من أوروبا

معسكرا السلام والحرب الأوروبيان، مفاوضات القبارصة

معسكرا السلام والحرب الأوروبيان يتمسكان بمواقفهما رغم اقتراب الحسم. فشل مفاوضات القبارصة يدخل المشكلة القبرصية إلى الاتحاد الأوروبي، بعد مقتل رئيس وزراء صربيا شبح الجريمة يخيم على البلقان، بدء عمل محكمة الجنايات الدولية الخطوة الأولى نحو العدالة الدولية. وموضوعات أخرى.

مقدم الحلقة:

أحمد كامل

ضيوف الحلقة:

عدة شخصيات

تاريخ الحلقة:

17/03/2003

– تباعد مواقف معسكري الحرب والسلام الأوروبيين
– فشل مفاوضات توحيد قبرص

– مقتل رئيس وزراء صربيا

– بدء أعمال محكمة الجنايات الدولية

– جهود للحد من تكرار طلبات اللجوء

– تدريس الوعي البيئي في ليتوانيا

– حماية السينما الأوروبية


undefinedأحمد كامل: أهلاً بكم إلى حلقة جديدة، وجولة جديدة في أرجاء القارة الأوروبية. في هذه الحلقة:

معسكرا السلام والحرب الأوروبيين يتمسكان بمواقفهما رغم اقتراب الحسم.

فشل مفاوضات القبارصة يدخل المشكلة القبرصية إلى داخل الاتحاد الأوروبي.

بعد اغتيال رئيس وزراء صربيا شبح الجريمة المنظمة يخيم على البلقان.

بدء عمل محكمة الجنايات الدولية الخطوة الأولى نحو العدالة الدولية.

(أوروداك) نظام متقدم للحد من تكرار طلبات اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي.

احترام البيئة مادة دراسية إجبارية في ليتوانيا.

السينما ثقافة كما يقول الأوروبيون، أم سلعة كما يريد الأميركيون؟


تباعد مواقف معسكري الحرب والسلام الأوروبيين

تصاعد التوتُّر بين الحكومات الأوروبية المؤيدة والمعارضة للحرب على العراق، معسكر السلام مازال متماسكاً ومعسكر الحرب يواجه مأزق البحث عن شرعية للحرب.

تقرير: رغم مظاهر الود البرتوكولية إلا أن التوتر بين الزعماء الأوروبيين وصل حداً لم يسبق له مثيل من قبل، فأسبوع ما قبل الحسم في الأزمة العراقية لم يشهد أي تغيير في مواقف معسكري الحرب والسلام في أوروبا.

رافضو الحرب لم يتراجعوا عن مواقفهم كما كان يتوقع أو يأمل الرئيس الأميركي، ومواقف فرنسا -زعيمة الرافضين- وصلت نقطة اللاعودة، بعد أن أكد الرئيس (جاك شيراك) شخصياً وبوضوح لا لُبس فيه، أن بلاده ستستخدم حق النقض/ الفيتو في مجلس الأمن ضد أي قرار يسمح باستخدام القوة ضد العراق.

وفي ذات المعسكر لازال الألمان والروس على تضامنهم مع باريس إلى درجة تغري بالحديث عن ولادة جبهة دولية مناهضة لواشنطن.

لكن الموضوعية تفترض انتظار نتائج الحرب شبه المؤكدة على العراق، فوحدها نتائج الحرب -وعلى الأصح ما بعد الحرب- هي التي ستقرر مصير الاصطفاف الروسي الفرنسي الألماني.

في المعسكر الآخر يضغط الوقت على حلفاء واشنطن، ففي كل يوم يزداد عدد رافضي الحرب في الشارع وبين المثقفين، وحتى في قلب النخب السياسية الحاكمة.

البرلمان الأوروبي جدد رفضه للحرب في جدل ساخن أظهر مدى تعمق مشاعر العداء لأميركا في أوروبا.

(كريس باتن) مفوض العلاقات الخارجية في المفوضية الأوروبية صَعَّد اللهجة تجاه واشنطن إلى درجة غير مسبوقة، فهدد بعدم تكرار السيناريو الذي حصل مراراً في العقد الماضي، وخاصة في البوسنة وكوسوفو وأفغانستان، حيث تشن واشنطن الحرب وتجني ثمارها السياسية، والاستراتيجية، والاقتصادية، فيما يقوم الاتحاد الأوروبي بتمويل إعادة الإعمار في مجانية سياسية خدمت واشنطن بشكل مدهش.

