حديث الثورة

العراق إلى أين بعد تغييب الحل السياسي؟

حاولت حلقة “حديث الثورة” قراءة واقع المشهد العراقي حاليا واستشراف مستقبله في ضوء المعطيات السياسية والعسكرية والإنسانية على الأرض.

لا تبدو من نهاية للنفق المظلم الذي تشهده الساحة السياسية في العراق بعد ثلاث سنوات من إهمال مطالب المهمشين في ساحات الاعتصام وتغييب الحوار وتغليب لغة القوة.

حلقة الجمعة (24/7/2015) من برنامج "حديث الثورة" حاولت استقراء واقع العراق حاليا واستشراف مستقبله في ضوء المعطيات السياسية والعسكرية والإنسانية على الأرض.

وحسب أرقام الأمم المتحدة، شرد ثلاثة ملايين نازح في مدن العراق، ومن خلفهم ملايين العراقيين الذين لجؤوا عبر سنوات الألم في دول الجوار وفي أصقاع الأرض.

وعلى الأرض تخوض القوات العراقية ومليشيا الحشد معارك مشتعلة ضد مسلحي تنظيم الدولة، في محاولة لاستعادة مساحات شاسعة من أرض الوطن سيطر عليها التنظيم، ولكن دون نتائج واضحة حتى الآن.

وفي مقابل ذلك تستمر الممارسات الطائفية واستهداف المدنيين الذين تقصف بيوتهم صباح مساء في الفلوجة والرمادي وغيرهما، فهل غابت السياسة وضُيعت لغة الحوار بعدما صُمت الآذان عن أن تستجيب لمطالب الحراك الشعبي للمهمشين في ساحات الاعتصام قبل نحو ثلاث سنوات.

من المسؤول؟
ولكن من المسؤول عن إيصال العراق إلى هذه الحالة؟ يجيب مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية الدكتور غسان العطية بأنها النخبة السياسية التي وصلت للحكم، إضافة إلى المعارضة التي تتحمل جزءا من المسؤولية، لأن الجميع لم ينطلقوا من منطلق عراقي بحت وانزلق الجميع إلى الطائفية.

وأضاف أن القابض على السلطة والحكم يتحمل المسؤولية الأولى، لأن الفرصة كانت متاحة للتوافق وكان على القوى التي تولت الحكم أن تتعامل بطريقة أخرى للحفاظ على العراق.

واعتبر العطية أن أبرز الأخطاء التي ارتكبها من تولوا الحكم في العراق عقب الاحتلال كان اجتثاث البعث وتحميل كل البعثيين والعرب السنة مسؤولية أخطاء النظام السابق، "متناسين أن السنة أنفسهم كانوا ضمن ضحايا النظام السابق"، حسب قوله.

ورغم تشاؤمه بإمكانية الخروج من الأزمة لأن "العراقيين خبراء في إضاعة الفرص"، أكد أن هناك قوى عراقية وتكتلات تملك رؤية للحل، من بينها على سبيل المثال أنه يجب أن يسبق الدستور العراقي مصالحة وطنية شاملة.

أميركا-إيران
من جهته، يرى الأمين العام لمجلس العشائر العراقية يحيى السنبل أن الاحتلال الأميركي "المتحالف مع الاحتلال الإيراني" هو المسؤول عما وصل إليه العراق اليوم، لأنه سلم السلطة لنخبة "ليس لها أي علم في السياسة أو في إدارة البلاد وأصبحت تابعة لإيران واستهدفت المكون السني منذ اليوم الأول"، حسب رأيه.

ونفى السنبل أن تكون الحكومة العراقية السابقة بزعامة نوري المالكي أو الحالية بزعامة حيدر العبادي قد استجابت لمطالب المعتصمين، وقال "لم ينفذ أي مطلب من مطالب المعتصمين بل زادت حملات الاعتقالات والقتل ضد المكون العربي السني".

ويتفق الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي الدكتور مؤيد الونداوي مع السنبل في مسؤولية الاحتلال عما حدث للعراق، ويضيف إليه التجاذبات والتقاطعات الإقليمية وأطراف العملية السياسية التي تولت المسؤولية بعد العام 2003.

واعتبر الونداوي أن هناك من يعيش على حالة التأزيم وليس الاستقرار، ويجب على الجميع الآن أن يواجه هذا السؤال: هل سيذهب العراق إلى المجهول أم ما زالت هناك فرصة؟

لكن دوغلاس أوليفنت كبير الباحثين في مؤسسة أميركا الجديدة والمسؤول السابق عن ملف العراق في مجلس الأمن القومي الأميركي يقول إنه لا شك أن واشنطن قامت بأمور كثيرة لم تكن مفيدة، لكن ليس من الصحيح أن ننسب كل ما يحدث في العراق اليوم إليها، فهي لم تنشئ تنظيم الدولة بل تحاربه، ولم تكن سببا في الثورة السورية التي تواجه اليوم تبعاتها.

ودعا أوليفنت إلى إعطاء الوقت لما تقوم به واشنطن، معترفا بوجود نفوذ قوي لإيران في العراق، مستطردا "لكن أيضا تركيا والسعودية لديهما نفوذ".

حرب وجود
في المقابل، يرى النائب في البرلمان العراقي مستشار الأمن القومي السابق موفق الربيعي أن هناك عدة عوامل أدت إلى صعوبة هذه التجربة، وكل الذين شاركوا سواء سلطة أو معارضة مسؤولون فيما وصل إليه العراق.

لكن الربيعي اعتبر أن العراق يمر اليوم بمعركة "نكون أو لا نكون" في حربه على تنظيم الدولة الإسلامية، حسب وصفه، مؤكدا أنه على جميع العراقيين في الحكم والمعارضة أن يقفوا مع القوات المسلحة العراقية في هذه الحرب.

وأضاف أن "بعض الناس ما زالوا لا يؤمنون بحكم الأغلبية السياسية ويريدون فرض القناعات القديمة"، منتقدا الحديث عن أخطاء اجتثاث البعث وحل الجيش "لأن العراق يواجه اليوم حربا وجودية".