اعتقال عميل مخضرم يوجه ضربة قوية للاحتلال بغزة

عناصر من الأجهزة الأمنية
عناصر من الأجهزة الأمنية في قطاع غزة (الجزيرة-أرشيف)

أيمن الجرجاوي-غزة

"ضربة قوية" تلقاها جهاز المخابرات الإسرائيلي في قطاع غزة بعد اعتقال الأجهزة الأمنية مؤخرا "أحد أخطر العملاء المخضرمين" للاحتلال أثناء تنفيذه مهمة تجسس، وفق مصادر أمنية.

ويدور الحديث عن عميل ارتبط مع إسرائيل قبل 15 عاما ونفذ مهمات معقدة، قدم خلالها معلومات تسببت باستهداف أماكن تخزين صواريخ وأنفاق للمقاومة، كما راقب قادة في الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية.

وتلك التفاصيل أعلن عنها موقع إلكتروني مقرب من المقاومة أول أمس الأربعاء، وقال إن الأمن اعتقل العميل "م. خ" (45 عاما) مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري أثناء زرعه جهاز تجسس قرب بيت قائد بارز في المقاومة.

وشارك العميل في عملية للمخابرات الإسرائيلية وقع على إثرها انفجار أودى بحياة ستة مقاومين في مايو/أيار الماضي أثناء تفكيكهم جهاز تجسس كما يوضح الموقع.

ارتبط "م. خ" مع الاحتلال بعد طلبه تصريح دخول إلى إسرائيل، إذ اعتمد الإسرائيليون في تجنيده على أسلوب "تقاسم المصلحة"

موقع متقدم
وكشفت مصادر أمنية للجزيرة نت أن العميل "وصل إلى موقع متقدم" لدى الاحتلال، وكان ضباط المخابرات يتشاورون معه، وغالبا ما يأخذون بتوصياته في الجانب العملياتي والميداني.

ومن ضمن المهام التي كلف بها "زرع نقاط ميتة"، وهي أماكن يستخدمها الاحتلال للتواصل مع عملائه وتزويدهم بالأموال والمعدات، بالإضافة إلى تحديد أماكن لوضع أجهزة تعقب وتجسس تستهدف قادة المقاومة، وفق المصادر.

وارتبط "م. خ" مع الاحتلال بعد طلبه تصريح دخول إلى إسرائيل، إذ اعتمد الإسرائيليون في تجنيده على أسلوب "تقاسم المصلحة"، وقال المصدر إن "العميل لم يقصر مع الاحتلال بسبب موقفه المسبق من المقاومة، ويعد كنزا معلوماتيا".

وأطلقت وزارة الداخلية في غزة خلال السنوات الماضية حملات تحدث العملاء على "التوبة"، وأعلنت آنذاك أن عددا منهم سلموا أنفسهم وسويت أوضاعهم، وأشارت المصادر إلى أن "تلك الحملات مستمرة رغم عدم الإعلان عنها".

في تلك الفترة كان العميل يفكر بتسليم نفسه "لكن مخابرات الاحتلال أوهمته باستحالة كشفه، وهددته بفضحه إذا أقدم على ذلك" وفق المصادر.

‪الاحتلال يسعى إلى ضرب المقاومة الفلسطينية‬ (الجزيرة)
‪الاحتلال يسعى إلى ضرب المقاومة الفلسطينية‬ (الجزيرة)

أساليب التجنيد
وتحدثت المصادر للجزيرة نت عن "شراهة" لدى مخابرات الاحتلال في الحصول على معلومات تتسبب بضربة قوية للمقاومة وتبحث عن "عملاء نظيفين"، وهم أشخاص لا تدور حولهم أي شبهات أمنية أو أخلاقية لضمان وصولهم إلى الأماكن المستهدفة دون شبهات.

وحتى يصل الاحتلال إلى "العميل النظيف" يستخدم أسلوب "تقاسم المصلحة"، وهو تحقيق مصلحة الشخص، كالسماح له بالعمل داخل إسرائيل أو التجارة أو السفر أو العلاج مقابل الحصول على معلومات منه.

