من اليمين : د. كريستوف بيترام – أحمد كامل - د. رولف موتسنيش
من أوروبا

الموقف الأوروبي من الملف النووي الإيراني

تناقش الحلقة سر الحماس الأوروبي لتجريد إيران من القدرات النووية. فهل تنطلق مواقف ألمانيا وفرنسا وبريطانيا من قناعات هذه الدول أم لأنها تأتي خدمة لقوى دولية أخرى؟

– أوروبا والملف النووي الإيراني
– أسباب اهتمام أوروبا بالملف النووي الإيراني

undefined

أحمد كامل: أهلا بكم إلى حلقة جديدة من برنامج من أوروبا أُقدمها لكم من العاصمة الألمانية برلين، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا أكبر الدول الأوروبية تضغط وتفاوض وتُغري إيران للتخلي عن برنامجها النووي فهل تفعل ذلك بالأصالة عن نفسها أم بالنيابة عن جهة أخرى كواشنطن مثلا؟ العلاقات الأوروبية الإيرانية هي موضوع التحقيق التالي الذي أعدَّه الزميل أكثم سليمان من فيينا ومن برلين.

أوروبا والملف النووي الإيراني

[تقرير مسجل]

أكثم سليمان: رحلة طويلة ومُعقدة تلك التي أخذت طهران وملفها النووي لتدور بهما في أبنية الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأروقتها في العاصمة النمساوية فيينا، محطات الرحلة عكست وتعكس عمليات الشد والجذب بين القوى الدولية والإقليمية المختلفة بالإضافة إلى الحساسية والغموض الذين يحيطان بتفاصيل هذا الملف، المحطة الأولى كانت فتح الملف داخل أروقة الوكالة في منتصف عام 2003 أي بعد فترة وجيزة من شن الحرب على العراق مما منح القضية سخونة إضافية، الاتهامات بامتلاك برنامج نووي عسكري انهالت على طهران قبلها بأشهر من الولايات المتحدة الأميركية من جهة ومن مجموعات المعارضة الإيرانية في العواصم العالمية من جهة أخرى، تسارع الأحداث وتواتر الانتقادات حتى من قِبَل الوكالة الدولية دفع إيران إلى الرد السريع سعيا لإغلاق فصل من القضية مادام الملف بكامله غير قابل للإغلاق وسط الأجواء الدولية السائدة، الرد الإيراني تَمثَّل بتوقيع البروتوكول الإضافي المُلحق بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في نهاية عام 2003 وهو عبارة عن اتفاقية بين طهران والوكالة الدولية تسمح بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة للمواقع والمنشئات النووية الإيرانية.

محمد البرادعي – المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية: وتوقيع إيران اليوم على البروتوكول الإضافي هو بالقطع خطوة نحو بناء الثقة في أن إيران غيَّرت من سياساتها في الماضي وأنها مستعدة للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية نحو التأكد من أن كافة الأنشطة في إيران هي للأغراض السلمية، البروتوكول هو أداة مهمة بالنسبة للوكالة لكي نستطيع أن نؤدي عملنا بالدقة المطلوبة وبالعمق المطلوب في هذه المرحلة.

علي أكبر صالحي – مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية: سوف في المستقبل نرى ضغوط بس هذه الضغوط يكون ضغوط عادية مثل الماضي ولا نكون معنيين بهذه الضغوط لأن إحنا وقَّعنا البروتوكول وليس هناك أي دليل آخر على أن يضغطوا بصورة سياسية على إيران أكثر مما حصل لحد اليوم.

أكثم سليمان: ورغم التأكيدات على الطابع التقني البحت للاتفاقية الجديدة إلا أن تكتيكات السياسة لم تكن بعيدة بأي شكل من الأشكال ولا أدل على ذلك من رفض البرلمان الإيراني حتى اليوم التصديق على البرتوكول الإضافي كما أن التوقيع الإيراني لم يأتِ إلا بعد وساطة أوروبية ألمانية فرنسية بريطانية قام خلالها وزراء خارجية البلدان الثلاثة بزيارة اللحظة الأخيرة إلى طهران لإقناع إيران بنزع فتيل الأزمة في وقت كانت فيه واشنطن تدق قبول الحرب من خلال تصريحات نارية لا تُشكِّك بالبرنامج النووي الإيراني ومقاصده فحسب بل تتهم طهران مباشرة بامتلاك برنامج عسكري لتطوير أسلحة نووية تشكل خطرا مُفترضا بالدرجة الأولى على إسرائيل، المبادرة الأوروبية المبكرة أبرزت الاختلاف في الرؤيتين على ضفتي الأطلسي ومنحت الأوروبيين دور الوسيط في مرحلة مبكرة سواء على ساحة المفاوضات في العواصم المتناحرة أو على ساحة التكتلات الإقليمية في الوكالة الدولية.

