عازف عود
المشهد الثقافي

الصحافة الثقافية، ومتابعات أخرى

الصحافة الثقافية في الإمارات العربية المتحدة – مهرجان تطوان الدولي الثاني لآلة العود – الصحافة الثقافية في الإمارات – محسن الموسوي وأزمة المثقف مع السلطة – الفن التشكيلي العماني – الشاعر اللبناني عباس بيضون.

undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined

توفيق طه:

أهلاً ومرحباً بكم إلى هذه الإطلالة الجديدة على المشهد الثقافي، ومعنا هذا الأسبوع: المجمع الثقافي في أبو ظبي صرح عربي لرعاية الإبداع والمبدعين، ونافذة للإطلال على ثقافات العالم ومواكبة التطور الفكري، أين تبدأ سلطة النقد وأين تنتهي؟ وما هي طبيعة العلاقة بين الناقد والسلطة السياسية؟ والانتحار.. ورقة خاصة بالمشهد الثقافي من الشاعر اللبناني عباس بيضون.

الصحافة الثقافية في الإمارات
تقرير: ريم عبيدات (مراسلة الجزيرة – دبي):

توفيق طه:

بدأب وجهد متواصلين عملت المؤسسات الصحفية في الإمارات العربية المتحدة -على مدى ربع قرن- لإنشاء صحافة ثقافية وإرساء تقاليد لهذه الصحافة تستلهم روح المكان، وتستوعب الهم الثقافي في بلاد تنمو بسرعة العصر، ولأن لهذه الصحافة خصوصيتها في هذه المنطقة من الوطن العربي فإن لها –أيضاً- نظرتها إلى العلاقة بين الثقافة والشأن السياسي.

ريم عبيدات:

جاء مولد الصحافة الثقافية في الإمارات في السبعينات بمشاركة أصوات عربية لها حضورها الخاص للأصوات الإماراتية المميزة، لتمنح التجربة بُعداً وإمكانيات قومية عميقة، إلا أن التحليل التاريخي يشير إلى ثراء خاص شهدته الثمانينات قد يكون الأهم في تاريخ هذه الصحافة.

جمعة اللامي (صحفي وكاتب عراقي بصحيفة الخليج – الشارقة):

عقد الثمانينات كان عقد الصوت العالي، وكان عقد الهموم القومية الكبرى، وكان أيضاً عقد التصادم بين المشروعين السياسيين.. يعني بين المشروع القومي الحقيقي وبين المشروع المتخلف، هكذا –أيضاً- سار هناك نوع من التجاور ما بين السياسي والثقافي، وصار بينهم التأثير المتبادل.

ريم عبيدات:

ويلاحظ غياب ثقافة المكان وأصواته المميزة بشكل واسع مُشكلاً تحدياً صارخاً، يعكس تحديات المكان ذاته، ويضاعف العبء الكبير الملقى على عاتق مُبدعي المنطقة المطالبين بإرساء تقاليد ثقافية وإبداعية في بيئة قد تتنامى فيها مساحة الاستهلاك.

جمعة اللامي:

هذا الاختلاف الهائل بين الأقوام غير العربية و إزاء ثورة الاتصالات التي نشهدها هنا، المنطقة هذه.. المنطقة الخليجية يجب أن تحافظ على هويتها العربية الإسلامية.

ريم عبيدات:

ويبدو للمتابع اختلاف في التجربة الإماراتية عن غيرها العربية، تلك التي ربطت الثقافي بالسياسي، وقد يُفسر بانعزال الثقافة عن الهم العربي العام للمكان.

جمعة اللامي:

في بعض المناطق هناك نظرة لتسييس الثقافة، تسييسها بالطريقة التي تسيء إلى المشروع الإبداعي، هنا هذا الأمر لا يُرحب به إذا لم أقل أنه مشروع مُدان، لأننا اكتشفنا منذ البواكير الأولى أنه ينبغي أن تكون الثقافة أكبر من الشأن السياسي، واكتشفنا أيضاً أن الثقافة هي اللي تعطي للسياسة مشروعيتها.

ريم عبيدات:

البعض قد يرون في مادة الملاحق وجبة مُتخصصة، لصعوبة اللغة التي تُكتب بها، وتخصصية القضايا المعالجة، لكن يشهد لها أيضاً بتنوع موضوعاتها وسخائها في الإنفاق الثقافي، وعرض عدد كبير من التجارب الإبداعية العربية المنوعة.