ولم يبقَ على الدعم المطلق لإدارة (بوش) في أوروبا إلا رئيس الوزراء البريطاني (توني بلير)، ونظيره الإسباني (خوسيه ماريا أزنار)، ويخاطر الرجلان بمستقبلهما السياسي ومستقبل حزبيهما، مخاطرة تتوقف هي أيضاً على صورة الحرب وما بعد الحرب.

أحمد كامل: إذا كانت الولايات المتحدة ستشن الحرب بتفويض من مجلس الأمن الدولي أو بدونه، فما هي جدوى الفيتو الفرنسي الروسي؟ وهل هناك فرق بين حرب مجازة دوليا وأخرى غير مجازة؟

(فرانكلين دوهوس) الأستاذ في الأكاديمية العسكرية البلجيكية يجيب على هذا السؤال.

فرانكلين دوهوس: أولاً: هناك فرق بين شن حرب بقرار من الأمم المتحدة أو بدونه، لأن إعلان الحرب بدعم من الأمم المتحدة يعني وجود شرعية مهمة تفيد حلفاء الولايات المتحدة، خاصة في أوروبا، حيث سيكون لذلك تأثير كبير على الرأي العام، وستفيد هذه الشرعية أيضاً في مرحلة إعادة الإعمار، بأنها ستسمح للولايات المتحدة بالاحتماء بمظلة الأمم المتحدة، وهو ما يشكل اختلافاً جوهرياً، مع عدم وجود قرار أممي.

ولكن هناك مشكلٌ ثانٍ: إذ يجب معرفة سبب عدم وجود قرارٍ ثانٍ من الأمم المتحدة، فإما أن يكون ذلك نتيجة استعمال الفيتو بطريقة معزولة، وهو ما سيؤدي إلى مصاعب للدولة التي استخدمته، وإما بسبب عدم حصول أغلبية في مجلس الأمن، وذلك يعني معارضة جدية.

أحمد كامل: هل يستطيع الأميركيون أن يحصلوا على شرعية الحرب بعد الحرب؟

فرانكلين دوهوس: لا يستطيعون الحصول على شرعية رجعية، ولكن في حالة حدوث حرب خاطفة، أو إذا تم العثور في العراق على دلائل قاطعة بخصوص ممارسة ديكتاتورية لا إنسانية، أو آثار أسلحة دمار شامل، فإن ذلك سيقلل من لا شرعية الحرب وعدم إمكانية تفاديها، وهي الفرضية التي يعتمد عليها بعض رؤساء الحكومات الأوروبية ذوي الحظ التعيس حالياً، ولكن هذا لا يمنع من كونها سابقة خطيرة، لأن هذه العقيدة يمكن أن تستند إليها دول أخرى في المستقبل، في حالات لا يمكن لنا تشخصيها في الوقت الحاضر.

أحمد كامل: قلتم مرة بأن أوروبا بحاجة لكارثة حتى تتوحد، هل هذه هي الكارثة التي ستوحد أوروبا؟

فرانكلين دوهوس: كلا، وذلك لسببين، أولاً: لأن أوروبا تتوسع الآن، وكما تعرفون فإن هذا التوسع، لا يسهِّل بروز سياسة خارجية موحدة، فإنها في حاجة إلى كارثة أكبر لتتوحد، وهذه الكارثة لا يمكن أن تسمح بنشوء سياسة الخارجية الموحدة، سوى في حال فشل ذريع للتدخل العسكري، وهي فرضية لا أظن أنها محتملة، الأوروبيون يظهرون بسلوكهم الحالي مدى بعدهم عن إمكانية تبني سياسة موحدة، إذا اندلعت الحرب في العراق فإن أثمان البترول التي سترتفع بشدة ونزوح المهاجرين، ودفع فاتورة إعادة إعمار العراق سيكون لها انعكاس في البدء على أوروبا، ورغم ذلك فإن الأوروبيين عاجزون عن ممارسة تأثير حقيقي اليوم، لأنهم غير قادرين على توحيد صوتهم في الأمم المتحدة.

