المشهد الثقافي

معرض القاهرة الدولي للكتاب ومتابعات أخرى

معرض القاهرة الدولي للكتاب – معرض لأعمال الفنان الهولندي (رام بران) في لندن – عازف العود نصير شمة حول حاضر الموسيقى العربية مستقبلها – (راشانا) القرية اللبنانية التي تحولت إلى أكبر متحف للنحت في الهواء الطلق.

undefined
undefined
undefined
undefined
undefined

سلام سرحان:

أعزائي المشاهدين، أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (المشهد الثقافي) الذي نطل من خلاله على ما يدور ويتفاعل في الأوساط الثقافية من خلال الآراء والأخبار واللقاءات والتقارير.

في هذه الحلقة نبحث في شؤون وشجون الكتاب من خلال تقرير موسع من معرض القاهرة الدولي للكتاب، وحوار مع المؤلف الموسيقي وعازف العود نصير شمة حول حاضر الموسيقى العربية ومستقبلها.

 ونتجول في (راشانا) القرية اللبنانية التي حولها الإخوة بصبوص إلى أكبر متحف للنحت في الهواء الطلق.

 معرض القاهرة الدولي للكتاب
سلام سرحان:

ونبدأ من أكبر معرض للكتاب في العالم العربي حيث نصور هذه الحلقة من برنامج (المشهد الثقافي) إنه أيضاً أكبر احتفالية للكتاب الذي يقول البعض إنه وصل أو بدأ يصل إلى طريق مسدود .. الكتاب في العالم العربي لم يعد سلعة قابلة للتوزيع والتداول إلا في معارض الكتاب، فتعالوا نتجول في معرض القاهرة الدولي للكتاب.

لا يكاد يمر شهر إلا ويجري فيه افتتاح أكثر من معرض للكتاب في العالم العربي، فتكشف الصور والأرقام عن وجود إقبال واسع على اقتناء الكتاب في وقت يتواصل فيه الحديث عن أزمة الكتاب العربي.

 خمسة وثمانون بلداً وما يصل إلى ثلاثة آلاف ناشر، وأكثر من ثلاثة ملايين عنوان تضع معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثانية والثلاثين بين أكبر معارض الكتاب في العالم. احتفالية هائلة تختلط فيها شؤون الثقافة الإبداعية بشؤون الثقافة العلمية والفنية وصولاً إلى الأغراض السياسية والدعائية.

معرض القاهرة الدولي للكتاب عُرِف بالنشاطات الثقافية الكثيرة التي تقام على هامش المعرض، هذا العام اتسعت النشاطات لتصل إلى مئات الندوات واللقاءات وحلقات النقد والقراءات الشعرية، لكن هذا الاتساع أثار الكثير من التساؤلات حول مدى تمثيل تلك النشاطات لواقع الحياة الثقافية.

طلعت الشايب / كاتب ومترجم مصري:

معظم الأسماء التي يتم اختيارها للأسف الشديد يتم اختيارها لأسباب لا تمت بالصلة للإبداع…

سلام سرحان[مقاطعاً]:

عوامل شخصية؟

طلعت الشايب[مستأنفاً]:

عوامل شخصية بحتة، ناشر معين وهو أكبر ناشر عربي للأسف: الهيئة المصرية العامة للكتاب التي تروج لكتبها، والكُتاب الذين ينشرون فيها، والعلاقات الشخصية أيضاً تحكم جزء كبير من نشاط هذا المعرض، هذا شيء ..الشيء الثاني أن الكثير من النقاد يتنقلون من مكان إلى آخر، تجد الناقد .. نفس الناقد يتنقل من المقهى الثقافي إلى سرايا الإبداع الأدباء الشبان إلى كتابات جديدة، يردد نفس الكلام، وإذا استبدلت اسم شاعر باسم شاعر آخر ستجده يكرر نفس الكلام ونفس التقييم ونفس المأخذ.

سهير المصادفة / شاعرة وعضو لجنة النشاطات:

صعب جداً إن إحنا نقول إن الأنشطة الثقافية أو التظاهرة الثقافية المصاحبة لمعرض القاهرة الدولي تستطيع أن تحتوي المشهد الثقافي العربي بأكمله، ولكن نستطيع أن نقول أنها تحدد ملامحه تحديداً يكاد يكون وافياً.