(ريم عبيدات – لبرنامج المشهد الثقافي – دبي)

مهرجان تطوان الدولي لآلة العود
تقرير: إقبال إلهامي (مراسلة الجزيرة – تطوان):

توفيق طه:

رغم مرور خمسة آلاف عام على منشئها الأول في باريس لم تترك آلة العود مكانها لأي من الآلات الأخرى، وإن زاحمتها على المكانة الرفيعة التي تتبوأها في الموسيقى العربية والشرقية عموماً، بل على العكس من ذلك حرص العرب على رعايتها وتطويرها، وأقاموا المهرجانات لتأصيلها في النفوس، تطوان واحد من هذه المهرجانات.

إقبال إلهامي:

أعاد مهرجان تطوان الدولي الثاني لآلة العود الحضور لهذه الآلة التي ظلت صامدة في وجه التطورات التقنية التي اكتسحت الساحة الفنية بعد خمسة آلاف سنة على ظهورها الأول، مرت آلة العود من تسميات عدة منذ حضارة الفرس القديمة، وظلت تحتفظ بأربعة أوتار إلى حدود العصر الأندلسي إلى أن أضاف إليها العازف العربي زرياب وتراً خامساً زاد الألحان العربية تدفقاً، وتطورت الآلة إلى أن أصبحت في القرن العشرين تتوفر على ستة أوتار تعززت معها التقاسيم والألحان العربية.

إدريس ملومي (عازف عود مغربي):

أعتقد أن مكانة آلة العود كآلة تحمل هذا الزخم من التراث، وتحمل هذا الزخم من قوة المحافظة على شخصيتها منذ حوالي 2350 سنة قبل الميلاد إلى هذه اللحظة، قادرة وكفيلة جداً بأن تصنع لنفسها مكانة خاصة وسط هذه الآلات ووسط المتغيرات التي نشهدها حالياً.

إقبال إلهامي:

مُلتقى العازفين العرب من بلدان عربية وأوربية على آلة العود في تطوان تحول إلى مبارزة على أجود الألحان والتقاسيم، وأعاد الجمهور التطواني إلى سنوات خلت كانت فيها آلة العود المرافق الأمين لمبدعي الكلمة.

صمود آلة العود التي تطرب من دون الحاجة إلى آلات موسيقية أخرى طرح أسئلة عدة في مهرجان تطوان حول خلفيات ذلك الصمود في مقابل اختفاء آلات أخرى، وأسباب تشبث العرب بهذه الآلة الفريدة رغم التطورات التكنولوجية الهائلة.

عمر منير بشير (عازف عود عراقي):

في مثل هذه المهرجانات فائدتها أنه نتعلم من بعضنا بعض المعلومات، نسمع بعضنا، نشوف التقنية عند بعض العازفين الموجودين في الوطن العربي، وحتى أيضاً فيه عازفين عود في أوروبا أيضاً وفي جميع أنحاء العالم، ففائدة هذه المهرجانات إنه دائماً نستفيد ونتعلم من بعض، ونتعلم من مدارسنا القديمة، من مدرسة منير بشير، وجميل بشير، وكل من خدم آلة العود وكرَّس حياته لهذه الآلة.

شربل روحانا (عازف عود لبناني):

العود قد حافظ على هذين الدورين، أي مرافقة المغنى وأداء التقاسيم، ولكن مع مؤلفين وعازفين في هذا القرن استطاع أن يتجاوز هذا الدور المُعطى له، فنشهد مع الشريف محي الدين حيدر في العراق ومع الراحلين جميل ومنير بشير تطوراً كبيراً لهذه الآلة، إن من ناحية صناعة هذه الآلة، أو من ناحية إضافة الأوتار بعض الأوتار لهذه الآلة.

إقبال إلهامي:

المغاربة لهم تاريخ قديم مع آلة العود، خاصة في شمال البلاد حيث ارتبطت بالطرب الأندلسي والغرناطي، والحديث عنها يعود إلى عهد الرومان في القرن الأول الميلادي، لكنها تطورت بشكل لافت، ولا تخلو جلسات تطوان –المعروفة بأجواقها النسائية- من هذه الآلة التي تجاوزت دورها نحو تطوير الألحان الغرناطية والأندلسية.

