أولى حروب القرن

صورة الإسلام والمسلمين بعد الهجمات على أميركا

بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن, هل ينجح المسلمون في درء تهمة الإرهاب؟ وموقف قياداتهم وشعوبهم من التحالف مع واشنطن ضد ما يسمى بالإرهاب؟ وهل يغامر القادة بمواجهة ثورة شعبية إذا خاضوا حربا على مسلمين؟
مقدم الحلقة جمال ريان
ضيوف الحلقة – كمال الهلباوي، الباحث في الدراسات الاستراتيجية
– عاشور الشامس، كاتب صحفي ليبي معارض
– بابكر عيسى، كاتب صحفي سوداني
– هشام شرابي، جامعة جورج تاون
– ضياء رشوان، متابع لقضايا الجماعات الإسلامية
تاريخ الحلقة 17/09/2001

– حجم الضرر الذي لحق بالمسلمين بعد الهجمات
– كيفية إيصال صورة الإسلام الحقيقية للغرب
– الحرب المقدسة الأميركية ورد الفعل العربي والإسلامي
– موقف الغرب من التمييز بين الجماعات الإسلامية
– حقيقة تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن
– موقف حكومات العالم الإسلامي وشعوبه

undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined

جمال ريان: مشاهدينا الكرام أهلاً بكم، تعالت الصيحات المنددة بالإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة منذ وقوع الهجمات على نيويورك وواشنطن يوم الثلاثاء الماضي، وتزايدت الدعوات للرد العسكري بضرب مواقع في العالم الإسلامي، وبعد أن حل الغضب محل الصدمة بدأ بعض الأميركيين بالتنفيس عن هذا الغضب بمهاجمة مواطنيهم من المسلمين أياً كانوا، غير أن توجيه الاتهام للمسلمين لم يكن أمراً مفاجئاً، ومعاداة الإسلام متأصلة لدى الغرب منذ أمد بعيد، رغم ذلك سارع علماء المسلمين من كافة الطوائف إلى إدانة ما حدث والتأكيد على أنه لا يمت للإسلام بصلة، السؤال الآن: هل ينجح المسلمون في درء تهمة التطرف والإرهاب بدون تقديم المزيد من التنازلات؟ هل موقف قيادات المسلمين موحد من قضية التحالف مع واشنطن ضد ما أصبح معروف بالإرهاب؟ والأهم ما هو موقف الشعوب الإسلامية؟ وهل يغامر قادة الدول الإسلامية بمواجهة ثورة شعبية إذا ما خاضوا حرباً سقط فيها مسلمون؟ وهل آن للغرب أن يميز بين الجماعات الإسلامية أم يستغل الفرصة لوضعها جميعاً في سلة واحدة؟

لاستكشاف هذه الزوايا نستضيف من واشنطن عبر الأقمار الاصطناعية الدكتور هشام شرابي (الأستاذ بجامعة جورج تاون) ومعي أيضاً في الأستوديو بابكر عيسى (الكاتب الصحفي) ومن لندن كلاً من الدكتور كمال الهلباوي (الباحث في القضايا الإسلامية) والكاتب الصحفي عاشور الشامس، ينضم إلينا في وقت لاحق أيضاً من القاهرة ضياء رشوان من مركز الدراسات الاستراتيجية في الأهرام، والمتخصص في الجماعات الإسلامية.

نبدأ أولاً من واشنطن والدكتور هشام شرابي، دكتور ما هو حجم ذلك الضرر الذي لحق بصورة الإسلام، وما هي الصورة الحالية -يا دكتور- للعرب والمسلمين في أميركا بعد الهجمات التي تعرضت لها واشنطن ونيويورك؟
يبدو أن الدكتور هشام، هل تسمعنا دكتور هشام شرابي في واشنطن؟ دكتور هشام.. نعود لربما للدكتور هشام في.. في وقت لاحق، في.. في الأستوديو بابكر عيسى بعد هذه الهجمات الأخيرة في نيويورك وواشنطن، أنت من خلال وسائل الإعلام ومن خلال مطالعاتك اليومية ما ذلك الضرر؟ حجم ذلك الضرر الذي لحق بالمسلمين، بالعرب، بالإسلام؟

حجم الضرر الذي لحق بالمسلمين بعد الهجمات

بابكر عيسى: أعتقد إنه 11 سبتمبر عام 2001م أو ما يُعرف بأيلول الأسود في أميركا سيكون نقطة فارقة بكل المستويات، وعلى مختلف الصعد، وأعتقد إنه هذا الذي حدث يكتب صفحة جديدة في التاريخ، لم يكن الأميركيون يتوقعون بأي حال من الأحوال أن يأتي الخطر من داخل الولايات المتحدة الأميركية، كانوا على الدوام يتصورون أو يتوهمون أن الأخطار ستكون خارجية، ولهذا كان كل التركيز على شبكة الصواريخ أو الشبكة المضادة للصواريخ، الهجوم عبر أسلحة كيميائية أو بيولوجية على بعض المدن الأميركية، لكن لم يخطر في ذهنهم على الإطلاق إنه الخطر يمكن أن يحدث بهذه الجسامة وبهذا الهول ويهدد أكبر رمزين: مركز التجارة العالمي وما يمثله من رمز للرأسمالية والعولمة والانفتاح، والبنتاجون باعتبار إنه رمز للقوة العسكرية لأكبر قوة تحكم العالم.

جمال ريان: ولكن يعني في هذه الضربات كانت لربما هناك ثلاث رسالات زي ما تفضلت: رسالة اقتصادية بالدرجة الأولى، رسالة سياسية ورسالة عسكرية، ولكن لنبقى حول موضوع المشاعر والنظرة والإهانات التي تعرض إليها بعض المسلمين، هل تعتقد أنها كانت فقط بسبب الهجمات الأخيرة يوم الثلاثاء الماضي، أم هي بسبب عشرات من السنين، سنين الإهمال وسياسة الولايات المتحدة تجاه العالم الإسلامي؟
بابكر عيسى: هي تراكمات، إنه هناك كثير من المرارة منذ الحروب الصليبية بين الإسلام والمسيحية إنه كانت هذه النظرة موجودة، هناك قوى سياسية لها مصلحة في الإساءة للإسلام، أميركا لا يحكمها حالياً العقل، تحكمها الرغبة في الانتقام وتحكمها العاطفة، وأنا أجد العذر للأميركيين في هذه الظروف، لأنه حجم الدمار الذي حدث والاستهداف الذي طال عدد كبير جداً من المدنيين وما تمثله هذه المباني من رموز للشعب الأميركي أعتقد إنها كانت يعني أحدثت زلزال في داخل الذهنية والعقلية الأميركية، وكان من الطبيعي أن تكون ردود الفعل أقسى من ذلك، ولنا في التاريخ القريب فيما حدث في (أوكلاهوما) يعني لمجرد ما خرجت إحدى وسائل الإعلام تتهم المسلمين بإنهم وراء هذا الهجوم تعرضوا في كثير من المدن الأميركية للعدوان والبطش، وهذا ما يحدث الآن ليس فقط في الولايات المتحدة الأميركية، وإنما في العديد من الدول الأوروبية ودول الغرب، هذا التوجه هو توجه غير عقلاني، الإسلام أبعد ما يكون عن مثل هذه الممارسات، المسلمين ليسوا كلهم في سلة واحدة، وليسوا كلهم إرهابيين ومتهمين، وليسوا مدانين، يعني هذه النظرة تحكمها العاطفة ولا يحكمها العقل، وأعتقد إنه هذا دور وسائل الإعلام الأميركية ودور صُنَّاع القرار في الولايات المتحدة الأميركية أن يكون هناك فصل تام بين الإسلام والإرهاب، الإسلام لا يعرف الإرهاب، الإسلام دين للتسامح ودين للمحبة ودين للتعايش مع كل الشعوب، مع الآخرين، يجب أن يُطرح السؤال الآتي: هو لماذا حدث الذي حدث وفي داخل الولايات المتحدة الأميركية؟
جمال ريان: بالطبع هذا هو محور هذه الحلقة وسنحاول الإجابة عليه.

[فاصل إعلاني]

جمال ريان: معنا الآن من واشنطن الدكتور هشام شرابي، دكتور.. دكتور هشام صورة الإسلام، صورة المسلمين، صورة العرب بعد الهجمات الأخيرة هل تغيرت أم أنها النظرة كانت نظرة بريئة، أم كان يشوبها بعض الشيء؟ دكتور هشام..

د. هشام شرابي: ماذا تتوقع؟ ماذا تتوقع بعد أن يحدث ما حدث؟ ما حدث هو جريمة أخلاقية، وكارثة سياسية سيدفع عنها جماعات وأمم وأشخاص في كل أنحاء العالم، نحن هنا في أميركا أول من تعرض لنتائج هذا الحادث البشع ما قمنا فيه خلال 30 سنة من العمل لإبراز صورة حضارية متمدنة عن العرب والإسلام في الولايات المتحدة أكاد أقول قد محيت كُلياً بعد هذا الحادث، هناك عوامل أساسية يمكن أن يعتبرها الإنسان مسببات لما جرى أهمها أن..

جمال ريان[مقاطعاً]: ولكن قبل أن ندخل يعني في هذه المسببات دكتور، كيف كانت النظرة في السابق؟ هل كانت النظرة نظرة نقية، أم أنها كانت نظرة شائبة تجاه العرب والمسلمين خاصة الذين يعيشون في المجتمع الأميركي وهم أميركيون أصلاً؟
د. هشام شرابي: هناك الصورة العربية والإسلامية في الولايات المتحدة –بخاصة- وفي الغرب –بعامة- خلال الـ 30 أو 40 سنة الماضية في سياق النزاع العربي الإسرائيلي بُشِّعت من خلال الإعلام المتحيز بشكل واضح، تاريخ العرب، حضارة العرب، ولما يجري على الأرض من دفاع عن القومية، عن الدين، عن الأرض والوطن، كلها استعملت لإبراز صورة تتضح بمفاهيم كمفهوم الإرهاب عندما يذكر اسم فلسطين أو العرب أو الإسلام، فهناك صورة بشعة كان للدعاية الصهيونية وللإعلام الأميركي -بشكل خاص- يد في خلق هذه الصورة البشعة.