عبد الرحمن أبو عوف / ناقد مصري:

هناك تحكم يبدو في قيادة المعرض تقوم على الشللية، وعلى العلاقات الشخصية سواء في دعوة الأدباء العرب، أو في دعوة عدد معين من الأدباء المُكيفين والمدجنين، واللي لهم مصالح مع الهيئة، يعني أصبحوا مستهلكين بالنسبة للأجيال الجديدة في رؤاهم الفكرية السياسية والنقدية .. المعرض لحد ما بياخد شكل إنه يرغم إن الدولة مش عاوزة كده إنه تبرير للمسؤولين.

سلام سرحان:

المعرض شهد توزيع ست وعشرين جائزة قيل أنها لأبرز الكتب التي صدرت خلال العام الماضي، لكن معظمها ذهب إلى رؤساء وموظفي المؤسسات الثقافية الحكومية الكبيرة.

نبيل نوفل / دار الآداب-لبنان:

إذا كانت المسألة من البداية من تمثيل النشاطات تبدأ عبر فوز كتب رؤساء تحرير الصحف المصرية، إذا بدك أعدد لك أسامي أعتقد أنها منشورة، وإذا بدك تذيعها شو بتحكي عن أي نشاطات أخرى ممكن تلاقيها؟!

عبد الرحمن أبو عوف:

الجوايز اللي بتمنح كل سنة مأساة ومهزلة لا ترضى عنها الدولة، ولا يرضى عنها وزير الثقافة، تُعطَى لرؤساء تحرير الصحف، وتعطى لناس لا يمثلوا الفكر الثقافي هل إبراهيم نافع وسمير رجب وإلى آخره..؟ وهل يرضي حسني مبارك إنه كتاب مكتوب عنه ياخذ جايزة؟!

سلام سرحان:

المعرض شهد في دوراته السابقة دعوة نخبة.. ولكن دورة العام الحالي سجل غياب معظمهم وحضور الكثير من الأسماء المغمورة، وهو أمر كان عصياً على التفسير، وأثار تساؤلات حول مدى تمثيل المدعوين للمشهد الثقافي العربي.

طلعت الشايب:

معظم الأسماء الكبيرة غائبة لسوء التنظيم، أنا لا أتصور أن كاتب كبير أو مفكر كبير يستطيع أن يضع في أجندته أن يحضر إلى معرض القاهرة للكتاب في ظل سوء التخطيط والفوضى القائمة، فوضى بدءاً من الرقابة على أسعار الكتب لتنظيم مواعيد الندوات، للموضوعات التي تناقش، ولك أن تتصور أن الهيئة المصرية العامة للكتاب أعلنت بالأمس الكتب كأفضل كتب صدرت في عام 99 من بينها أربعة كتب لأربعة رؤساء مجالس إدارات تحرير الصحف، هؤلاء هم المفكرون الذين يحصلون على جوائز الآن في مصر، فبالله مَن مِن كبار المفكرين العرب يستطيع أن يأتي في ظل هذه الفوضى، وفي ظل هذا الانتقاء المقصود والعشوائي في نفس الوقت؟!

عفاف عبد المعطي / ناقدة من مصر:

الصداقات الكتيرة خاصة بين المبدعين وبين القائمين على معرض القاهرة كثيرة تجعل كل واحد يفضل أنه يكون مع صديقه، آه صديقه مبدع وكل شيء، بس لابد إنه يكون فيه عدالة توزيعية عند مناقشة الأعمال الإبداعية.

نبيل نوفل:

لكن الأسماء هذا العام أسماء قليلة جداً، وهي الأسماء حتى اللي بقالهاشي عشر سنوات عم تيجي، بدي أسمع اسمين جداد أو ثلاثة عشان … موجودين في المعرض من الأسماء اللي تطلع من وقت لآخر دون أن تصم أحد بشيء، فأعتقد أن ليس هناك شيء تحت الرماد، أظن أن كله فوق الرماد.

سهير المصادفة:

نحن ندعو جميع الأسماء المفكرة العربية، وأحياناً الأجنبية كلها وقد تحول ظروف هؤلاء المبدعين دون الوصول إلى موعد الكتاب الثابت.