(إقبال إلهامي – الجزيرة – المشهد الثقافي – تطوان – شمال المغرب)

إصدارات
توفيق طه:

من الإصدارات الجديدة اخترنا هذا الأسبوع ثلاثة كتب، أولها بعنوان: عندما تبكي الفيلة، الحياة الانفعالية عند الحيوان، من تأليف جيفري ماسون، وسوزان مكارثي ومن ترجمة نهلة بيضون، والكتاب محاولة لتطبيق النظريات العلمية في السلوك والانفعالات البشرية على الحيوان، ونقرأ على الغلاف الأخير:

لماذا يعتبر معظم الناس أنه من البديهي أن الحيوانات التي يعاشرونها عن كثب تملك انفعالات بينما يرفض معظم العلماء ذلك ويعتبرون الفكرة برمتها خاطئة ومضللة وغير علمية؟ لا ريب أن هذا الموقف يُعزى من جهة إلى الحذر من ميدان يصعب فيه القياس الموضوعي ومن جهة أخرى ينبع من الرغبة في الانتماء إلى محفل مغلق ونافذ، أما الأسباب الأخرى فيبدو أنها العناد والجهل، والحاجة المستمرة للتأكيد على تفوق الجنس البشري.

توفيق طه:

للشاعر محمد عضيمة صدر الكتاب الأول من ديوان الشعر العربي، وهو مُخصص لتجربة الشعر في العراق، الكتاب صادر عن دار الكنوز الأدبية في بيروت، وضم قصائد لأربعة وخمسين شاعراً عراقياً، يمثل معظمهم المشهد الشعري الراهن، يقول المؤلف في تفسير طريقته في الانتقاء:

لكن نحن أقوام الحداثة الجديدة، حداثة الفرح والابتهاج، علمتنا الأقدام على السير فوق ما يبدو أنه ليس طريقاً، فوق ما يبدو أنه طريق غير سالك، قد يزعل بعض الأحياء، لأنه وضع بهذا الشكل، أو لأنه لم يوضع أساساً، ثم ينهال بالشتائم على العمل وعلى صاحبه، لكنني أعرف نوعاً آخر سوف يستقبل هذا العمل ويضعه في ركن من أركان عقيدته أو منزله، وسوف يقيم له نهرات من الحب والاحتفاء.

توفيق طه:

أما الكتاب الثالث الذي نُقدمه اليوم فهو رواية بعنوان سر الشارد، للشاعر والروائي السوري عبد الله عيسى السلامة، الرواية صدرت عن دار الفرقان ودار البراق في عمان، وفيها محاولة لتشخيص أزمة الأمة وتحدياتها الحقيقية، ونقرأ على غلافها الأخير بقلم الناشر:

إن الشارد سر حقيقي، لا في شخصية فحسب، بل في أزمته أيضاً، أو معضلاته أو مأساته، وإنك واجد –بلا شك- أجزاء من هذا السر منبثة هنا وهنالك، وثمة في ثنايا الرواية من أولها إلى آخرها في الأحداث، في الأشخاص، في الحوارات، في الزفرات، في الطرائف، في الابتسامات، في النكات اللاذعة، ولقد تجد بعض أجزاء السر في حياتك أو فيما يحيط بك، ولقد تكتشف أن أزمة الشارد ليست أزمة رجل فرد بل أزمة أمة.

محسن الموسوي وأزمة المثقف مع السلطة
توفيق طه:

لا يمكن للمثقف إلا أن يكون منشقاً، وعندما تنحصر الحريات، ويحاصر الفكر يلجأ الناقد والمثقف عموماً إلى ممارسات شكلانية مأمونة العواقب، هكذا يقول المفكر والناقد العراقي الدكتور محسن الموصلي، ولكن ألا يمكن للمثقف أن يقترب من السلطة السياسية؟ وأين تبدأ سلطة النقد؟ وأين تنتهي؟ وقبل كل ذلك هل النقد تابع للمنجز الإبداعي أم فاعل فيه؟ لنستمع.