جمال ريان: طيب في.. في لندن يعني هل تتفق مع الدكتور هشام شرابي فيما قال الدعاية الصهيونية، التاريخ، الماضي؟ هل كان له ذلك التأثير أم أن أنها يعني فترة مرحلية هي تلك النظرة التي ينظر إليها للمسلمين والعرب في.. في الدول الغربية سيد هلباوي؟

د. كمال الهلباوي: مساك الله بالخير أستاذ جمال.

جمال ريان: أهلاً بك.

د. كمال الهلباوي: والمشاهدين الكرام، أنا أظن أن الصورة في بريطانيا وأوروبا بشكل عام ليست بالصورة السوداوية اللي نقلها الدكتور هشام شرابي عن الوضع في أميركا، فالمساجد قائمة والناس تصلي، والحكومة البريطانية اتخذت بعض الإجراءات لحماية هذه المؤسسات، إنما هناك شعور عند كثير من المسلمين بالخوف والاشمئزاز مما حدث في أميركا، آلو..

جمال ريان: نعم اسمعك.. اسمعك..

د. كمال الهلباوي: مما حدث في أميركا هناك شعور بالاشمئزاز، وشعور بالخوف كذلك من المجهول، لأنه الأحاديث التي تأتي من أميركا والتصريحات التي تأتي من أميركا والسرعة في الاتهام كذلك وتوجيه الدفة كلها إلى العرب والمسلمين يفزع ويرهب الناس ربما أكثر من.. من الإرهاب الحقيقي يعني..

جمال ريان[مقاطعاً]: طيب، يعني ألم تكشف هذه الأزمة الأخيرة يعني ضعف المسلمين في مجال الدعوة، في مجال فهم العقلية الغربية، في كيفية التعامل معها، في كيفية إقناعها والوصول إليها وشرح يعني مواقفها وقضاياها؟

د. كمال الهلباوي: لأ.. تحرك بعض قادة المسلمين ومنها المجلس الإسلامي البريطاني وأعد لقاءات وتصريحات صحفية ولقاءات صحفية وكان له بعض التأثير، حتى يعني أنا ألاحظ أن بعض وسائل الإعلام بما فيها B.B.C يعني لم تعد متحيزة كما كانت من قبل، ولم تعد تركز فقط على الشواذ من قيادات الإسلاميين الذين يزعمون بأنهم قيادات وهم في طرف أعمال العنف والتشدد وما إلى ذلك، ألاحظ إن B.B.C بتلاقي عدداً من الشباب الطيبين المعتدلين ومن أبناء الحركات الإسلامية الذين يعطون صورة طيبة كذلك عن العرب والمسلمين، والتصريحات التي تأتي جاءت من رئيس الوزراء ومن (جاك سترو) ومن بعض المسؤولين الآخرين وقيادات الأحزاب ليست بهذا السوء الذي كانت به الصورة التي نقلت عن أميركا من الدكتور هشام شرابي يعني.

جمال ريان: ولكن يعني أنت.. أنت لم تجبني على سؤال محدد طرحته عليك وهو الضعف الذي يُقال بأن هناك ضعف من قِبَل العرب والمسلمين في المجتمع الغربي في الدعوة، في كيفية إيصال رسائلهم، في توجيه يعني قضايا توجيهية تعريفية بتاريخهم، أيضاً في دينهم، في عاداتهم، في تقاليدهم، لماذا هذه النظرة إلى الإسلام.. إلى العرب لدى الغرب؟

د. كمال الهلباوي: يعني لا نظن إنه الغرب سيتحول إلى.. بالنسبة للإسلام وقضايا المسلمين الكبيرة المعقدة مثل فلسطين إلى حكم عدل أو فاهم لأمور وخبايا القضايا الموجودة لأنه لازالت آثار الاستشراق قائمة ولازال أيضاً هناك ضعف وخلافات كثيرة بين الجاليات المسلمة نفسها وتوجهات مختلفة، وهناك من يعطي هذا الغرب الفرصة أيضاً لتشويه صورة الإسلام والمسلمين إن كان في بلاد العرب أو كان من المسلمين المقيمين في الغرب أنفسهم، فالأسباب متعددة وكثيرة التي توضح مثل هذا الضعف الذي أشرت إليه يا أخ جمال، إنما الدعوة كانت اكتسبت.. الدعوة الإسلامية اكتسبت ميادين ومجالات عديدة وكثيرة ومؤسسات في شتى المجالات، يعني من المساجد، المراكز الإسلامية، النوادي، الاستثمارات الإسلامية، المطاعم، حتى المقابر أعد المسلمون أنفسهم بها، يعني بينتشروا في المجتمع، المدارس، الكليات، المعاهد، إنما قد يتأثر هذا في الأيام القليلة القادمة والله أعلم يعني..

كيفية إيصال صورة الإسلام الحقيقية للغرب

جمال ريان: طيب عاشور.. عاشور الشامس كيف –باعتقادك- يمكن إيصال رسائل المسلمين إلى الغرب؟ كيف؟ ما هي الطرق.. أنجع الطرق من أجل تحقيق ذلك؟

عاشور الشامس: هذه مهمة تحتاج إلى جهود كثيرة جداً وتحتاج إلى إمكانيات بشرية ومادية وتنظيمية، أكبر إخفاق الآن تواجهه الجماعات الإسلامية في الغرب هو غياب القيادات الحقيقية التي تمثل الإسلام في الشارع، أو في الإعلام، أو في المؤسسات والمنابر الثقافية والعلمية في.. في الغرب، هناك فراغ كبير جداً وهناك فقر مدقع في الشخصيات التي تريد.. تستطيع أن تعبر وتعكس صورة الإسلام وتشرح الإسلام للغرب، وهناك أيضاً حاجة إلى ناس..

موجز الأخبار]

جمال ريان: كنا نتحدث مع عاشور الشامس ونسأل عاشور فيما يتعلق بوسائل الناجعة لتعريف الغرب بالمسلمين وإيصال الصورة الحقيقية عن الإسلام للمجتمع الغربي.

عاشور الشامس: لقد ذكرت أن المجتمعات الإسلامية في الغرب ينقصها الإمكانيات وتنقصها القيادات الفكرية والقيادات العلمية والقيادات التنظيمية التي تستطيع أن تخاطب الغرب وتتفاعل مع الغرب، هناك كثير من الوسائل لنشر الإسلام أو للتعريف بالإسلام، ليست مهمة المسلمين -في رأيي- في الغرب أن.. أن يصبح الغربيون مسلمين، هذه مسألة متروكة للغربيين وهذه بلاد حرة تستطيع أن تعتقد ما تشاء، ولكن مهمة المسلمين هي تمثيل الإسلام التمثيل الحقيقي، أو التعريف به التعريف الصحيح عن طريق وسائل الإعلام، عن طريق المدارس والكتب والرسائل والمطبوعات وسائل الإعلام المختلفة سواءً المنظور منها أو المسموع أو المكتوب إلى آخره، هذه كلها، وأهم شيء بدون شك هو التعامل والاحتكاك مع الناس، وهنا تبرز نقاط الضعف لدى المسلمين، كثير من المسلمين مع الأسف يسيء إلى الإسلام أكثر مما يحس ن إليه، وهذه معضلة، يعني هذا الشيء في تركيبة المسلمين سواءً في تعاملهم، في أساليب تعاملهم، في أساليب حياتهم، في فهمهم لمختلف الأمور، فمنهم من يُنفِّر الناس من الإسلام أكثر مما يجذبهم إليه، وهكذا فالعملية معقدة جداً، ولكن غياب القيادات وغياب التنظيمات القادرة التي لديها الإمكانيات الصحيحة والحقيقية والفعالة لحشد هذه الإمكانيات وتوجيهها التوجيه الصحيح للتعريف بالإسلام هو الشيء الغائب، وهو الشيء المفقود في الساحة الإسلامية في الغرب.

جمال ريان: طيب عاشور أنت تحدثت أيضاً في.. في سياق هذا الرد عن وسائل الإعلام، وسائل الإعلام بابكر عيسى يعني يقع عليها أيضاً واجب كبير جداً في.. في هذا الإطار، هل تعتقد أنها مقصرة فعلاً في تعريف قضايا العرب والمسلمين؟ في النظرة الغربية؟ في توجيه النظرة الغربية تجاه المسلمين والإسلام بصفة خاصة؟

بابكر عيسى: أنا أتفق معك تماماً إنه هناك فيه تقصير وفيه قصور من الجانب العربي في إبلاغ الصوت العربي والإسلامي إلى المجتمعات الغربية بصورة عامة، وهذه القضية يمكن كانت خلال الأسابيع الماضية محور جدل على مستوى جامعة الدول العربية لإبلاغ الصوت العربي إلى عواصم القرار وإلى التجمعات المؤثرة…

جمال ريان[مقاطعاً]: لكن.. ما الذي رُصِّد من أجل هذه المهمة؟ رُصِّد مبلغ مليون دولار، أليس كذلك.

بابكر عيسى: أعتقد إنه المسألة يعني هي بتعوز الإمكانيات –كما تفضل دكتور عاشور- وأعتقد إنه بتحتاج المسألة لمزيد من الإنفاق، بس بتحتاج لرؤية، يعني ليس المال هو الذي يستطيع أن يفعل كل شيء، يجب أن تكون هناك رؤية وتكون هناك رسالة محددة لإبلاغها للآخرين، ما يهمني في هذا الصعيد على وجه التحديد إنه العالم العربي والعالم الإسلامي عبَّر عن أحزانه بما حدث في نيويورك وواشنطن، إنه هذه الأحزان لم تنقل إلى الرأي العام الغربي بالصورة المطلوبة، تم التركيز على بعض المواقف السلبية التي حاول تعبر عن الابتهاج وعن الفرحة بما حدث في (مانهاتن) وفي جادة (بنسلفانيا) حيث موقع (البنتاجون)، أعتقد إنه يعني التركيز على ما هو سلبي ومحاولة تلطيخ صورة الإسلام في وجدان الآخرين، يعني هذا يجب أن يكون هناك سؤال حول مَنْ المستفيد من هذا؟ في الولايات المتحدة الأميركية حسب ما أعرف إنه فيه أكثر من 7 ملايين مسلم من الأميركيين على مختلف..،يعني هذه الشريحة الكبيرة، هذا الجهد الكبير الذي أشار له الدكتور شرابي إنه 30 سنة من العمل مسحت بصورة، يعني يجب أن يكون هناك فيه جهد إعلامي، جهد مؤسساتي، جهد سياسي، جهد على مستوى المنظمات بتاعة المجتمع المدني…

جمال ريان[مقاطعاً]: ولتوحيد وتوحيد في المواقف، توحيد في التوجهات، توحيد، نعم..