سلام سرحان:

الحضور الدولي لم يسبق له مثيل في معارض الكتاب العربية، حيث فاق عدد الدول والناشرين من الأجانب عدد المشاركين العرب، وكان واضحاً أن إدارة المعرض عاملت دور النشر الأجنبية بشكل أفضل من معاملتها لدور النشر العربية من حيث التسهيلات وأماكن العرض.

سعدي البس / دار الشروق-الأردن:

وجدنا إنه ما في تنظيم إطلاقاً، الأجنحة مش جاهزة، زي ما أنت شايف إحنا بنعرض كتبنا على الأرض، مفيش بالمرة أي تجهيزات، لا استندات عرض بمعنى استندات عرض زي أي معرض دولي يليق ب.. زي معرض القاهرة، معرض القاهرة يفترض أن يكون يعني المعرض الثاني بالعالم بعد معرض (فرانكفورت).

وحيد الطويلة / قاص من مصر:

الحقيقة هنالك بعض الصعوبات التنظيمية، يعني إحنا نأمل دائماً إنه كل معرض يكون أفضل من المعرض السابق.

سلام سرحان:

ويبقى التساؤل الحاسم هو ما الذي قدمه المعرض من جديد لجمهور المثقفين والقراء؟

طلعت الشايب:

نسبة كبيرة جداً من هذه الملايين كتب قديمة راكدة في مخازن الناشرين يجدونها فرصة لتصريفها، مثال اليوم وجدت أحدث أعمال الكاتب الكبير عبد الرحمن منيب (أرض السواد) تباع لدى ناشر مصري بمية وخمسين جنيه، الأجزاء الثلاثة –وموجودة لدى الناشر الأصلي: المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بستين جنيه، وتسعين جنيه الطبعة الممتازة، يتم هذا تحت سمع وبصر المشرفين على المعرض، أي لا توجد أدنى رِقابة على الأسعار وعلى الكتب، ولا حتى على الناشرين.. كم في المية من الكتب التي يحملها للمعرض من إنتاج هذا العام؟ وكم من الكتب القديمة؟

عبد الرحممن أبو عوف:

قليل جداً من الكتب الجديدة العالمية أو الثقافية أو الفكرية أو العلمية كلها مكدسة ومعروفة من معارض سابقة، وخرافة أنه هذا المعرض بعد (فرانكفورت) ده كلام دعائي كبير جداً.

سلام سرحان:

المعرض شهد حضوراً واسعاً لدور النشر الإلكتروني، لكن الآراء تضاربت وتناقضت في مدى تهديدها لمستقبل الكتاب الورقي، لكن المؤكد أن الكتاب ينتظر انعطافات كبيرة في مسيرته التقليدية منذ آلاف السنين.

جان ماري لاكلافيتين / روائي فرنسي:

الكتاب بشكله الحالي سيزول سريعاً ما دامت التكنولوجيا تفاجئنا بسرعتها المجنونة، وقد تمحو الورق وطباعته، أعتقد أن الكتاب الورقي سيزول خلال خمسة عشر عاماً، ومع ذلك فعشاق الكتاب سيلحقونها كيفما نُشرت من دون تعصب لشكلها.

إصدارات جديدة
سلام سرحان:

كتب جديرة بالقراءة يقدمها لنا كل أسبوع أحد المثقفين العرب، معنا الناقد والباحث السوري صبحي حديدي ليقدم لنا الكتب التي يراها جديرة بالقراءة .. صبحي حديدي ما هو خيارك الأول، ولماذا؟

صبحي حديدي / ناقد وباحث من سوريا:

أختار أولاً ديوان أبي الطيب المتنبي، ليس لأنه واحد من أعظم شعراء العربية على امتداد القرون فحسب بل لأنه أيضاً واحد من أعظم الشعراء العالميين في نظري، وإذ نتأمل مشهد الشهر العالمي في منتصف القرن العاشر الميلادي، فإننا لا نكاد نعثر عن شاعر عالمي واحد يضاهي المتنبي سواء في الشعرية ذاتها ضمن اللغة الوطنية، أو في الرؤية الكونية والكيانية لموقع الشعر إزاء الوجود، أو في اتساع الموضوعات الشعرية الرثائية والفلسفية والغنائية الملحمية.