د. محسن الموسوي:

يمكن القول بصورة عامة أنه استمر النقد لفترة طويلة بمثل هذه الميزة ولكن حقيقة مصادر قوة الثقافة العربية غالباً ما تشكلت من انتفاضات نقدية أي أن الثقافة العربية نقطت بشكل أساس بمواقف نقدية، وكان الناقد في تلك الأثناء ومازال مفكراً، هؤلاء النقاد من فئة المفكرين هم الذين وضعوا لمسات فعلية في خارطة الثقافة العربية، لهذا السبب من الصعب أن أقول أنهم كانوا ملحقين، يعني عندما أتحدث على سبيل المثال عن طه حسين أو أتحدث عن عالم اجتماعي مارس نقد الأدب مثل عليّ الوردي، أو أن أتحدث عن مفكر مسيَّس مارس النقد الأدبي مثل عزيز السيد جاسم من الصعب عليّ أن أقول أن هؤلاء كانوا يلتحقون أو يشكلون ملحقاً فائضاً للنتاج الإبداعي.

توفيق طه:

الديمقراطية والنقد.. والسلطة السياسية.

د. محسن الموسوي:

الديمقراطية لازمة أساسية للمعرفة، أي لا يمكن للمعرفة أن تنتعش إلا في ظل الديمقراطية، فضاء الحرية هو الفضاء الأساسي للتفكير الإنساني، إذا ما حوصرت نعود إلى السؤال الأول، إذا ما حوصرت يلجأ الناقد أو المثقف عموماً إلى ممارسات شكلانية، لأن الممارسة الشكلانية هي ممارسة غير متهمة دائماً، ممارسة تمتلك الحياد، والمثقف عادة لا يمكن أن يكون مثقفاً إلا إذا كان منشقاً أصلاً، أي أنه يحمل في داخله بذرة التمرد، وبذرة التآمر، يعني لابد منها، لابد منها لكي يكون مثقفاً، لأن الثقافة لا تقوم إلا بالمعارضة، عندما تعارض فكراً معيناً أو اتجاهاً معيناً فإنك تقيم معه وتناور وتشتغل المناورة والتوتر داخل النصوص وداخل الثقافات على هذا الأساس وهذا هو سر النمو الثقافي.

توفيق طه:

حدود سلطة النقد.

د. محسن الموسوي:

إن عدداً كبيراً من النقاد معاً استساغ واستمرأ لعبة الشكلانية لأنها لعبة غير متهمة كما قُلت، أنها يمكن أن تظهر في مناطق مختلفة داخل الوطن العربي وفي بؤر مختلفة في داخل ثقافتنا العربية، وكان ذلك أمراً مأموناً بالنسبة للمثقف ولكن من المؤكد أن القارئ لا يستسيغ ذلك كثيراً، القارئ يحتاج إلى علاقة حقيقية، علاقة حميمية تبني بينه وبين الناقد، فالناقد يا حبذا لو أخذ هذه المهارة وأفاد منها في قراءة نص حاضر بمجموعه لكي يتوصل إلى قناعات ولكي يقود القارئ معه إلى قناعات أخرى، وبالتالي يُتيح الفرصة للقارئ لإيجاد أكثر من قراءة لنص واحد.

توفيق طه:

لماذا انحسرت نظريات النقد الجديدة؟

د. محسن الموسوي:

تحولات أساسية في داخل الثقافة في نهاية الستينات، في المنطقة العربية تختلف، جاءت النكسة، نكسة حزيران بصفتها حدثاً يُتيح للناس نقد النزعة القومية أي أن النزعة القومية إذا ما تشكلت داخل أنظمة توتالية أو شمولية فإنها يمكن أن تقود إلى الموت لا إلى الحياة، هذا التحول في داخل ثقافتنا العربية كان أمراً مهماً التقى بالصدفة مع التحولات الكبرى أيضاً داخل المحيط الأكاديمي الأوروبي والأمريكي عندما حصلت تمردات الطلبة ضد السلطة عموماً بأشكالها المختلفة، الاجتماعية، السياسية، الفكرية، في داخل المؤسسة الأكاديمية الرد على ما كان بناءً تقليدياً متوارثاً لسنوات وعقود طويلة، هذه الردة الكبرى لا يمكن أن تتقبل القراءات، القراءات المحايدة، القراءة البنيوية على سبيل المثال، وكانت الهزة، وكان لابد لهذه الهزة أن تقود إلى قراءات أخرى ولهذا توالدت المدارس ما بعد البنيوية.

