إسرائيل توظف "الإرهاب" لإفشال المصالحة

الحكومة الإسرائيلية ترقب بصمت المصالحة الفلسطينية وصحيفة "يديعوت أحرونوت" تتساءل في عددها الصادر اليوم الثلاثاء "مصالحة أو انفجار؟".
صحيفة يديعوت أحرونوت تتساءل في عددها الصادر اليوم الثلاثاء "مصالحة أم انفجار؟" (الجزيرة)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

طغت تداعيات مباحثات المصالحة الفلسطينية على المشهد السياسي الإسرائيلي لكن دون التعبير عن موقف رسمي للمؤسسة الإسرائيلية التي ترقب وترصد بصمت التطورات على الساحة الفلسطينية، وإمكانية أن تمهد لصفقة إقليمية تحدد شروطها تل أبيب.

ويأتي التقارب بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس) ليضع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أمام تحديات المجتمع الدولي وحليفه بالبيت الأبيض الرئيس دونالد ترمب، الذي لطالما أراد إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من خلال صفقة إقليمية تشمل الدول العربية.

بيد أن نتنياهو، وسعيا منه لاستباق أي ضغوط قد تمارسها واشنطن والاتحاد الأوروبي، عاد دون أن يتخذ موقفا حاسما من المصالحة، ليكرر ذريعة عدم وجود شريك فلسطيني ووجود الإرهاب ونزع سلاح المقاومة والاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي، شروطا لتجديد المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

وأجمع محللون على أن المصالحة تضر بالمصالح الإستراتيجية لإسرائيل، وأن نجاحها خسارة لتل أبيب ومكسب للقضية الفلسطينية إقليميا ودوليا، إلا أنهم استبعدوا أن تفضي إلى أي تسوية وصفقة إقليمية.

وشككوا في إمكانية صمود المصالحة لأن حركة حماس لن تتخلى عن سلاح المقاومة، ويعتقدون أن نتنياهو سيوظف ذلك وسيدأب على شيطنة السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس لمجرد تقاربه مع حماس.

‪عكيفا ألدار: إسرائيل شرعت دوليا ومن وراء الكواليس بالتحريض على المصالحة ووصفها بتحالف يدعو للكفاح المسلح ضد اليهود‬  (الجزيرة)
‪عكيفا ألدار: إسرائيل شرعت دوليا ومن وراء الكواليس بالتحريض على المصالحة ووصفها بتحالف يدعو للكفاح المسلح ضد اليهود‬ (الجزيرة)

تقارب وصمت
ويدعو التقارب بين فتح وحماس، برأي المحلل السياسي عكيفا ألدار، إلى خروج الحكومة الإسرائيلية عن صمتها حيال المصالحة دون الإعلان عن موقف رسمي أو الخطوات المستقبلية التي قد تتخذها، وذلك عبر تصريحات تحريضية على القيادة الفلسطينية ووضع قادة حماس وعباس في خندق واحد يدعو للكفاح المسلح وإبادة إسرائيل.

وخلافا للتصريحات الإسرائيلية المعلنة التي لم ترق لمستوى الحدث، تعمد نتنياهو إبقاء تل أبيب بعيدا عن الأنظار في هذه المرحلة بشأن ملف المصالحة وعدم الإعلان عن موقف صارم بغية عدم إرباك وإزعاج حليفه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلا أن ألدار يجزم في حديثه للجزيرة نت بأن إسرائيل شرعت دوليا ومن وراء الكواليس في التحريض على المصالحة ووصفها بتحالف فلسطيني يدعو للكفاح المسلح ضد دولة اليهود.

ويعتقد المحلل الإسرائيلي أن نتنياهو الذي يوظف التقارب بين رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار ورئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، وبين محمود عباس ليبرر لواشنطن مقولته "عدم وجود شريك فلسطيني" ويدمغ المفاوض الفلسطيني بـ"الإرهاب"، ويسعى للتهرب من أي صفقة إقليمية يؤيدها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ويخشاها نتنياهو.

‪يواف شطيرن يشكك في أن تترجم المصالحة وتثبت على أرض الواقع‬  (الجزيرة)
‪يواف شطيرن يشكك في أن تترجم المصالحة وتثبت على أرض الواقع‬  (الجزيرة)

تشكيك وتحريض
ورغم التفاؤل الفلسطيني من إمكانية تدعيم ونجاح المصالحة والوقوف بجبهة فلسطينية دبلوماسية موحدة قبالة إسرائيل، والتوصل لصيغة تفاهمات بشأن تطبيق اتفاق القاهرة من العام 2011 بين الحركتين والاتفاق على آليات لدمج موظفي قطاع غزة وإزالة الإجراءات العقابية الأخيرة التي اتخذها عباس في القطاع، فإن المتخصص في الشؤون العربية والفلسطينية يواف شطيرن شكك في أن تترجم المصالحة وتثبت على أرض الواقع.

وبرر شطيرن تحليله بـ"فكر ومعتقدات حركة حماس التي لن توافق على نزع السلاح ولن تعترف بإسرائيل ولن تقبل بأي كيان فلسطيني دون سيادة".

لكنه استبعد في حديثه للجزيرة نت أن يكون انهيار المصالحة فلسطينيا بالمرحلة الراهنة ويعول على بقائها وصمودها لتواجه التحديات الدبلوماسية الإسرائيلية التي ترى في المصالحة حالة لتطوير وتعزيز الثوابت الوطنية الفلسطينية وإعادة القضية الفلسطينية للواجهة الإقليمية والدولية.

ويشير شطيرن إلى أن إسرائيل كانت المستفيد الوحيد من بقاء حالة الانقسام والتشرذم الداخلي الفلسطيني، وعمدت إلى تغذيته وإطالة عمره، مما مكنها من فرض وقائع على الأرض بالضفة الغربية والقدس المحتلتين وتعزيز المشروع الاستيطاني، الأمر الذي يحول دون تطبيق حل الدولتين.

ويعتقد أن نتنياهو يسعى إلى عرقلة مسيرة قطار المصالحة وسيوظف "الإرهاب" والمقاومة الفلسطينية من أجل التهرب من مسؤولية أي استحقاق للتسوية وإنهاء الصراع، حيث لا يتوقع أن تؤسس حوارات المصالحة لتجديد المفاوضات بين تل أبيب ورام الله، مرجحا أن ما يتم إنجازه هو "مصالحة شكلية دون أي مضمون جوهري، وهذا يلعب لصالح إسرائيل".

المصدر : الجزيرة