محي الدين طوق – سفير الأردن لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية: من الواضح بأن الموقف الأوروبي هو أقل تشددا من الموقف الأميركي وأن موقف مجموعة عدم الانحياز ومجموعة السبعة وسبعين زائد الصين هي محاولة من أجل الوصول إلى قرار توفيقي.

أكثم سليمان: لكن السؤال الذي يطرحه كثيرون هنا هو عن ازدواجية خفية حتى في التعامل الأوروبي مع الملفين النوويين في الشرق الأوسط أولهما ملف إسرائيل وثانيهما ملف إيران، الفرق على الأقل من وجهة النظر القانونية للوكالة يتمثل في توقيع طهران على اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية العائدة إلى العام 1970 والتي تُلزِم الموقعين عليها بالابتعاد عن الاستخدامات العسكرية مقابل الحصول على مساعدة تقنية بينما لا تُلزِم الاتفاقية من يمتنع عن توقيعها أو ينسحب منها ككوريا الشمالية.

"
لم تُخطِرنا إيران بتفاصيل برنامجها النووي وذلك لأنها كانت تخضع لنظام العقوبات ولو أعلنت كان من الصعب عليها الحصول على ما حصلت عليه من مُعدَّات نووية
"
        محمد البرادعي

محمد البرادعي: البرنامج الإيراني بدأ كبرنامج غير مُعلَن منذ أكثر من حوالي عشرين عام لم تُخطِرنا إيران بتفاصيل هذا البرنامج كما هو مطلوب منها طبقا لاتفاقية منع الانتشار لمدة عقدين من الزمان كما ذكرت السبب في هذا أنها كانت تخضع لنظام العقوبات وكانت ليست في إمكانها أن تُعلن هذا وإلا كانت ستكون من الصعب عليها أن تحصل على ما حصلت عليه من مُعدَّات نووية وبالتالي عملنا كان صعبا في البداية ومازال صعبا لأننا نعيد بناء برنامج لم نراه منذ أكثر من عشرين عاما.

أكثم سليمان: من هنا توالت فصول الرحلة الإيرانية الصعبة بين منعرجات السياسة الدولية ونتوءات المواد القانونية، في مارس آذار من العام الماضي وقَّعت ليبيا البروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لكن بعد فتح ملفاتها الخفية وبرامجها العسكرية السرية أمام الأميركيين والبريطانيين في تراجع استراتيجي اعتبره كثير من المراقبين الغربيين وغيرهم فهما لما يُسمَّى بالدرس العراقي وبدت طهران في اجتماع الوكالة في حينه كأنموذج خارج نواميس الأجواء الدولية وتداعيات عصر ما بعد الحرب على العراق ورغم أن إيران كانت سبقت ليبيا بثلاثة شهور إلى توقيع البروتوكول الإضافي إلا أن الأجواء انقلبت ضدها وصولا إلى صدور قرار عن الوكالة ينتقد طهران على تسترها على نشاطات نووية وكل ما استطاع الأوروبيون فعله كان التخفيف من إصرار واشنطن على إدانة صريحة لإيران ورفع الملف إلى مجلس الأمن لفرض عقوبات.

كين برين – المندوب الأميركي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية: من الواضح أن ليبيا من البلدان التي غيَّرت رأيها وبدأت تُقدِّم معلومات لنا أما بالنسبة لإيران فما نزال نحاول جاهدين الحصول على معلومات وهناك تساؤلات حول ما إذا كانت إيران ستكشف عن مصادر الإمداد للمواد التي وُجِد لها نظير في ليبيا ونحن مهتمون لمعرفة ما إذا كان السيد خان قد قدَّم تسهيلات نووية ليس لليبيا فقط بل لإيران أيضا.