أحمد كامل: هل إسقاط النظام العراقي سوف يعني انتصار أميركا في هذه المواجهة وهزيمة أوروبا؟

فرانكلين دوهوس: المشكلة ليست في شن حرب خاطفة رغم إيجابيتها، خاصة بالنسبة للمواطنين الذين سيتفادون الإهانة، المشكلة تتعلق بتحقيق السلام، وهو عمل أصعب وأطول من شن حرب، ولكن هذا هو الهدف الأهم، وبالتالي فإن هذه هي المسألة التي يجب أن تهتم بها الحكومات بشكل عام وخاصة الأوروبية، فإذا اندلعت الحرب، وهو ما لا يتمناه الأوروبيون رغم وجود بعض رؤساء الحكومات الذين يساندون تدخلاً عسكرياً، إذا اندلعت هذه الحرب يجب على الأقل محاولة تجنب أن تؤدي إلى جمود أو فوضى إضافية، لذا يجب توفير جهود مضنية يكون لها تأثير فَعَّال عبر التنسيق، والكل يدرك أن هذه الجهود لن تكون ذات فعالية إذا لم يرافقها حل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، فإذا تقرر الاستثمار على المدى الطويل مع مساعدة حقيقية ومنسقة إضافة إلى مبادرات عملية فيما يخص الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فإن هذه الحرب تكون ساهمت على الأقل في تحقيق شيءٍ ما.


فشل مفاوضات توحيد قبرص

أحمد كامل: الضغط الشعبي وجهود الأمم المتحدة وإغراء الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كل ذلك لم يفلح في إقناع زعيم القبارصة الأتراك بقبول خطة السلام الدولية، فقد فشلت مفاوضات اللحظة الأخيرة، وضاعت فرصة كبيرة لحل المشكلة القبرصية.

تقرير: بفشل محادثات لاهاي التي رعاها (كوفي عنان) الأمين العام للأمم المتحدة، أهدر القبارصة فرصة نادرة لإعادة توحيد جزيرتهم المقسمة منذ عام 74، وذلك رغم كلمات عنان التحذيرية التي أطلقها خلال المفاوضات المضنية التي دامت 20 ساعة.

كوفي عنان (أمين عام الأمم المتحدة): فرصة فريدة وحقيقية، إذا فقدت فلن تعود لفترة طويلة، وأشك أنها ستسنح مرة أخرى أثناء ولايتي كأمين عام للأمم المتحدة، وأمامي أقل من 4 سنوات على مغادرة منصبي.

تقرير: ولاشك في أن القبارصة الأتراك وتحديداً زعيمهم (رؤوف دانكطاش) يتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية عن تضييع هذه الفرصة التاريخية، فالقبارصة اليونان قبلوا خطة عنان، لكنهم طلبوا ضمانات دولية لتنفيذها، وخاصة في شقها الأمني، وطلبوا بعض الوقت لإعداد الرأي العام لتقبل الاستفتاء الذي كان مقرراً في الثلاثين من مارس/ آذار، أما القبارصة الأتراك فرفضوا الخطة جملة وتفصيلاً، وطلبوا تعديلها بشكل يخل بتوازنها كلياً.

رؤوف دانكطاش (زعيم القبارصة الأتراك): فيما يتعلق بنا فالخطة الموضوعة أمامنا على الطاولة غير مقبولة لنا، لأنها تضع تصوراً لنقل وتهجير مائة ألف من القبارصة الأتراك بعيداً عن مساكنهم الحالية.

تقرير: بالمقابل فإن القبارصة اليونان ليسوا شديدي الأسف لفشل الخطة الدولية، فهم سيدخلون الاتحاد الأوروبي قريباً، وبالتالي سيصبح موقعهم أقوى تجاه القبارصة الأتراك، بل وتجاه تركيا نفسها، فملف انضمام تركيا سيُبحث بعد دخول قبرص إلى الاتحاد، وهو ما يعني أنه سيكون لها حق الفيتو بمواجهة طلب الانضمام التركي، ولاشك أنها ستستغل شغف أنقرة بدخول الاتحاد، لتنال منها تنازلات أو ضغوطاً على القبارصة الأتراك.

تاسوس بابادوبولوس (زعيم القبارصة اليونان): كان ردنا بالإيجاب، نعم نحن مستعدون لفعل ذلك، طالما أن الوثائق المطلوبة، الباقة كلها جاهزة في الوقت المطلوب، ولاسيما التشريع المتعلق بأداء حكومة الدولة المشتركة.