توفيق طه:

من يقرأ كتب النقد؟

د. محسن الموسوي:

مرة أخرى إذا كان الناقد منعزلاً يغني لنفسه فلا يقرأ له طبعاً وزوجه أو عشيرته أو ما شابه، أما إذا كان يكتب بتجليات خاصة فينبغي أن نتذكر أن النقاد العظام كانوا مؤثرين تأثيراً بالغاً في الحياة العامة للناس، يعني وفي الثقافات الأخرى، يعني كلنا نتفق على أن (ت. س. إليوت) T. S. Eliot كان يمتلك فكراً يمينياً، ولكن عندما نتحدث عن الموهبة الفردية والموروث على سبيل المثال أو نتحدث عن آليات نقد القصيدة، أو ما إلى ذلك، نتذكر (ت. س. إليوت) ونتذكر التأثير العميق الذي كان لـ(ت. س. إليوت) في الثقافات المختلفة.

إسهامات
توفيق طه:

من الإسهامات التي وصلتنا نقرأ اليوم مقطعاً من نص بعنوان (جفاف المنابع) بعث به من تونس الشاعر طاهر مبروكي عضو اتحاد الكتاب التونسي:

يعود لي قلقي الذي لم يفارقني أبداً

تشعب في دمي

ينقصني ضرب قصير لطول الأهازيج الصوفية

يوكلني بلا تعب إلى وحدتي

أو بلا راحة إلى غربتي

ينقصني فرس بخفة الأحاجي العربية

يحملني بلا كبوة إلى نزهتي

أو بلا غفوة إلى برهتي

ينقصني نهر بحجم الأساطيل

يبحر بي دون رعشة إلى غزوتي

أو بلا غرق إلى صبوتي

ينقصني اتجاه الريح السوي

كي تبحر سفني

أصدقاء المشهد الثقافي ابعثوا بإسهاماتكم وآرائكم على العنوان التالي:

قطر – الدوحة

صندوق بريد 23123

885333 (974+)

البريد الإلكتروني cultural@aljazeera.net.qa

الفن التشكيلي في عمان
تقرير: أحمد الهوتي (مراسل الجزيرة – مسقط)

توفيق طه:

حركة الفن التشكيلي في عمان، وإن تكن في بداياتها إلا أنها بدأت تحظى بالرعاية والاهتمام الرسمي، أو شبه الرسمي من خلال الجمعية العمانية للفنون التشكيلية.

ومعرض المبتدئين والمتدربين في مسقط كان فرصة للفنانين الشباب في السلطنة كي يقدموا أعمالهم إلى الجمهور.

أحمد الهوتي:

هذه الأعمال الفنية أبدعتها أنامل المبتدئين وهواة من أعضاء الجمعية العمانية للفنون التشكيلية، الذين قضوا أوقات فراغهم في إثراء موهبتهم في مجالات الفن التشكيلي بصوره المتعددة، حيث يشير هؤلاء الشباب بأن الرغبة وحدها لا تكفي لكي تصبح فناناً تشكيلياً، بل يتطلب ذلك دورات تدريبية وورش عمل ومعارض تنظمها مؤسسات تمتلك الخبرة في هذا المجال.

نعيمة الميمني (فنانة تشكيلية عمانية):

الدورات والورش عادة تفيد طبعاً الفنان والمبتدئين والهواة، تصقل الفنان، خصوصاً المبتدئ، وبالإضافة إلى أن الفنان المبتدئ والهاوي وحتى الفنان الصغير يلتقي بالفنان اللي أكبر منة، والفنان المتقدم وذو خبرة أكثر، فالاندماج بين الفئات المختلفة تعطي.. يعني توسع مدارك الفنان المبتدئ.

أحمد الهوتي:

محتويات معرض المبتدئين تنوعت بين المنحوتات الخشبية والصور الفوتوغرافية والرسوم بأنواعها المختلفة، فيما استلهم بعض الفنانين مجالات جديدة لم نشاهدها من قبل إظهار إبداعاتهم.

الفن بالنسبة لهؤلاء الشباب ليس هواية فحسب بقدر ما هو تأكيد للوجود، وحاجة أساسية لا تقل أهميتها عن الملبس والمأكل من وجهة نظرهم.

مرتضى اللواتي (فنان تشكيلي عماني):

إحنا نشوف إنه الشباب العماني عنده إقبال وعنده إمكانيات، وعنده إدراك أوسع بالنسبة للفن، ما فقط إنه يرسم، أو يعمل لوحة وكذا، لا.