أكثم سليمان: لكن أجواء التقارب الأوروبي الأميركي بدأت في الظهور سواء فيما يتعلق في إيران أو بغيرها من القضايا بدءً من منتصف العام 2004 في سبتمبر أيلول من العام نفسه وافقت واشنطن بعد ستة أيام من المفاوضات في الوكالة الدولية في فيينا على اعتماد الأفكار الأوروبية محور هذه الأفكار كما بدت في قرار الوكالة كانت طلبا رسميا من إيران تجميد برنامجها لتخصيب اليورانيوم مع ترك الباب مفتوحا لإجراءات بحق طهران مستقبلا رغم أن التخصيب بحد ذاته ليس ممنوعا في أعراف الوكالة ولم تخرج طهران من كماشة ضفتي الأطلسي إلا باختيار أهون الشرَّين من وجهة نظرها في نوفمبر تشرين الثاني عام 2004 فبعد سبع جولات من المفاوضات الصعبة خرج الإيرانيون باتفاق مع الأوروبيين تحت راية الوكالة الدولية وافقوا بموجبه على وقف جميع نشاطات تخصيب اليورانيوم مع البدء بمفاوضات ما تزال مستمرة مع الثلاثي الأوروبي في حواضر القارة العجوز للوصول لاتفاق نهائي، الأوروبيون نجحوا حتى الآن على الأقل في دور الوسيط بل إنهم استطاعوا جذب الأميركيين بحيث يتكامل الدوران بدلا من التنافس كما بدا ذلك جليا في زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش الأخيرة إلى أوروبا.

جوؤج بوش – الرئيس الأميركي: جميع الخيارات مفتوحة وهذا جزء من موقفنا ولكنني أفهمت الناس أن الدبلوماسية في بدايتها غير أن إيران ليست العراق وسوف نستمر في تكتيكاتنا حتى نتأكد من تحقيق أهدافنا، يجب ألا تمتلك إيران سلاحا نوويا وذلك من أجل تحقيق الأمن والسلام.

أكثم سليمان: الهدف إذاً واحد وإن تعددت الأساليب، الهدف كما أوضحه مسؤول أوروبي كبير هو الحيلولة دون تطوير إيران قدرة على إنتاج مادة قابلة للانشطار يمكن استخدامها لصنع سلاح نووي بينما يشير بعض المراقبين إلى أن هذا بالذات هو هدف طهران أي امتلاك القدرة على تصنيع السلاح النووي لا السلاح بحد ذاته وحتى تتضح الصورة الضبابية ستبقى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا والدول الأوروبية عنوانا لابد للقطار الإيراني أن يمر فيه على الأقل بين الحين والحين إذا لم يشأ أن تُوقف مسيرته بالقوة.

أسباب اهتمام أوروبا بالملف النووي الإيراني

أحمد كامل: شكرا للزميل أكثم سليمان ولتسليط المزيد من الضوء على العلاقات الأوروبية الإيرانية أستضيف كلا من السادة الدكتور رولف موتسنيش النائب في البرلمان الألماني المُتابع للعلاقات مع إيران والدكتور كريستوف بيترام مدير معهد أبحاث العلاقات الدولية في برلين، أهلا بضيفي وأبدأ مباشرة مع السيد النائب لأسأله لماذا يهتم الأوروبيون ومن بينهم الألمان كل هذا الاهتمام بالملف النووي الإيراني؟

رولف موتسنيش – نائب في البرلمان الألماني: نريد حل الأزمة النووية في إيران بشكل سلمي ونريد أن تكون الثقة هي المفتاح الرئيس في المنطقة وفي العالم ونريد من البلدان الأعضاء في اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي والوكالة الدولية للطاقة الذرية نريد منهم أن يتمسكوا بالتزاماتهم الواردة في الاتفاقية ونعتقد أن دول الاتحاد الأوروبي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا يمكن أن تلعب دورا هاما في حل هذه المشكلة.

أحمد كامل: لماذا يُشكِّل الملف النووي الإيراني مشكلة لأوروبا ولألمانيا ولا يُشكِّل هذا الملف في الهند أو في باكستان أو في إسرائيل أي مشكلة بالنسبة لكم؟

رولف موتسنيش: هذه مشكلة بالنسبة لنا وقد حاولت ألمانيا على مدى سنوات أن تحمل إسرائيل والهند وباكستان على توقيع اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية لم ننجح في محاولاتنا لكننا نواصل العمل لتحقيق هذا الهدف وعلى سبيل المثال أجبرنا أنفسنا في اتفاقية باريس المُوقَّعة مع طهران على العمل لصالح المنطقة كلها لتكون منطقة خالية من السلاح النووي هذا يعني أن البلدان الأخرى يجب أن تتخلص من أسلحتها النووية، من ناحية أخرى هل نحن نعني حقا أن إيران يجب أن تتمسك بالتزاماتها بموجب اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي؟ كوريا الشمالية لم تلتزم ونأمل أن لا تحذو إيران حذو كوريا الشمالية وترتكب الخطأ نفسه.

