

سعد العنزي: المؤسسات الخيرية الكويتية نفت بدورها أي علاقة لها بالإرهاب قائلةً أن عملها يساعد على وأد الإرهاب بدلاً من دعمه من خلال القضاء على الفقر والجوع.

عبد الله المطوع (جمعية الإصلاح الاجتماعي): نحن في العمل الخيري نكافح الإرهاب لو فقهوا!!، نحن نكافح الإرهاب عندما نأوي اليتيم ونطعم الفقير ونكسوه، ونكفل العائلة، ونُعلِّم أبناءها، أنت حفظته من الإرهاب، وحفظته من التطرف.

سعد العنزي: في الوقت نفسه رحبت الجماعات الخيرية بالخطوات الحكومية شريطةً ألا تؤدي إلى تحجيم العمل الخيري الذي تقول إن ملايين في العالم يستفيدون منه.

محمد كريشان: إذن هذا التقرير الذي كان وافانا به سعد العنيزي حول موضوع الجمعيات الخيرية في الكويت والجدل المثار حولها، دكتور سميط يعني لن أورد اتهامات أميركية، يعني الكويت ربما مجرد نموذج حتى نتطرق إلى الجمعيات الخيرية في منطقة الخليج وربما السعودية أيضاً مستهدفة بشكل كبير وهناك حتى يعني مقالات انتقادية شديدة للسعودية في الصحف الأميركية وهناك يعني جدل صحفي بين السعودية والولايات المتحدة، ولكن بالنسبة للكويت لن أورد هنا اتهامات أميركية وإنما سأورد ما قاله الشيخ سعود ناصر صباح لصحفية "الشرق الأوسط" في تاريخ 13 أكتوبر، تحدث بشكل جريء ولاذع حول الجماعات الإسلامية في الكويت واعتبرها حتى أن هذه الجماعات اختطفت الكويت حسب تعبيره، يعني هنا.. وهنا اقتبس من كلامه، يقول: "الجمعيات الإسلامية عديدة وتختفي وراء يافطات بريئة كل البراءة.. ويضيف أن مثلاً 90% من الجمعيات التعاونية التجارية –السوبر ماركت الموجودين في الخليج- خاضعة لهيمنة الجماعات الإسلامية، ويتساءل أين تذهب أرباح هذه الجمعيات؟ ويجيب سؤال لا يعلم إجابته إلا الله، سبحانه وتعالى، يضيف أيضاً، جمعية مثل جمعية "الإصلاح الاجتماعي" –وتابعنا الشيخ عبد الله المطوع يتحدث- جمعية "الإصلاح الاجتماعي" مثلاً أُنشئت رسمياً ولها فرعان فقط، الآن لديها أكثر من 130 فرع يعتبرها خارج القانون، بلا ترخيص، بلا رقابة ويضيف، وهنا المفارقة، أنه للأسف لم تجرؤ الحكومة على إغلاق هذه الفروع".

هنا سؤالي هل الجمعيات الخيرية هي جمعيات ربما شعاراتها إنسانية وبريئة ولكن في النهاية تعمل من أجل حسابات سياسية والعمل الخيري هو في النهاية جزء من هذه الحسابات السياسية وهنا يمكن أن تصل بعض التفرعات العمل السياسي إلى عمليات عنيفة أو إرهابية، كما توصف؟