ويوحي الضابط للشخص المستهدف أنه صديقه ولا يريده عميلا، لكن يجب على الشخص في المقابل تقديم بعض المعلومات التي تجعل الضابط يطمئن له وتبدأ بعدها خطوات الإسقاط.

وأكدت المصادر الأمنية أن "التخابر مع الاحتلال في تراجع مستمر بغزة"، إذ استطاعت المقاومة صنع صواريخ تضرب تل أبيب بدلا من الحجارة "ولو نجح الاحتلال لأحبط كل عمليات التطوير تلك".

ورفضت المصادر الكشف عن أرقام تتعلق بعدد العملاء المقبوض عليهم أو الذين أعدموا، وقالت إن "تلك مسألة لا تقاس بالأرقام، لأنهم لا يمثلون رقما بالنسبة للشعب الفلسطيني".

ووفق أرقام المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فإن أحكام الإعدام الصادرة من محكمة أول درجة منذ عام 1994 بلغت 204 أحكام، منها 174 في القطاع، و30 بالضفة الغربية، وتلك أرقام يشكل العملاء معظمها، وفق متابعين، بالإضافة إلى محكومين على خلفية جنائية.

وصدرت في غزة أحكام بالإعدام على 116 شخصا منذ تشكيل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أول حكومة لها بعد فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2007، نفذ منها 28 حكما.

المختص بالشأن الأمني محمد أبو هربيد: يعتمد الاحتلال بنسبة تفوق 80% من عمله الاستخباري على التكنولوجيا، إذ يراقب الهواتف ويتعقب الهدف عبر مناطيد وأقمار صناعية وطائرات استطلاع، ويحصل على معلومات أنقى من التي يأخذها من العميل

إعداد ومهمات
ويعتمد الاحتلال بنسبة تفوق 80% من عمله الاستخباري على التكنولوجيا، إذ يراقب الهواتف ويتعقب الهدف عبر مناطيد وأقمار صناعية وطائرات استطلاع، ويحصل على معلومات أنقى من التي يأخذها من العميل كما أوضح المختص في الشأن الأمني محمد أبو هربيد.

لكن أجهزة المخابرات لا تستغني عن العملاء للحصول على معلومات أو تنفيذ اغتيالات وعمليات خطف ومراقبة ووضع فيروسات على حواسيب لاختراقها ونشر شائعات.

وأضاف أبو هربيد للجزيرة نت "هناك عملاء كلفوا بمراقبة المقاومين واجتماعاتهم، وجمع معلومات عن معنويات المواطنين، وآثار الحصار، ونشر شائعات لإحباط المعنويات والتأثير على القيادات عبر تشويه سمعتهم".

ويستغرق ترشيح العميل وتجنيده ثم تشغيله وإدارته وقتا لا يقل عن عام، ويخضع لفترة اختبار بين ثلاثة وستة أشهر بحسب أبو هربيد، ويختار الضابط الإسرائيلي له مهمة تناسب شخصيته.

وتطول قائمة القادة الذين اغتالتهم إسرائيل بمساعدة عملائها، إذ قتلت معظم مؤسسي حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية، بالإضافة إلى عشرات القادة في تلك الفصائل وغيرها.

ولعل أبرز عملية اغتيال نفذها عملاء إسرائيل مؤخرا كانت للقائد في حماس مازن فقهاء بمدينة غزة في مارس/آذار 2017، وقال المختص الأمني إن الاحتلال أعاد بتلك العملية أسلوب المراقبة التقليدي ونفذها عملاء يدويا عبر إطلاق النار المباشر على الشخصية.

ورأى أن الاحتلال أراد إيصال رسالة، وهي قدرته على الوصول إلى عمق المدينة، وسعى لتضليل الجهات الأمنية "لكن ذلك ثبت فشله بعد القبض على منفذي الاغتيال وإعدامهم".

ومن وجهة نظر أبو هربيد فإن "الاحتلال أخفق في الوصول إلى معلومات سرية تتعلق بالتسليح والتصنيع العسكري والجنود الأسرى بفضل وعي الشعب وتعاونه مع الأمن".

المصدر : الجزيرة