أحمد كامل: ما هي دوافع الأوروبيين في موقفهم هذا وهل هي هذه الدوافع واحدة بين ألمانيا وفرنسا التي لها مواقف تقليدية متشابهة وبريطانيا؟

رولف موتسنيش: على أي حال فإن الدول الثلاث ألمانيا وفرنسا وبريطانيا أعضاء في الاتحاد الأوروبي وإنها جميعا مهتمة بحل المشكلة الإيرانية والمشاكل الأخرى في المنطقة بالوسائل السلمية.

أحمد كامل: البعض يقول بأن دوافع ألمانيا هي اقتصادية وتجارية أكثر منها جيوسياسية؟

رولف موتسنيش: كلا إطلاقا بالنسبة لنا الهدف الرئيسي هو منع نشوب أزمة نووية أخرى في العالم وبالتأكيد فإن الدوافع الاقتصادية تلعب دورا في السياسة الدولية دائما ولكن هذا الموضوع ليس هو أهم شيء بالنسبة لنا إذ أن اهتمامنا ينصب الآن كما كان دائما على العمل مع إيران على تجنب أزمة نووية أخرى.

أحمد كامل: إذاً هل تعتقدون حقا أن إيران تُشكِّل خطر عليكم خطر على ألمانيا وخطر على أوروبا؟

رولف موتسنيش: من الصعب قول ذلك ولكننا لا نراقب الوضع عن كثب وهكذا فعندما يصبح بإمكان إيران مثلا أن تصنع صواريخ تصل أوروبا فإننا سنكون حريصين جدا على الحديث مع إيران لنعرف لماذا تفعل ذلك، كما أننا في ألمانيا لدينا علاقات خاصة مع إسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية وبالتالي سيكون علينا أن نتحدث الآن مع الدولتين أي كل من إيران وإسرائيل لمحاولة حل مشكلة الأسلحة النووية بالوسائل السلمية.

أحمد كامل: شكرا وأتوجَّه بالسؤال إلى السيد كريستوف بيترام مدير معهد العلاقات الدولية في برلين لأسأله هل دوافع الأوروبيين هي نفسها دوافع الأميركيين في هذا الموضوع؟

كريستوف بيترام – مدير معهد العلاقات الدولية في برلين: الأهداف هي الأهداف نفسها إلا أن الأساليب هي التي كانت مختلفة حتى فترة قريبة وقد تعود لتصبح مختلفة في يوم ما لكنها متوافقة تماما في الوقت الحاضر وقد كانت نتيجة زيارة الرئيس بوش لأوروبا في فبراير شباط أن الولايات المتحدة أخذت تدعم الأسلوب الأوروبي المُتمثل في التفاوض والمطالبة بالتوصل إلى اتفاق مع إيران متفاوض بشأنه وتتخلَّى بموجبه إيران عن تخصيب اليورانيوم بحيث يصبح توقفها المؤقت عن التخصيب توقفا دائما، هذا هو هدف الطرفين وأعتقد أن ذلك أمر مفيد جدا، صحيح أننا في أوروبا نعتقد أن على الولايات المتحدة أن تفعل المزيد وألا بدعم الجهد الأوروبي بل أن تُسهِم في العملية بشكل أكبر وأن تفهم أن عليها التوصل إلى اتفاق مع إيران يصبح أساسا لعلاقات مستقبلية معها.