سلام سرحان:

طيب لننتقل إلى كتاب آخر تجده جديراً بالقراءة.

صبحي حديدي:

أختار دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني، لأنه أحد أعظم إسهامات العرب في علم الجمال العالمي، وأعتقد أن عبد القاهر زود النقد العربي بسلسلة من أوليات التذوق والتحليل سوف يعرفها النقد الغربي الحديث والمعاصر، حتى تحت عناوين كبرى مثل الشعرية، التناص، العلمية الإبداعية، التلقي، التحليل اللساني، ونحو القراءة.

سلام سرحان:

طيب، ما هو الكتاب الثالث الذي ترشحه للقراءة أو لإعادة القراءة؟

صبحي حديدي:

أختار شخصية مصر.. دراسة في عبقرية المكان، للكاتب المصري الراحل جمال حمدان، نحن هنا أمام أكثر من خمسة آلاف صفحة في مديح مصر كمجتمع نهري عظيم، واستقصاء روح المكان من خلال .. واعتماداً على علاقات الجغرافيا والتاريخ والانتخاب الطبيعي، والجيوسياسي، هذا سفر ضخم صدر بمثابة رد سريع بالغ العمق على حالة الانهيار المعنوي والروحي التي أعقبت هزيمة 1967.

سلام سرحان:

صبحي حديدي ماذا تحتار أيضاً؟

صبحي حديدي:

أختار الأعمال الكاملة للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش التي تسمى أيضاً بديوان محمود درويش، في تقديري أن درويش أكبر شعراء العرب الأحياء، وربما بلا منازع في قناة قناعتي الشخصية، إنه أيضاً المؤتمن على فصحى حية دائبة الاقتناء، والأمين على بنية إيقاعية ما تزال كنوزها خبيئة وخصبة، وهو أيضا المتعاقد مع قارئة على شد وجذب -إذا جاز القول- وعلى أخذ وعطاء، وهو المتوافق مع قصيدته على حق الشاعر في الحرية، وواجب الشاعر في حسن استخدامه للحرية.

سلام سرحان:

الناقد الشاعر صبحي حديدي، شكراً جزيلاً.

جمال حمدان / كاتب من مصر:

المجتمع المصري غريب في تناقضاته، فهو لا يعترف بعبقرية أحد إلا بعد وفاته، فتذكر أفضاله، ويتم الحديث عنه والاعتراف بعبقريته.

معرض لأعمال الفنان الهولندي (رام بران) في لندن
تقرير (سمير خضر-قناة الجزيرة)

سلام سرحان:

ينظم المتحف الوطني للفنون في لندن معرضاً يضم ستين لوحة بريشة الفنان الهولندي (رام بران)، وتتميز هذه اللوحات بكونها تصور مراحل شتى من حياة هذا الفنان ابتداءً من أول أيام شبابه وحتى آخر لحظات عمره، وقد تم جمع اللوحات من عدة مجموعات منتشرة في مختلف أنحاء أوروبا والولايات المتحدة.

سمير خضر:

صورة ذاتية لرسام بريشة الرسام نفسه .. هكذا كان (رام بران فان رايان) يبدو لمعاصريه أستاذاً لامعاً، وهذه المجموعة تمثل مسار حياته، وما يثير الإعجاب هو أنك إذا امتلكت إحدى لوحات (رام بران) فإنك لن تكون أبداً على يقين من أن اللوحة أصلية رغم السحر الذي يشع منها، لماذا؟ لأن أسلوب (رام بران) يتميز بسهولته وكأنه يدعوك لخوض التجربة، وإذا كنت أنت نفسك رساماً فإن التحدي يصبح حقيقياً.

كثيرون من الفنانين قبلوا هذا التحدي، لذا فمن الصعوبة بمكان الآن التمييز بين ما رسمه رام بران وما رسمه المقلدون والمعجبون، ورغم أن (رام بران عاش) في القرن السابع عشر إلا أن تأثيره على فن القرن العشرين لا يزال واضحاً.

