الاحتجاجات على التحالف تصل لدائرة وزراء هادي

بأي حال أصبحت الشرعية اليمنية؟
بقاء هادي في الرياض رآه مسؤولون يمنيون عرقلة لعمل الحكومة الشرعية (الجزيرة)

ارتفعت باليمن أصوات الاعتراض والاستياء من التحالف العربي واعتبرته قد انحرف عن أهدافه، وتصاعدت هذه الأصوات مؤخرا بشكل لافت، حتى وصلت إلى دائرة القرار السياسي في الحكومة اليمنية الشرعية بعد أن كان الأمر يقتصر على الأوساط الشعبية والنشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي.

وانتقل الرفض الصامت لتصرفات التحالف إلى العلن، خاصة مع إعلان نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الخدمة المدنية عبد العزيز جباري، وأيضا وزير الدولة بالحكومة الشرعية صلاح الصيادي، تقديم استقالتهما كل على حدة، احتجاجا على التحالف العربي الذي تقوده السعودية وحليفتها الإمارات.

وكان لافتا أن الوزيرين جباري والصيادي أعلنا الاستقالة من العاصمة السعودية الرياض، كما ظهر جباري معلنا انتقاده اللاذع للتحالف من على قناة اليمن الفضائية التي تبث من الرياض أيضا، ومؤكدا أن الرئيس هادي لا يستطيع العودة إلى عدن.

وركز جباري على ضرورة "تصحيح العلاقة مع التحالف"، ودعا إلى التعامل مع اليمن باحترام كبلد صاحب حضارة وليس كجمهورية من جمهوريات الموز، حسب قوله.

ويعدّ جباري من أبرز مسؤولي الحكومة اليمنية، ويحظى باحترام وتقدير بالشارع اليمني، ويعد أحد أبرز الوزراء المقربين من الرئيس هادي.

وهذه ليست المرة الأولى أن ينتقد جباري التحالف، بل كان تصريحه السابق في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن عرقلة التحالف للحسم العسكري، مثيرا ولافتا وغير مسبوق من مسؤول حكومي، وهو ما أدى لاستدعائه للرياض وتواريه عن الأنظار لأكثر من ثلاثة أشهر حتى ظهر الأسبوع الجاري بإعلان استقالته. 

الصيادي عزا السبب الرئيسي لاستقالته إلى عدم تمكين هادي من العودة لبلاده (الجزيرة)
الصيادي عزا السبب الرئيسي لاستقالته إلى عدم تمكين هادي من العودة لبلاده (الجزيرة)

سلب القرار
من جانبه أورد وزير الدولة المستقيل صلاح الصيادي 11 سببا لاستقالته، وقال إن "الاستقالة جاءت لإعلاء مصلحة وطني وشعبي دون سواها، بعد صبر عظيم لعل وعسى أن يتم إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح إلا أنه طفح الكيل".

واعتبر أن "استقالة مسؤول أو وزير لا تعني تفككا أو ضعفا للشرعية بل هي للتعبير بصوت عال عن الدعوة لتصحيح الاعوجاج والأخطاء".

والسبب الأول لاستقالة الصيادي، كما ذكر، هو عدم تمكين الرئيس عبد ربه منصور هادي من العودة إلى بلاده ما تسبب في إضعاف حضور مؤسسات الشرعية وتقويض دورها لحساب جماعات وتشكيلات مليشياوية خارج إطار الشرعية ومشاريع تتنافى مع أهداف عاصفة الحزم وإعادة الأمل وقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وأشار إلى عرقلة أعمال الحكومة وجهودها الحثيثة في إعادة تطبيع الحياة في "المناطق المحررة وإيقاف الدعم عنها نهائيا منذ أكثر من عام وتعطيل كل المرافق والمؤسسات الإيرادية في معظم المناطق المحررة لحرمان الحكومة من القيام بواجباتها تجاه شعبها ووطنها".

كما لفت الصيادي إلى انحراف بوصلة أهداف وغايات عاصفة الحزم وإعادة الأمل من قبل بعض أطراف التحالف حتى بات اليمن مهددا بالتشرذم تتحكم بها مليشيات مسلحة مدعومة بكل ما يلزم ماديا وعسكريا.

وتحدث الصيادي عن تأخير الحسم  وعدم الجدية في إعادة إعمار اليمن، وأيضا تقصير التحالف تجاه اليمن واليمنيين.

ولأول مرة يكشف الصيادي عن قيام التحالف بسلب القرار السياسي الوطني والسيادي كأدنى حق للمؤسسات الشرعية من خلال تشكيل لجنة ثلاثية تقوم مقام السلطة الشرعية اليمنية ومصادرة حقها في أبسط القرارات المنوطة بالرئاسة والحكومة اليمنية.

طواف اعتبر أن هناك خللا بالحكومة اليمنية في إدارة الحرب والمناطق المحررة (الجزيرة)
طواف اعتبر أن هناك خللا بالحكومة اليمنية في إدارة الحرب والمناطق المحررة (الجزيرة)

ملعب الشرعية
ويرى محللون أن التحالف الذي أطلق في 26 مارس/آذار 2015 عاصفة الحزم، وهي أول عملية عسكرية قادتها السعودية بتحالف من 12 دولة عربية، من أجل دعم الشرعية باليمن، قد تحولت مهمته من دعم الشرعية إلى تقويض الشرعية وتدمير الدولة اليمنية.

إلا أن السفير اليمني السابق عبد الوهاب طواف، ومستشار سفارة اليمن في لندن، رأى في حديث للجزيرة نت أن الكرة في ملعب الشرعية وقال إن هناك خللا وقصورا بالحكومة اليمنية في إدارة ملف الحرب وملف إدارة المناطق المحررة.

وأضاف قائلا "نحتاج اليوم فقط لحكومة حرب مُصغرة وعودة قيادات الدولة إلى الداخل اليمني، وقبل ذلك البدء باستعادة الدولة من أيدي المليشيات الحوثية.

وتمنى طواف أن تكون استقالة جباري والصيادي بمثابة صدمة عنيفة للرئيس ونائبه الفريق علي محسن الأحمر تدفعهما لإعادة النظر بشخوص ومسارات وسياسات الحكومة، وإعادة النظر في العلاقة بين الشرعية ودول التحالف.

إلى ذلك يرى الباحث السياسي عبد الحفيظ الحطامي، أن إعلان الوزيرين جباري والصيادي للاستقالة من الحكومة يقوي موقفها ويدفع بالتحالف إلى مراجعة ما يطرأ علي مسار القضية اليمنية، كما ستدفع التحالف للنظر إلى مخاطر الوقوع بمسارات خارج الأهداف المعلنة، فالشعب اليمني يتطلع الى التحرير وإنهاء الانقلاب.

واعتبر الحطامي في حديث للجزيرة نت أن استقالة الوزيرين اليمنيين ستشكل عامل ضغط على أطراف التحالف الذي يهدف إلى الانحراف بالأهداف باتجاه مصالح أبو ظبي في القضية اليمنية، لمراجعة ممارساتها وأهدافها غير المعلنة والتوقف عن تصرفات تصدم الشعب اليمني وشرعيته وحكومته، وتجعله يفكر في حلول تستعيد سياديته خارج التحالف.

المصدر : الجزيرة