د. عبد الرحمن السميط: اعذرني إذا ما رديت على الشيخ سعود الناصر الصباح أولاً إكراماً لعائلته الكريمة، وثانياً لأنه رجل سياسي وأنا ما أحب السياسة، ولكن دعني أرد على أولئك الذين يكررون مثل هذه التهم في وسائل الإعلام الكويتية، ما أسمع منهم دائماً اتهامات، عمري ما شفت ولا مرة إثبات لهذه الاتهامات، عمري ما شفت ولا واحد منهم جاء وطرق بابنا وقال تعالوا اشرحوا لي ها العمل اللي قاعدين تقوموا فيه، عمري ما شفت ولا واحد منهم جاء معنا وزار إفريقيا، بينما هناك 3 الآلاف رجل وامرأة من الكويت والسعودية والإمارات وقطر والبحرين وغيرها ذهبوا معنا لإفريقيا، فإما أن الشعب الكويتي كلهم أغبياء والشعب السعودي كلهم أغبياء وشعوب الخليج كلهم أغبياء وما عندنا أذكياء إلا 10، أو15 كاتب في الصحافة الكويتية وإما أن هؤلاء يجب أن يكونوا أوصياء على الشعب الكويتي وعلى الشعوب الأخرى بحيث المواطن يتبرع بالمال ويقول أنا عايز مسجد أو عايز مدرسة أو عايز بيت، وهذا الرجل علماني يقول لا اعملوا في الشيء الفلاني، أنا لازلت أذكر أن اثنين، ثلاثة منهم كانوا يصرون على أن أغير اسم "لجنة مسلمي إفريقيا" لمجرد إن فيها الإسلام!! وطبعاً ما يقولها كذا صراحة، يجي بطريقة حلوة، أنت والله إنسان طيب، انتو إنسان كويسين بس يعني لو تشيل اسم الإسلام منها وتسميها لجنة فقراء إفريقيا، وبعدين اكتب الكويتية، لماذا لا تكتب الكويتية؟ أنت ما تحب بلدك! أنا عملت لأمير الكويت الشيخ جابر –الله يشافيه- 25 مشروع، ما فيه مشروع من المشاريع وضعت اسمه عليه بطلب منه، يقول لي اعمل مشروع وما تحط اسمي عليه فهذا موجود عند المسلمين كلهم مو بس الكويتيين.

محمد كريشان: هو الكويت ربما مجرد يعني مثل فقط، يعني الدكتور البنا في.. في لندن يعني أنا أريد أن أكون يعني صريح وواضح، هل معنى ذلك بأن منذ بداية الحلقة الجمعيات الخيرية الإسلامية لا إشكال لديها إطلاقاً، يعني لا وجود لأي ثغرات في تسييرها، لا وجود لأي شبهة، يعني لا نريد أن نكون إما مع الولايات المتحدة أو مع هذه الجمعيات الخيرية بالكامل، هل هناك ربما بعض الأخطاء، ربما بعض الناس الذين تسربوا لهذه الجمعيات، هل هناك مخاوف على الأقل يعني، لا يمكن أن.. أن ندافع في المطلق يعني؟

د. هاني البنا: بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، طبعاً أنا لا أتحدث عن جميع الجمعيات الخيرية التي سجلت في العالم، لكن أعتقد أن كل جمعية خيرية تسجل في مكانٍ ما، مسؤولية المراقبة تقع على الحكومة، إذا تسيبت هذه الجمعية فيما بعد، فالمسؤول الأول والأخير الحكومة نفسها، على أن هناك أنظمة الحكومة غير قادرة على مراقبة هذه الجمعيات، أنا إذا كان عندي قانون غير دقيق وما عنديش رقابة صارمة لمثل هذه الجمعيات أو ما عنديش أطر أتحاور.. أستطيع أن أتعامل بها مع تحويل الأموال، مع مراقبة المشاريع إلى آخره، فالخطأ الأول على الأنظمة الحكومية، ونحن نسأل أولاً الأنظمة الحكومية سواء كانت في أوروبا أو سواء كانت في أميركا أو سواء كانت في الدول العربية عامةً إرجاعاً إذا كانت سُجلت جمعية معينة بس من ناحية التراخيص الدولية، فالفرع الأم يستطيع أن يفتح فروع صغيرة في أماكن مختلفة، ونحن عندنا ببريطانيا لنا تسجيل واحد، لكن عندنا 6 فروع في بريطانيا، وكذلك كل الدول التي تسجل فيها بالتسجيل المركزي أو الفيدرالي أو اللي هو الرئيسي ممكن أن تفتح بها فروع في دول.. في مدن أخرى، فلذلك نحن نرجع، نحن نتعاون مع الحكومات، و.. وحينما أتحدث هذا الأمر أقول أن العمل الخيري الإسلامي وخاصةً الإغاثي منه يعمل مع كافة التوجهات التي تعمل في الساحة، فهو عليه أن يعرف كيف يتعامل مع حكومة البلدة التي أُنشئ من أجلها العمل، ثم مع حكومة البلدة التي يعمل فيها لصالح المنكوبين، ثم إذا كان هناك لاجئين يعلم قوانين البلدة الأخرى التي نزح منها هؤلاء اللاجئين لكي يدخلوها إلى بلدة أخرى، ثم يعرف أيضاً قوانين الدول المانحة سواء كانت الأمم المتحدة، سواء كانت الدول الأوروبية، سواء كانت.. فالعامل في الحقل الإغاثي سواء كان إسلامي أو غير إسلامي رجل متسع الأفق يعلم قوانين كل هذه الأشياء، فمن يعلم هذه القوانين صعب أن يُخطئ إلا إذا دولته أوجدت نظام غير جيد لمراقبة مثل هذه الجمعيات.