أحمد كامل: لا يُخفي الأميركيون بأن من أهدافهم تغيير النظام.. إسقاط النظام الإيراني هل من بين أهداف الأوروبيين إسقاط النظام في إيران؟

"
لا نريد تغيير النظام في إيران بل نريد من النظام والحكومة الإيرانيين أن يدركا أنه ليس من مصلحة إيران أن تواصل السير في الطريق العسكري للتكنولوجيا النووية
"
      كريستوف بيترام

كريستوف بيترام: إننا لا نريد تغيير النظام في إيران بل نريد من النظام والحكومة الإيرانيين أن يدركا أنه ليس من مصلحة إيران أن تواصل السير في الطريق العسكري للتكنولوجيا النووية، هذا هو من نريد تحقيقه إلا أن بعضا في الإدارة الأميركية وخاصة في السنوات الأربع الأولى من إدارة بوش كانوا يرون أن الهدف هو تغيير النظام وأعتقد أن الأمر لم يعد كذلك فهناك رغبة عارمة لدينا جميعا في تشييع الديمقراطية في الشرق الأوسط في إيران ودول أخرى في المنطقة ولكن علينا الإقرار بأن أي اتفاق قد نتوصل إليه سيكون مع الحكومة القائمة في البلاد وأعتقد أن ذلك قد أصبح الهدف المشترك للأميركيين والأوروبيين على حد سواء.

أحمد كامل: في الحوار القائم ما بين الاتحاد الأوروبي وإيران يطلب الأوروبيون من إيران العديد من الأمور ليس فقط وقف برامجها النووية وإنما التعاون في مجال مكافحة الإرهاب في القضية الفلسطينية وأيضا تحسين ملفها في مجال حقوق الإنسان إذاً الأوروبيون يطلبون أكثر من وقف البرامج النووية.

كريستوف بيترام: نعم هذا صحيح فالحكومة الإيرانية تُمارِس سياسات لا تخدم الاستقرار في المنطقة فإيران تدعم بشكل عام الحرب ضد الإرهاب في أفغانستان لكنها تدعم أيضا منظمات في فلسطين تُسيء للجهود التي تبذلها القيادة الجديدة لتحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين وهذا ما نريد أن تتوقف عنه إيران ونشعر بالاستياء من موقف إيران الرافض لوجود إسرائيل فقد وافق جميع العرب على وجود إسرائيل في حين أن إيران تتصرف كما لو كانت إسرائيل غير موجودة وهذا بالتأكيد هو سبب قلقنا الكبير من سياسة إيران لأنها قد تؤدي ولا أقول إنها ستؤدي بالتأكيد وإنما قد تؤدي إلى صنع قنبلة نووية وهذا سبب إصرارنا على أن لا تتخذ إيران أي خطوة لتطوير قدراتها التقنية النووية بما يزيد عما هو ضروري لإنتاج الطاقة على أن يكون امتناعها عن اتخاذ هذه الخطوة بطريقة قابلة للتحقق منها بحيث نستطيع أن نثق بالتزام إيران بذلك ولسوء الحظ فإن إيران ولسنوات طويلة لم تحترم التزاماتها المنصوص عليها ضمن إجراءات الحماية في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ولذلك فإن مجرد تأكيد إيران على أنها لن تفعل هذا أو ذاك الشيء لن يكون كافيا لأننا نريد أن نُجري عمليات تحقق حقيقية لكي نستطيع الثقة بإيران مجددا وسيكون ذلك إذا تحقق أساسا للعلاقة التي نريد إقامتها بين أوروبا وإيران وهي علاقة مُفيدة لهذا البلد المهم للغاية لما يتمتع به من ثقافة وقوة كبيرة يمكن أن تصبح قوة بنَّاءة في المنطقة ولهذا السبب يهمنا إزالة هذه العوائق وجعل إيران تُدرِك أنها عوائق أمام إقامة علاقة في غاية الأهمية في المستقبل.

أحمد كامل: هناك موضوع آخر هو موضوع الوقت الأوروبيون يريدون وقتا أطول للدبلوماسية لعملهم هم بينما الأميركيون يبدون مستعجلين أكثر هل سوف يُعطي الأميركيون الأوروبيين الوقت اللازم للعمل الدبلوماسي لحل هذه المشكلة؟

