اليمين الأوروبي المتشدد.. محاولة للفهم

الرؤية التي يقوم عليها الملف هي قراءة موقف اليمين الأوروبي المتشدد من العرب على وجه الخصوص، مع أخذ عنصر الإسلام بعين الاهتمام باعتباره من أهم المكونات للنظرة العدائية تجاه العرب أو على الأقل هذا ما تبدى بعد أحداث سبتمبر/ أيلول، حيث تضاءل التنافر والاختلاف القائم على الاعتبارات الوطنية الناتجة عن الحقبة الاستعمارية، بين العالم العربي والغرب عموما، لصالح التناقض القائم على أسس دينية، مستحضرا الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش، ومشيرا إلى التناقض بين الطرفين حتى على الصعيد التجاري، حيث غلبت في الضمير العربي صورة الأوروبي الذي ما إن استكشف طريق رأس الرجاء الصالح حتى شرع في محاولة تدمير الخط التجاري العربي الآسيوي الأوروبي لصالح أطماعه.

فلهذا اختار هذا الملف أن يقرأ الموقف اليميني المتشدد في سياقه التاريخي والمجتمعي العام، أي على أساس أنه مبني على أسس حقيقية، لها جذورها التاريخية والثقافية وعمقها الاجتماعي.

فزلة لسان الرئيس الأميركي جورج بوش (التي أعلن فيها حربه الصليبية) أثارت زوبعة من الانتقادات الواضحة للإسلام نفسه وأعادته إلى قفص الاتهام مجددا، مذكرة بالاحتكاك السلبي التاريخي بين العرب وأوروبا، ومهددة بافتتاح حقبة جديدة من التنابذ وعدم الثقة وربما أكثر.

وأذكى هذه المخاوف صعود اليمين المتشدد في أوروبا، ودق ناقوس الخطر بين العرب والمسلمين من أن يقف اليمين المتشدد في مواجهة الإسلام، أو أن تصبح هذه المواجهة جزءا من برنامجه السياسي علنا أو ضمنا، مع العلم أننا شهدنا بعض المواقف الإيجابية تجاه بعض القضايا العربية من بعض رموز اليمين المتشدد مثل مواقف جان ماري لوبن.

وتوجس الأوروبيون من أصول عربية وإسلامية والجاليات العربية والإسلامية عموما خيفة من المتشددين الأوروبيين، مع ما رأوه من تصريحات متطرفة من بعض المتشددين أمثال بيم فونتين، واتسع النقاش بشأن مستقبل المسلمين في أوروبا، وبشأن مستقبل وجودهم كمواطنين أوروبيين في ظل تمييز واضح يتعرضون له كلما وقعت واقعة أو حدثت حادثة تشير بالإدانة إلى من يحمل دينهم أو يجتمع معهم في هويتهم القومية.

وبعد أن صدقت التوقعات بأن أحزاب اليمين المتشدد ستعود إلى حجمها السابق بعد صعودها المفاجئ، حيث تراجع على سبيل المثال حزب يورغ هايدر تراجعا كبيرا، فإن مستقبل اليمين المتشدد في الحياة السياسية الأوروبية أصبح مثار جدل وموضع تساؤل لدى العرب والمسلمين، فقد أدركوا أن اليمين المتشدد حقيقة راسخة في أوروبا الموحدة، وأن أحزابه تمتلك رصيدا ورؤى تجتذب عددا من الناخبين والأتباع، تستهدف بحدها الأدنى الحد من الهجرة العربية والمسلمة، وتستهدف بعض صورها المبالغة في التطرف الإساءة للإسلام واعتباره عدوا محتملا.

ومحاولة لإكمال صورة الملف ما أمكن، فإنه تضمن عرضا لبعض الكتب المختارة، كما تضمن بعض البرامج المتعلقة بالموضوع من قناة الجزيرة.

المصدر : غير معروف