ديفيد جافيه / المتحف الوطني للفنون-لندن:

إنه هو الذي ابتكر نموذج الفنان الذي يعتمر، القلنصوة المستديرة التي أصبحت فيما بعد رمزاً لرسامين في كافة أرجاء العالم حتى يومنا هذا، كان هدفه من ذلك أن يعبر عن فكرة أن استقلالية الرسام لا تكون فقط فكراً وروحاً، بل أيضاً شكلاً وهيئة.

سلام سرحان:

عندما ذاع صيت (رام بران) وهو في الثلاثين من عمره بدأ النبلاء وغيرهم من الأرستقراطيين يتهافتون عليه ليرسم لهم صورتهم مقابل مبالغ مالية ضخمة ووصل الأمر بالعديد منهم إلى الاستجداء للحصول على مرادهم منه، أما هذه اللوحات التي رسمها لنفسه فإنها تشكل دليلاً ليس فقط على قدرة (رام بران) الفنية الراقية وإنما أيضاً على أسلوبه المتقدم في تسويق نفسه، فقد كانت رسوماته تضفي شعوراً عاطفياً متناقضاً .. العظمة والبساطة، القوة والرقة، كل ذلك في آن واحد.

سامية علوة / رسامة من لبنان:

الإنسان يحتاج إلى المتاحف لكي تكون حياته خيطاً متصلاً لا ينقطع، البلد الذي لا يملك متحفاً هو مثل إنسان بلا هوية، المتاحف سر حضاري ينبغي أن نرعاه.

حوار مع عازف العود نصير شمة
تقرير غادة نبيل (مراسلة الجزيرة- القاهرة)

سلام سرحان:

ونصل إلى القضية الثقافية ونتساءل فيها إلى أين تمضي الموسيقى العربية؟ وهل التراث هو المصدر الوحيد للحكم بأصالتها؟ وكيف يمكن أن ننتج موسيقى معاصرة لهوية تشبهنا؟ في فضاء هذه الأسئلة دار الحوار التالي مع المؤلف الموسيقي وعازف العود نصير شمة الذي التقته مراسلتنا في القاهرة غادة نبيل، وسألته أولاً هل هناك اليوم ما يمكن أن نطلق عليه الموسيقى العربية؟

نصير شمة / باحث ومؤلف موسيقى من العراق:

الحقيقة ملامح موسيقى عربية إحنا حين نقدم عروضنا في أوروبا في العزف المنفرد موجودة، لكن قوالب موسيقية مش موجود، يعني مثلاً لما نقول موسيقى أوربية نقول (السيمفوني) ونقول: (الأوبرا) ونقول: (الكونشيتوارت)، نقول (السوناتة) ونقول كثير من القوالب، وحين نقول التركية، نقول المشارف والسمعيات واللونجات والى آخره، لكن الموسيقى العربية ما نقدر نقول ولا شيء ما عندنا لكنه التسمية مش موجودة، هذا لا يعني إن المادة غير موجودة، المادة موجودة والمؤلفين اللي درسوا برة معظمهم أو الجزء الأكبر منهم بدأ بطريقة الغرب، بدأ يكتب موسيقى تشبه الموسيقى الكلاسيكية الأوروبية، هذا ما خدم موسيقانا بشيء، إحنا بحاجة إلى من يذهب وهو متشبع بموسيقى عربية، ويذهب ليطور النظريات الموسيقية والعلوم الموسيقية حتى يدمج الاتنين بشكل علمي، ويخلق موسيقى عربية فيها قوالب جديدة، فيها أفكار.

لكن بالحال اللي إحنا فيه الآن لا نستطيع أن نقول: أن هناك سوى مقامات موجودة، المقامات كسلالم موسيقية موجودة، كتير عندنا أكثر من الغرب عندنا أكثر من واحد وخمسين مقام، لكن المقام، الموال، الموشح، القدود كلها الليالي يحلها الغناء، حين نجردها بنريد نعملها قوالب موسيقية يلزمها شغل جديد حتى نخلق هذه الأشكال، وبعد ذلك نقدر نقول: إن هذه الموسيقى عربية.

