وعد بلفور.. كيف تقدمه المناهج الفلسطينية والإسرائيلية؟

في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1917 قطعت الحكومة البريطانية وعدا بإقامة دولة لليهود في فلسطين، وذلك عبر رسالة بعثها وزير خارجيتها آرثر جيمس بلفور إلى زعيم الحركة الصهيونية اللورد روتشيلد.

احتوت الرسالة على 67 كلمة وعرفت باسم "وعد بلفور" الذي أعلن بعد عام واحد من تقاسم الفرنسيين والبريطانيين الدول العربية الواقعة شرقي المتوسط فيما عرفت باتفاقية سايكس بيكو.

وبعد مرور 101 عام على أول خطوة اتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على أرض فلسطين، من المهم تسليط الضوء على الطريقة التي يُدرس بها وعد بلفور في المنهاجين الفلسطيني والإسرائيلي.

وجاءت فكرة سبر أغوار المناهج بعد لقاء عينة عشوائية من الشباب الفلسطيني وسؤالهم عن المعلومات التي يعرفونها عن هذا الوعد، حيث كانت إجاباتهم صادمة.

وبينما يجهل معظمهم المعلومات الأساسية عن وعد بلفور، نسي كثيرون ما تلقوه من معلومات على مقاعد الدراسة، وهناك قلة تتذكر تفاصيل وعد بلفور ومهتمة بمعرفة المزيد عن الظروف التاريخية التي أدت لولادته.

في المنهج الفلسطيني أضيفت صورة لرسالة بلفور باللغتين الإنجليزية والعربية في كتاب "الدراسات الاجتماعية" للصف الثامن، وفي كتاب "جغرافية فلسطين وتاريخها الحديث والمعاصر" للصف العاشر يتلقى الطلبة معلومات عن تقسيم الدول العربية والمناطق التي خضعت للإدارة البريطانية قبل الوعد، ويعرج الكتاب على نص الوعد مع إيراد ملاحظة للطلبة عن عدم إتيانه على ذكر العرب بتاتا.

كذلك يدرس الطلبة نص الوعد مرة أخرى في كتاب "دراسات تاريخية" بالصف الـ 11 ويناقشون الدعوات الفلسطينية والعربية التي تطالب بريطانيا بالاعتذار للشعب الفلسطيني رغم مرور 100 عام على إصدار الوعد، ورفع دعوى قضائية على بريطانيا في المحاكم الدولية لأنها لم تكن تملك الحق في إصدار الوعد للحركة الصهيونية.

معلومات شحيحة
أما في المنهج الإسرائيلي وفي كتاب المدنيات الذي يحمل عنوان "أن نكون مواطنين في إسرائيل" فيُقدم وعد بلفور بسطرين ونصف فقط على النحو التالي: "بتأثير زعيم الحركة الصهيونية حاييم وايزمن، أعلن وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور في 2.11.1917 باسم الحكومة البريطانية تأييده لإقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وفي ذلك نقض لوعود بريطانية سابقة وعدتها للعرب".

وتأتي دراسة هذا الوعد في فصل يتحدث عن الخلفية الجغرافية والسياسية والتاريخية لقيام دولة إسرائيل.

كتاب "المدنيات" الصادر عن وزارة المعارف الإسرائيلية يُدرس للطلبة اليهود والعرب بالمرحلة الثانوية في كافة المناطق المحتلة عام 1948، وفي بعض مدارس القدس العربية التي تطبق المنهج الإسرائيلي.

وتشير إحصائيات أعدتها مؤسسات تعنى بالتعليم إلى أن نسبة طلبة الصف الثانوي الذين انخفض اهتمامهم بدراسة مواضيع التاريخ والمدنيات من اليهود والعرب تتعدى الـ 23%.

وفي تعليقه على الشرح المقتضب لوعد بلفور في المنهج الإسرائيلي، قال المستشار الإعلامي محمد مصالحة -الذي يعيش داخل أراضي 48- إن وزارة المعارف ومنذ إنشاء دولة إسرائيل قصدت وبشكل ممنهج إخفاء حجم تأثير وعد بلفور على قضية فسيفساء المشروع القومي الصهيوني، وركزت في الوقت ذاته على التوسع في الحديث عن محرقة اليهود وعن الحق التاريخي والديني لـ "شعب الله المختار" في أرض فلسطين التي يعتبرونها أرض الميعاد.

وأشار مصالحة إلى صد الوزارة توجهات كثيرة من المعلمين العرب الذين طالبوا بإعطائهم فرصة لتعليم الطلبة الفلسطينيين رواية الشعب الآخر.

جهود شخصية
وأمام هذا الرفض القاطع يأخذ بعض المعلمين على عاتقهم الشخصي سرد الرواية لتاريخ الشعب الفلسطيني والتآمر على أرضه، بدءا من وعد بلفور وما تلاه من مشاريع ارتبطت بالمشروع الاستعماري الصهيوني.

ويقول رئيس مركز المناهج في وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية ثروت زيد إنه بالإضافة للمعلومات التي تُدرس في المنهاج عن وعد بلفور فإنها تنظم نشاطات إثرائية في كافة المدارس بذكرى الوعد السنوية.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن هذه النشاطات تبدأ بتذكير الطلبة بالوعد المشؤوم خلال الطابور الصباحي، ثم تنظم خلال الدوام المدرسي حلقات توعوية ومناقشات للطلبة في المرحلتين الإعدادية والثانوية لتأكيد عروبة فلسطين، وأن هذا الوعد لن ينسى في تاريخ شعبها لأنه السبب الرئيسي في كل الويلات التي يعانيها.

وعن أسباب شح المعلومات التي يعرفها الشباب عن وعد بلفور أعرب زيد عن أسفه لتعامل الطلبة مع المادة لغرض التقدم للامتحانات والنجاح بها فقط، رغم أن أحد مسوغات إيجاد منهج فلسطيني جديد كانت تضاؤل وتآكل الوعي الفلسطيني بالقضية الفلسطينية، وبدء الاهتمام بالجوانب الاقتصادية.

ولا يخلي زيد مسؤولية الوزارة عن عزوف الشباب عن معرفة هذه المعلومات وتعلمها، ويرى أن المسؤولية جماعية تشترك بها كل من وزارة التربية والتعليم والثقافة والإعلام مع الأهل والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية التي تراجع دورها بشكل واضح.

المصدر : الجزيرة