تقرير: ورغم أن الجميع ردد أنها فرصة تاريخية لن تتكرر، إلا أن الأمل بتكرارها قائم، وهو معلق على الضغط الشعبي في شمال جزيرة قبرص، فالشارع القبرصي التركي يضغط لتوحيد الجزيرة كي لا يفوته الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فيما قيادته تتمسك بالتجزئة للحفاظ على مكاسب 30 عاماً من الاحتلال، الأمر الذي أدركه ممثل الأمم المتحدة في قبرص.

ألفارو دوسوتو (ممثل الأمم المتحدة في قبرص): أود أن يعلم شعب قبرص أنني لم أتخلَّ عنهم، وأني رأيت في عيونهم الرغبة في السلام والوحدة، وإنني آسف لكونهم حُرموا من فرصة تحديد مستقبلهم.

تقرير: ولاشك في أن دخول الجزء الجنوبي من قبرص إلى الاتحاد الأوروبي العام المقبل سيزيد الضغط الشعبي في جزئها الشمالي، الأمر الذي قد يخلق فرصة أخرى لتوحيد الجزيرة المقسمة.


مقتل رئيس وزراء صربيا

أحمد كامل: أحدث اغتيال رئيس الوزراء الصربي صدمة كبيرة في جميع أنحاء يوغسلافيا السابقة، فبعد العنف السياسي تزداد المخاوف من أن تقع المنطقة في دوامة عنف الجريمة المنظمة، تقرير سمير حسن من بلجراد.

تقرير/ سمير حسن: بعض المراقبين حاول تحميل مسؤولية اغتيال رئيس وزراء صربيا (زوران جينجيتش) لحرسه الخاص، لأنهم لا يتمتعون بكفاءة عالية لحراسة الرجل الأول في الحكم، غير أن مصادر أمنية أكدت (للجزيرة) أن جهاز الأمن الصربي وزوران جينجيتش نفسه كانوا يتوقعون عملية الاغتيال منذ أن فشلت محاولة الاغتيال الأولى.

وإذا كان إصرار جينجيتش على إصلاح الأوضاع الأمنية، ومكافحة الجريمة المنظمة، والقضاء على المافيا أحد أسباب اغتياله، فذلك لأن هذه المافيا تتمتع بخبرة أمنية عالية، فزعيم العصابة التي يُطلق عليها عصابة (زيمون) كان قائداً سابقاً لقوات القبعات الحمراء التي أسسها (سلوبودان ميلوشوفيتش) وارتكبت عدة جرائم قتل وسرقة وخطف في البوسنة وكوسوفو.

لكن العديد من المراقبين يشيرون إلى أن القضاء على هذه العصابة لم يكن السبب الوحيد، وأن السبب الرئيس يتضح لنا إذا ألقينا الضوء على تعاون زوران جينجيتش مع محكمة جرائم الحرب الدولية بتسليم الرئيس السابق سلوبودان ميلوشوفيتش، واستعداده لتسليم المزيد من الصرب المتهمين بجرائم حرب، ومنهم بعض زعماء عصابة زيمون الذين انقلبوا أصلاً على ميلوشوفيتش، وساعدوا جينجيتش وأحزاب المعارضة للوصول إلى الحكم من أجل تجنب المثول أمام العدالة الدولية، لكنهم ظنوا أنهم لم يكافئوا جيداً، وعلموا أن جينجيتش يستعد لتسليمهم إلى محكمة جرائم الحرب بين عشية وضحاها، بينما كان الغرب يعد بتدفق المساعدات على جينجيتش بعد تسليم المطلوبين، كانت المدعي العام لمحكمة جرائم الحرب (كارلا ديل بونتي) تأتي إلى بلجراد ومعها قائمة بأسماءٍ جديدة.

أما المساعدات فتتأخر أو تأتي شحيحة، ومن هنا سيظل مستقبل صربيا مرهوناً على مساعدة الغرب، ومدى إصرار أتباع جينجيتش على التماسك في مواجهة حربهم ضد الجريمة المنظمة ومواصلة طريق الإصلاح الذي بدأه جينجيتش.

[فاصل إعلاني]


بدء أعمال محكمة الجنايات الدولية

أحمد كامل: بتأدية قضاتها اليمين القانونية تبدأ محكمة الجنايات الدولية عملها بعد طول انتظار، ورغم نواقصها وعيوبها الكثيرة تستطيع المحكمة –ولأول مرة في تاريخ الإنسانية- أن تضع قواعد العدالة الدولية.