بابكر عيسى: لتصحيح.. لتصحيح صورة الإسلام في وجدان العالم الغربي.

جمال ريان: ولكن.. ولكن هناك أيضاً تيارات، هناك انشقاقات، هناك تشدد، هناك اعتدال أيضاً، الدكتور هشام شرابي تأثير ذلك.. تأثير يعني التيارات الإسلامية وتنوعها على النظرة.. النظرة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين.

د. هشام شرابي: يعني الإسلام إن كان في دار الإسلام أو في المهجر لديه تيارات عديدة وأفكار يبرزها المثقفون والعلماء بأشكال مختلفة، هناك أيضاً نظرة إلى الإسلام كإسلام مشحونة بعدم المعرفة، وأيضاً -كما قلت- مدسوسة بشكل على عدة أعوام أدت إلى موقف سلبي تجاه العرب والمسلمين، هلاَّ الموضوع ليس موضوع فقط صورة يعني image، ليس موضوع وسائل الإعلام، هو أيضاً نحن مسؤولون عنه، مسؤولون عنه في المهجر وفي البلدان العربية والإسلامية، لم يكن هناك اهتمام كافي بالمهاجر العربية والإسلامية في أوروبا أو في أميركا من قِبَل حكوماتها، لم تنظم جمعيات، لم..، شو.. شو إسرائيل بتعمل في.. في أميركا مثلاً، دائماً هناك أحداث ثقافية موسيقية، إعلامية تحدث في الجامعات، في المسارح، وكلها ممولة من دولة إسرائيل، نحن هنا في.. في أميركا بقى لنا 30سنة لا أظن الدول العربية صرفت على أي عمل ثقافي أو إعلامي أو.. أو أكاديمي إلى آخره يعني.. نعم..

جمال ريان[مقاطعاً]: ولكن أيضاً دكتور، دكتور هشام يعني، دكتور هشام أيضاً يُقال أن المشكلة ليست قضية تمويل بل هي مشكلة أيضاً في التنظيم، في اللوبي، في التجمعات الموجودة في.. في داخل الولايات المتحدة…

د. هشام شرابي: بلاشك بلاشك، بلاشك، بس.. بس.

جمال ريان[مستأنفاً]: وهذا يقودنا فعلاً إلى.. يعني إلى يعني ناحية مهمة جداً وهي ضرورة فهم العقلية الغربية وكيف تفكر.

د. هشام شرابي: مضبوط، عفارم، بس التمويل في غاية الأهمية، لا يمكن قيام تنظيمات على مستوى قومي يعني بكل أنحاء أميركا بما فيه كندا بدون تمويل محترم ومضبوط للجمعيات المختلفة، للنشاطات المختلفة، للجامعات، للأحداث الثقافية والمسارح إلى آخره، الحكومات وسفارتها هنا كأن.. كأن لا يوجد مسلمين، كأن لا يوجد عرب، وكل دولة مسؤولة عن.. عن مواطنيها، بس أيضاً كل دولة عربية فيه عندنا 22 سفارة هنا، السفارات كل واحدة مسؤولة عن العرب جميعاً، على.. على المسلمين جميعاً، هناك سفراء بخبرتي كانوا من.. من أطيب ما يمكن من حيث التعامل والنشاط، إنما إجمالاً لا يوجد أي عمل عربي منتظم من قِبَل الحكومات، والحكومات لها دور ومسؤولية كبيرة.
جمال ريان: عاشور الشامس هل تعتقد أن الحكومات مقصرة يعني وتتفق مع الدكتور شرابي في ذلك؟

عاشور الشامس: أعتقد آخر من يطالب بنشر الإسلام في الغرب يجب أن يكون هو الحكومات، الحكومات يجب أن ترفع يدها من هذه المسألة تماماً في رأيي، يجب هذا الأمر تتصدى له شخصيات وجماعات وكتل تفهم الإسلام وتعكس الإسلام بصورته الصحيحة وتعرف كيف تخاطب هذه الشعوب، المسألة ليست مسألة سياسية، المسألة ليست مسألة علاقات عامة، أن سفارة تعمل سهرة وتدعو لها ناس وتعرض عليهم صور عن المساجد والفن الإسلامي فيهتم الناس بالإسلام، لأ، المسألة ليست كذلك، لأن هذه السفارات وكثير من.. ممن يعملون في هذه السفارات هم في حقيقة الأمر لا يمثلون الإسلام في حياتهم الشخصية، فكيف يستطيع أن يكون رسولاً لإسلام مَنْ لا يعيش الإسلام؟ الإسلام لكي يُعرض على الغرب لابد أن يتصدى له ناس مؤمنين به، ولذلك من أحسن الناس الذين يعرضون الإسلام في الغرب هم الغربيون أنفسهم المسلمون، وبعض من غير المسلمين أيضاً استطاع أن يعبِّر ويشرح الإسلام للغرب أحسن من المسلمين أنفسهم، فالمهم هو شرح الإسلام وطرح أفكار الإسلام وليس طرح أفكار حكومة معينة أو حزب معين أو جماعة معينة، أو تكتل معين، أو فهم معين للإسلام، لدينا –ما شاء الله- جماعات كثيرة…

جمال ريان[مقاطعاً]: جماعة معينة، تكتل معين، توجه معين، وغير ذلك، ولكن أريد أن أطرق هذا الموضوع على السيد الهلباوي يعني، ما رأيك في.. في التشدد والاعتدال والتيارات المختلفة في الإسلام نفسه؟

د. كمال الهلباوي: الإسلام –كما يعني يقول ابن تيمية وابن القيم وغيرهم من المفكرين- دين الوسطية، فما نقدر نقول إن أهل العنف أو التشدد أو التطرف يمثلون الإسلام في أي بيئة من البيئات التي يوجدون فيها، يعني الإسلام بطبيعته دين وسطية ودين الإسلام وسط كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالتين، والوسط بين طرفين ذميمين، هذه طبيعة الإسلام، فمن يتشدد معناها إنه بيتطرف إلى بعيداً عن هذه الوسطية، ولا يحق له إن كان في بلاد المسلمين أو غير المسلمين أن يزاول..

جمال ريان[مقاطعاً]: ولكن سيد هلباوي، يعني أنت تتحدث عن الوسطية، وهنا نتحدث عن تعدد هذه التيارات والتوجهات والجماعات، يعني بعض هذه الجماعات موجودة عندكم في.. في.. في بريطانيا، في.. في.. في دول غربية، جماعات هاربة معارضة، هاربة من الأنظمة تحت عنوان "الإسلام السياسي" تتصرف وتحاول أن.. أن.. أن تحقق وتعكس بالتالي هي صورة لربما سلبية عن الإسلام والمجتمع الإسلامي، أليس كذلك؟

د. كمال الهلباوي: يعني.. يعني إلى حد بعيد هذا الأمر قائم إن هناك جماعات معارضة من الإسلاميين ومن غير الإسلاميين، يعني العلمانيين أيضاً منهم جماعات هاربة ومعارضة، والإسلاميين منهم جماعات هربت أو هاجرت لأسباب عديدة، وجزء كبير من اللوم يقع على البلاد التي جاؤوا منها، والحكومات التي اضطرتهم إلى الهجرة إلى هذه البلاد والبيئات الغربية التي وفرت لهم جواً يستطيعوا إنهم يعيشوا فيه بشيء من الهدوء، وشيء من الأمان، وشيء من الاحترام، والذاتية الموجودة فيه، إنما ليس هناك ضرر في أن تتعدد الجماعات كما تتعدد الأحزاب السياسية، إنما لو أنها كلها تعمل لخدمة الإسلام وتفهمه بالشكل الوسطي الذي أشرنا إليه فلا ضرر في هذا أن تتعدد الجماعات وأن تتعدد القيادات، وتنسق فيما بينها، إنما الضرر كل الضرر أن يوجد في الإسلام من يزعم أنه الوحيد بنظرته المتشددة المتطرفة التي تجعل الناس تشمئز من هذا الفعل، ويزعم أنه الوحيد الذي يمثل الإسلام، وغيره من الجماعات أو الأفراد في عداد الكفرة وعداد الذين يدخلهم النار كل يوم، هذه مشكلة كبيرة، وأنا لا أظن.. إن هؤلاء..

جمال ريان[مقاطعاً]: ولكن سيد.. سيد هلباوي، يعني حقيقة هذا يقودنا إلى محور مهم جداً وهو أن هذه الجماعات الإسلامية الموجودة في المجتمع الغربي أيضاً هناك يعني من يستغلها من قبل هذه الدول الغربية، تستغل الإسلام السياسي، تقوم بدعم بعض الجماعات، ومن ثم وبعد فترة لربما تنقلب عليها، وتقوم بقمعها تحت عنوان "حقوق الإنسان" تحت عنوان التيار الإسلامي نفسه والبيئة.. غير ذلك من البرجماتية، هي المجتمعات الغربية هي برجماتية بتفكيرها في سياستها، فبالتالي هي ليست ثابتة في دعمها لأي تنظيم إن كان معتدل أو متشدد، أليس كذلك؟

د. كمال الهلباوي: لا..نعم، أنا لا أقصد أن الغرب يدعم الجماعات أو يقدم للجماعات الدعم، إنما البيئة المتوفرة بحكم القوانين الموجودة فيها، وصيحة حقوق الإنسان، وقوانين اللجوء وما إلى ذلك هي التي وفرت هذه البيئة للناس المسلمين اللي هربوا من بلادهم أو عرضوا ولم يجدوا صدراً رحباً للاستماع إلى صوتهم، بالمناسبة كمان يا أخ جمال، يعني الإسلام كما تعرف ليس فيه حاجة اسمها إسلام سياسي وإسلام اقتصادي، الإسلام يشمل كل هذه الأمور وكل هذه النواحي، ويعالجها معالجة (تامة)، أما الغرب إذا استطاع أن يستفيد ببعض المسلمين وبعض الشخصيات ويكسبها إلى جانبه، وينفذ بها –يعني- خطط في أذهانهم، فهو يسعى هذا.. هذا فكره، وهذا عمله، وهذه روح البرجماتية التي أشرت إليها، إنما يجب أن يكون المسلم واعياً، وأن يكون المسلم على قدر حمل هذه الرسالة، فلا يقع في أيدي هذه المؤامرات أو أيدي هذا الاستغلال القائم، إذا كان هو هرب من بلده حتى لا يستغل، فكيف يسمح لنفسه أن يستغل في هذه البيئة خارجها؟ كان أولى به يقعد في بلده يستغل من قبل حكامه ومن قبل الأحزاب السياسية التي عنده.