د. عبد الرحمن السميط: أخ محمد اسمح لي..

محمد كريشان: اتفضل.

د. عبد الرحمن السميط: أنا بأعلق على كلام الأخ هاني ذكر إن في بريطانيا إن قانونهم.. إن ما يحتاجون إلى إذن لفتح الفروع وهذا موجود بالكويت، كل الجمعيات في القانون الذي.. صادر عن الحكومة الكويتية يقول.. "يحق للجمعية الرئيسية أن تفتح فروع" فهؤلاء بعض الإخوة كذبوا، ثم كذبوا، ثم كذبوا حتى صدَّقوا كذبهم، مسموح لهم بـ.. من الحكومة بأن يفتحوا فروع.

محمد كريشان: على كل هو بالنسبة للكويت يعني ربما القضية أصبحت جزء من اللعبة السياسية الداخلية.

[موجز الأخبار]

تعميم الاتهامات واستغلالها في تصفية الحسابات السياسية

محمد كريشان: بالنسبة لضيفنا في لندن الدكتور وينتر وهنا نصل الآن إلى المحور الثالث في هذه الحلقة والمتعلق بـ.. إلى أي مدى ما يثار الآن يمكن أن يستغل في تصفية حسابات سياسية على الصعيد الدولي أو داخل كل دولة بعيداً عن ربما تهم محددة للجمعيات الخيرية بشكل خاص.

دكتور وينتر، هل تعتقد بأن ربما ما يُثار الآن عن اتهامات لها علاقة بالإرهاب بالنسبة للجمعيات الخيرية الإسلامية هناك استهداف للإسلام، هذا هو السؤال الذي يطرحه كثيرون خاصةً في هذه الجمعيات الخيرية ويعتبرون بأن المستهدف الحقيقي هو العمل الإسلامي ويضعون الموضوع في إطار ما يعتقدون أنه حرب على الإسلام في هذه المرحلة، هل أنتم تشاطرون هذا التحليل، باعتباركم غربي وفي نفس الوقت مسلم، هل لديك على الأقل هذا الإحساس أم وجهة نظر أخرى؟

د. عبد الحكيم وينترس: أنا شخصياً لا أعتقد أن هناك مؤامرة دولية على حق المسلمين لأداء فريضة من فرائض دينهم وهي فريضة الزكاة ركن من أركان الإسلام، ولكن أعتقد أن هذه الاتهامات التي إلى الآن ما جاؤوا بأي دليل على صحتها ترجع أساساً إلى حوارات، احتياجات سياسية داخل أميركا، لأن البيت الأبيض في حاجة ماسة إلى أن يبرهن لدى الشعب الأميركي الغضبان، الثائر، الذي يريد الانتقام فوراً، على أنها تفعل.. على أنه يفعلوا شيئاً وهذه وسيلة سهلة لأنها ضربة على جمعيات خيرية لا تستطيع بسهولة أو بسرعة الدفاع عن نفسها فأعتقد أن هذه ليست مؤامرة دولية على الإسلام ولا محاولة لإيقاف فريضة من فرائض الإسلام لدى المسلمين، لأنهم ليسوا أغبياء بهذا.. هذا الشكل، لكن كل هذه الحوارات وهذي الاتهامات تتعلق باحتياجات الـ President بوش وهو من حوله في إقناع الرأي العام الأميركي بأن هناك سياسات تتبع وإجراءات تتخذ ضد الإرهابيين.