تقرير: أدى قضاة محكمة الجنايات الدولية القسم القانوني، واكتمل وجود المحكمة الفعلي بعد طول انتظار، 18 قاضياً منهم سبع نساء يمثلون قارات العالم، ومدارسه القانونية الكبرى ستقع على كاهلهم مهمة كبيرة هي خلق عدالة جنائية تغطي العالم أجمع.

لكن عقبات كثيرة تقف في وجه هذا الطموح، 89 دولة صدقت على معاهدة روما التي أنشأت المحكمة، ليس من بينها ثلاثٌ كبرى هي الولايات المتحدة وروسيا والصين، الأمر الذي يُضعف المحكمة ويقسم العالم بين دول يحاكم مجرموها وأخرى محصنة بمحض إرادتها الفردية، ووصل الأمر إلى حد إفراغ المحكمة من مضمونها، حيث لم يصدق على المعاهدة حتى الآن إلا الدول المتأكدة بأنه لا يوجد لديها من ارتكب جرائم حرب أو إبادة أو جرائم ضد الإنسانية.

الولايات المتحدة ذهبت أبعد من عدم التصديق على المعاهدة المنشئة للمحكمة، فوقعت اتفاقات مع 24 دولة –حتى الآن- لضمان عدم ملاحقة مواطنيها في هذه الدول.

نقطة ضعف أخرى في نظام المحكمة تتمثل في أن اختصاصها لا أثر رجعي له ويمكن لكل مستبد أو مجرم حرب ارتكب جرائمه قبل الأول من تموز/ يوليو عام 2002 أن يطمئن إلى أنه لن يلاحق في لاهاي.

ومن حيث الجرائم محل الملاحقة تختص المحكمة الجديدة بمعاقبة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة الإبادة الجماعية، ولم يتم بعد تحديد الجريمة الرابعة وهي جريمة العدوان، والتي تريد دول أن تشمل جريمة الاستيطان.

نطاق اختصاص المحكمة يشمل الجرائم التي ترتكب في أراضي الدول الأطراف، أو من قبل أحد رعاياها، كما يشمل الجرائم التي توافق دولة غير طرف على اختصاص المحكمة فيها، إن كانت الجريمة ارتكبت على أراضيها، أو من قِبَل أحد رعاياها.

تُحرك الدعوى من مدعٍ عام بعد تلقيه شكوى من دولة طرف أو من مجلس الأمن الدولي أو دولة غير طرف تقبل اختصاص المحكمة، ويحق للمدعي العام تحريك دعوى من تلقاء نفسه، ولاشك في أن مبدأ العدالة الدولية قد وجد أساساً عملياً له، وبات على المستبدين ومجرمي الحرب التفكير ألف مرة قبل أن يكرروا فعل ما كانوا يفعلونه دون مبالاة قبل الأول من تموز/ يوليو 2002.


جهود للحد من تكرار طلبات اللجوء

أحمد كامل: الكثير من طالبي اللجوء أشخاص مضطهدون حقاً يبحثون عن الملجأ الآمن، لكن بعض هؤلاء ليسوا إلا باحثين عن العيش السهل يفبركون روايات الاضطهاد في بلد، فإن لم تنجح بحثوا عن غيرها في بلد آخر، نظام أوروداك يحاول كشف هؤلاء.

تقرير: دول الاتحاد الأوروبي تستقبل كل سنة ما يقرب من 400 ألف طلب للجوء السياسي، وقد دأبت عدد من هذه الدول منذ أعوام على تسجيل بصمات طالبي اللجوء بدعوى أنها الطريقة الوحيدة للتأكد من هوية شخص ما، وفي محاولة للحد من تدفق طلبات اللجوء، وتقنين تحرك الطالبين على الأراضي الأوروبية، عمل مسؤولو الأمن في الاتحاد على إنشاء مركز للمعلومات يضم بصمات طالبي اللجوء في جميع بلدان الاتحاد، ويسعى نظام أوروداك إلى منع تقديم نفس الشخص لطلب في أكثر من بلد أوروبي كما إلى تحديد الدولة التي تقع عليها مسؤولية البت في الطلب.

إيفانجيلوس ماليسيوس (مسؤول الأمن العام – اليونان): هذه المراقبة الفعالة للبصمات ستساعدنا على تفادي الشكوك والخلافات بين دول الاتحاد الأوروبي حول مسؤولية البت في أي طلب للجوء السياسي.