جمال ريان: طيب، سيد.. سيد هلباوي، سنناقش أكثر هذا الموضوع، وخاصة بعد ذلك التصريح الذي قاله الرئيس الأميركي (جورج بوش) من أن الحرب القادمة هي حرب مقدسة، سنناقش ذلك مع هشام شرابي.

فاصل إعلاني]

الحرب المقدسة الأميركية ورد الفعل العربي والإسلامي

جمال ريان: كنا نتحدث بابكر عيسى عن التطمينات التي قدمها الرئيس الأميركي (جورج بوش) واللهجة التي استخدمها في حديثه عن العرب والمسلمين، ولكنه قال عبارة استوقفت الكثيرين، قال: الحرب القادمة مقدسة، ما الذي تقرأه في ذلك؟

بابكر عيسى: أعتقد إن قبل الإجابة، أو قبل محاولة قراءة ما قاله الرئيس الأميركي (جورج بوش) الذي كنا نعتقد إن موقفه وما وجَّهه من رسائل تطمين للجمعيات الإسلامية في داخل الولايات المتحدة كان يدلل على مؤشر للعقلانية في ظل هذا الهياج وهذا الغليان وهذه الرغبة المدمرة للانتقام.

السؤال هو: لماذا الإسلام؟ لماذا كل ما تحدث أعمال إرهابية في أي مكان في العالم تتحول الأصابع بشكل تلقائي إلى الإسلام؟ باعتبار.. أو كأن هذا الإسلام هو مربوط بالإرهاب ومربوط بكل الممارسات…
جمال ريان[مقاطعاً]: أنا أريد.. أنا أريد هذه.. هذه الجملة بالتحديد، يعني هل هي عندما يقال: الحرب القادمة مقدسة، هل هي كلمة عابرة، أم أن لها معاني أكثر

بابكر عيسى: أنا أعتقد إن هي سقطة.

جمال ريان: سقطة؟!

بابكر عيسى: سقطة من الرئيس الأميركي (جورج بوش)، لأن هذه العبارة على وجه التحديد تم سحبها من جميع وكالات الأنباء، سعينا أن نحصل عليها عبر الإنترنت عندما تيقنا أن هناك مثل هذه العبارة التي قيلت، لأنه الإعلان العام لن تكون، أميركا قد تقود الحرب ضد الإرهاب لا أحد يعترض على ذلك، كثير من الدول العربية والدول الإسلامية أعطت موافقات مبدئية إنها ستشارك في التحالف الدولي المناهض للإرهاب، إما أن تعلن الحرب على الإسلام على إطلاقه، فهذا لا يقبله أحد، ستكون هناك مواجهات دامية جداً، سيكون هناك العديد من الاستشهاديون الذين هم على استعداد للدفاع عن الإسلام والدفاع عن الأماكن المقدسة في العالم الإسلامي، أعتقد إنه كلام جورج بوش..
جمال ريان[مقاطعاً]: لكنك أنت تصر على أنها هي زلة لسان ليس إلا؟

بابكر عيسى: أنا أعتقد إنه..

جمال ريان: دكتور.. دكتور هشام شرابي، هل.. هل تعتقد أنها زلة لسان فقط، حينما قال بأن الحرب القادمة هي حرب مقدسة؟

د. هشام شرابي: يمكن أن يكون ذلك، إنما قال أيضاً أن الحرب هي بين الشر والخير، وأن هناك أشرار وأبرار وأن الأبرار الذي يمثلهم مستر (بوش) هم الآن الذين سيقومون بحرب أعلنها مقدسة أو غير مقدسة.

المهم بالموضوع.. المهم بالموضوع هو مش صرف الوقت على.. لغويات…

جمال ريان[مقاطعاً]: يعني دكتور، يعني هل تريد أن تقول بأن الكلمة..

د. هشام شرابي: وراء.. وراء..

جمال ريان: الكلمة.. كلمة "مقدسة" ليست لها علاقة بالدين؟

د. هشام شرابي: طبيعي إلها علاقة بالدين، طبيعي إلها علاقة بالدين، يعني بالإنجليزي لو قالها أنا ما سمعتها، يعني..

جمال ريان: قال Crusade.. Crusade بالتحديد.

د. هشام شرابي: holy war.. holy war.

جمال ريان: لأ، هو قالCrusade بالتحديد.

د. هشام شرابي: Crusade شيء تاني، Crusade شيء تاني، Crusade حملة صليبية نعم لها مرجع تاريخي، إنما ما استعمل مقدسة بمعنى holy، على كل حال، على كل حال، هذا هو الخطاب الذي تسير فيه هذه الإدارة اليمينية الاتجاه، المحافظة سياسياً، واجتماعياً، واقتصادياً في سبيل سياسة خارجية تتحور الآن إلى [سيارة] سِياسة هيمنة على العالم، ما تريد هذه السياسة هو إخضاع أولاً المنطقة العربية الإسلامية، يعني الشرق الأوسط وآسيا الوسطى إلى.. إلى عسكرياً وأيديولوجياً إلى الإدارة الأميركية، هذا بنظري هو هدف كل هذه اللغة وهذه المفاهيم التي تعبر عنها الإدارة الأميركية الآن في تحديد سياستها الخارجية.

جمال ريان: يعني هل.. هل لدى العرب والمسلمين –مثلاً- تصوُّر في الولايات المتحدة بأن الأهداف التي ستضرب ستكون فقط هي أهداف عربية إسلامية؟

د. هشام شرابي: بلا شك الأهداف واضحة، يعني الواحد بيقدر يعمل خط على الخريطة ووضع الدول أو البلدان المؤهلة لاستقبال الحرب المقدسة الأميركية، وعلى رأسها هلاَّ طبعاً أفغانستان، إنما هناك إذا نظرت إلى الخريطة تمتد هذه البلاد من أوساط آسيا إلى البحر المتوسط إلى باكستان.

جمال ريان: طيب، بابكر عيسى، يعني في حال مثلاً العرب والمسلمون ذهبوا إلى الحرب، أيَّدوا الحرب الأميركية ضد الإرهاب، ولكن سقط في هذا التحالف الغرب الإسلامي العربي، سقط مسلمون، ما باعتقادك ردة الفعل حينما يكون هناك عدد كبير من الضحايا؟

بابكر عيسى: هذه خطورة المأزق الحالي، أنا أعتقد إن الجميع في مأزق، الولايات المتحدة في مأزق، الدول الإسلامية والعربية في مأزق، الجماعات الإسلامية التي تعتمد الإرهاب كمنهاج في مأزق، العديد من الدول التي تتضمنها قائمة الدول الإرهابية في وزارة الخارجية الأميركية هي في مأزق، هذا المأزق الكبير إنه هذه الحرب غير محددة الأهداف، هذه حرب ضد شخصيات هلامية، لا وجود لها على أرض الواقع، ليست هناك أهداف محددة يتم ضربها، من هنا تأتي خطورة الخطوة القادمة بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، لأنه لو كانت الضربات الأميركية القادمة ضربات عشوائية، واستهدفت بعض المواقع نتيجة لبعض القراءات الأميركية، أو نتيجة لضغوط، أو نتيجة لمعلومات استخباراتية إنه رد الفعل هيكون المزيد من الكراهية.

جمال ريان: ولكن لاحظنا حقيقة –يعني- ردة فعل قوية جداً ومؤثرة على شاشات التليفزيون، مثلاً ليبيا أُمِر بالتبرع بالدم في ليبيا، يعني موقف مؤيد ومتعاطف جداً مع الولايات المتحدة الأميركية، في السودان، في كثير من الدول التي كانت الإدارة الأميركية ومازالت تتخذ من بعضها يعني مواقف معينة، وفي بعض هذه الدول تضعها على رأس سلم الإرهاب في.. في وزارة الخارجية الأميركية، كيف يمكن تفسير ذلك؟ لنذهب إلى عاشور الشامس في.. في لندن، كيف من وجهة نظرك يمكن تفسير.. تفسير.. تفسير ذلك، عاشور؟

عاشور الشامس: هذه ردود فعل يعني آنية انفعالية، قد تكون لها أسباب ودوافع كثيرة جداً، يعني أنا ليبي وأعرف ليبيا كويس، ردة فعل القذافي محاولة مزايدة مالهاش أي معنى، وفي نفس الوقت محاولة لإبعاد التهمة عن نفسه، لأنه كان سابقاً، دائماً هو أول من يشار إليه بالبنان في مجالات الإرهاب…

جمال ريان [مقاطعاً]: ولكن.. ولكن لم يوجه إليه أي اتهام يعني لم يوجه إليه أي اتهام…

عاشور الشامس: نعم.. نعم لم يوجه إليه الاتهام.

جمال ريان: شاهدناه على شاشة التليفزيون يعني متعاطف جداً مع الشعب الأميركي، نسي ما حدث له في الماضي وما تعرضت له ليبيا من حظر اقتصادي وغير ذلك، يعني ما هي يعني هذا هذه الأسباب هل هو خوف؟

عاشور الشامس: هذا.. هذا.. في رأيي..

جمال ريان: تفضل.

عاشور الشامس: في.. في رأيي هذا تخاذل من.. من القذافي، لأنه كان يعتبر أميركا هي أول عدو، والعدو الأكبر للمسلمين والعرب، وهي الحليف الدائم والأصلي لإسرائيل في المنطقة، ولكن نظراً لأنه الآن في.. في مرحلة يتودد فيها إلى أميركا، فهو يريد أن يتقرب إلى أميركا بهذه.. المحاولات البدائية يعني السخيفة التي لا معنى لها أصلاً، أن يتبرع ليبيين بالدم لأميركا، يعني أميركا ليست في حاجة إلى دم لا من الليبيين، ولا من ياسر عرفات، ولا من أي جهة أخرى، فإذاً هي محاولة مناورات سياسية لا معنى لها، فارغة يعني في رأيي، ولكن القذافي مازالت هناك بينه وبين أميركا حسابات سياسية، وهناك أيضاً كلام الآن على إن أميركا هذه الحرب التي يتحدث عنها الأميركيون هي حرب من أجل تصفية حسابات، وليست من أجل ضرب أهداف قد تكون لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة الآن بما حدث في نيويورك، ولكن هي فرصة لتسوية وتصفية حسابات وملفات مع جهات عديدة في المنطقة الإسلامية والعربية، وهناك تكتلات ولوبي معين في داخل أميركا يدفع بالساسة الأميركان، ويدفع بالسياسة الأميركية في هذا الاتجاه، وكلام (بوش) عن حرب أو عن حملة عسكرية ضد مرتكبي هذه الأعمال، أعتقد إن هي توريط من هذه اللوبيز (lobbies)، ومن هذه اللوبيات والتكتلات في داخل أميركا، توريط لأميركا أن تضرب مراكز أو جهات معينة في المنطقة…

جمال ريان[مقاطعاً]: ولكن يعني عاشور.. عاشور.