محمد كريشان: ولكن يعني دكتور ما يسمى بالجمعيات الخيرية هنا في البلاد العربية والإسلامية بالنسبة للغرب هناك جمعيات النفع العام، ما يسمى بجمعيات المجتمع المدني وهي بالآلاف إذا كان في الخليج ربما بالمئات، في الولايات المتحدة أو في أوروبا وبريطانيا من بينها -بطبيعة الحال- هناك آلاف من هذه الجمعيات وتجمع تبرعات ولها مساهمات عديدة، برأيك هل هذه الجمعيات كلها سواءً في الولايات المتحدة أو في أوروبا بمنأى تماماً عن شبهة الإرهاب يعني مثلاً في فترة من الفترات كان هناك حديث عن أن الجمعيات في الولايات المتحدة تجمع تبرعات للجيش الجمهوري الأيرلندي، هل معنى ذلك بأن لا وجود لشبهات تتعلق بهذه الجمعيات في الغرب؟

د. عبد الحكيم وينترس: الشبهات طبعاً موجودة، لكن نقول لهم.. هاتوا برهانكم ثم نبدأ الحوار لهذه تهمة ثقيلة وخطيرة على.. على السمعة. من يعمل في الجمعيات الخيرية..

محمد كريشان: يعني عفواً لا أقصد الجمعيات الإسلامية في الغرب، أقصد الجمعيات الغربية يعني لماذا لم تقع الإشارة إلى جمعيات موجودة في الولايات المتحدة، موجودة في أوروبا غير إسلامية، لا علاقة لها بالجمعيات الخيرية، ولكن مع ذلك قد تكون لها ارتباطات معينة بالإرهاب، مش.. ليس بالضرورة الإرهاب في.. في منطقة أفغانستان، ربما إرهاب في مناطق أخرى يعني؟

د. عبد الحكيم وينترس: نعم.. أعتقد هذا يثبت ما كنت أحاول أن أقوله آنفاً من أن هذه الاتهامات كلها ترجع إلى احتياجات ومطالب سياسية داخل أميركا ومن ما يحتاج إليه البيت الأبيض الآن إقناع الشعب الأميركي الغضبان بأن إجراءات تتخذ ضد الإرهاب، فلذلك أمعنوا النظر في هذه الجمعيات الإسلامية، ولكن فعلاً من المعروف أنه قد تم توجيه بعض الاتهامات ضد الجمعيات التي تتجمع في (بوسطن) خاصة وفي (نيويورك) أيضاً التبرعات لإغاثة ضحايا الحرب المدنية في أيرلندا الشمالية، فكل هذا يدل على أن هذه الاتهامات جاءت لسبب هذه المطالب السياسية داخل.. داخل أميركا في هذا الوقت.

محمد كريشان: نعم.. دكتور سميط أشرنا إلى موضوع الكويت، ولا أريد أن.. أن نعود إليه، لأن الكويت مجرد نموذج، في منطقة الخليج الجمعيات الخيرية الإسلامية نشيطة، ولها مكانة في كل الدول، وهي جزء حتى من التركيبة السياسية في هذه الدول، يعني مثلاً وزير الخارجية القطري أخيراً عندما سُئل عن الجماعات الإسلامية قال: "أنا من الجماعات الإسلامية" يعني أنا أقوم بواجباتي الدينية وأعتبر نفسي جزء من هذا الانتماء الحضاري والديني، هل التوجه أو ما تريده واشنطن من توجه لمحاربة هذه الجمعيات أو على الأقل ممارسة ضغوط عليها وتدقيق صارم لحساباتها سيدخل دول الخليج في صراعات سياسية داخلية؟ مثلاً السعودية إذا أرادت أن تفتح هذا الباب هناك جمعيات خيرية لا أول لها ولا آخر تجمع تبرعات لمساجد، لمساعدة ما تعتبر أنهم مجاهدين في كشمير أو في أفغانستان أو في غيرها، إذا ضيقت السعودية أو الإمارات أو قطر على هذه الجمعيات ستخلق تبرم شعبي داخلي، وقد تلتجأ هذه الجمعيات إلى حسابات موازية وإلى ربما أشياء في السر عوضاً للعمل في العلن، هل هذا الخطر موجود فعلاً؟

