مخطط إسرائيلي لسلخ المسيحيين الفلسطينيين

جمع من المسيحيين في كنيسة العرس في بلدة كفركنا بالجليل
undefined

وديع عواودة-حيفا

يسخر الشيخ عدنان مطر(أبو رجا) من بلدة كفركنا في الجليل من مقترحات إسرائيلية لفصل المسيحيين الفلسطينيين عن أشقائهم المسلمين، وتحويلهم إلى "قومية خاصة".

وآخر هذه المخططات صادر عن رئيس الائتلاف الحكومي في الكنيست ياريف لفين (حزب الليكود) لتشريع عدة قوانين وأنظمة، هدفها المعلن "التمييز المصحح للمواطنين المسيحيين العرب".

ويزعم ليفين -المعروف بمواقفه المتشددة- أن المسيحيين "ليسوا عربا، ولهم ثقافة مختلفة، ويمكنهم التماثل مع إسرائيل والحصول على امتيازات خاصة مثلهم مثل الدروز، وتربط بيننا وبينهم أمور مشتركة، فهم حلفاء أمام المسلمين الراغبين في الإجهاز على الدولة من الداخل، وإن عرفنا كيف نمنحهم المساواة فسيبادرون للخدمة بالجيش".

واعتبر ليفين -في بيان له- أن تشريعاته المستقبلية لفصل المسيحيين عن المسلمين "تاريخية ومهمة وتعزز الارتباط بينهم وبين إسرائيل"، داعيا لتعريفهم في بطاقات الهوية بـ"المسيحيين" بدلا من العرب.

‪الشيخان أبو رجا‬ (يمين) (الجزيرة)
‪الشيخان أبو رجا‬ (يمين) (الجزيرة)

فرق تسد
وتعليقا على المخطط الجديد، يقول أبو رجا للجزيرة نت "إنها مخططات مبادرة مفضوحة"، مؤكدا أن المسيحيين "عرب أقحاح من قبل ظهور المسيحية والإسلام، وسيبقون كذلك ويفشلون المخططات جديدة كما أفشلوا أخرى سبقتها".

ويضيف أن سياسة "فرق تسد" ركن أساسي في سياسات إسرائيل مع الفلسطينيين، "حيث تسعى لتقسيمهم إلى خمسة شعوب وفق تجمعاتهم الجغرافية، لتسهيل اختراقهم وتكسير عصيهم تباعا".

أما داود أبو داود (88 عاما) -ابن الطائفة المسيحية أيضا- فيقول "إن السيد المسيح حذر من التفرقة ونعتها بالهدامة، وكنا طوال قرون أبناء شعب واحد، ولن نسمح بمحاولات التفرقة بين من نشاركهم الرغيف وشربة الماء والوطن الواحد، وتجمعنا الهموم والآمال ذاتها".
 
ويتفق أبو رجا وأبو داود مع بقية رجال الدين والسياسيين المسيحيين في الداخل، ونسبتهم 10% من فلسطينيي الداخل، وهي نسبة تعادل نسبة الدروز، حيث يؤكدون رفضهم القاطع للمخططات الإسرائيلية، ويعتبرونها محاولات لزرع التفرقة.

عرب قبل كل شيء
وينبه الاختصاصي النفسي مروان الدويري -ابن مدينة الناصرة- إلى أن العرب المسيحيين "عرب قبل ظهور المسيحية، وكانوا وما زالوا من رواد ومنظري العروبة والقومية العربية"، معتبرا المخططات الإسرائيلية "محاولات بائسة لا تهدف فقط إلى إخراج المسيحيين من دائرة صراع شعبهم الفلسطيني ضد الصهيونية، بل تهدف إلى إخراج هذا الرقم الصعب من معادلة نضاله القومي".
 
كما يؤكد أن مخططات ليفين وزملائه "تهدف إلى تحويل هذا الصراع إلى صراع ديني بين المسلمين واليهود الصهاينة، ليلتقوا مع دعاة صراع الحضارات في العالم بين المسلمين والغرب".

ويتابع "من يجب أن يتنبه إلى هذا الأمر ليس المسيحيين فحسب، بل دعاة الحركة الإسلامية أيضا الذين يفضلون خوض النضال من داخل الدائرة الإسلامية بدل الدائرة القومية"، ويقترح أن يكون الرد على هذه المخططات "ردا قوميا يصطف فيه المسيحيون والمسلمون والدروز أمام كل من يهدد تماسكهم القومي وحقوقهم القومية".

‪حنا سويد يحذر من خطورة‬ (الجزيرة)
‪حنا سويد يحذر من خطورة‬ (الجزيرة)

تحذير
أما عضو الكنيست عن "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" حنا سويد فيعتبر مقترحات لفين "خبيثة ولا تهدف إلى خدمة مصالح المسيحيين، وتجليا لسياسة فرق تسد".

ويدعو سويد إلى رفض المقترحات الإسرائيلية هذه جملة وتفصيلا، محذرا من "دس السم بالدسم"، مؤكدا أنها لن تنطلي على المسيحيين.

كما ينبه إلى أن الوعود المادية الإسرائيلية مجرد أوهام، مستشهدا في ذلك بتجربة الدروز الذين فرضت عليهم الخدمة العسكرية، "لكنهم ما زالوا يكابدون التمييز العنصري في كل نواحي الحياة، خاصة في ما يتعلق بالأراضي والخرائط الهيكلية".

من جانبه، بعث النائب في الكنيست عن "التجمع الوطني الديمقراطي" باسل غطاس رسالة إلى ياريف لفين حذره فيها من الاستمرار في سياسة "فرق تسد"، ومحاولات "تحويلهم من أعداء إلى أصدقاء".

وردا على سؤال الجزيرة نت، قال غطاس إنه مسيحي وعضو برلمان انتخب من قبل كافة فئات المجتمع الفلسطيني، مشددا على عزمه التصدي لمحاولات إسرائيل بسلخ العظم عن اللحم وتقسيم الفلسطينيين إلى طوائف بالترغيب والترهيب وبالتجنيد لجيش احتلالها.

وهذا ما تبناه المطران عطا الله حنا، وأكده أثناء لقاء جمعه بالقدس أمس مع قاضي قضاة فلسطين الشيخ تيسير التميمي، محذرا من مخططات إسرائيل الهادفة إلى ضرب كل العرب الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين.

المصدر : الجزيرة