عاشور الشامس[مستأنفاً]: في المنطقة لصالح.. لصالح قوى معينة في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، ولكن أهمها إسرائيل والحكومات العربية.

جمال ريان: عاشور.. عاشور ربما أن.. أن كثير.. عاشور، ربما أن الكثيرين لا يتفقون معك، يعني هل جميع هذه الدول التي أخذت موقف متعاطف مع واشنطن ضد أصبح ما يعرف بالإرهاب، هل هذه القيادات كلها يعني تبالغ وتزايد فقط؟ يعني لنأخذ إيران على سبيل المثال.

عاشور الشامس: نعم، هذه مناورات سياسية تقتضيها الظروف، وقد تكون أحياناً ذكية وتخدم غرض معين، وقد لا تكون في أحيان أخرى تخدم أي غرض، ولكن هذا هذه نقطة جانبية، النقطة الأهم هي: لماذا تستهدف أميركا المنطقة العربية والمنطقة الإسلامية؟ أميركا تستهدف، أميركا أو اللوبي الذي يدفع بأميركا أو بالسياسة الأميركية نحو المواجهة ونحو الحرب لوبي يريد أن.. يصفي حسابات معينة في المنطقة العربية والإسلامية مع دول، أو مع جماعات، أو مع تكتلات معينة، هذه هي النقطة الأساسية، أما الشعب الأميركي –في رأيي- فلا يريد الحرب، وأنا يعني أنظر بنظرة تفاؤلية جداً لما ممكن أن ينشأ من خلال هذه التمخضات هذه التي نشاهدها اليوم، وهي برغم يعني ردود الفعل القريبة المدى، لكن على المدى البعيد أعتقد أن.. الأميركان، والأميركان كشعب والغرب كشعوب ستفهم الإسلام أكثر، وستعي الإسلام بشكل أحسن وأفضل مما هي عليه الآن، لأن..

جمال ريان[مقاطعاً]: لكن لا نعلم.. لا نعلم إذا كان الغرب فعلاً سيميز بين الجماعات الإسلامية، أم أنه سيستغل الفرصة لوضعها جميعاً في سلة واحدة، ما رأيك في ذلك يا دكتور شرابي؟

موقف الغرب من التمييز بين الجماعات الإسلامية

عاشور الشامس: لأ، الغرب.. الغرب لا يضع، الغرب لا يضع الجماعات الإسلامية والشعوب الإسلامية في سلة واحدة، كما ذكرت هناك تكتلات وهناك لوبيات بداخل التركيبة السياسية الغربية، سواءً في بريطانيا، أو في فرنسا، أو في روسيا، أو في ألمانيا، أو في أميركا تحاول أن تدفع بهذه الدول إلى هذا النوع من المواجهات، ولكن هناك أيضاً ناس عقلاء يفهمون أن علاقة هذه الشعوب بالعالم الإسلامي وبالعالم العربي وعلاقتها التاريخية والحضارية، هي أعمق وأهم من المواجهات المؤقتة، إذاً لابد أن نفرق بين هذه..

جمال ريان[مقاطعاً]: لا أعلم إن كان..، عاشور.. عاشور، لا أعلم إن كان يعني الدكتور هشام شرابي يعني يوافق معك في هذه الفكرة من أن الغرب يميز بين الجماعات الإسلامية، أم أنه يستغل الفرصة لوضعها جميعاً في سلة واحدة، دكتور هشام.

د. هشام شرابي: اللي بدي أقوله بها الموضوع: أولاً: هو أن لا.. لا مانع أن نقدم الدم لضحايا الحادثة الأخيرة الأميركية، الشعب الأميركي ليس هو عدونا، الشعب الأميركي يمكن أن يكون صديقنا إذا تصرفنا التصرف المظبوط، الشيء اللي عم نحكي عنه هلاَّ الإسلام، الغرب شعباً وحكومات لا يهتم بالإسلام لا.. لا عنده أي، لا أي اهتمام إنه يعرف شو هو الإسلام، هذا مجتمع علماني همه من الإسلام هو تصرف دول إسلامية، جماعات إسلامية، هلاَّ صارت مرتبطة بشيء اسمه الإرهاب، الإرهاب شو تحديد الإرهاب؟ التحديد الموجود هلا.. هو التحديد الإسرائيلي…

جمال ريان[مقاطعاً]: طيب، يعني.. يعني نتيجة نظرته العلمانية هذه يا دكتور هشام، يعني أنت تقول بأنه هو يعني مجتمع علماني، اتفقت بأنه برجماتي أيضاً، ولكن يعني لأنه هكذا هو يضع جميع التيارات الإسلامية في سلة واحدة دول وجماعات كذلك؟
د. هشام شرابي: هنا يجب أن نميز عن من نتكلم، هل نتكلم عن الحكومة؟ هل نتكلم عن الجامعات؟ هل نتكلم عن الإعلام؟ هل نتكلم عن الشعب الأميركي عامة؟ إذا كان الشعب الأميركي لا يفرق لأ، بعض من الناس لا يفرق.

فاصل إعلاني]

جمال ريان: ينضم إلينا الآن من القاهرة ضياء رشوان، من مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، والمتخصص في متابعة نشاطات الجماعات الإسلامية.
سيد ضياء، يعني كنا نتحدث قبل أن تنضم إلينا عن التيارات الإسلامية، التمييز بينها، تعامل الغرب معها، هل يضعها فعلاً جميعاً في سلة واحدة؟

ضياء رشوان: نعم، نعم، في الحقيقة أحد المشكلات الرئيسية في التعامل الغربي سواء التعامل البحثي العلمي الأكاديمي الإعلامي، أو التعامل السياسي هو ذلك الخلط الذي ربما كان في بعض الأحيان متعمداً بين مختلف الجماعات والتنظيمات والفرق الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي، هذا الخلط في الحقيقة يقوم لدى الغرب على اعتماده مفهوماً مركزياً للتمييز بين هذه الجماعات، هو في الأساس موقفها من الغرب، الموقف من الغرب بناء عليه ترى الأبحاث الغربية والسياسيون الغربيون والمؤسسات الغربية أن هذه الجماعات يمكن النظر إليها باعتبارها إما جماعات معتدلة، أو جماعات متطرفة متشددة إرهابية، الجماعات المعتدلة هي تلك الجماعات التي تتفق في بعض المراحل والأوقات في مصالحها ومواقفها مع بعض المواقف والمصالح الغربية، أما تلك التي تتبنى مواقف مختلفة مواقف معادية للمصالح والمواقف الغربية، فعادة ما يتم وصمها بأنها متطرفة أو إرهابية، أو متشددة، وتبدأ الحملات عليها، في كل الأحوال هذا الخلط له أساس.. أساسين، أساس متعلق بالمصلحة السياسية والاجتماعية والتاريخية للدول والمجتمعات الغربية، وله أساس أيضاً متعلق ربما بأخطاء علمية ارتكبت من باحثين وكتَّاب وصحفيين غربيين لم يستطيعوا أن يفهموا جيداً طبيعة الحركات الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي، وكذلك طبيعة التمييزات بين جماعاتها المختلفة…

حقيقة تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن

جمال ريان[مقاطعاً]: ولكن يعني حتى نحن يا سيد رشوان يعني نحن كعرب يعني نقع تحت تأثير هذه الأفكار والتنظيمات والتيارات وغير ذلك، باعتقادك الآن ما هي تلك الجماعات التي قد تستهدفها واشنطن؟ يعني نريد أن نعرف منك أن تشرح لنا ولو باختصار يعني أسطورة تنظيم القاعدة، ما حقيقة هذه الجماعة؟ ما هي أهدافها؟ هل تستحق فعلاً كل هذا الحشد العسكري، الائتلاف الدولي، الدعم حتى من قِبَل الدول الإسلامية، بعض الدول العربية والإسلامية التي تريد أن تقف الآن مع واشنطن ضدها؟
ضياء رشوان: كما ذكرت حضرتك المشكلة الرئيسية فيما يتعلق بهذا الحشد الدولي أنه يتوجه، أو تحاول واشنطن أن تقوم بجمعه حول هدف واحد هو ما يسمى بتنظيم أسامة بن لادن المنشق السعودي وتنظيمه القاعدة، هذا المنشق السعودي أسامة بن لادن يجب لنا أن نتعرف –ولو بسرعة- على من هو؟ من هو في الحركة الإسلامية، وبالتالي من هو في قدرته على ضرب المصالح الأميركية أو عدم قدرته؟ أسامة بن لادن ولد عام 1957م، للمرة الأولى وجد نفسه في معترك العمل الإسلامي في أفغانستان عام 1979م، أي أن عمره كان اثنين وعشرين عاماً، لم يكن لدى أسامة بن لادن في ذلك الوقت أي خبرة -تقريباً- بالعمل الإسلامي، وجد نفسه فجأة في معترك حرب دولية كبيرة، هذه الحرب كانت تشن ضد الاتحاد السوفيتي السابق بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ومعها عدد كبير من الدول العربية والإسلامية، واستمر أسامة بن لادن في هذه الحرب عشر سنوات، حيث تعرف فيها على أجواء جديدة لم يكن يعرفها من قبل انتهت الحرب بهزيمة الإتحاد السوفيتي، ثم سقوطه بعد ذلك، وعاد أسامة بن لادن إلى بلاده ليقضي فيها عامين ،خلال هذين العامين بدا أو يبدو لي أنه كان قلقاً لا يعرف بالضبط إلى أين يتوجَّه؟ ماذا يفعل؟ لقد تعود ولد في القتال ضد ما هم، يسميهم هو أعداء الإسلام…

جمال ريان[مقاطعاً]: ولكن يعني هو.. هو يعني اختلف عليه الجو، أم أن.. أن هناك شخص انقلب على الآخر، الولايات المتحدة انقلبت عليه، أم هو انقلب عليها؟

ضياء رشوان: في الحقيقة انقلب الاثنان على بعضيهما، لكن أسامة بن لادن في ذلك الوقت كانت حرب الخليج الثانية هي النقطة الفاصلة بالنسبة له، عاد إلى بلاده ليجد بعد عامين فقط أن القوات الأميركية التي يراها قواتاً كافرة تدنس أرض المقدسات الإسلامية، وتقيم فيها إقامة دائمة، هنا وجد أسامة بن لادن سبباً جديداً لكي يستأنف نضاله أو قتاله أو جهاده العالمي ضد القوة العالمية الثانية، بعد ما انتهت القوة العالمية الأولى، وبدأ منذ هذه اللحظة فيما يسمى معركته الكبرى ضد هذا الشيطان الأكبر أو الولايات المتحدة الأميركية، هذا التفصيل لطبيعة أسامة بن لادن توحي وتؤكد أنه لم يكن في يوم من الأيام من دعاة بناة الدولة الإسلامية في دولة ما، لم يملك أسامة بن لادن في أي يوم من الأيام مشروعاً لمثل هذه الدولة، كما فعل الإسلاميون الآخرون في مصر، أو الجزائر، أو تونس أو غيرها. لقد ولد مقاتلاً مجاهداً عالمياً، يبحث فقط عن أن يحارب من يراهم هو أعداء الإسلام، تلك هي قضيته الكبرى، وربما القضية الوحيدة، ولهذا..