كريستوف بيترام: أعتقد أن الأميركيين والأوروبيين ليسوا هم من يقولوا في الوقت الحالي إن المفاوضات يجب أن تنتهي بسرعة بل أنهم الإيرانيون فهم يقولون إنهم سيفاوضون لشهر أو شهرين لا لسنوات، إننا نريد استمرار التعليق المؤقت لبرنامج التخصيب بشكل يمكن الوثوق به ولهذا فنحن مستعدون لإعطاء الموضوع كل الوقت الذي يستحقه إذا كان ذلك ضروريا على أن لا يستغل الإيرانيون هذا الوقت لتطوير برنامجهم النووي لأننا إذا شعرنا بذلك سنوقف المفاوضات لأن ذلك أمر غير مقبول، إذا أصبحت المفاوضات غطاء لاستمرار البرنامج فإن المفاوضين الأوروبيين سيقولون كفى لم يعد الأمر مجديا وعندئذ وكما اتفقنا مع الولايات المتحدة سنؤيد رفع الموضوع إلى مجلس الأمن وسنكون مُستعدين لدعم فكرة فرض عقوبات على النظام الإيراني إذا وقع ذلك فعلا لكننا لا نسعى لهذا والأمر في أيدي الإيرانيين تماما فهم من يقررون اتخاذ هذه الخطوة أو عدم اتخاذها.

أحمد كامل: هل ترون أي فارق كبير بين إدارة بوش الأولى وإدارة بوش الثانية في التعامل مع الملف الإيراني؟

كريستوف بيترام: أرى اختلافا جوهريا ولم أكن أتوقع أن يتقبل السيد بوش في فترته الثانية أهمية الموقف الأوروبي لقد دُهِشت كثيرا من ذلك في شهر فبراير ولم أكن الوحيد وأعتقد أن تلك خطوة مهمة ويجب أن نشعر بالامتنان لها فلدينا استراتيجية مشتركة وأرى أن نستمر في ذلك لأنه فقط حين تكون لنا استراتيجية مشتركة سنتمكن من تحقيق النتائج.

أحمد كامل: إذا كانت المواقف الأوروبية والأميركية متطابقة إلى هذا الحد لماذا لا يشارك الأميركيون في المفاوضات مع إيران.

كريستوف بيترام: حسنا لقد وافقوا على أن هذا أفضل أسلوب في هذه المرحلة ونحن سعيدون بذلك ونريد أن تتخذ الولايات المتحدة خطوات أكبر، نحن لا نريد فقط لأميركا أن تدعمنا بل أن تجلس معنا على الطاولة نفسها وربما أن تتعامل بأسلوب آخر مع إيران لأننا نعتقد أنه بعد تجاوز مرحلة الانتخابات واختيار رئيس جديد ستكون هناك فرصة سانحة للتقارب بين أميركا وإيران وسيكون ذلك ضروريا للتوصل إلى اتفاق أساسه الحكمة.

أحمد كامل: شكرا للسيد كريستوف بيترام مدير معهد العلاقات الدولية في برلين، أعزائي المشاهدين نعود إليكم بعد فاصل قصير ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

أحمد كامل: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة من برنامج من أوروبا والتي أقدمها لكم من العاصمة الألمانية برلين ونناقش فيها ملف العلاقات الأوروبية الإيرانية وخاصة الملف النووي الإيراني وأعود إلى الدكتور رولف موتسنيش النائب في البرلمان الألماني لأسأله متى سوف يُعلِن الأوروبيون نهاية الجهد الدبلوماسي وأنه يجب تحويل الأمر إلى مجلس الأمن الدولي؟

رولف موتسنيش: في الوقت الحاضر ثبت لدينا أن إيران قامت بتخصيب البلوتونيوم لأهداف غير الأهداف المدنية وأن أنشطتها لم تُعَلَّق، المفاوضات ستكون أشد صعوبة مما هي عليه الآن لكننا نأمل أن لا نصل إلى هذه النقطة.

أحمد كامل: هل هناك خطر فعلي بأن يحصل هذا الأمر؟

رولف موتسنيش: حاليا لا أعتقد بأنه يوجد خطر كبير بأننا سنصل إلى هذا الحد لكن مما قرأته ومن خبرتي أرى بأن كل الأطراف ستكون راضية إذا حُلَّت هذه المشكلة الإيرانيون والأوروبيون والأميركيون نحن بحاجة إلى الأميركيين ليس بالضرورة على طاولة المفاوضات لكننا نحتاجهم لدعم ومتابعة المفاوضات ونحن بحاجة أيضا لكي نعمل لأجل الحصول على بيئة أكثر أمنا في الشرق الأوسط فخلق نظام أمني جديد يعني توفير الأمن للجميع في الشرق الأوسط بما في ذلك إسرائيل.