د. عبد الرحمن السميط: أنا أعتقد إن ابن الخليج بصورة عامة.. بصورة خاصة وابن الإسلام بصورة عامة يحب العمل الخيري لأنه جزء من دينه، وجزء من عقيدته، والرسول –صلى الله عليه وسلم- ذكر "إن امرأة دخلت النار في قطة حسبتها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض" وأحاديث كثيرة ما أريد أن أذكرها، لأن ليس هذا مجاله، فالخيرية موجودة في قلوب الناس المسلمين وعندنا في الخليج بصورة أكثر لسبب وهو أن مرت مجاعات شديدة جداً في الخليج في نجد قبل مائتين سنة كان الناس مرت عليهم مجاعة أكلوا فيها لحوم الكلاب، ولهذا تكونت الكويت لأن الناس خرجت من نجد وذهبت إلى الكويت، وذهبت إلى الدول المجاورة وأسسوا هذه الدول وزادوا عدد السكان اللي كان موجودين، فحب الخير موجود في قلوب الناس سواء كان هذا الإنسان فراش صغير أم كان أمير أم رئيس أم ملك، كلهم يتبرعون للخير، ولو كان سمح لنا أن أطلع الأسماء ذكرت لك أن على الأقل 4 من رؤساء دول مجلس التعاون تبرعوا عن طريقنا وبمبالغ كبيرة، عفواً.

محمد كريشان: نعم.. تفضل.. وزراء مالية دول مجلس التعاون اجتمعوا أخيراً في الرياض، واتخذوا مجموعة من الإجراءات يبدو أنها استجابة كما يعتبر البعض لضغوط معينة من الولايات المتحدة حتى يتم التدقيق أكثر في هذا الموضوع وأعتقد بأن الموضوع ليس مطروحاً على دول الخليج فحسب وإنما على دول أخرى، وربما البعض أشار حتى إلى سعي بعض الدول إلى استغلال هذه الهجمة الأميركية على ما يقال أنه اشتباه للجمعيات الخيرية في العلاقة بالإرهاب، هناك حديث عن إسرائيل وقدرتها على توظيف ما يجري لحسابات داخلية، هناك إشارة للجزائر، هناك إشارة لأطراف أخرى كمصر أو غيرها في محاولة توظيف ما يجري من حديث في ترتيب الوضع السياسي الداخلي، سنحاول أن نتناول هذا الموضوع وإن بعجالة.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: ننتقل إلى لندن بالنسبة للدكتور هاني البنا، دكتور، هل تعتقد بأن هذه الضجة كلها يمكن أن توظف بالنسبة لعديد الأطراف لتصفية حسابات معينة مع تيارات سياسية إسلامية معينة في بعض الأقطار، مختبئين أو متظللين بهذا الغطاء، وهو محاربة الإرهاب والجمعيات التي تسانده؟

د. هاني البنا: يعني إذا كان يعني بغض النظر عن السبب لمثل هذه الضجة، فأنا بأحاول أوجه نظر العالم كله لأن الإعلام، بعض الصحفيين وبعض الإعلاميين لهم توجه عام وعالمي سواء كان في الغرب أو حتى كان في المنطقة العربية لمحاربة مثل..، أنا ما أعتقد إن فيه حكومات، لا أعتقد إن الحكومة الأميركية أو الحكومة البريطانية أو الحكومات الأوروبية لها يعني هذا الـ.. هذه الأجندة لضرب العمل الخيري الإسلامي، لكن الإعلام هناك هو من يتحكم في الإعلام هناك هو الذي يثير مثل هذه الأشياء، في كثير من الأوقات تخرج الحكومات الأوروبية وتحاول تهدئ من روع الشارع خاصةً في بعض.. الأشياء التي تحدث هناك، ولكن الإعلام يضغط عليها ضغط شديد جداً،.. فتضطر، فتظهر مثل هذه الحكومات أن تخرج بقوانين كقوانين الإرهاب اللي هي الحديثة التي أخرجت في كندا وفي أميركا وفي بريطانيا منذ هذا العام والعام الماضي، إذا كان فيه ضغط كبير جداً من بعض الدول المستفيدة من تواجد بعض المعارضين لها في الغرب يعني أن ترجعهم مرة أخرى قد تضغط على الحكومات، والأمر الآخر إن وسائل الإعلام نفسها تريد أن أيه؟ وجهت لتضغط على مثل هذه الحكومات، الذي أريد أن أقوله وأضرب مثل بهذا أنا ذكرتني صحيفة من الصحف في منطقة الخليج إن أنا ابن يعني رجل آخر يعني، إن أنا والذي اسمه "حسن البنا" وأنا أبويا قتل في عام 1949م أنا مواليد سنة 1950 فكيف أنا أولد بعد أن أبويا يقتل بسنتين أو.. بسنة ونصف يعني؟!