جمال ريان[مقاطعاً]: ولكن سيد رشوان، يعني يقال بأن هناك تيارات إسلامية زادته قوة، ويقال إنها حتى إنها انضمت إليه، أصبح بن لادن الآن هو رمز –سيد رشوان- في رمز في الإعلام لنقل أقل شيء، أليس كذلك؟

ضياء رشوان: نعم

بابكر عيسى: هو برضو مرة تانية للسؤال من الجديد، إنه لم نسمع حديثاً غربياً عن إرهاب مسيحي، أو أن هناك إرهاباً صهيونياً، الحديث كله ينصب على الإسلام عندما تحدث أي تفجيرات في أي موقع من المواقع، إذا سقط بن لادن وإذا مسحت أفغانستان عن الخريطة السياسية، هل سيختفي الإرهاب من العالم؟ أعتقد إنه مادامت هناك مظالم، ومادامت هناك مرارات فإن هذا الإرهاب لن يختفي بأي صورة من الصور، خاصة في غياب القنوات التي يستطيع من خلالها هؤلاء الناس إنهم يعبروا عن رؤاهم ويعبروا عن أفكارهم بشكل دائم، نفترض إنه أسامة بن لادن هو اللاعب الأساسي فيما حدث في نيويورك وواشنطن، أليس هناك مستفيدين أو مستفيدون من هذا الذي حدث؟ أسئلة كثيرة مازالت تحتاج إلى أجوبة، وأنا أعتقد إنه يعني هذا الذي حدث ربما قد، رب ضارة نافعة إنه قد يعي الشعب الأميركي وهو شعب تعاطف معه العالم الإسلامي، وشاركه هذه المحنة على مختلف المستويات إنه أن يتفهم، إنه لماذا بعض الأطراف العربية والإسلامية تكره الولايات المتحدة، نحن لا نكره أميركا، نحن نكره السياسات الأميركية التي تؤيد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، نحن نكره أميركا لأنها تنحاز لكل المجازر، وكل الدموية، وكل البربرية الإسرائيلية التي تمارس في الأراضي العربية المحتلة دون أن يكون لها موقف محدد، الولايات المتحدة الأميركية ماذا فعل العرب والمسلمون؟ وضعوا كل ما يملكون في السلة الأميركية، وكانوا يتوقعون أن يكون هناك موقفاً أميركياً عادلاً لا ليس بالضرورة أن يكون منحاز لهم، ولم يجدوا سوى الفراق، لم يجدوا سوى المرارة، لم يجدوا سوى معايشة المحنة والمأساة عبر شاشات التليفزيون، وهم يروا عمليات التقتيل، وعمليات التدمير، وعمليات الحصار، وعمليات التجويع للشعب الفلسطيني دون أن يتحدث أحد من هؤلاء الذين يتداعون اليوم حول تحالف الغرب لضرب الإسلام تحت مسمى "ضرب الإرهاب" وأعتقد إنه في ذلك خلل كبير يجب توضيحه، والأيام القليلة القادمة ستكون كفيلة بأنها تسقط المزيد من الضوء حول جملة حقائق مازالت العتمة تكتنفها.

جمال ريان: طيب، كمال الهلباوي في.. في لندن، يعني هل.. هل تعتقد أن بن لادن هو هدف آني فقط بسبب هذه التفجيرات التي حدثت في نيويورك وواشنطن، أم أنه هدف استراتيجي خطر أيديولوجي على استقرار هذه المنطقة على مصالح الولايات المتحدة أيضاً؟

د. كمال الهلباوي: دعني يا أخ جمال أبدأ الأمر من.. من البداية، وأقول: إن المعايير الآن الأميركية في وزن الحركات الإسلامية والنظر إليها لم تعد قضية الاعتدال أو التشدد فحسب، إنما هناك معايير جديدة وضعتها أميركا وتطلبها أميركا، قبول القيادة الأميركية في قيادة العالم على سبيل المثال، الموقف من قضية فلسطين والنظرة إلى الصهيونية، الموقف من الثقافة والحضارة الغربية بشكل كامل يعني، هذا قبل ما نأتي إلى السؤال اللي أردت أن أتحدث فيه، فيه فرشة أخرى للإجابة على السؤال تتعلق ببن لادن والقصص الخرافية والأحلام التي يتحدث بها الناس عن أسامة بن لادن، أسامة بن لادن –كما أعرف- ليس صنيعة للأميركان، كما يأتي في وسائل الإعلام، ولم يتحالف مع الأميركان، كما ينادي بذلك بعض قراء الصحف، إنما هناك التقاء مصالح، العالم الغربي كله مع العالم العربي بشكل عام كان في مواجهة مع الشيوعية ومع الاتحاد السوفيتي سابقاً، ومن هنا وجدت تنظيمات (…) مثل تنظيم القاعدة…

جمال ريان[مقاطعاً]: ولماذا.. لماذا سيد هلباوي يعني؟ لماذا نعوِّل على هؤلاء؟ لماذا.. لماذا نعول على هؤلاء؟ ما هي القيمة؟

د. كمال الهلباوي: القيمة نعول على مَنْ؟ هؤلاء الذين نتكلم عنهم أنت انظر إلى إنسان يعني عنده همة وترك الخليج بما فيه من ثروات وثروات والده، وخرج من هذا ليساعد شعب مستضعف، شعب مسكين مستضعف فقير، إنما هناك خطأ بعد ذلك حدث فأن العرب الذين ساعدوا، العرب الأفغان اللي تأفغنوا ومعهم روح الجهاد، أخطأوا في تصور الأوضاع التي نتجت بعد الحرب وبعد هزيمة الاتحاد السوفيتي. هذه الجريمة الكبيرة التي وقعوا فيها، ومن ثم (كولن باول) يقول: "إن الحرب طويلة ومستمرة وفاعلة". إنما كان هناك لقاء مصالح عندما كان العرب يجاهدون في أفغانستان، وأنا أظن إن أميركا لا تعتقد ومن أي وجهة من الوجهات أن أسامة يهدد مصالحها الإستراتيجية، إنما.. مثلما قال الأخ أبو بكر عيسى الآن: هل لو أسامة بن لادن قُتل أو قُبض عليه أو سلمته طالبان تنتهي المشكلة الأميركية؟ مش هتنتهي المشكلة الأميركية. أميركا تريد أن تضع لنفسها –يعني- أساس قوي لقيادة العالم في القرن الواحد والعشرين دون معارضة. هي مثل الأب أو الأم الذي يقود العالم ويسوس أولاده بروح الديكتاتورية الشديدة في هذا المجال. هذا مستقلاً عن ما حدث في..

جمال ريان[مقاطعاً]: طيب أنت تقول سيد هلباوي بأن يعني إذا قُتل بن لادن أو قضي عليه.. لا تنتهي المشكلة، ولكن لا نعلم إن كانت ستنتهي أم لا.

سيد ضياء رشوان، يعني عودة إلى موضوع تنظيم القاعدة، يعني سمعنا بأن تنظيمات انضمت إلى تنظيم القاعدة هذا، إلى أي مدى يقوي ذلك هذا التنظيم، ويشكل خطورة على مصالح الغرب وخاصة الولايات المتحدة في المنطقة؟

ضياء رشوان: الحقيقة الولايات المتحدة تملك تصوراً غير واقعي لما يسمى بتنظيم القاعدة ولقوة أسامة بن لادن النظرية الأميركية التي تتعامل مع أسامة بن لادن تتعامل على أساس أن هناك تنظيماً إسلامياً واحداً يشمل العالم كله، هذا التنظيم يملك قدرات، ترى أميركا أنها قدرات كبيرة من الناحية المالية والتنظيمية والفنية، وأن هذا التنظيم يخضع بأكمله لقيادة أسامة بن لادن، وأن التجميد له وقيادته ووضع خططه واستراتيجياته وتنفيذ عملياته..