غادة نبيل:

هل ترى أن الأغنية العربية المعاصرة صنعت ضائقة معادية للموسيقى الكلاسيكية؟

نصير شمة:

لأ .. صنعت هي أصلاً كما قلت ما موجودة عندنا ضائقة لموسيقى كلاسيكية، أحكي بشكل عام، ما أحكي عن نخبة، فبغياب هذا الرصيد أي فن يحل محلها سواء كان جيد أو هابط، اللي ساد في السنوات الأخيرة هو الهابط فعمت الفوضى حتى بالملبس، وهذا على فكرة هي مو حكر على العرب، هذه في كل العالم من بدايات (الروك أند روك) ومن بدايات الجاز، مش الجاز خصوصاً في السود الأمريكان فيه أشياء محترمة، لكن الفوضى اللي عمت بأشكال الموسيقى الغربية والعربية هي موجة للرفض لكل ما هو كلاسيكي، يعني إجيت بعد هيمنة كبيرة للموسيقى العقلية وخصوصاً الغربية، إجيت هذه الفوضى بدأت من أوروبا الحقيقة وزحفت علينا بما أنه إحنا عندنا هشاشة في السمع، في الذوق وهذا شيء … هذا إحنا بننقد حالنا فيه إنه الهشاشة نابعة من عدم وجود سياسة عامة لبناء ذوق.

غادة نبيل:

موسيقى عربية موحدة أم تجارب موسيقية متناثرة؟

نصير شمة:

بعضها مهم، وبعضها مازال يحفر في الصخر، وبعضها هش، فبعضها سلبي جداً ولكن كلها مطلوبة للتباين، وللتمايز بينها، كلها مطلوبة، لإنه أنا ما أخاف من سوء الموجه، لأن هي موجة، والموجة عابرة لا يمكن أن تقف بنقطة معينة، بحكم الزمن موجة، أنا أخاف بغياب السياسة العامة لشكل ثقافي حقيقي، للآن ما مؤمنين ببناء الطفل، وهذا هو الخطر، إحنا ما نحكي على صعيد الموسيقى، نحكي على صعيد ثقافة لمجتمع بأكمله، يعني يقول لك: ليش هذا البلد ظهرت فيه حركات متطرفة؟ ليه هذا البلد الثاني ظهرت به حركات عدوانية، وعصابات؟ ماهو كيف تخلق إنسان سوي من غير بناء داخلي حقيقي؟ البناء الداخلي الحقيقي يتم عبر التربية، عبر العلم، عبر الثقافة، عبر أمور كثيرة.

غادة نبيل:

كيف يمكنك أن تقيم الصلة بين ثوابت الموسيقى العربية ومتغيرات التجارب الموسيقية الجديدة؟

نصير شمة:

إحنا نريد نعتبر إنه الناس اللي خدموا خدمة كبيرة اللي هم معظمهم في أواخر القرن الثامن عشر، والقرن التاسع عشر، نأخذ على سبيل المثال الثوابت اللي عندنا لها تسجيلات، وعندنا لها مادة مهمة، مثل: زكريا، مثل: السنباطي، مثل القصبجي، مثل كل ما غنته أم كلثوم، مثل مؤلفين موسيقيين كبار حتى في باقي أقطار الوطن العربي.

ونعتبر إنه هذه هي الثوابت، ونبدأ ليس بالضرورة أن نجتر ما قالوه عباقرة الموسيقى العربية، لكن المهم أن نفهم العلم اللي وقفوا عليه، المواهب الكبيرة اللي تحصلوا عليها، ومن بعد نحاول أن نواصل من أين توقفوا، المهم أن نشير إلى أنفسنا بعملنا، وحتى الأجيال القادمة أيضاً تستطيع تناقش ماذا فعلنا، يعني دائماً يشغلني الجيل اللي راح يجي بعد 100 سنة، شو اللي راح يلاقي من موسيقى، من فن من أدب، من ثقافة؟! كتير هذا الموضوع شاغلني، ولذلك نحاول نسوي تلاميذ، نحاول نسوي عروض مختلفة، نحاول نسوي أفكار جديدة، لإننا نريد نسوي مادة بالقليل نواجه بها أحفادنا بعد 50 سنة، وبعد 100 سنة.

[نص مكتوب على الشاشة وتمثيل موسيقي]:

 حوار بين العواد والسينار الهندي، بين نصير شمة وشرف الشريف خان.