أحمد كامل: هل تعتقدون بأن إيران تحاول أن تكسب الوقت أم أنها تتصرف بإخلاص معكم؟

رولف موتسنيش: لدينا الوقت لنواصل المفاوضات لا شك في ذلك لكن بالطبع يتوقف الأمر على ما سوف تقوله الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن رغبة أو عدم رغبة النظام الإيراني في فتح منشآته النووية أمام مفتشي الوكالة وفي منحهم إمكانية إجراء كشوفات على المنشآت النووية الإيرانية وإذا صادقت إيران على البروتوكول الإضافي للحد من انتشار الأسلحة النووية فإن ذلك سيعطينا مؤشرا جيدا، هم يوحون بأنه ستتم المصادقة عليه لكن ذلك لم يحصل بعد.

أحمد كامل: شكرا لكم وأتوجه بالسؤال إلى السيد كريستوف بيترام مدير معهد العلاقات الدولية في برلين لأسأله هل أنتم تعارضون حصول إيران على أي قدرة نووية أم أنكم تعارضون برنامجا عسكريا فقط؟

كريستوف بيترام: بطبيعة الحال يحق لإيران كأي دولة أخرى أن تمتلك برنامجا نوويا مدنيا، المشكلة ليست البرنامج ولكن قدرات التخصيب التي تسمح بإنتاج اليورانيوم الذي سيكون على درجة كافية من التركيز لإنتاج قنبلة وهذا ما يجب تفاديه، لذلك فما نهدف إليه ليس منع إيران من الحصول على برنامج طاقة نووية حسَّاس ما نريده هو إقناع القيادة الإيرانية بأن سلوك الطريق العسكري ليس في مصلحتها لأنه ليس في مصلحتنا أيضا.

أحمد كامل: هل تعتقدون أن الوسائل وسائل الترغيب قد تُقنِع إيران بالتخلِّي عن برامجها أو قدرتها النووية أكثر من وسائل الترهيب؟

كريستوف بيترام: أعتقد أن ما نريده في أوروبا ليس مجرد علاقات تجارية مع إيران نريد علاقة ثابتة قوية تُميِّزها الثقة والوضوح مع إيران، إيران شريك مهم جدا للاتحاد الأوروبي وكأساس لما نريد تحقيقه فنحن لسنا سعداء بأن تكون لنا فقط بعض الاتفاقات التجارية مع إيران، إنه بلد مهم إنه جزء مهم من العالم لديه ثروات مهمة بالنسبة لنا وبالنسبة لغيرنا وإذا قرَّرت إيران أن لا تكون بنَّاءه فإن ذلك سيُشكِّل تهديدا للمنطقة ولنا أيضا لذا نريد علاقة تعاون شاملة وممتازة مع إيران هذا ما نريده ونتمنى أن ننقل هذا الطموح وهذا الهدف إلى إيران وأن يرى الإيرانيون أنفسهم إيجابيات هذه العلاقة بحيث يتوقفون عن جعل هذه العلاقة مستحيلة من خلال اختيار طريق السلاح النووي.

أحمد كامل: هل تعتقدون بأن الحوار النقدي هو السبيل للوصول إلى إقناع إيران بهذا؟

كريستوف بيترام: الحوار النقدي وما قامت به الحكومات الأوروبية خلال التسعينيات أي قبل عشرة سنوات أو أكثر وفي الحقيقة لم يثمر الكثير، أعتقد أننا تعلمنا من ذلك نحن لا نتحدث هنا عن حوار فيه نقد ونقاش فقط نحن نقول نريد أن تكون لنا معكم علاقة نحن الاتحاد الأوروبي نريد أن نقيم علاقات متينة وواسعة وجيدة مع إيران نرجوكم أن تحاولوا واتركونا نُحدِّد العقبات التي تعيق هذه العلاقة، نعتقد أن دعم حماس وحزب الله واحتمال امتلاك قوات عسكرية نووية تعد عقبات أمام هذه العلاقة، نرجوكم دعونا نجد طريقة تمكننا من إزالة هذه العقبات.

أحمد كامل: كانت هذه كلمة النهاية شكرا للدكتور كريستوف بيترام مدير معهد أبحاث العلاقات الدولية في برلين والشكر للنائب في البرلمان الألماني الدكتور رولف موتسنيش المُتابع للعلاقات مع إيران شكرا لضيفي، بهذا أعزائي المشاهدين تنتهي حلقة هذا الأسبوع من برنامج من أوروبا نلتقي في الأسبوع المقبل.