تقرير: نظام أوروداك سيتضمن فقط بصمات طالبي اللجوء الذين تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة وعلامة مميزة، ويستطيع المسؤولون في الدول الأوروبية الإطلاع مباشرة على المعلومات المتوفرة في المركز، للتأكد من عدم تكرار الطلبات، ويسعى الاتحاد الأوروبي بإنشائه لمركز المعلومات أوروداك إلى حث الدول الأوروبية على فرض نظام مراقبة صارم على حدودها، والقضاء على ما يطلق عليه تجارة اللجوء السياسي في محاولة لحماية هذا الحق ليستفيد منه من يستحقه.

جاك موشي (المفوضية العليا للاجئين): نظام أوروداك سيسمح لنا بصياغة إجراءات أكثر فاعلية تمكننا من دراسة طلبات اللجوء في أسرع الآجال وبطريقة جيدة تمنح النظام مصداقيته، وتساعد على حماية من هو في حاجة إلى ذلك.

تقرير: جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان انتقدت بشدة هذا النظام الذي يعمل على تخزين معلومات شخصية، وهو ما يتعارض مع قانون الحريات، ولتفادي أي خلل في عمل مركز المعلومات أنشأ الاتحاد الأوروبي هيئة مستقلة للسهر عليه.

أنطونيو فينورينو (المفوض الأوروبي للعمل والشؤون الداخلية): النظام يخضع لقواعد أمنية صارمة، فتسييره يتم عن طريق لجنة مراقبة، مستقلة، مكونة من مختصين أوروبيين، وتطبق قواعد حماية المعلومات، واحترام الحياة الخاصة على عمل ونظام أوروداك.

تقرير: المفوضية الأوروبية وعدت بتقييم نظام أوروداك بعد سنة من إنشائه للتأكد من فعاليته وضرورة استمرار العمل به.


تدريس الوعي البيئي في ليتوانيا

أحمد كامل: حققت وسائل نشر الوعي البيئي في أوروبا في العقد الماضي خطوات عملاقة لم تتحقق خلال قرون ماضية، في التقرير التالي استعراض لتجربة ليتوانيا في تدريس مادة الوعي البيئي.

تقرير: مدينة أليتوس الليتوانية كانت تعاني كغيرها من مدن منطقة البلطيق من عدد من المشاكل البيئية، كتلوث المياه، وكثرة النفايات، والمواقع الصناعية القديمة، وللحد من تفاقم هذه المشاكل تبنت سلطات المدينة عام 99 برنامجاً للتنمية المستدامة، يحظى بتمويل من الاتحاد الأوروبي.

وتمكنت المدينة خلال 5 سنوات من بدء العمل بهذا البرنامج من تحقيق تقدم كبير في ميدان الحفاظ على البيئة، وذلك عبر إشراك المواطنين وخاصة الشباب في تطبيق البرنامج.

سيجيتاس ستومبراس (مدير قسم الاقتصاد الحضري): نتوجه بالأخص إلى الطلبة، لأنهم يتعلمون بسرعة التعرف على المشاكل البيئية، وعندما يعودون إلى منازلهم يقومون بتفسير ما تعلموه لعائلاتهم، وكذلك للمسنين من أهلهم.

تقرير: وتقوم المدارس بدور التوعية عبر تلقين تلاميذها المبادئ الأولية للحفاظ على البيئة، فقد تحول درس الكيمياء عبر تطرقه إلى تكوين ومعالجة المياه وأسباب تلوثها إلى درس في المواطنة الحسنة.

إيرينا ميجلينيين (أستاذة الكيمياء): عليهم إدراك أنهم يشكلون جزءاً من الطبيعة، وأن حياتنا رهينة بالحفاظ عليها، لأنها ليست ملكاً لنا، فمستقبل الأجيال القادمة وحتى ما يتعلق بحياتهم المهنية مرتبط ببيئة سليمة.

تقرير: ولا تكتفي المدارس بالدروس النظرية، فبمبادرة من السلطات البلدية وعدد من الشركات الخاصة تم إنشاء نادي الطبيعة، ويهدف النادي إلى تعريف التلاميذ بمشاكل البيئة بطريقة عملية، حيث ينظم رحلات إلى الغابات المحيطة بالمدينة للاتصال المباشر بالطبيعة.