ولم يتوخوا الصدق يعي مجرد صحفي صغير كده كتب.. فإيه.. أيه علاقة هذا الشخص الصحفي الذي يكتب عن شخص يعيش في أوروبا أن أبوه قتل.. أنا أبويا مات –رحمة الله عليه- سنة 1994م ومات في بيتنا يعني في الـ.. في.. في.. في القاهرة، فلما تجد أشاء في مثل هذه تجد إن فيه بعض الصحفيين نحن.. نحن نقول لهم إن إحنا إخوانكم، نحن معكم في كل شيء، دعونا نتحاور معكم، دعونا نظهر لكم ماذا يريد.. ماذا نريد وكيف نعمل، وكيف نتحد جميعاً في إيصال مثل هذه الخيرات، وتوصيل هذه البسمات إلى شعوب.. والفقراء، لكن بعض الصحفيين بيخرجوا في هذا الأمر، وإحنا عايزين نخرج من هذا الأمر –يا أستاذ كريشان- بنقطتين قبل أن.. أن.. أن ينتهي الوقت الأمر الأول وهو مهم جداً، إنه هناك قضية خطيرة جداً الآن في أفغانستان، فيه 5 مليون نازح في الداخل، ولو دخل عليهم الشتاء في الشهر القادم، سيموتون لأن التلج هينزل ولن تستطيع أي هيئة إغاثة في العالم مهماً عظمت قدرتها إلى إدخال المواد الغذائية، فلابد علينا أن نتكاتف وننسى هذه الاتهامات الغير جيدة للجمعيات الخيرية سواء كان إسلامية أو غير.. نحن نتحد. نحن نتحد مع كل المؤسسات العالمية التي تعمل في أفغانستان وفي العالم كله، لكي نوقف هذه المذبحة دي نمرة واحد.

الأمر التاني: نحن نعرض على الحكومات العربية ونقول لهم يعني إن هؤلاء الذين يديرون مثل هذه الجمعيات هم أبناءكم، وعلى حسب المثل المصري بيقول لك "إن كبر ابنك خاوية" وهذا الابن خرج لكي يعمل للخير لأنه هو تربي في مجتمع يؤمن بالخير ويعيش الخير ويموت من أجل إيصال الخير للعالم، وهكذا علمنا المصطفى –صلى الله عليه وسلم- ونحن يعني نشعر بانتماءنا للمصطفى، فنحن نريد أن..

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم.. هو.. وهو وعلى ذكر.. على ذكر الصحافة يا دكتور البنا يعني حتى بالنسبة للكويت دكتور سميط، كان هناك جدل بين مجلة "المجتمع" وصحيفة "القبس" وأغلب اللـ.. وأغلب الذين كتبوا انتقاداً للجمعيات الخيرية وللتيار الإسلامي في الكويت كانوا في صحيفة "القبس" أو هكذا يقال على الأقل في الكويت، هل تعتقد بأن هذه الأزمة أيضاً أججت حسابات معينة، ولا نريد أن.. أن نركز بالضرورة على الكويت يعني، هل هناك توظيف لهذه الأزمة لحسابات داخلية؟

د. عبد الرحمن السميط: خليني أرجع للكويت ما دمت أثرت الكويت.

محمد كريشان: ما دام أنت مُصرّ، تفضل.