جمال ريان[مقاطعاً]: لكن من أين تأتي.. من أين تأتي الأموال سيد رضوان؟ يعني سمعنا بأن الولايات المتحدة ضمن –يعني- ضمن يعني ما تريد من الدول العربية والإسلامية هي وقف تدفق الأموال إلى.. إلى بن لادن. الآن ما هي حقيقة بن لادن، حقيقة هذه التنظيمات، حقيقة قوته وتأثيره فعلاً في المنطقة؟
ضياء رشوان: هذا ما أريد أن أقوله، أقول أن الأميركان يتصورون أن العالم ليس فيه إلا تنظيماً إسلامياً واحداً يقوده بن لادن وله قدرات عالية، وأنهم بذلك أينما تحدث أية عملية اعتداء أو احتكاك حتى بالمصالح الأميركية في أي مكان من أميركا اللاتينية إلى أفريقيا إلى أي مكان، فهم يرون أن المسؤول عن هذا هو أسامة بن لادن. هناك غربيون آخرون يرون أن هذا الأمر غير واقعي، وتلكم هي الحقيقة. هناك بالفعل جماعات إسلامية صغيرة موجودة في دول كثيرة من العالم، جماعات متشددة، أتحدث عن الجماعات المتشددة، لكل منها ظروفها المحلية، ولكل منها وضعها وقدراتها. هذه الجماعات تجتمع في نقاط مشتركة بينها، من بينها عدائها للولايات المتحدة وللدولة الصهيونية بسبب مواقفهما من العالم العربي والإسلامي. يحدث أحياناً أن بعض هذه الجماعات تقوم بارتكاب بعض الأعمال، النظرية الأميركية ترى في ذلك الوقت –فوراً- أن المسؤول عنها هو أسامة بن لادن. ما حدث في واشنطن ونيويورك مؤخراً.. لا يبدو بعيداً عن ذلك، وفقاً للنظرية الأميركية الأسماء التي ترددت العربية أو الإسلامية بالضرورة هي تابعة لأسامة بن لادن، حتى لو كان هذا الشخص محاصراً منذ ثلاث سنوات منذ تفجير السفارتين الأميركيتين في أفريقيا، لا يستطيع أن يتصل أو يتحرك خارج أفغانستان.

في الواقع ربما يكون ما حدث في واشنطن وهذا هو الأقرب، هو من تنفيذ مجموعات توحي الدلائل والتفصيلات أنها ذات قوة حقيقية بداخل الإدارة داخل المؤسسة الـ Establishment الأميركية، وربما تكون هذه المجموعات قد استعانت ووظفت بعض من الجماعات الصغيرة، التي تحدثنا عنها والتي لا علاقة لها بأسامة بن لادن أو بغيره، لكي تعطي المسحة الإسلامية لما تم، وبالتالي يبدأ تنفيذ أو تطبيق النظرية الأميركية بأن ما تم هو على علاقة بأسامة بن لادن، وتبدأ الحملة الكبرى على هذا الشخص، وبالمناسبة هذه الحملة الكبرى ليست فقط ضد الإرهاب وإنما هناك أسباب استراتيجية كبرى واقتصادية كبرى تتعلق بأفغانستان وبآسيا الوسطى وبهذه المنطقة من العالم، وإلا فلنا أن نسأل: هل كان هناك أسامة بن لادن عندما اقتحم البريطانيون أفغانستان؟ أو هل كان هناك إرهاب إسلامي عندما اقتحم السوفييت نفس البلد؟ الحقيقة أن مجموعة من العوامل قد اجتمعت معاً لكي تدفع الولايات المتحدة الأميركية إلى السعي نحو هذه المنطقة. وجاء ضرب واشنطن ونيويورك تكئة لتحقيق هذه الأهداف.

أُذكِّر في النهاية في هذه النقطة بالتحديد بأن هناك.. بأن الولايات المتحدة الأميركية قد اتخذت قراراً منذ عدة أشهر أو تقارب السنة الآن بنقل القيادة العسكرية لمنطقة وسط آسيا إلى القيادة المركزية في البنتاجون،وليس كقيادة فرعية في…

[موجز الأخبار]

جمال ريان: كنا –دكتور هشام شرابي- تحدثنا قبل قليل مع ضياء رشوان في القاهرة، وقد أعطانا فكرة جيدة تقريباً عن تنظيم القاعدة، عن بن لادن وغير ذلك، ولكنه يعني قال أيضاً بأن هناك أيضاً تنظيمات في الولايات المتحدة الأميركية كثير من الأخبار يعني وكثير من القصص والروايات تحدثت، يعني هناك الروايات التي قالت لربما أنهم يعملون طيارين كانوا هم أميركيون يعملون كانوا طيارين في فيتنام، أيضاً هناك الكثير من القصص التي سمعنا عنها. ولكن يعني ما رأيك بذلك الطرح الذي قال.. تحدث فيه السيد رضوان قبل قليل؟

د. هشام شرابي: صراحة نكون على مكانة من السذاجة إذا فكرنا أنه الحكومة الأميركية جاهلة بما هو بن لادن وجماعته القاعدة إلى آخره، هذه أسطورة، هذا نسيج، طبعاً هناك فيه شخص اسمه بن لادن وكذا، إنما واضح أن واشنطن تستعمل هذه الأسطورة للسير في نحو سياسة، سياسة إخضاع في المنطقة تقوم على فرض إرادتها العسكرية والأيديولوجية على دول المنطقة من خلال هذا العمل، هذا العمل الشنيع، فالعمل الشنيع يربط بالشخص وقاعدة، ثم يُستعمل لكسر إرادة الحكومات في المنطقة ووضعها تحت سيطرة الولايات المتحدة.

جمال ريان: طيب.. دكتور هشام، الآن يعني وهذه المشكلة قد حدثت الآن، وهناك تهديدات ووعيد وأميركا -كما وصفها البعض الآن- بالأسد المجروح ريثما يعني تتعافى من هذا الجرح البليغ ستنتقم، ولكن كيف –باعتقادك- ستتعامل أميركا مع هذه القضية؟ هل ستتعامل معها سياسياً؟ بمعنى أن تفتح عينيها أكثر على الجذور السياسية للمشكلة، أم أنها ستتعامل معها من ناحية استراتيجية بعقلية الحرب الباردة، أي تحت غطاء التحالف العالمي لبناء تحالف سياسي وأمني قوي لمحاربة الإرهاب كما تقول، أم أنها ستتعامل تعاملاً أمنياً محضاً مع هذه الحالة، بحيث كما سمعنا أنها ستفرج عن قانون الاغتيال، اغتيال بعض الجماعات حفاظاً –لربما- على ماء وجه أميركا، خاصة بعد هذه الهجمات؟

د. هشام شرابي: أخيراً نأتي إلى السؤال الأساسي، نعم هذا هو السؤال العظيم الحقيقي. صراحة أيضاً أظن أن الولايات المتحدة الآن، واشنطن ليست على ثقة تامة.. على معرفة تامة بتفاصيل ما تريد فعله إزاء الدول المختلفة.

تخوفي أو تساؤلي: هل يا ترى إدارة (بوش) تدرك تماماً أن كمية الضغط التي ستضعها على الأنظمة المختلفة في العالم العربي وبعض الدول الإسلامية قد تؤدي إلى قطع ما بقى من الصلة بين هذه الحكومات وشعوبها، عندئذٍ يمكن أن تحدث نتائج لا يمكن أن نتوقع شكلها أو ما ستؤدي إليه، هنا الخطر الأكبر، فجواباً على سؤالك العميق الآن أميركا أسد مجروح، إنما هناك من يفكر ومن سيضع الماء البارد قليلاً.. قليلاً في.. من ضمن الإدارة لإيضاح هذه الأمور، وبنظري سيكون هناك بعض الضربات التي تحتاجها.. تحتاجها الحكومة بالنسبة للرأي العام المجروح المتألم والغاضب، أن يكون هناك تبلور آخر للموقف الأميركي الصحيح.

موقف حكومات العالم الإسلامي وشعوبه

جمال ريان: طيب.. إلى.. إلى لندن وعاشور. عاشور، أين يقف العالم الإسلامي الآن؟ هل هو مع أميركا 100%؟ هل هو مع مكافحة الإرهاب؟ هل ينقسم الشارع مع الحكومة؟ وما عواقب ذلك عندئذٍ؟

عاشور الشامس: بلا شك أن الشعوب العربية والشعوب الإسلامية ظلت تنظر إلى الإدارات الأميركية والحكومات الأميركية المتعاقبة نظرة العداء ونظرة الكراهية، لأنها تعتقد أنها هي التي من وراء كثير من المآسي والكوارث التي حلت بالعالم الإسلامي وبالعالم العربي على مدى خمسين عاماً الماضية. ولعل أكبر خطأ وقعت فيه ولا تزال تقع فيه الإدارات الأميركية في العالم العربي والعالم الإسلامي هي وقوفها إلى جانب الحكومات المستبدة التي تمارس الظلم والقمع والاستبداد على شعوبها، وتحرمها الحرية والديمقراطية التي يتمتع بها الأميركيون في بلادهم، فظل المسلمون ينظرون إلى أميركا أنها هي التي من وراء عدوهم الأكبر وهو إسرائيل في قلب العالم الإسلامي، وهي التي لا تزال تساند هذا العدو بدون شروط وبدون قيود.

إذن من الصعب جداً أن تُزال هذه.. هذه الكراهية أو هذا الشعور لدى المسلمين تجاه أميركا، خاصة إذا تورطت إدارة بوش اليوم في ضربات أخرى تعيد إلى المسلمين وإلى أذهان المسلمين ما حدث في العراق، وما حدث في السودان، وما حدث في أفغانستان على مدى العشر سنوات الماضية. ولكن لا أعتقد أن هناك كراهية لدى المسلمين ولدى العرب تجاه الأميركيين كشعب وكناس وكبشر، وكلنا يعلم أن كثير من العرب والمسلمين لجؤوا إلى أميركا وهاجروا هناك واستقروا فيها، ولعل كثير منا لديه أصدقاء وأقارب هناك.

فإذن لابد من الفصل بين هذه الإدارات والسياسات الأميركية، والتي كما ذكرت في مرة سابقة أن من ورائها تكتلات ولوبيات لها مصالح خاصة لا تخدم حتى المصلحة الأميركية نفسها.

جمال ريان: ولكن عاشور يعني لا نعلم إن كان العالم الإسلامي فعلاً يقف على بداية مرحلة جديدة مرحلة انفتاح، أم هي مرحلة مزيد من القمع، يعني على سبيل المثال ما حدث وشاهدناه هذا اليوم على شاشات التليفزيون من مظاهرات في باكستان قبل حتى أن تُسلم الحكومة الباكستانية قرارها النهائي للإدارة الأميركية. سيد رشوان يعني..

عاشور الشامس: أعتقد يعني.. أعتقد أن..

جمال ريان: سيد عاشور، أريد. أريدك أن تعقب أولاً.

عاشور الشامس: نعم أعتقد أن الشارع العربي سيزداد غضباً وحنقاً إذا ما تجرأت الإدارة الأميركية الآن على ضربة قد لا تصيب الهدف الحقيقي الذي تسعى له أميركا، وقد توسع هوة الكارثة وهوة الخلاف مع أميركا. إذن النصيحة لأميركا ألا تقدم على هذا العمل، وسينعكس هذا أيضاً على الأوضاع الداخلية في بعض البلاد العربية بدون شك، لكن المهم هو: إلى أين تذهب أميركا؟ إلى أين تتجه أميركا؟ وليس إلى أين يتجه العالم الإسلامي. العالم الإسلامي لم يتغير عليه شيئاً.. العالم الإسلامي..