إيلينا امسيجيين (مسؤولة عن الحديقة العامة): هدف الأقسام الخضراء هو تمكين الطلاب من اكتشاف أسرار الغابة، ونظامها البيئي، وتلقينهم كيفية الاتصال بالغابة، فعليهم التعرف على كافة النباتات التي تنمو فيها.

تقرير: الأقسام الخضراء غيرت نظرة الشباب إلى البيئة، ومكنت من تحقيق جزء هام من البرنامج الذي تبنته المدينة، وتسعى السلطات إلى جني ثمار نجاحها على المستوى الاجتماعي والاقتصادي عبر جلب الاستثمارات للنهوض بالمدينة.


حماية السينما الأوروبية

أحمد كامل: السينما صناعة، والأفلام بضاعة، ويجب أن تخضع لقانون العرض والطلب الحر يقول الأميركيون، يرد الأوروبيون: السينما ثقافة ويجب حمايتها من سوق العولمة الجارف، التقرير التالي يستعرض جهود حماية السينما الأوروبية.

تقرير: ضم الإنتاج السينمائي إلى قائمة السلع التجارية هو محور الصراع الذي تشهده منذ مدة منظمة التجارة العالمية بين الولايات المتحدة الأميركية الساعية إلى تسليع كافة الإنتاجات حتى الثقافية منها ومسؤولي الاتحاد الأوروبي الذين يدافعون على ما يطلقون عليه الخصوصية الثقافية، حيث يسعى المكلفون بالقطاع الفني في الاتحاد ألا يطغى قانون السوق على المنتجات الثقافية كالكتاب والرسم والسينما، وقد عملت دول الاتحاد على إنشاء متاحف للسينما تحفظ مجموع الأفلام التي تصدر في كل بلد لتفادي تعرضها للتلف، كما حصل لثلاثة أرباع الأفلام التي أنتجت في بداية القرن العشرين، ويصل عدد الأشرطة المودعة في مخازن هذه المتاحف إلى 700 ألف شريط، يتم عرضها في دورات خاصة، ليطلع عليها الجمهور الهاوي والمحترف.

بيدرو ألمودوفار (مخرج إسباني): الشاب الذي لم يشاهد أكبر عدد من الأفلام لا يستطيع أن يخرج هو أيضاً شريطاً، فهو لا يستطيع استعمال لغة لا يعرفها، وأعتقد بأن لكل منا مرجعية سينمائية شخصية.

تقرير: وتقوم متاحف السينما أيضاً بدور التوعية، وتقريب اللغة السينمائية من الشباب في المدارس، حيث يقوم المسؤولون بعرض الأفلام الكلاسيكية الأوروبية أمام التلاميذ، مع تنظيم حلقات نقاش حول كافة المواضيع المتعلقة بالفيلم، من اختيار الممثلين إلى تقنية الإخراج.

غابرييل كلاس (رئيسة متاحف السينما الأوروبية): الشباب يعتبرون هذه الأفلام حديثة رغم طابعها القديم واختلافها عن الأفلام الجديدة في اللباس وسلوك الممثلين فمازال هناك العديد من الحكايات الخالدة التي تستحق الاهتمام.

سيدريك كلابيش (مخرج فرنسي): بنفس الطريقة التي يلقن بها (زولا) و(بالزاك) و(بويسفيون) و(بروس) في فرنسا أو غيرهم من الكتاب الأجانب (كتشيكوف) أو (شكسبير) في المدارس يجب مشاهدة أفلام (هتشكوك) أو (فينيني).

تقرير: ولفهم أفضل للفن السينمائي تعمل بعض المؤسسات الأخرى بدعم من الاتحاد الأوروبي على تلقين المواطنين العاديين المبادئ الأولية لهذا الفن، التكنولوجيا الحديثة ساعدت كثيراً على الاحتفاظ بالموروث الثقافي الأوروبي، وإيصاله إلى أكبر عدد من الناس في مهرجانات خاصة، كالتي قررت المفوضية الأوروبية تنظيمها كل سنة للاحتفاء بالسينما الأوروبية.


أحمد كامل: نرحب باقتراحاتكم وملاحظاتكم على عنواننا الإلكتروني: europe@aljazeera.net

أو على رقم الفاكس المُبين على الشاشة (3222308610+).

انتهى لقاؤنا لهذا الأسبوع، إلى اللقاء في الأسبوع المقبل.