ضغط كبير على مخيم باب السلامة السوري

الخيمة الواحدة قد يسكن فيها عشرين شخصا
undefined
محمد بنكاسم-باب السلامة

ما إن تصل إلى أول حواجز الجانب السوري من معبر باب السلامة مع تركيا وتفتح باب سيارتك حتى يأتي أطفال في عمر الزهور حاملين معهم بعض البسكويت يطلبون منك بإلحاح شراء "بضاعتهم"، وبعضهم يطلب منك مالا بشكل مباشر.

هذه حال فئة من أطفال مخيم باب السلامة، وهي حال يتأسف عليه أحد الشباب الناشطين في إعلام الثورة السورية قائلا إنه "كان الأولى أن يكون هؤلاء الأطفال في فصول الدراسة لا أن يتحولوا لباعة متجولين".

ولا يقتصر البيع في المخيم الذي يستقبل النازحين على الأطفال، بل تجد العديد من الشباب وحتى النساء يعرضون سلعا بسيطة للبيع أمام الخيم، سواء تعلق الأمر بمواد غذائية بسيطة أو حلويات أو سجائر، وذلك في محاولة لتحصيل دخل بسيط يساعد أسرهم على تلبية حاجياتها، حيث خسر النازحون موارد رزقهم في القرى التي تركوها.

ويقول مدير الهلال الأحمر السوري في المخيم حسام سمو إن عدد النازحين في الخيم بلغ 9000 شخص غالبيتهم من محافظة حلب وريفها، وأعداد قليلة من محافظتي إدلب وحمص، وهناك أرامل شهداء وأسر مقاتلين انضموا للجيش الحر.

حسام سمو شكى من الضعف الشديد في الدعم الأجنبي للمخيم (الجزيرة نت)
حسام سمو شكى من الضعف الشديد في الدعم الأجنبي للمخيم (الجزيرة نت)

ويضيف سمو أن هناك ألف عائلة مسجلة في قوائم المحتاجين لخيم ولم تستطع الإدارة توفيرها لهم، وإلى حين توفر المزيد من الخيم أقامت العائلات الألف في مسجد في الجهة المقابلة للمخيم، والبعض الآخر سكن مع أقارب له لديهم خيمة، وقسم ثالث رجع إلى قرى قريبة من المخيم للإقامة فيها.

ويزداد كل يوم عدد المتوافدين إلى المخيم بوتيرة تتراوح بين 20 و30 أسرة يوميا. ويقول حسام سمو إنهم ينتظرون شحنة تضم 400 خيمة، مشيرا إلى أن المكان المخصص حاليا للخيم بلغ طاقته القصوى، كما أن الخيمة الواحدة أصبحت يسكن فيها 20 فردا، لدرجة أن بعضهم ينام وهو جالس.

ويضم المخيم أيضا قرابة 3000 شخص يريدون الدخول لتركيا للإقامة في مخيمات اللاجئين، ولكن الحكومة التركية منعت منذ شهرين دخول أي نازح سوري لمخيماتها مما أدى لضغط على مخيم باب السلامة.

ويضيف مدير الهلال الأحمر السوري في المخيم أن تركيا وعدت باستقبال 1500 نازح في الفترة القليلة المقبلة، غير أنها وضعت شروطا بحيث تكون الأولوية فيما تستقبلهم للنساء والأطفال وكبار السن والمرضى، وحذر من وقوع كارثة إذا لم تفتح تركيا أبوابها لإيواء عدد من النازحين.

الوضع الصحي
ويشكو سمو من الضعف الشديد في الدعم الأجنبي للمخيم، حيث يقدم الهلال الأحمر القطري بعض المساعدات الطبية، في حين لا تصل للمخيم أي مساعدات نقدية من الدول الأجنبية، ويضيف "نحن في حاجة ماسة لتلبية حاجيات النازحين فيما يخص شراء الأدوية".

ويوجه سمو نداء عاجلا للدول العربية لتقديم مساعدات المخيم، واتهمها بخذلان النازحين السوريين، والأمر ينسحب على مجلس الأمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

ويقول نمير الناصر، وهو صيدلي يعمل في إحدى النقطتين الطبيتين في المخيم، إن الطاقم الطبي يقدم خدمات لنحو 13 ألف مشرد ونازح، وهو ما يفوق عدد المقيمين في المخيم.

ويوضح أن الوحدة الطبية أقامت أخيرا مركزا للإرشاد النفسي، لأن أكثر النازحين مصابين بالانهيار النفسي والحالات العصبية جراء تعرضهم للقصف، لا سيما الأطفال.

ومن أكثر الحالات الصحية بالمخيم: الإسهال والالتهاب في الجهاز التنفسي والالتهابات الفطرية التي تصيب الجلد، وهي إصابات ناتجة عن سوء نوعية الماء والطعام وخدمات الصرف الصحي، فضلا عن برودة الجو وتأثير التدفئة بالفحم والحطب.

‪ظروف الشتاء فاقمت أوضاع النازحين في المخيم‬  (الجزيرة نت)
‪ظروف الشتاء فاقمت أوضاع النازحين في المخيم‬ (الجزيرة نت)

ظروف مأساوية
وغير بعيد عن مقر إدارة المخيم التقينا بعلي محمد حمالة وهو من النازحين القادمين من مدينة مارع، ويقيم في المخيم منذ أربعة أشهر هو وأسرته المكونة من ستة أعضاء.

يقول علي محمد إن ظروف العيش في المخيم متفاوتة، فبعض الأشياء متوفرة والأخرى مفقودة لا سيما مواد التدفئة، فالكهرباء غائبة والحطب يقدم بين الفينة والأخرى.

ويقول نازح آخر من مارع نفسها إنه ترك بلدته مرغما رغم أن بيته لم يدمر جراء القصف، ولكن المنطقة أصبحت خطيرة.

ويضيف أن ظروف العيش في المخيم مأساوية، فالنازحون لا يجدون من الملابس والأحذية سوى القليل منها والقديم، ويعانون كثيرا فيما يخص التدفئة.

وفي ظل غياب أي دعم مستمر لتوفير مواد التدفئة، عمد النازحون لقطع الأشجار واستخدامها وقودا للتدفئة في أجهزة التدفئة التقليدية، وبعد الانتهاء من الأشجار الموجودة قرب المخيم انتقل النازحون لبساتين خارج المخيم لقطع ما فيها من أشجار، مما دفع أصحاب البساتين للشكوى من الاعتداء على ممتلكاتهم.

ورغم تركهم قراهم ومدنهم التي تعرضت للقصف لم تغادر النازحين حالة الخوف، وذكر نازحو مخيم باب السلامة أنه لا مكان آمنا في سوريا، فقد استهدف قصف قرية لا تبعد عن المخيم سوى نصف كيلومتر يوم الأربعاء الماضي مما أثار هلعا في صفوف النازحين، حيث هرب عدد منهم مسرعين في اتجاه الجانب التركي من المعبر.

المصدر : الجزيرة