جمال ريان[مقاطعاً]: عاشور، إذا توقفنا.. إذا توقفنا عاشور عند الأوضاع الداخلية وعدنا إلى القاهرة مع ضياء رشوان.

ضياء، يعني.. يعني ما خطورة التململ.. التململ الداخلي المعارضة الداخلية لتوجه حكومي يحاول أن يرضي الإدارة الأميركية، خاصة وأن هناك الكثير من الجماعات الإسلامية المؤيدة لأسامة بن لادن يعني تعارض مثل هذا التوجه ولديها أيضاً جذور؟ يعني كما ذكرنا في هذه الحلقة الإدارة الأميركية من ضمن طلباتها من الحكومات العربية أن توقف تدفق الأموال، وخاصة من الدول.. الدول الخليجية، إلى هذه الجماعات الإسلامية، وبالتحديد جماعة بن لادن. ما خطورة ذلك التململ؟ لنأخذ على سبيل.. القاهرة أو مصر بالتحديد.

ضياء رشوان: أنا أتفق مع ما قاله الأستاذ الدكتور هشام شرابي فيما يخص أسطورة أسامة بن لادن، وما ذكرته كان يصب في هذا الاتجاه هو أن هناك صناعة أميركية لصورة أسامة بن لادن، صناعة تساندها الأجهزة البحثية والجامعات والإعلام والسياسيون. هذا يحيلنا مباشرة إلى سؤال.. سؤالك يا أخ جمال، وهو أن ما سيحدث اليوم بحجة ضرب الإرهاب وضرب أسامة بن لادن سوف يثير في الحقيقة مشاعر ليس قلق، ولكن ربما تمرد واسع جداً لدى قطاعات كبيرة من الشعوب العربية والإسلامية ومن ضمنها –بالطبع- مصر، لأن هذه المرة حتى أسامة بن لادن نفسه –لو افترضنا أنه عدو للولايات المتحدة الأميركية- فلا يُعرف عن أسامة بن لادن أو تنظيمه أنه قد مارس عنفاً ضد أي دولة في العالم سوى الولايات المتحدة الأميركية ومصالحها، لم يضرب في أي دولة عربية، لم يضرب في أي دولة أوروبية، ده كان..
جمال ريان[مقاطعاً]: لكن.. ولكن يا سيد –يعني- ضياء الجماعات المتحالفة معه مارست نوع من العنف في مصر أيضاً.

ضياء رشوان: نعم.. نعم، مصر.. هناك جماعة واحدة تتحالف مع أسامة بن لادن، وهي جماعة الجهاد، وجماعة الجهاد ليست كلها إنما هو القسم الخارجي من جماعة الجهاد الذي يقوده الدكتور أيمن الظواهري الأمير العام السابق للجماعة، وهذا القسم في الحقيقة يضم العدد الأقل من جماعة الجهاد، يضم مجموعة من المقيمين في أفغانستان وفي بعض دول آسيا، وفي بعض دول الخليج، وبعض دول شرق أفريقيا. لكن هذا العدد في الحقيقة عدد قليل، وهذا العدد انضم منذ عام 1998م إلى ما سُمِّي حينئذٍ "الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين" . هذا الجزء لا يمثل بالنسبة للحركة الإسلامية المصرية عموماً وبالنسبة لتنظيم الجهاد نفسه.. لا يمثل نسبة كبيرة، بقية جماعة الجهاد في مصر والمقيمين منها كلاجئين في أوروبا والجماعة الإسلامية المصرية بدأت منذ عام 1997م في اتخاذ خط مخالف، بدأت في التوجه نحو العمل السياسي ونبذ العنف تماماً، وبالتالي إذا كان تنظيم الجهاد هو الحليف الأكبر لبن لادن، وهذا القسم الخارجي من تنظيم الجهاد هو بالقياس للجماعات الإسلامية المصرية الأخرى يُعد قسماً صغيراً، فلنا أن نتصور أن القول..

جمال ريان[مقاطعاً]: يعني جسماً صغيراً يعني مقدور عليه تقصد سيد رشوان.

ضياء رشوان: نعم: عشرات، نحن نتحدث عن عشرات من الأفراد، لا نتحدث عن مئات أو آلاف.

[فاصل إعلاني]

جمال ريان: سيد هلباوي في لندن، يعني هذه الأزمة وما أحدثته، يعني هذه الانفجارات وانعكاساتها هل.. هل تمثل بداية نهاية الجماعات المنقسمة، الجماعات الإسلامية المنقسمة الخارجة عن حكوماتها ودولها؟

د. كمال الهلباوي: يعني يجيب عن هذا السؤال مستشار الشؤون الأمنية للرئيس الأميركي الأسبق (نيكسون) الدكتور (روبرت كرين)، كتب ورقة جميلة اسمها "البعد الناقص في السياسة الخارجية الأميركية". يقول: "أميركا بتنظر إلى الإرهاب على إنه Body جسد يمكن محاربته بالقنابل والصواريخ، والإرهاب فيروس إذا أطلقت عليه قنابل أو صواريخ سينتشر أكثر". ونحن ننصح الولايات المتحدة الأميركية إذا كان لها أذن صاغية تسمع، من هذا الواقع الذي نحن فيه أن تنظر في أحوالها وأمورها، وتعتبر أن في العالم شركاء وليس ببغاوات وأتباع لها فيما تريد أن تفعله، ونتمنى على المثقفين والمفكرين في العالم –مسلمين وغير مسلمين- أن يلتقوا، وينصحوا الحكومة الأميركية والنظام الأميركي، طالما أن الحكومات العربية والإسلامية مشت وسارت في نفس الاتجاه مع الرئيس الأميركي (بوش). أنا لا أتصور أن القضاء على الإرهاب يمكن أن يتم بالقنابل والصواريخ، وهي حكمة جميلة قالها البروفيسور (روبرت كرين) الإرهاب يحتاج إلى حوار ونقاش، لأن الذين يحملون هذه الأفكار مرضى..

جمال ريان[مقاطعاً]: ولكن إذا كان الحوار والنقاش.. إذا كان الحوار والنقاش معطل بين جماعات إسلامية وهي خارجة عن دولها وحكوماتها. بابكر عيسى هل تعتقد أنها بداية النهاية بالنسبة لهذه الجماعات؟

بابكر عيسى: لا أنا برضو أعود وأؤكد على إنه الكراهية لن تولد سوى المزيد من الكراهية، والعنف لن يولد سوى المزيد من العنف. ومحاربة الإرهاب بالقنابل وبالصواريخ و.. ،هذه محاولة أعتقد إنه لن يكتب لها النجاح كثيراً، هي قد تكون حالة لتنفيس حالة الاحتقان الموجودة حالياً في داخل المجتمع الأميركي، وأعتقد إنه يعني هذا.. هذا مبرر قد يكون معقول أو مقبول بالنسبة للإدارة الأميركية. إنما الأهم بالنسبة لمحاربة الإرهاب هي إقامة جسور من التواصل، تجفيف مصادر تمويل الإرهاب، محاولة تأكيد إنه يعني يمكن أن.. أن يكون هناك مساحة للآراء إنها تصطرع بس بصورة سلمية، وأعتقد إنه ما حدث في (مانهاتن) وما حدث في (واشنطن) هو كشف عورة الولايات المتحدة الأميركية على الصعيد الأمني على وجه التحديد والصعيد الاستخباراتي، إنه دولة بعظمة الولايات المتحدة الأميركية يعني..

جمال ريان[مقاطعاً]: ولكن بابكر عيسى يعني هي الآن لابد وأنها يعني هذه الضربة ستعزز الجبهة الداخلية عبر اتخاذها لمزيد من الإجراءات الأمنية التي سمعنا بأنها بدأت باتخاذها على صعيد استخباراتي أمني وغير ذلك، ولكن سيد هشام شرابي، هل تعتقد بأن الإدارة الأميركية الآن سوف تضغط على الحكومات العربية لكي تقمع هذه الجماعات المعارضة، والتي تعتقد بأنها –يعني- تمارس نوعاً من الإرهاب ضد.. ضدها يعني نوع.. فخ –لنقل- لهذه الحكومات؟

د. هشام شرابي: برأيي ستفعل أكثر من ذلك، أريد أن أضع.. أسأل هذا السؤال: لو مؤتمر مدريد خلال العشر سنوات الماضية أدىَّ –تحت رعاية الولايات المتحدة- إلى التوصل إلى حل سلمي شامل مقبول من كلا الطرفين لما حدثت هذه الجريمة الكبرى الآن حدثت وأصبح في يد الولايات المتحدة الوسيلة لإخضاع هذه الأنظمة بشكل كامل، بمعنى قد تضطر بعضها إلى إقامة نظام إرهابي للمحافظة على الوضع القائم في بلدها وفي المنطقة.

واشنطن تدرك تماماً أنها إذا كانت بالفعل تريد أن تنهي ما تسميه "الإرهاب" ما عليها إلا أن تجد حلاً للنزاع العربي الفلسطيني الإسرائيلي، يقوم على الحد الأدنى من العدل. إذا فعلت ذلك فهناك من يقول في واشنطن الآن أن على الولايات المتحدة أن تفعل ذلك في أوساط سياسية وصحفية كما ظهر في " الواشنطن بوست" يوم الأحد. الطريق لإنهاء الإرهاب أمامها وتعرفه جيداً.

جمال ريان: دكتور هشام شرابي (الأستاذ في جامعة جورج تاون في الولايات المتحدة) شكراً جزيلاً لك على هذه المشاركة وهذه المعلومات المفيدة. أيضاً شكراً للسيد بابكر عيسى (الكاتب والصحفي المعروف) وكان أيضاً معنا من لندن الدكتور كمال الهلباوي (الباحث في القضايا الإسلامية) وكذلك (الكاتب الصحفي) عاشور الشامس، وكان قد انضم إلينا في وقت لاحق من القاهرة ضياء رشوان (من مركز الدراسات الإستراتيجية في الأهرام والمتخصص في الجماعات الإسلامية). سنواصل تغطيتنا لتداعيات وانعكاسات ما حدث في نيويورك وواشنطن في حلقات قادمة في سلسلة هذه البرامج التي تقدمها لكم قناة (الجزيرة) في قطر. تحية لكم وإلى اللقاء.