جامايكا كينيكيد / روائية أمريكية:

أود أن أرى الإفريقيين الأمريكيين يتوقفون جميعاً عن الرقص، والغناء ولو لجيل واحد، أظن أننا نسلي جميعاً أكثر مما ينبغي.

قرية (راشانا) اللبنانية متحف للنحت في الهواء الطلق
تقرير (هناء زكريا-قناة الجزيرة)

سلام سرحان:

النحت جزء من البيئة، جزء من جمالياتها، فهو ليس تزيينا بل يمارس سحره على المشاهد، كما لو أنه استعاد مكانه الحقيقي، هذا ما كان يفكر به النحات اللبناني (ميشيل بصبوص) هو يخطط لكي تكون قريته (راشانا) متحف عالمي للنحت وها هو حلمه يرى النور بعد رحيله، (فراشانا) اليوم أكبر متحف حي للنحت في العالم.

في التقرير التالي نتجول في هذا المتحف، وننصت لأحلام الأخوة بصبوص.

هناء زكريا:

قرية (راشانا) تحولت إلى متحف في الهواء الطلق بالضبط كما تخيلها النحات ميشيل بصبوص، الأخ الأكبر بين الإخوة الثلاثة الرواد في فن النحت في لبنان، وعلى مدى السنوات الماضية زين الأخوة الثلاثة تلال قريتهم بمنحوتات من الحجارة والرخام، فصارت (راشانا) تتألق عام بعد عام، وتجذب إليها المهتمين من لبنان، وخارجه لمشاهدة مجموعاتها النادرة من الأعمال الفنية.

الفريد بصبوص / نحات لبناني:

الغاية من وراها شغل، الغاية شغلة مهمة كثير، هو لا شك أن حب وإيمان، وية أخوات، وشوية أخوات… الواحد يعمل متحف بالهواء الطلق، يعني هالمتحف هذا بعده يعني باعتبار بعد بنصف الطريق أو بأول الطريق، بعده راح نوخد أرض أقل ورايح يكون في بعدين يكون في عندنا المسرح فيها، ويكون في في أثناء هالسمبونة عندنا اللي كل سنة بنعمله بآب لأول أيلول بكون في مثلا أمسية شعرية يكون في حفلة موسيقية يكون في سو أولوميير، يكون في يعني هذه، هذه الغاية تكون فيها الحركة، نقول الحركة الثقافية.

هناء زكريا:

قبل خمسين عاماً كَّرس ميشيل نفسه لتحويل (راشانا) إلى متحف يتخطى حدود الاهتمام العائلي بالنحت لتكون لهذا المتحف هويته العالمية.

جوزيف بصبوص / نحات لبناني:

شي 50 سنة كانت فترة متحف (خيي ميشيل) وإحنا بلشنا نتابع وبعدنا مشينا على الخط اللي كان بده يعمل انه يجيب فنايه من بره ويعمل ضيعة فنية كل صباح.

هناء زكريا:

في عام 94 افتتح بصبوص لقاء النحاتين السنوي، ومنذ ذلك الحين توجه كل صيف دعوة للنحاتين من جميع أنحاء العالم للعمل والعيش في (راشانا) مدة أسبوعين، مقابل ذلك يترك النحاتين أعمالهم لتصبح جزء من حياة وتاريخ هذه القرية.

يقدر عدد المنحوتات المعروضة في (راشانا) حوالي ألفين وخمسمائة قطعة ساهم فيها اثنين وثلاثون نحاتاً من تسعة وعشرين بلداً تمت دعوتهم إلى (راشانا) بالإضافة إلى خمسة من لبنان، ولا شك إن هذا المشروع العائلي بدعم من مشروع تجاري خاص وآخر حكومي نجح بتحويل (راشانا) إلى موقع سياحي هام، ومركز ثقافي متميز.

سلام سرحان:

أعزائي المشاهدين في نهاية هذه الحلقة التي قدمناها لكم من أروقة معرض القاهرة الدولي للكتاب نجدد دعوتكم لإرسال آرائكم، واقتراحاتكم لتساهموا في إعداد المشهد الثقافي، تحية وإلى اللقاء.