إنعام أحمد (فنانة تشكيلية عمانية):

في اعتقادي إنه الرسم يشكل للفنان جانب كبير مهم من حياته، لأنه هو اللي اختار هذه المهنة، مهنة الفن والرسم، وبطبيعة الحال طبعاً الفنان يعتبر إن اللوحة عنده شيء مقدس.

أحمد الهوتي:

الاهتمام لا ينصب هنا على الشاب فقط، بل إن الشابة العمانية تجد هي الأخرى اهتماماً متزايداً مما يجعلها ثرية في عطائها واستمرارها في المشاركة بأعمال الجمعية وأنشطتها الفنية.

الجهات المسؤولة عن هؤلاء الشباب تبذل جهوداً لجعلهم يتحمسون للفن، ويتركون الباب مفتوحاً أمامهم لمزيد من الإبداع والابتكار، وتغرس فيهم روح التعاون والمثابرة من أجل غدٍ أكثر إشراقاً.

مرتضى اللواتي:

التركيز الأساسي في البداية والنهاية كان على الإبداع بشكل عام، وتركيز الألوان بأن الفنان يُظهر نفسه من المحيط الموجود حواليه اللي هي بلده عمان.

أحمد الهوتي:

المعرض أعطى انطباعاً لدى الجمهور بأن الأنامل المبتدئة تستطيع أن (تبهج) النفس وتريح العين من خلال الصور والمجسمات الموزعة في أركان وزوايا المعرض الذي سيستمر في عرض إبداعات الشباب الواعد المتحمس لدخول مجال الفن التشكيلي.

(أحمد الهوتي، لبرنامج المشهد الثقافي – مسقط)

قصيدة الشاعر اللبناني عباس بيضون
توفيق طه:

(الانتحار) قصيدة جديدة يخص بها المشهد الثقافي هذا الأسبوع الشاعر اللبناني عباس بيضون.

عباس بيضون:

كانت الحقيبة تثقل في يده كلما مشى.

وعندما صعد أحس بالسلم يطوي وراءه.

ولم ينظر.

أضاء الحجرة، ورأى شمعة واقفة فتصورها مغروسة في رأسه.

بعد ذلك.

شعر أن الحقيبة تثقل بضجة كبيرة

كأن مدينة تتكلم فيها.

طيلة النهار بقى يلف كأنما يبحث عن ثقب في داخله.

فمن مكان ما كانت تسير فوضى ونقاش طويل.

لم يكن يتذكر.

لكن الأشياء كانت تهب عليه

من فتحة في الزمن

كان يفسح في الطريق

لشارع يتقدم من بعيد

ولأبواب تلمع فجأة في الظلام

كان يسمع من كل جانب غمغمة

بشهود يتعرفون عليه

كانوا يتحدثون

وكان يغص بالكلام، بالكلام (المهجوس)

وقد فقد نطقه

كان يمشي في ذاكرة

كأنما يسير في معرض لا يملك فيه شيئاً

كان عليه دون جدوى

أن يبدأ من تهجئة اسمه

ومن الرصيف المقابل

لكنه كلما بدأ

ضاق حتى بظل قبعته.

لم يكن عليه إذاً أن يفعل شيئاً

كان عليه أن يتسلق إلى طرف الطريق

تاركاً وراءه.

حبلاً من الخطى التي فكها عن قدميه

وأن يقف هناك كالساري

ويترك المصابيح تظلم بالترتيب

خلف كتفيه

في الصباح كان ممداً

ونظارتاه محطمتان

لكن عينيه كانتا تفوحان بياضاً

على الطاولة عدد من جريدة وكتاب مفتوح

زجاجة وكأسان فارغان

قرص منوم

وكان على الطاولة أيضاً

مسدسه ملمعاً

كان حذاءاه مهيئين

وقميصه مطوياً

وساعته على كرسي

الرفاق بدؤوا يحاكمونه

مع أن انتحاره وصل إلى أوسع الجماهير

كانوا يواصلون حديثهم على جثته

ويتلون.. ربما من شعره

قصيدة عن المستقبل.

توفيق طه:

سعدنا بصحبتكم. كونوا معنا الأسبوع المقبل، فمعكم نستمر، وبكم يكتمل المشهد.