وفاة زيناوي تقلق جوبا
مثيانق شريلو- جوبا
عبد الرحمن سهل- كيسمايو
أثار الرحيل المفاجئ لرئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي أسئلة وتوقعات بالنسبة للمهتمين بعلاقات إثيوبيا بدول الجوار، وأجمع الذين التقتهم الجزيرة نت بـجنوب السودان والصومال على أن رحيل الرجل سيخلف أثرا واضحا -سلبيا أو إيجابيا- على علاقات إثيوبيا بكل من البلدين.
ففي جنوب السودان رأى محللون أن رحيل زيناوي سيترك فراغا كبيرا قد يؤثر على علاقات جوبا والخرطوم في الاستقرار والسلام، وأشار آخرون إلى أنه من المهم بالنسبة لحكومة جوبا قراءة الأوضاع السياسية المحتملة في الداخل الإثيوبي والتحرك في الاتجاه الذي يدفع نحو طي أي تحولات قد تكون سلبية على استدامة السلام بين الخرطوم وجوبا.
صديق مهم
وقال وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم حكومة جنوب السودان برنابا مريال إن زيناوي يعد صديقا مهما بالنسبة لجوبا وإن رحيله سيترك فراغا في القرن الأفريقي، وإن جنوب السودان "سيفتقد هذا الرجل الذي عمل دوما من أجل استدامة السلام وتقريب وجهات النظر بين جوبا والخرطوم".
ويرى أجو لول مدير تحرير صحيفة المصير أن إثيوبيا في عهد زيناوي أصبحت رائدة في مبادرات السلام وأن رئيس وزرائها الراحل كان أحد الوسطاء الدائمين في فض النزاعات وظل متمسكا بزمام المبادرة لتحقيق السلام ودعم الحوار السلمي بين جوبا والخرطوم.
ويضيف لول أن زيناوي كان يستعد نهاية هذا الشهر لاستضافة قمة هامة بين الرئيسين عمر البشير وسلفاكير ميارديت، مضيفا أن مبادراته حافظت على الروح المعنوية للقيادة السياسية في الدولتين واخترقت ملفات عديدة وشائكة "رحيل زيناوي ربما يؤثر على سبل تحقيق السلام بين السودانين".
شخصية كارزمية
وفي المقابل يشدد مايكل كريستوفر وهو محلل سياسي مقيم بجوبا على أن الحراك الذي كان يحدثه ميليس زيناوي بين جوبا والخرطوم لا يتم إلا بمقدراته الشخصية.
ويفسر كريستوفر حديثه بالقول إن شخصية زيناوي الكارزمية وتمتعه بعلاقات شخصية مع قيادات مؤثرة في السودانين هي التي جعلت مبادراته تنجح في تحريك المياه الراكدة بين الطرفين واصفا رحيله بأنه "مصدر قلق" بالنسبة للعلاقات بين الدولتين.
وأضاف مايكل أن ما يميز زيناوي هو قدرته على التعامل مع قضايا طرفي السودان بقدر كبير من الحياد مما جعله لاعبا مؤثرا في خريطة التوافق بين الخرطوم وجوبا.
تباين واضح في الصومال
وفي الصومال صدرت ردود متباينة حول وفاة زيناوي. فبينما أرسل الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد تعازيه إلى الشعب الإثيوبي، ودول القرن الأفريقي، وقارة أفريقيا عموما، أعلنت حركة الشباب المجاهدين عن موقف مغاير تماما حيث عبرت عن فرحتها بموت الرجل الذي قالت إنه أهلك الحرث والنسل في الصومال، وارتكب جرائم حرب بحق الشعب الصومالي.
وأشار شيخ أحمد إلى دور ميليس زيناوي البارز الإيجابي في قضايا منطقة القرن الأفريقي، وفي أفريقيا دون الإشارة إلى الأزمة الصومالية، والوجود العسكري الإثيوبي في الصومال حاليا.
مجرم حرب
أما حركة الشباب المجاهدين الصومالية فقد شبهته بـأرييل شارون "في الظلم وارتكاب جرائم الحرب"، وقالت "إنه أحد فراعنة العصر الحديث".
وتحدث الناطق الرسمي باسم الحركة الشيخ علي محمود راجي بإسهاب عما سماه انتهاكات، واعتداءات خطيرة مارسها زيناوي بحق الشعب الصومالي.
وقال راجي في كلمة صوتية بثتها إذاعة الأندلس الإسلامية الناطقة باسم الحركة "رحيل الظالم ميليس زناوي، سيريح المسلمين، إضافة إلى الأشجار، والأحجار، والأراضي الصومالية أيضا".
وأشار إلى "مشاركة قواته في القتال نهاية 2006م، ضد المحاكم الإسلامية، وقتل قواته آلاف المدنيين العزل، وتدمير المساجد، وتدنيس المصحف الشريف".
وانتهز راجي هذه المناسبة ليوجه رسالة سياسية إلى القيادة الإثيوبية الجديدة، مفادها "أن مصدر العدوان على الصومال يأتي من إثيوبيا، وعلى الأخيرة أن توقف عدوانها هذا".
وألمح في حديثه إلى "إمكانية النظر في حالة الحرب المستمرة بين البلدين إذا غيرت أديس أبابا سياساتها العدوانية حيال الصومال" واستبعد أن توقف القيادة الإثيوبية الجديدة عدوانها على الصومال.
رجل طموح وذكي
بدوره أشار المتابع لشؤون العلاقات الصومالية الإثيوبية جامع حاشي علي إلى أن وفاة زيناوي قد تضع حدا لفترة مؤقتة هيمنت فيها إثيوبيا على الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف في القرن الأفريقي (إيغاد).
ووصف زيناوي بأنه كان ذكيا، يستوعب قضايا المنطقة، ويوظفها لصالح بلده كما كان لديه طموح سياسي، يتجاوز حدود إثيوبيا، بفضل علاقاته الواسعة مع الغرب، ودوره العسكري في منطقة القرن الأفريقي خدمة لأميركا، ولبلده أيضا.
وأضاف حاشي في حديثه الخاص للجزيرة نت "ستركز جهود القيادة الإثيوبية الجديدة في العشر سنوات القادمة على مشاكلها الداخلية المتمثلة في الأزمة الطائفية التي تعصف الآن بالبلاد".
وتوقع حاشي تراجع النفوذ الإثيوبي السياسي في الصومال، مع إمكانية بروز دول إقليمية أفريقية، أو عربية في فضاء الصومال، لملء هذا الفراغ الذي تركه زيناوي.