د. عبد الرحمن السميط: "القبس" تملكها خمس عائلات كويتية هي من العائلات المشهود لها بالعمل الخيري والتبرع لعمل الخير وكل العائلات الخمسة متبرعين لنا بمبالغ كثيرة من أول يوم بدأنا فيه إلى الآن.

محمد كريشان: أصبحوا مشبوهين أيضاً.

د. عبد الرحمن السميط: فما أدري كيف تركب العملية، لكن أعتقد بصورة عامة في العالم ككل، العملية تصفية حسابات، دعني أضرب لك مثال إحنا عندنا فروع في الدول الغربية، والدول الغربية تراجع حساباتنا وحكومة الكويت تراجع حساباتنا، أقسم بالله العظيم أن الطريقة التي تحاسبنا فيها حكومة الكويت عشرات المرات أكثر كفاءة من الحكومات الغربية، ثم يأتي ضغط على الحكومة الكويتية وعلى حكومات الخليج أن زيدوا رقابتكم، طيب ما تشوفوا المصيبة اللي عندكم في ديار الغرب، أنتوا أقعدوا راقبوا هؤلاء اللي يجمعون تبرعات ويشترون فيها أسلحة لإسرائيل حتى يقتلوا أولادنا وإخوانا و..

محمد كريشان: وعلى.. على.. على ذكر إسرائيل -دكتور يعني- في إسرائيل مثلاً يعني حتى الأزمة وصلت داخل إسرائيل، أجهزة الأمن هناك تعتبر بأن جناح الشيخ رائد صلاح في داخل الحركة الإسلامية، داخل إسرائيل أو داخل الخط الأخضر، كما يسمى هي حركة خطيرة ولابد الآن من مراقبة كل الجمعيات التي تشرف عليها، ولابد من تدقيق حتى لكل إنفاق بلدي له علاقة بهذا الموضوع، أقل من دقيقين نريد أن نختم مع الدكتور عبد الحكيم وينتر، هل تعتقد بأن أيضاً مرة أخرى هناك امتداد لهذا الموضوع حتى داخل إسرائيل، يعني يمكن أن تستغل إسرائيل من ضمن ما استغلته هذا الحديث عن الجمعيات الخيرية؟

د. عبد الحكيم وينترس: يستغلونه وهذا.. هذا معلوم، ولكن أعتقد أن لو كان لديهم أي دليل على أن الشيخ رائد صلاح مثلاً خالف قوانينهم في.. في.. في هذا الجانب لاعتقلوه، ولكن ما يستطيعون، أنا.. أنا أعرف نشاطه في القدس وفي غير القدس، وهو نشاط خيري بحت، ولا يستطيع أحد أن.. أن.. أن يقول غير هذا، ولكن إسرائيل سياستها يعني تجاه المسلمين والتيار الإسلامي هناك معلوم.

محمد كريشان: نعم.. شكراً دكتور وينترس وهو (محاضر بجامعة كامبريدج، ومسؤول سابق في إحدى منظمات الإغاثة في البلقان) شكراً أيضاً في الأستديو للدكتور عبد الرحمن محمود السميط وهو (رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر، وأمين عام لجنة مسلمي إفريقيا) وقد حدثنا بالخصوص على الجانب المتعلق بالعمل الإنساني من قبل هذه الجمعيات في أفريقيا، ومن لندن أيضاً معنا.. شكراً جزيلاً للدكتور هاني البنا وهو (المدير العام للإغاثة الإسلامية في بريطانيا) حاولنا أن نسلط في هذه الحلقة كل الاتهامات التي تثار حول الجمعيات الخيرية الإسلامية ومدى ما يمكن أن يكون لها من علاقة بالإرهاب، للأسف ليس هناك وجود لمعايير محددة، الولايات المتحدة أدرجت بعض الأسماء وبعض الجمعيات، ودون أن تعطي أدلة محددة عن طبيعة التمويل أو عن طبيعة التهم الموجهة، وبالتالي فالموضوع مازال مطروحاً للنقاش، إلى أن نلتقي في حلقة مقبلة –بإذن الله- تحية طيبة، وإلى اللقاء.