لماذا انسحبت روسيا من المحكمة الجنائية الدولية؟

Russian President Vladimir Putin attends a press conference after a Normandy format meeting in Berlin, Germany, 20 October 2016. Vladimir Putin joined talks with German Chancellor Angela Merkel, Ukrainian President Petro Poroshenko and French President Francois Hollande at the Federal Chancellery in Berlin to discuss the situation in east Ukraine and Syria.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقع أمرا يقضي بانسحاب بلاده من المحكمة الجنائية الدولية (الأوروبية-أرشيف)
افتكار مانع-موسكو
 
وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما بشأن رفض التصديق على "نظام روما الأساسي" الذي كان أساسا لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، مما طرح تساؤلات بشأن الخطوة.
 
ووقعت روسيا في العام 2000 على نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية التي أنشئت للنظر في جرائم حرب، لكنها لم تصادق عليه.
 
وتضمن المرسوم توجيهات إلى وزارة الخارجية الروسية بإبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة بقرار روسيا الاتحادية الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية.

وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعلنت أن محكمة الجنايات الدولية خيبت الآمال المعقودة عليها ولم تعد هيئة رسمية مستقلة.

من جهتها، عبرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عن أسف الاتحاد الأوروبي للخطوة الروسية.

ويفرض قانون المحكمة على الدول المصادقة على ميثاقها أن تتعاون معها في التحقيقات والمتابعات التي تباشرها بأن تسلم المتهمين إن كانوا من مواطنيها، أو أن تعتقلهم وتسلمهم في حال دخولهم أراضيها، وأن تزود المحكمة بكل الوثائق التي لديها في القضايا المنظورة.

كما يمكن للمحكمة أن تتعاون مع الدول غير المصادقة على ميثاقها عبر تفاهمات أو اتفاقات منفصلة.

ألكسي فينينكو: موسكو تسعى لحماية العسكريين الروس من الملاحقات الجنائية (الجزيرة)
ألكسي فينينكو: موسكو تسعى لحماية العسكريين الروس من الملاحقات الجنائية (الجزيرة)

مخاوف روسية
ويقول الخبير في معهد مشاكل الأمن العالمي التابع لأكاديمية العلوم الروسية ألكسي فينينكو إن روسيا ليست الدولة الأولى التي تنسحب من محكمة الجنايات الدولية، فالولايات المتحدة مثلا لم تنضم إلى المحكمة.

وأوضح أن المحرك الأساسي للخطوة الروسية هو حماية قادتها العسكريين وجنودها الذين يحاربون في العديد من بلدان العالم من الملاحقة الجنائية، أما الدافع الثاني فهو تخوف روسيا من استخدام المحكمة الجنائية ضدها في بعض القضايا والنزاعات السياسية.

وأشار إلى أن روسيا شعرت بالاستياء عندما وصفت المحكمة استعادة روسيا سيادتها على شبه جزيرة القرم بأنها نزاع مسلح.

وأضاف فينينكو في حديثه للجزيرة نت أن دور المحكمة الجنائية الدولية منذ إنشائها أخذ منحى يخدم سياسات الولايات المتحدة والدول الأوروبية المنضوية تحت لواء حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ويرى الخبير الروسي أن محاولات فتح تحقيقات في الانتهاكات التي وقعت في عام 2008 خلال الحرب الروسية-الجورجية، وإلصاق تهم ارتكاب جرائم حرب بروسيا ربما تكون من الأسباب التي حركت روسيا لاتخاذ هذه الخطوة.

وأشار إلى قرار المحكمة القبض على الرئيس السوداني عمر البشير، مضيفا أنه من غير المستبعد صدور قرار مماثل بالقبض على الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف بحجة وقوفه خلف جرائم الحرب في جورجيا.

ألكسندر سيتن: الخطوة الروسية تحكم عزل روسيا عن محيطها الدولي(الجزيرة)
ألكسندر سيتن: الخطوة الروسية تحكم عزل روسيا عن محيطها الدولي(الجزيرة)

اعتراف ضمني
من جهة أخرى، يرى المعارض الروسي ألكسندر سيتن أن هذا القرار يمثل مبادرة طوعية من جانب القيادة الروسية لإحكام عزل روسيا عن محيطها الدولي.

وأوضح أن هذا القرار يعكس فهم الكرملين الصحيح لإمكانية تعرض المسؤولين لملاحقات قانونية جراء وقوع جرائم حرب في أوكرانيا وسوريا وجورجيا، وتهديد الأمن والسلم في دول البلطيق ودول أوروبا الشرقية، ولا سيما بولندا ورومانيا (بعد نشر منظومة الدفاع الصاروخية فيها).

وأضاف سيتن في حديثه للجزيرة نت أن قرار الانسحاب من محكمة الجنايات الدولية هو رسالة تفيد بعدم اعتراف الكرملين بأي من القرارات الصادرة عن المحكمة واعتبار أمر حماية "مجموعة الكرملين" من الملاحقة الجنائية أمرا سياديا وطنيا.

وأشار إلى أن هذه الخطوة تندرج ضمن سلسلة من التدابير التي اتخذتها القيادة الروسية وتسهم في تعميق حالة الفوضى وغياب المساءلة كما فعلت عندما استخدمت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لحماية أنظمة دكتاتورية، وعندما قررت إرسال قوات روسية إلى الخارج للقتال إلى جانبها للدفاع عنها.

وختم بأن انسحاب روسيا من المحكمة يمثل اعترافا ضمنيا بالمسؤولية عن الكثير من الجرائم والانتهاكات المنافية للقانون.

المصدر : الجزيرة